العبادي يصف خصومه بـ«دواعش السياسة» ويتعهد بالمضي في تنفيذ خططه الإصلاحية

تعهد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بالمضي في تنفيذ الإصلاحات التي وعد بها، والتي بدأ بإطلاق حزمها منذ شهر أغسطس (آب) 2015، بينما وصف خصومه الذين باتوا يقفون ضد هذه الخطط بأنهم «دواعش السياسة». وقال العبادي على هامش لقائه بتجمع لعشائر محافظة النجف إن «تنظيم داعش مشروع خارجي ولكن أبطالنا بتضحياتهم أجهضوا المشروع»، مؤكدًا «وجود دواعش فساد وسياسة وإعلام».
وأعرب العبادي، في بيان له، عن استغرابه من «بعض القنوات التي جن جنونها كلما اقتربنا من تحقيق النصر وهذا الأمر كان واضحًا في تحرير الفلوجة»، مشيرًا إلى «محاسبة كل من قتل العراقيين وسفك الدماء وإننا في الوقت الذي نحرر الأراضي فإننا نعيد الحياة والخدمات والاستقرار للمناطق المحررة».
ووجه العبادي رسالة إلى من سماهم «دواعش السياسة» قائلا: «إننا لن نتراجع عن الإصلاحات ولن نتراجع عن محاربة الفساد، والإصلاحات كالدواء نتيجتها الشفاء»، وتابع أن «الإصلاحات التي بدأناها في الأجهزة الأمنية أتت أكلها في إعادة الانتصارات لقواتنا البطلة رغم الصعوبات التي نمر بها».
من جانبه، قال القيادي بدولة القانون محمد العكيلي، وهي الكتلة التي ينتمي إليها رئيس الوزراء حيدر العبادي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «العبادي بعد انتصار الفلوجة خرج من عنق زجاجة الإشكالات والأزمات السياسية التي يمكننا القول وبكل وضوح إن الغالبية منها مفتعلة وغير حقيقية بل يجري تضخيمها لأغراض ودوافع سياسية بسبب أن هناك سياسيين ربطوا مصيرهم بمناطق نفوذ داخلية وخارجية إلى الحد الذي نستطيع القول إن هناك سياسيين وجودهم داخل العملية السياسية مرتبط ببقاء (داعش)».
وأضاف العكيلي أن «ما قاله العبادي اليوم على صعيد توصيف دواعش السياسة بالمجمل فإنه خلال الفترة القادمة سوف يسمي الأشياء بمسمياتها بعد أن بدا واضحا أن بمقدوره اليوم بعد أن حقق الانتصار في الفلوجة، وهو ما عجز عنه سواه، أن يستفيد من الدعم الجماهيري وكذلك دعم المرجعية الدينية له بالقيام بما كان قد تعهد القيام به، الذي حاولت ولا تزال تحاول جهات كثيرة الوقوف ضده» مبينا أن «الأمر الآن اختلف تماما حيث إن العبادي بعد الفلوجة هو غير العبادي قبلها، وبالتالي فإنه سيتوجه بقوة لمحاربة الفساد والكشف عن المفسدين وتصفية الحسابات مع من لديه ارتباطات بـ(داعش) بشكل أو بآخر».
وردا على سؤال فيما إذا كانت مثل هذه الإجراءات سوف تجعل العبادي متفردا في القرار السياسي، وهي التهمة التي بدأت توجه له اليوم، قال العكيلي إن «هذه التهمة موجودة أصلا في وقت لم يكن فيه العبادي يستخدمها، لكن اليوم الأمر اختلف حيث إن المرحلة تحتاج إلى حزم وتحتاج إلى حاكم قوي وإذا كان أداء العبادي خلال السنتين الماضيتين ليس بالمستوى المطلوب لأسباب كثيرة، لعل في المقدمة منها الشركاء، فإنه اليوم سوف يكون في وضع قادر فيه على تشخيص من هو مع العملية السياسية والإصلاحات ومن هو يقف ضد إرادة التغيير نحو الأحسن».
من جانبها، قالت عضو البرلمان العراقي عن جبهة الإصلاح، عالية نصيف، إن «هناك دواعش في العملية السياسية بالفعل ويبدو أن الصورة وضحت الآن للعبادي حيث إن هؤلاء يقومون بكثير من الممارسات، من بينها تهريب دواعش خطرين من السجون، بالإضافة إلى الدفاع عن مجرمين في المحافل العربية والدولية».
وأضافت نصيف أن «هناك أيضا من يدافع عن ممارسات (داعش) أو يعمل على التغطية عليها في وسائل الإعلام وأن هؤلاء باتوا يشكلون كارتلات في العملية السياسية». وأشارت إلى أن «المشكلة في العملية السياسية أنها تقوم على مبدأ التواطؤ والخضوع للضغوط إلى الحد الذي تقلبت فيه الآية بين محاربة من هم يريدون الإصلاح والدفاع عن الذين يعملون على تخريب البلد».
من جانبه، أكد القيادي في كتلة «متحدون للإصلاح» وتحالف القوى العراقية محمد الخالدي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «العبادي بدأ يلقى معارضة لدى مختلف القوى والكتل السياسية بما فيها الكتلة التي ينتمي إليها وهي التحالف الوطني بسبب عدم وجود سياسة إصلاحية واضحة له، بل نستطيع القول إن كل ما أعلنه العبادي من حزم إصلاح لم نجد له تطبيق على أرض الواقع».
وأضاف الخالدي أن «العبادي يريد استثمار معركة الفلوجة لصالحه لكن بطريقة خاطئة تقوم على أساس العمل على تصفية الحسابات وتخوين الآخرين من خلال تهمة جاهزة وهي الانتماء لـ(داعش) أو التعاطف معه» مشيرا إلى أن «العبادي بتوجيهه مثل هذه الاتهامات للخصوم السياسيين حين لا يستطيع إقناعهم بما يقوم به، بدأ يسلك سلوك سلفه نوري المالكي نفسه بتوزيع الاتهامات على الجميع».
وأوضح الخالدي أن «العبادي بدأ يتهم الناس بمثل هذه الاتهامات في وقت بات أبناء المحافظات المحتلة من (داعش) هي من تقاتل هذا التنظيم، وبالتالي ليس هناك داع لسياسة خلط الأوراق، بل يتوجب عليه تحديد المفاهيم بدقة لأن كل ما يقوله دون دليل يمكن أن يحاسب عليه».
في السياق ذاته، أفاد رئيس مركز التفكير السياسي، إحسان الشمري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، بأن «ما يقصده العبادي بهذا التوصيف يجب ألا يجعلنا نذهب بعيدا بل هو يقصد أن هناك أطرافا تخدم (داعش) من حيث تدري أو لا تدري ومنهم مشاركون بالعملية السياسية لكن تصريحاتهم يمكن أن تخدم (داعش)». وأضاف الشمري أن «هذا لا يعني أن هؤلاء منتمون لـ(داعش) بل تصرفاتهم يمكن أن تكون عاملا مؤثرا في خدمة العدو على صعيد مسائل كثيرة، من بينها مثلا محاولات صرف الانتباه عن الانتصار في الفلوجة، سواء من حيث التشكيك به أو التركيز على الانتهاكات أو محاولة حرف مسار العملية باتجاهات أخرى، يضاف إلى ذلك أن هناك أطرافا ليست مشاركة في العملية السياسية ولكنها تسعى إلى طرح مشاريع تخص البلد تخدم في النهاية (داعش) بينما نعمل على طردها بأسرع ما يمكن من العراق والمنطقة».