جلسة الحوار في لبنان تكرّس «الاستعصاء السياسي» المفتوح و«السلة المتكاملة» تتقدم على باقي الطروحات

حرب لـ «الشرق الأوسط»: حسمنا موضوع الانتخابات الرئاسية قبل النيابية

جلسة الحوار في لبنان تكرّس «الاستعصاء السياسي» المفتوح و«السلة المتكاملة» تتقدم على باقي الطروحات
TT

جلسة الحوار في لبنان تكرّس «الاستعصاء السياسي» المفتوح و«السلة المتكاملة» تتقدم على باقي الطروحات

جلسة الحوار في لبنان تكرّس «الاستعصاء السياسي» المفتوح و«السلة المتكاملة» تتقدم على باقي الطروحات

لم تكن جلسة الحوار الـ19 التي ضمّت معظم الأقطاب اللبنانيين وعُقدت يوم أمس في دارة رئيس المجلس النيابي نبيه برّي في منطقة عين التينة في العاصمة بيروت «مفصلية» كما سبق له أن توقع. بل كان العكس هو الصحيح، إذ كرّست «الاستعصاء السياسي المفتوح» الذي تعيشه البلاد منذ عام 2014، وذلك بعدما اصطدم المتحاورون مجددًا بحائط «قانون الانتخاب»، ما شرّع النقاش حول «سلة الحل المتكامل» التي من المفترض أن تكون البند الرئيسي على جدول أعمال الجلسات الحوارية الـ3 المتتالية التي حُدد لها موعد متأخر في شهر أغسطس (آب) المقبل.
فشل أركان الحوار بمهمتهم الأساسية بالاتفاق على الخطوط العريضة لقانون تجري على أساسه الانتخابات البرلمانية المقبلة في عام 2017، ينتظر أن ينعكس اليوم على جلسة اللجان النيابية التي كان أعضاؤها يعوّلون على تفاهم بحد أدنى يُسهّل مهمتهم، ثم إن هذا الفشل سيرخي بظلاله على الجلسة 41 لانتخاب الرئيس، التي يُصادف موعدها يوم غد الخميس، ما يُثبّت الوضع الحالي إلى أجل غير مسمى. وبدا رئيس مجلس النواب برّي حاسما في مستهل الجلسة الحوارية التي ترأسها يوم أمس، حين جدّد رفضه التمديد للبرلمان الحالي، محذّرًا من اعتماد «قانون الستين» (الانتخاب على مستوى الأقضية) خلال الانتخابات النيابية المقبلة. وتوجه برّي لأركان طاولة الحوار قائلا: «لا تفكّروا بعد اليوم بالتمديد... والناس ستنزل إلى الشوارع إذا أجريت الانتخابات على أساس قانون الستين».
وبحسب مصدر مشارك في طاولة الحوار، فإن الجلسة الأخيرة «لم تخرج بأي اتفاق، بل هي كرّست الخلاف المتجذر بين الأفرقاء»، لافتا إلى «أننا حتى الساعة لم نتفق على وضع العربة أمام الحصان أو العكس». وقال لـ«الشرق الأوسط» موضحًا: «يبدو أن طرح السلة المتكاملة التي تضم قانون الانتخاب ورئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة تقدّم على غيره من الطروحات. فهو بعدما كان مرفوضا نهائيا بوقت سابق، تبين يوم أمس أن هناك إمكانية للنقاش الجدي بخصوصه إذا ما جرى التفاهم على الأولويات».
من جهته، قال وزير الاتصالات بطرس حرب، وهو أحد أقطاب الحوار، إنّه تم في جلسة يوم أمس «حسم موضوع إجراء الانتخابات الرئاسية قبل تلك النيابية»، مشيرا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّه «وللمرة الأولى لمسنا شبه إجماع على عدم جواز السير باستحقاق نيابي يسبق الرئاسي لأسباب عدة تم تفنيدها خلال الجلسة». وشدّد حرب إلى أنّه «وعلى الرغم من المنحى الجدي الذي يتخذه البحث، فالجميع يعي تماما أن لا إمكانية لإحداث أي خرق يُذكر في جدار الأزمة، طالما الفريق الذي يُعطّل جلسات انتخاب الرئيس ليس بوارد تعديل موقفه، لأننا بذلك سنبقى ندور بحلقة مفرغة». ولا يبدو تيار «المستقبل» متحمسا كثيرا لطرح «السلة المتكاملة»، حتى ولو كان يُظهر نوعا من الليونة خلال مناقشته، إذ يتخوف التيار من أن يكون الجلوس للاتفاق على السلة أشبه بالمشاركة في «مؤتمر تأسيسي» يؤدي بنهايته لتعديلات جوهرية بالنظام اللبناني. وجدّد رئيس كتلة «المستقبل» النائب فؤاد السنيورة خلال مداخلته في جلسة الحوار التأكيد على أولوية انتخاب رئيس الجمهورية، مشددًا على ضرورة «مبادرة جميع النواب بالنزول إلى المجلس النيابي وذلك كما تقتضيه أحكام الدستور، وتقتضيه أيضا الممارسة الديمقراطية الصحيحة للانتخاب وليس للتعيين، ولينجح عندها من ينجح، وبالتالي من ينجح يصبح هو رئيس البلاد».
واستهجن السنيورة «محاولات البعض الدفع باتجاه التخلي عن أولوية انتخاب رئيس الجمهورية بالمطالبة بإقرار قانون جديد لانتخاب مجلس النواب قبل انتخاب الرئيس، مع القول بأن المشكلة المستجدة جراء ذلك يمكن حلها بالتعهد من قبل الجميع بالمشاركة في عملية انتخاب رئيس جمهورية بعد إنجاز الانتخابات النيابية». وأضاف: «ها نحن اليوم هنا، حيث يبدو أنه مطلوب منا إعطاء جوائز ترضية لمن يستمر في عملية التعطيل لانتخاب الرئيس، وذلك على حساب الدستور، ونحن من هذا الصدد لا نعتقد أن هناك مجالاً لذلك».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.