«التحالف الدولي» وروسيا يتناوبان على قصف الرقة.. وسقوط عشرات المدنيين

مسؤول في «قوات سوريا»: معركة منبج مستمرة.. وسندخل المدينة خلال أسبوع

«التحالف الدولي» وروسيا يتناوبان على قصف الرقة.. وسقوط عشرات المدنيين
TT

«التحالف الدولي» وروسيا يتناوبان على قصف الرقة.. وسقوط عشرات المدنيين

«التحالف الدولي» وروسيا يتناوبان على قصف الرقة.. وسقوط عشرات المدنيين

تناوب طيران كل من «التحالف الدولي» والروسي في اليومين الأخيرين على قصف مدينة الرقة مما أدى إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى معظمهم من المدنيين، فيما استمرت المعارك في محيط مدينة منبج بريف حلب الشرقي، حيث أكّد أحد مسؤولي «قوات سوريا الديمقراطية» أن المعركة وإن كانت صعبة إنما ستبقى مستمرة إلى حين دخول المدينة خلال أسبوع تقريبا.
وقال أمس، المرصد السوري لحقوق الإنسان إن غارات نفذتها طائرات حربية لم يتضح إذا كانت سورية أم روسية يوم الثلاثاء على مناطق عدة في مدينة الرقة، تسببت بمقتل «25 مدنيا بينهم ستة أطفال»، وأشار كذلك إلى قصف طائرات تابعة للتحالف يوم أمس الأربعاء مناطق عدة داخل مدينة الرقة، بينها مبنى المحافظة، لافتا إلى أنّ «عدد القتلى مرشح للارتفاع بسبب إصابة عشرات المواطنين بجروح بعضهم في حالة حرجة».
من جهته، أوضح أبو محمد الناشط في «حملة الرقة تذبح بصمت»، لـ«الشرق الأوسط» أن القصف الذي استهدف الرقة يوم أوّل من أمس، مصدره الطيران الروسي، نظرا إلى الدمار الكبير الذي خلفه على اعتبار أن موسكو تشن الهجوم عادة بشكل عشوائي، فيما القصف الذي نفذ على المدينة ليل أمس هو من قبل طيران التحالف الذي استهدف مراكز معينة لتنظيم داعش، وقصف يوم أمس ظهرا أيضا سيارة لعناصر من «داعش».
وتأتي هذه الغارات بعد تراجع قوات النظام السوري والمقاتلين الموالين لها، ليل الاثنين، إلى خارج محافظة الرقة بعدما كانت دخلتها قبل أسابيع للمرة الأولى منذ عامين.
وكانت قوات النظام قد وصلت الأحد إلى بعد سبعة كيلومترات عن مطار الطبقة العسكري بريف الرقة، قبل تراجعها إثر هجوم معاكس للتنظيم الذي استقدم 300 مقاتل من مدينة الرقة ولجأ كما هي العادة إلى التقدم عبر هجمات انتحارية، وكان لافتا غياب الدعم الجوي الروسي للنظام في هذه المعركة.
ووصف موقع «المصدر» الإخباري القريب من دمشق، التراجع، بـ«الكارثي»، متحدثا عن «انسحاب غير منظم» لقوات النظام التي تركت خلفها «أسلحة وجنودا». وربط الخبير في الجغرافيا السورية في معهد واشنطن فابريس بالانش في حديث لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» هذا التراجع ببنية القوات السورية المهاجمة والمؤلفة «بشكل أساسي من بدو موالين أو من عناصر انضمت إليها، غالبا لأسباب مالية، وبالتالي فهي ليست قوات نخبة وانسحبت مباشرة بعد أولى الهجمات الانتحارية» التي نفذها «داعش».
ويتبع التنظيم، وفق بالانش، تكتيكا يقوم على «الهجوم خلال الليل والتقدم عبر هجمات انتحارية ضد خطوط الخصوم، وبالتالي فهو يخترق الجبهة ويقطع خطوط التواصل بين الجبهات الأمامية والخلفية».
وجاء هجوم قوات النظام في الرقة بعد أيام على هجوم آخر كانت قد بدأته قوات سوريا الديمقراطية بدعم جوي من التحالف الدولي في 24 مايو (أيار) لطرد التنظيم من شمال محافظة الرقة من دون أن تحقق تقدما ملحوظا.
وتستبعد مصادر في المعارضة السورية أن يكون القصف الذي استهدف مدينة الرقة في اليومين الأخيرين، هو إشارة أو خطوة باتجاه معركة الرقة التي كان قد أعلن عنها قبل أسابيع قبل أن يتحوّل هجوم قوات سوريا الديمقراطية إلى منطقة منبج، مشيرة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن معركة الرقة التي تتطلب تحضيرات دقيقة وسلاحا نوعيا وعددا كبير من المقاتلين، لن تبدأ قبل الانتهاء من معركة منبج. بينما يؤكّد ناصر حاج منصور، مستشار «القيادة العامة لقوات سوريا الديمقراطية»، لـ«الشرق الأوسط»، أن المعركة الأولى كانت تحرير ريف الرقة الشمالي وليس مدينة الرقة، وهي الخطة التي حقّقت هدفها داخل الإطار المرسوم لها، برأيه، من دون أن ينفي أن التركيز تحوّل إلى منبج في ريف حلب، بعد اشتداد المعارك حولها، وقد تمكنت «قوات سوريا» من تحرير لغاية الآن أكثر من مائة قرية، مجددا قوله إن عدم اقتحام منبج هو بسبب المدنيين الموجودين داخلها والذين يستخدمهم «داعش» كدروع بشرية.
وتخوض قوات سوريا الديمقراطية منذ 31 مايو معارك ضد «داعش» للسيطرة على مدينة منبج، إحدى أبرز معاقل «داعش» في المحافظة وقد نفذ التنظيم وفق المرصد، خلال الـ24 ساعة الماضية ثلاثة تفجيرات انتحارية بعربات مفخخة في غرب وجنوب شرقي منبج. وتمكنت هذه القوات من تطويق مدينة منبج وقطع طرق إمداد التنظيم إلى مناطق أخرى تحت سيطرته ونحو الحدود التركية، ويتبع تنظيم داعش استراتيجية التفجيرات الانتحارية ذاتها، ما يعيق تقدم قوات سوريا الديمقراطية، فيما يعتبرها الحاج منصور أنها أصبحت بـ«حكم المحررة». ويؤكد «المعركة نحو منبج وإن كانت ليست سهلة، إنما هي لن تتوقف»، قائلا: «قد يعتقد البعض أن الفترة الطويلة التي تطلبتها معركة منبج يعني فشلها، لكن هذا الأمر غير صحيح على الإطلاق إنما السيطرة عليها قد تحتاج نحو أسبوع إضافي».
وفي الإطار نفسه، يقول الباحث السوري أحمد أبا زيد، إنه رغم تحقيق «قوات سوريا» تقدما بتطويق منبج بعد تراجعها عن معركة الرقة التي تولتها قوات النظام السوري والتي لا يمكن بدورها أن تحقق فيها حسما سريعا، إلا أن فشل «قوات سوريا الديمقراطية» التي تحاول تفادي معركة استنزاف في منبج، سيكون سياسيا واجتماعيا. وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن التمدد الكردي وفق مخطط ما يعرف بـ«روج آفا» الذي لا يراعي المكونات المجتمعية كما سبق أن حصل في ريفي الحسكة الرقة، لن يؤدي إلى استقرار في المنطقة». وهو الأمر الذي ينفيه حاج منصور ويؤكد أن منبج ستبقى لأهلها لافتا إلى من يخوض معاركها هم من الأكراد والعرب، وسيتولى إدارتها بعد التحرير «مجلس منبج المدني» الذي يرأسه أحد وجهاء العشائر العربية ويدعى فاروق الماشي.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.