فرنسا تسلم الجزائر مجلدات أرشيفية تغطي فترة حرب التحرير

وزير المجاهدين يرفض تعويض «الأقدام السوداء» عن أملاكهم

فرنسا تسلم الجزائر مجلدات أرشيفية تغطي فترة حرب التحرير
TT

فرنسا تسلم الجزائر مجلدات أرشيفية تغطي فترة حرب التحرير

فرنسا تسلم الجزائر مجلدات أرشيفية تغطي فترة حرب التحرير

تسلمت الحكومة الجزائرية من السلطات الفرنسية 22 مجلدا من أرشيف ثورة التحرير من الاستعمار (1954 - 1962)، وهي قضية تم الاتفاق عليها بين أعلى السلطات في البلدين أثناء زيارة الرئيس فرنسوا هولاند إلى الجزائر نهاية 2012.
وتم تسليم المجلدات في لقاء جرى بالعاصمة، أول من أمس، بين سفير فرنسا بالجزائر، برنارد إيمييه، ومدير «مؤسسة الأرشيف الوطني» عبد المجيد شيخي. وقالت السفارة في بيان إن محتويات المجلدات تغطي كل فترة حرب التحرير، وتتعلق بالأحداث التي جرت في تلك الفترة المتصلة بالسياسة الخارجية الفرنسية».
وفي عام 2013 قامت مجموعة عمل مشتركة اشتغلت على مطلب الجزائر المتمثل في الحصول على أرشيف الثورة المكتوب والمصور. وقد عقدت 6 اجتماعات في السنوات الماضية، وسيلتقي أعضاؤها مجددا بالجزائر في يوليو (تموز) المقبل. وذكرت السفارة الفرنسية أن تسليم المجلدات «يندرج في إطار الحوار الهادئ بين البلدين القائم على الثقة»، مشيرة إلى أنه «من ثمار زيارة هولاند إلى الجزائر».
وتقع قضية أرشيف حرب التحرير تحت العنوان الكبير المتداول «سلام الذاكرتين»، ومعناه أن الجزائر وفرنسا تضعان جانبا مآسي تاريخهما المشترك المرتبط بالاستعمار وجرائم الاحتلال، لتنطلقا سويا نحو بناء شراكة اقتصادية مبدؤها تقاسم المنافع.
غير أن هذا المفهوم لا يلقى تأييدا لدى فئات من المجتمع ومنظمات ما يعرف بـ«الأسرة الثورية» التي تطالب فرنسا بالاعتراف رسميا بارتكابها جرائم حرب أثناء الثورة، وبجريمة التجارب النووية في الصحراء الجزائرية التي استمرت بعد الاستقلال حتى عام 1966. كما تطالبها بدفع التعويض عن هذه التجارب، وهو ما يرفضه الفرنسيون بشدة بحجة أن ذلك غير وارد في «اتفاقيات إيفيان» (سويسرا)، التي انتهت بوقف إطلاق النار 19 مارس (آذار) 1962 وتنظيم استفتاء لتقرير المصير 3 يوليو.
ويقول مراقبون إنه لا توجد إرادة سياسية حقيقية من جانب المسؤولين الجزائريين لمطالبة فرنسا بالاعتراف والاعتذار عن الجريمة الاستعمارية، بسبب ارتباطهم العاطفي والمصلحي الشخصي بفرنسا. فأكثرهم يملك وثائق الإقامة بفرنسا وحسابات في مصارفها، وبعضهم حصل على جنسيتها. كما يملكون شققا في باريس وكبرى المدن الفرنسية ولديهم مشاريع فيها.
وأعلن الطيب زيتوني، وزير المجاهدين، عشية تسلم الأرشيف رفض الجزائر دفع تعويض للفرنسيين الذين خلفوا وراءهم أملاكا وعقارات، لما غادروا الجزائر بعد الاستقلال. ويطلق على هؤلاء «الأقدام السوداء»، وعددهم في ذلك الوقت كان في حدود 800 ألف، جلهم توفي لكن أبناءهم وأحفادهم ما زالوا يطالبون إما باستعادة هذه الأملاك أو تلقي تعويض مقابل التنازل عنها.
وصرح زيتوني للصحافة مبررا هذا الرفض بأن «فرنسا هي من احتلت أرضنا ونهبت خيراتنا وثرواتنا، وحتى ممتلكات مواطنيها. وبالتالي فالجزائر هي من يحق لها المطالبة باسترجاع ما سلب منها، لا سيما ما تعلق بأرشيفها الوطني، وأضاف الوزير موضحا أن «جميع القوانين والمواثيق الدولية تؤيد الموقف الجزائري في مطالبه المتعلقة بفترة الاستعمار».
وفي موضوع آخر، أعربت منظمة «مراسلون بلا حدود» في بيان عن قلقها بشأن تشميع استوديو تسجيل برنامج «كي حنا كي الناس»، (نحن كبقية الناس) الذي تبثه فضائية تتبع المجمع الإعلامي «الخبر»، الذي أمر القضاء الأسبوع الماضي بتجميد صفقة بيعه لرجل الأعمال المعروف يسعد ربراب.
وجاء في البيان أن قوات الدرك قامت في الـ19 من الشهر الحالي، وبأمر من النيابة بتشميع الاستوديو، الذي يتم فيه تصوير برنامج «كي حنا كي الناس» لفائدة قناة «كي بي سي» المملوكة للمجمع الصحافي «الخبر». والسبب الذي تم تقديمه، حسب المنظمة الدولية، هو إزالة التشميع الذي تم وضعه بالاستوديو عام 2014 بناء على قرار قضائي، وكانت تستغله يومها الفضائية «الأطلس» التي أغلقتها الحكومة بسبب هجومها الحاد على السعيد بوتفليقة، شقيق رئيس الجمهورية ومستشاره. واستجوب قاضي التحقيق، أول من أمس، مدير قناة «الخبر» من موقعه شاهدا في القضية، فيما وضع ثلاثة أشخاص في الحبس الاحتياطي، بعد اتهامهم بإزالة التشميع.
وأشارت «بلا حدود» إلى أن الجزائر تقبع حاليًا في المركز 129 (من أصل 180 بلدًا)، على جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة لعام 2016. الذي أصدرته المنظمة نفسها.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.