تعليم عن بعد لليمنيين برعاية السعودية

ضمن اتفاقية تعاون يبرمها «مركز الملك سلمان للأعمال الإنسانية»

تعليم عن بعد لليمنيين برعاية السعودية
TT

تعليم عن بعد لليمنيين برعاية السعودية

تعليم عن بعد لليمنيين برعاية السعودية

بعد نجاح التجربة السعودية في تدريس طلابها وطالباتها على الحدود الجنوبية للمملكة عبر التعليم الإلكتروني والتدريس عن بعد، أبرم «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية» اتفاقية تعاون يتم بموجبها البدء في برنامج تنفيذي للتعليم عن بعد موجه للطلاب والطالبات باليمن بدءًا من العام الدراسي المقبل.
وبموجب الاتفاقية، ستدرس المناهج اليمنية، بالتنسيق مع وزارة التعليم اليمنية، واللجنة العليا للإغاثة اليمنية، وشركة تطوير التعليم السعودية، وسيجري تحويل المواد التعليمية إلى وسائط كومبيوترية وتلفزيونية.
وأوضح الدكتور أحمد العيسى، وزير التعليم السعودي، أن الاتفاقية ستغطي الخدمات التعليمية لليمنيين، كما أنها ستعطي فرصًا تعليمية للطلاب والطالبات عبر التعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد، ويستفيد منها أعداد كبيرة من الطلبة في مخيمات النازحين بالداخل أو مخيمات اللاجئين في جيبوتي، مشيرا إلى أن الجهود التي تقوم بها السعودية تصب في إطار اهتمامها بالاعتناء بمن تضرروا من أحداث اليمن.
وذكر أن لدى وزارة التعليم في السعودية تجربة ثرية في تدريس الطلاب والطالبات على الحد الجنوبي للبلاد، لافتًا في إطار سرده للطريقة التي سيتم بها تنفيذ البرنامج، إلى وجود حِزم تعليمية مبرمجة يتم بثها عن طريق المواقع الإلكترونية ويتفاعل معها المعلمون بشكل مباشر، وتزويد الدارسين بالاختبارات، كما يوجد لدى الوزارة 12 قناة تلفزيونية تقدم دروسًا مكثفة للمستفيدين.
وأضاف أن من شأن هذه البرامج رفع مستوى التعليم للمستفيدين، مؤكدًا حرص السعودية على تقديم المعلومة الصحيحة والفكر الصحيح في تلك المناهج، مشيرًا إلى أن كل من يستطيع الوصول إلى المعلومة والمادة التعليمية لديه إمكانية الانخراط في البرنامج التنفيذي.
وأفاد بأن نحو مائتي ألف طالب وطالبة من الطلاب اليمنيين يتلقون تعليمهم في المدارس السعودية، إضافة إلى منح تقدمها المملكة لليمنيين لتدريسهم في الجامعات السعودية.
إلى ذلك، توقع الدكتور عبد الله الربيعة، المشرف العام على «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، أن يستفيد أكثر من مليون يمني من البرنامج التنفيذي التعليمي؛ موضحًا أن هناك تنسيقًا مع اللجنة العليا للإغاثة اليمنية، ووزارة التعليم في اليمن في هذا الشأن.
وأضاف الربيعة أن «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية» يقدم خدماته بكل حياد؛ «بما في ذلك الخدمات التعليمية الجديدة بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز»، موضحًا أن «هذا المبدأ يعمل به لكل من يرغب بالاستفادة من المناهج»، مشددًا على أن البرنامج يرتكز على المناهج اليمنية الصحيحة التي ستحول إلى برامج إلكترونية أو تلفزيونية.
يذكر أن السعودية قدمت خلال العامين الدراسيين الماضيين خدمات التعليم عن بعد للطلاب والطالبات على الحدود الجنوبية للمملكة، واشتملت الخطة التنفيذية على خيارات متعددة في تقديم العملية التعليمية، وحافظت على حقوق الطالب الأساسية في الحصول على التعليم بالاتصال المباشر بمعلميه من خلال مشروع التوأمة بين المدارس، كما جرى تفعيل بدائل تعليمية إلكترونية أخرى، كقنوات «دروس» التعليمية وقناة «عالي» الفضائية، والاستفادة من منصات التعليم عن بعد.
ويعاني قطاع التعليم باليمن من عدد من الصعوبات؛ إذ أكدت وزارة التعليم اليمنية أن نحو مليون طالب لم يتمكنوا من الالتحاق بمدارسهم، كما تتدخل القوى الانقلابية في مسار التعليم؛ إذ طلبت أخيرًا من وزارة التعليم منح الطلاب الذين جندتهم لصالحها وتغيبوا عن مدارسهم معدلات نجاح عالية.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.