ليبيا: مجلس السراج يواجه انفلاتًا أمنيًا في طرابلس

خسائر فادحة في صفوف قوات تحرير سرت.. ومقتل مائة داعشي

ليبيا: مجلس السراج يواجه انفلاتًا أمنيًا في طرابلس
TT

ليبيا: مجلس السراج يواجه انفلاتًا أمنيًا في طرابلس

ليبيا: مجلس السراج يواجه انفلاتًا أمنيًا في طرابلس

بينما يواجه المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني المدعومة من بعثة الأمم المتحدة، برئاسة فائز السراج انفلاتا أمنيا في العاصمة الليبية طرابلس، قالت القوات التي تقاتل تنظيم «داعش» في معقله بمدينة سرت إنها قتلت نحو مائة من عناصر التنظيم، ردا على مقتل 36 من أفرادها وإصابة نحو 150 في اشتباكات أول من أمس، متكبدة واحدة من أسوأ خسائرها البشرية منذ بدء الهجوم قبل شهر.
وطالب مجلس السراج أهالي بلدة «القرة بولي» التي تبعد نحو 60 كيلومترا شرق طرابلس، بضبط النفس وتحكيم العقل، عقب مقتل وإصابة 49 شخصا في اشتباكات مسلحة أول من أمس.
وفى محاولة من المجلس الرئاسي لحكومة السراج للحد من خسائر القوات الموالية له في سرت، ناقش المجلس مع وزير الدفاع العقيد المهدي البرغثي، ورئيس لجنة الترتيبات الأمنية العميد عبد الرحمن الطويل، وقادة غرف العمليات العسكرية ضد «داعش»، سير العمليات العسكرية لتحرير سرت، وآليات الحسم السريع للمعركة. وطبقا لبيان أصدره المجلس، فقد أوضح المجتمعون أن كل المحاور القتالية على هذه الجبهات في تقدم مستمر، باستثناء بعض الجيوب المتحصنة بالعمارات السكنية، ومباني الجامعة أو قاعة واغادوغو، واعتبروا أن وجود السكان المدنيين هو ما يعوق الحسم السريع في هذه الجبهات.
وقال البيان إنه تم الاتفاق على أهمية توحيد الغرف العسكرية، والقوات المساندة لها من الثوار، تحت غرفة قيادة موحدة للإسراع بتحرير المدينة، بالإضافة إلى تشكيل لجنة تابعة للمجلس الرئاسي لمتابعة ملف علاج جرحى المعارك. فيما أعلن المركز الإعلامي لعملية «البنيان المرصوص»، التي تشنها هذه القوات، في بيان له مساء أمس، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أنه (إثر غارات جوية وتمهيدا بالمدفعية الثقيلة التي بدأت بدكّ تمركزات (داعش) منذ ساعات الصباح الأولى، تقدمت قواتنا على أكثر من محور، وباغتت عصابة (داعش) المتمركزة في الدشم العسكرية (مخازن الذخيرة) وأبادتهم على بكرة أبيهم».
وقال عزيز عيسى، مسؤول الإعلام بمستشفى مصراتة، إن الحصيلة النهائية لاشتباكات قوات «الوفاق» ضد تنظيم «داعش» في سرت استقرت عند 36 قتيلا ومائة جريح بصفوف القوات الحكومية.
وشهد محورا الزعفران والغربية غرب مدينة سرت اشتباكات عنيفة، فيما قال مصدر عسكري بغرفة تحرير سرت، إن الاشتباكات تواصلت بشكل متقطع، بعد ساعات من المعارك الضارية التي استخدمت فيها أسلحة ثقيلة وسط غطاء وفره سلاح الجو لتقدم القوات في المحورين.
وتعد تلك الاشتباكات الأعنف منذ اندلاع المواجهات بين عناصر «داعش» وقوات حكومة «الوفاق» في سرت.
وقال عبد الله بن رأس علي، المتحدث باسم المركز الإعلامي للقوات الليبية بمدينة مصراتة، إن التنظيم المتشدد يقاتل بضراوة للدفاع عن الأراضي الخاضعة لسيطرته والآخذة في الانكماش في وسط سرت، وأضاف أن «المقاومة كانت شرسة، حيث كانوا يطلقون نيران كل ما لديهم؛ المورتر والصواريخ والبنادق. يخشون الهزيمة إذا فقدوا السيطرة على مزيد من الأراضي».
وشنت كتائب تضم في معظمها مقاتلين من مصراتة هجوما لانتزاع السيطرة على سرت من «داعش» الشهر الماضي، واستردت بسرعة أراضي غرب المدينة في نهاية مايو (أيار) الماضي، لكن تقدمها صار أبطأ مع اقترابها من وسط المدينة الساحلية. وتصاعد القتال، وقالت الكتائب إنها سيطرت على أجزاء من حي «700» والإذاعة الرسمية، وإدارة الكهرباء، ومسجد، علما بأن حي «700» مهم من الناحية الاستراتيجية لأن قناصة تابعين لـ«داعش» يتمركزون على مبانيه المرتفعة.
وسجل مقتل 170 وأكثر من 500 جريح في صفوف القوات الحكومية في معاركها ضد «داعش» في سرت وضواحيها منذ انطلاقها مطلع مايو الماضي، بحسب إحصائية طبية لمستشفى مصراتة المركزي.
وتتحالف الكتائب في مصراتة مع حكومة السراج المدعومة من الأمم المتحدة، والتي وصلت إلى طرابلس في مارس (آذار) الماضي، وتسعى إلى أن تحل محل حكومتين متنافستين جرى تشكيل إحداهما في طرابلس والأخرى في شرق البلاد عام 2014، وإلى توحيد الفصائل السياسية والمسلحة الكثيرة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».