أحزاب تعز تطالب الأمم المتحدة باتخاذ موقف حازم أمام جرائم الميليشيات

اشتداد المواجهات في المدينة بعد أيام من عملية تبادل الأسرى

اشتداد المواجهات في ثعبات بين الميليشيات الانقلابية وقوات الشرعية («الشرق الأوسط»)
اشتداد المواجهات في ثعبات بين الميليشيات الانقلابية وقوات الشرعية («الشرق الأوسط»)
TT

أحزاب تعز تطالب الأمم المتحدة باتخاذ موقف حازم أمام جرائم الميليشيات

اشتداد المواجهات في ثعبات بين الميليشيات الانقلابية وقوات الشرعية («الشرق الأوسط»)
اشتداد المواجهات في ثعبات بين الميليشيات الانقلابية وقوات الشرعية («الشرق الأوسط»)

طالبت أحزاب اللقاء المشترك في تعز الأمم المتحدة والأمين العام لمجلس الأمن ومبعوثه إلى اليمن والدول الراعية للحوار باتخاذ موقف حازم أمام الجرائم التي ترتكبها ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح في محافظة تعز، التي قالت عنها إنها جرائم «تهتز لها الإنسانية وضميرها الحي».
كما طالبت وفد الحكومة الشرعية في الكويت، في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، بـ«اتخاذ موقف حازم وإيقاف الحوار العبثي الذي يجري على أشلاء أبناء وأطفال تعز. فالاستمرار بالحوار مع الدماء المسالة كل يوم بفعل هذه العصابة هو تفريط بدماء الشعب وبالمسؤولية الوطنية».
وأدانت أحزاب اللقاء المشترك في محافظة تعز المجازر التي ترتكبها ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح ضد المدنيين العُزل بصواريخ الكاتيوشا والمدفعية الثقيلة، مستهدفة بذلك الأحياء السكنية والأسواق المزدحمة، وآخرها كان يوم الثلاثاء الماضي، حيث أطلقت الميليشيات صاروخا سقط على حي وادي المدام المزدحم بالسكان، وأدت هذه الجريمة البشعة إلى سقوط خمسة شهداء مدنيين، أربعة منهم نساء، وهي جريمة تكررت مرارا على أسواق المدينة وأحيائها السكنية وحصدت المئات خلال أكثر من عام معظمهم من الأطفال والنساء.
وأكد الموقعون على البيان أنهم لا يزالون واثقون بأن الشعب اليمني سينتصر وأن «الجيش الوطني والمقاومة الشعبية سيحققون عملية تحرير الوطن من عصابة الخراب وكهنة الاستعباد وأن الدماء المراقة ستتحول إلى نار تحرقهم وتيار يجرفهم إلى مزابل التاريخ وثقب النسيان».
ويأتي ذلك بعدما صعدت الميليشيات الانقلابية من جرائمها الإنسانية ضد أهالي مدينة تعز، حيث زادت من حدتها منذ أكبر عملية تبادل للأسرى بين المقاومة الشعبية والميليشيات الانقلابية، التي شملت أكثر من مائتي أسير، ما جعلها تطلق أسرى وتقتل غيرهم من المواطنين وبينهم النساء والأطفال.
وقال أيمن، من المقاومة الشعبية في تعز لـ«الشرق الأوسط»، إن «جبهات القتال في تعز لا تزال تشهد مواجهات عنيفة خصوصا محيط تبة حبش جوار السجن المركزي في الضباب، بعدما تمكنت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من استعادتها، أول من أمس، وكبدت ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع صالح الخسائر الكبيرة في الأرواح والعتاد».
وأضاف: «شهدت منطقة حمير في مديرية مقبنة، غرب المدينة، مواجهات عنيفة وذلك إثر هجوم عنيف شنته الميليشيات الانقلابية على مواقع الجيش والمقاومة هناك، وقد تمكنت المقاومة من كسر الهجوم ودحر المتمردين. كما شهدت معظم جبهات القتال الشرقية والشمالية اشتباكات عنيفة هي الأخرى، خصوصا في حي الدعوة وثعبات والزنوج».
وتجددت المواجهات العنيفة بين المقاومة وميليشيا الحوثي والمخلوع صالح في محيط اللواء 35 ومنطقة غراب غرب مدينة تعز، وقصفت الميليشيات الانقلابية اللواء ومحيطة بقذائف الهاون.
من جهة أخرى، اغتالت جماعة مسلحة في مدينة تعز، أمس، نجل الدكتور الأكاديمي عبد الله الذيفاني، رئيس المجلس الأهلي في مدينة تعز، وذلك بعد أيام قليلة من الإفراج عنه من قبل الميليشيات الانقلابية في عملية تبادل الأسرى بين الطرفين.
وقالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» إن «مسلحين أطلقوا النار على محمد الذيفاني، أحد أفراد كتائب أبي العباس، في شارع العواضي في تعز أمام طفلته التي كانت معه وأدى ذلك إلى مقتله على الفور، ولم يعرف بعد من يقف وراء عملية الاغتيال».
في المقابل، نفذ ائتلاف الإغاثة الإنسانية، مشروع توزيع أدوية طبية لمركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية بمحافظة تعز بتمويل من مؤسسة صلة للتنمية - حضرموت، حيث يهدف المشروع إلى توفير الأدوية اللازمة والمهمة لمرضى السرطان في تعز، وذلك بعد نداءات الاستغاثة التي أطلقها المركز بسبب نفاد مخازنه من الأدوية.
وبلغ إجمالي المساعدات الدوائية المقدمة من مؤسسة صلة للمركز ستة ملايين ريال يمني.
وعبر رئيس ائتلاف الإغاثة الدكتور عبد الكريم شمسان عن شكره لمؤسسة صلة للتنمية على دعمها بالأدوية الطبية العامة والعاجلة الخاصة بمرضى الأورام السرطانية، في الوقت الذي تشهد فيه المدينة انعداما شبه كلي لهذه الأدوية.
كما ثمن مدير مركز الأمل، الدكتور مختار أحمد سعيد، المساعدات الدوائية العاجلة التي قدمتها مؤسسة صلة لمرضى السرطان في الوقت الذي شارف فيه المركز على نفاد أدويته بالكامل.
وكانت مؤسسة صلة قد قدمت مساعدات إغاثية، في أبريل (نيسان) الماضي، تمثلت في توزيع السلال الغذائية للسكان المتضررين، بالإضافة إلى إجراء 50 عملية لجرحى تعز، وتوزيع أدوية ومستلزمات طبية لثمانية مستشفيات عاملة في المدينة، من خلال ائتلاف الإغاثة الإنسانية بتعز، بتكلفة إجمالية بلغت 119 مليون ريال يمني.
وعلى السياق ذاته، دشنت الهيئة اليمنية الكويتية بمدينة تعز، أمس، مشروع «سقيا الماء» للمديريات المنكوبة وتزويدها بأكثر من 45 مليون لتر من الماء.
وقال عبد الرؤوف اليوسفي، الرئيس الدوري للهيئة اليمنية الكويتية، إن «الهيئة تدشن اليوم ثاني مشروع من مشاريعها بقيمة أكثر من 108 ملايين ريال استهدفت فيه المؤسسة المديريات المنكوبة والمتضررة من الحرب، وتشمل مديريات تعز بأكملها التي تم تزويدها بـ30 مليون لتر من الماء الصالح للاستخدام، وأكثر من 17 مليون لتر من الماء الصالح للشرب».
وأضاف اليوسفي أن هذا المشروع يهدف إلى «تخفيف المعاناة التي يعيشها أبناء المدينة في ظل استمرار انقطاع المياه عنهم وتوقف عمل مؤسسة المياه وأن هذا ستليه كثير من المشاريع التي تخفف من معاناة الإنسان والمواطن اليمني بشكل عام».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.