5 نتائج لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي

5 نتائج لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي
TT

5 نتائج لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي

5 نتائج لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي

في حال صوت البريطانيون على خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي، الخميس، فإن ذلك سيشكل زلزالا حقيقيا في البلد، وصدمة للاتحاد الأوروبي والاقتصاد الدولي. ويحذر بعض المحللين من «تفكك» محتمل للاتحاد الأوروبي، إذ يمكن أن تحاول الدول الباقية إعادة التفاوض حول شروط عضويتها مع بروكسل.
وحذر وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير، الأسبوع الماضي، من أن خروج بريطانيا «سيشكل صدمة للاتحاد الأوروبي، وسيتوجب علينا بعدها العمل للحفاظ عليه، لكي لا تنتهي عملية اندماج ناجحة دامت عقودا إلى تفكك» هذا التكتل. وفيما يلي تبعات محتملة لمثل هذا السيناريو:
1 - استقالة: رئيس الوزراء المحافظ ديفيد كاميرون يستقيل من منصبه كرئيس للحكومة وللحزب المحافظ.
وكان كاميرون قد راهن بمصداقيته عند إطلاقه الاستفتاء المقرر في 23 يونيو (حزيران)، وشنه بعد ذلك حملة للبقاء في الاتحاد الأوروبي. ويقول المراهنون إن الرئيس السابق لبلدية لندن بوريس جونسون، الذي يقود حملة مؤيدي الخروج، هو المرشح الأوفر حظا في أن يحل محله. وقال السياسي المحافظ كينيث كلارك إن كاميرون «لن يصمد 30 ثانية»، في حال صوت البريطانيون على الخروج.
2 - انشقاق: رئيسة وزراء اسكوتلندا نيكولا ستورجون، المتمسكة بالبقاء في الاتحاد، تقرر تنظيم استفتاء جديد حول الاستقلال عن المملكة المتحدة، وتنشق اسكوتلندا هذه المرة مبتعدة عن بلد اختار الخروج من البناء الأوروبي.
وفي آيرلندا، يعاد ترسيم حدود جديدة تعزل آيرلندا الشمالية عن جارتها جمهورية آيرلندا العضو في الاتحاد، مما يضعف الحركة التجارية بين طرفي الحدود. وحذر رئيسا الوزراء البريطانيين السابقين جون ميجور وتوني بلير من أنه سيكون «من الصعب، بل من المستحيل» الحفاظ على حركة تبادل حر بين البلدين الحاليين. كما حذرا من أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يمكن أن يهدد عملية السلام. وكان كل من ميجور وبلير قد لعبا دورا أساسيا في وضع حد لأعمال العنف في آيرلندا الشمالية.
في المقابل، يقول معسكر مؤيدي الخروج إن احتمال حصول اسكوتلندا على الاستقلال لا علاقة له بعضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، وإن الترتيبات الثنائية بين بريطانيا وآيرلندا الشمالية ستستمر لضمان التبادلات عبر الحدود مع جمهورية آيرلندا.
3 - طلاق: تباشر البلاد مفاوضات معقدة مع الاتحاد الأوروبي تستمر سنتين كحد أقصى، ستقرر شروط الوصول إلى السوق المشتركة.
وحذر رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر منذ الآن من أن «المملكة المتحدة ستكون دولة ثالثة لن نراعيها». وقال المدير العام لمنظمة التجارة العالمية روبرتو ازيفيدو إن العملية يمكن أن تستغرق عشر سنوات، وإن «بريطانيا ستحتاج إلى الوقت قبل أن تستعيد موقعا مشابها لوضعها الحالي»، بالقياس إلى موقفها الضعيف في المفاوضات.
4 - ركود: بلبلة في الأسواق، وفي حي المال والأعمال في لندن، يمكن أن تؤدي إلى هبوط سعر الجنيه الإسترليني بنسبة 15 إلى 20 في المائة، وإلى تضخم بنسبة 5 في المائة، وزيادة في كلفة العمل، فيما سيتراجع النمو 1 إلى 1.5 في المائة، وفقا لمصرف «إتش إس بي سي». كما سيتم نقل آلاف الوظائف من حي المال والأعمال إلى مركزي فرانكفورت وباريس الماليين.
في المقابل، يقول معسكر مؤيدي الخروج إن عالم الأعمال سيتأقلم بسرعة مع الاقتصاد البريطاني المرن والحيوي، والذي سيدعمه اختيار شركاء اقتصاديين جدد وهجرة انتقائية. ومع أن غالبية المؤسسات الاقتصادية تتوقع صعوبات على المدى الطويل نتيجة لخروج بريطانيا، إلا أن معهد «كابيتال إيكونوميكس» للأبحاث أشار إلى أن الأمر «لن يكون كارثة» مدى الحياة للبلاد، وشدد على أن البلاد تتمتع بميزات عدة تدعم قطاعها المالي، خصوصا النظام القضائي واللغة والتوقيت وتوفر يد عاملة ماهرة.
5 - تراجع في الهجرة: عدد المهاجرين القادمين من الاتحاد الأوروبي سيتراجع بشكل حاد، مما سيؤدي إلى نقص في اليد العاملة في قطاعي البناء والخدمات. ويتصدر موضوع الهجرة استطلاعات الرأي دائما حول أهم القضايا بالنسبة إلى البريطانيين.
وفي حال التصويت على الخروج، الذي يراه البعض تصويتا حول الهجرة، فإن الضغوط ستتزايد على الحكومة من أجل فرض قيود صارمة على الوافدين الجدد.



2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟