«داعش» و«النصرة» يستقطبان يافعين من المخيمات الفلسطينية للقتال في سوريا

مصدر فلسطيني: أغلبهم بعيد عن الشبهات.. ومقتل 6 منذ مطلع العام

«داعش» و«النصرة» يستقطبان يافعين من المخيمات الفلسطينية للقتال في سوريا
TT

«داعش» و«النصرة» يستقطبان يافعين من المخيمات الفلسطينية للقتال في سوريا

«داعش» و«النصرة» يستقطبان يافعين من المخيمات الفلسطينية للقتال في سوريا

ثلاثة أسماء للبنانيين وفلسطينيين مقيمين في لبنان، وردت ضمن قوائم القتلى في صفوف التنظيمات المتشددة خلال الأسبوع الماضي في سوريا، فأعادت رسم الشكوك حول أمن المخيمات الفلسطينية في لبنان التي غادرت منها مجموعة مؤلفة من 11 شخصًا قبل أشهر قليلة باتجاه سوريا، في حين تؤكد مصادر لبنانية مواكبة لحركة التنظيمات المتطرفة، أن اللبنانيين هناك «موجودون منذ أكثر من عامين».
وغداة الإعلان عن مقتل الشاب الفلسطيني محمد مصرية في القلمون الغربي، إثر تنفيذه عملية انتحارية لصالح «جبهة النصرة»، أكد مناصرون لتنظيم داعش أمس، مقتل اللبناني ربيع خالد المحمود الملقب بـ«ربيع الخريط» في سوريا، أثناء قتاله، حيث نفذ عملية انتحارية لصالح التنظيم في ريف حلب.
والمحمود الذي يحمل الاسم الحركي «أبو النصر الطرابلسي»، ينحدر من مدينة طرابلس في شمال لبنان، وله ملف أمني لدى السلطات اللبنانية، بوصفه شارك في اعتداءات استهدفت دوريات الجيش اللبناني، وشارك في معركة الأسواق القديمة، في كمين استهدف دورية للجيش في بلدة بحنين قضاء المنية، كما ذكرت مواقع إلكترونية محلية. وقالت مصادر ميدانية في الشمال إن المحمود غاب عن الظهور منذ المعركة ضد الجيش، وإصابته على أثرها.
غير أن الأشخاص الذين تحفظ السلطات اللبنانية ملفات وسجلات أمنية لهم، لا ينطبق على الفلسطينيين الذي ينحدرون من مخيمي المية ومية وعين الحلوة في صيدا في جنوب لبنان. فقد استقطبت المجموعات المتشددة في سوريا عددًا من هؤلاء «المندفعين» الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و20 عامًا، علما بأن «السجلات الأمنية لهؤلاء لدى الفصائل الفلسطينية واللجنة الأمنية المشتركة في المخيمات، شبه نظيفة بسبب صغر سنهم»، بحسب ما يقول مصدر فلسطيني بارز لـ«الشرق الأوسط»، مشيرًا إلى أن هؤلاء «لا يزالوا يافعين، وأغلبهم يمارس حياته الطبيعية في التعليم أو العمل»، كما أن معظمهم «كان بعيدًا عن الشبهات». ويؤكد أن 6 أشخاص ينحدرون من المخيمات الفلسطينية في لبنان قتلوا منذ مطلع العام الحالي خلال مشاركتهم القتال إلى جانب مجموعات متشددة في سوريا.
والواقع أن هؤلاء القتلى الستة لا ينتمون بأكملهم إلى الدفعة الأخيرة التي تتألف من 11 شخصًا، وغادرت المخيمات الفلسطينية باتجاه سوريا قبل أشهر قليلة، واستقطبتها مجموعات متشددة. ويوضح قائد القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة في لبنان اللواء منير المقدح، أن المجموعة الأخيرة «تتراوح أعمار أفرادها بين 15 و20 عامًا»، وأن قسمًا منها «قتل أثناء المشاركة في القتال إلى جانب التنظيمات المتطرفة، بينما هناك قسم آخر من أفرادها محجوز في تركيا لم يستطع العبور إلى سوريا».
وبحسب تقديرات الأمنيين الفلسطينيين، فإن 62 شابًا من مخيمات لبنان التحقوا بالتنظيمات المتشددة في سوريا بدءًا منذ عام 2012، وقتل ما يناهز الـ50 منهم في معارك متفرقة، قبل مغادرة الدفعة الأخيرة قبل نحو ثلاثة أشهر إلى سوريا.
وكان «داعش» أعلن الأسبوع الماضي مقتل الفلسطيني إبراهيم الداهودي، الملقب بـ«أبو دجانة المقدسي»، الذي ينحدر من مخيم عين الحلوة في صيدا، في حين أعلن تنظيم جبهة النصرة السبت مقتل محمد مصرية، الملقب بـ«أبو إسلام المقدسي»، وينحدر من مخيم المية ومية شرق صيدا.
وبدأت تظهر ملامح التشدد على بعض الشبان من القتلى، قبل مغادرتهم بفترة قصيرة جدًا باتجاه سوريا. ويقول المصدر الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»: «أحد هؤلاء محمد المقدح، تحول في الفترة الأخيرة إلى شخص متشدد، ينبذ الآخر، قاطع أقرباءه، وأطلق أحكام التكفير بحقهم، فلم يعد يرد السلام عليهم»، مشيرًا إلى أن إرهابيا آخر قتل في سوريا أيضًا هو محمد الصفدي «لم تظهر ميوله المتشددة كما في حالة المقدح». ويقول المصدر إن هؤلاء الشبان في المخيمات الفلسطينية «يتعرضون لعملية غسل دماغ وتجنيد، فيلتحقون بتلك المجموعات الإرهابية»، لافتًا إلى أن «عائلاتهم تتبرأ من أفعالهم».
ويؤكد المسؤولون الفلسطينيون أن الثقافة الفلسطينية تنبذ مبدأ القتال في سوريا، كون «الأولوية وهي لتحرير أرضنا وليس للقتال مع أحد أو ضد أحد في أي بلد آخر». ووفق هذا المبدأ «رفض الفلسطينيون، ومن بينهم يمثلون حركات إسلامية أو متشددة، القتال في سوريا، إذ طلب منهم ذلك في بداية الأزمة السورية، لكن معظمهم رفض».
وفي غياب بيئة حاضنة للقتال في سوريا، يقول اللواء منير المقدح إن الملتحقين بالجماعات المتشددة «لا ينتمون إلى أي فصيل، وجرى تجنيدهم عبر المواقع الإلكترونية»، مشددًا على أن اللجان الأمنية في المخيمات الفلسطينية «تتابع تلك القضايا والملفات، وتعمل ميدانيًا وفق آليتين تتمثلان في المتابعة الأمنية للمتشددين الذين يحملون ميولاً متشددة وملاحقتهم، وذلك حفاظًا على الأمن، كما تعمل اللجان على المنحى التثقيفي أيضًا، بغرض منع الشباب من التأثر بالفكر المتشدد».
ويأتي انخراط الفلسطينيين بهذا الحجم، بعد تراجع مستوى التحاق اللبنانيين بالجماعات المتشددة في سوريا، بسبب «الملاحقة الأمنية الرسمية اللبنانية، وإقفال الحدود مع سوريا»، في حين أحجم آخرون عن الالتحاق بالحرب السورية «بسبب اقتتال الفصائل المعارضة فيما بينها»، بحسب ما أكد مصدر واسع الاطلاع على حركة المتشددين في شمال لبنان لـ«الشرق الأوسط»، مشيرًا إلى أن الملتحقين بالمتطرفين في سوريا والعراق منذ عام ونصف «يناهز العشرين شخصًا فقط»، رغم أن أكثر من 800 شخص التحقوا بالجماعات السورية المعارضة والتنظيمات المتشددة قبل عام 2015، وقتل عدد منهم تقريبًا منذ تلك الفترة. ويشير المصدر إلى أن معظم الذين يعلن عن مقتلهم في سوريا والعراق في الفترة الحالية «هم من الذين غادروا إلى سوريا قبل عام 2015، ولا يزالون هناك يقاتلون إلى جانب التنظيمات المتطرفة».
وكان قد أعلن في طرابلس شمال لبنان في مارس (آذار) الماضي، عن مقتل اللبناني يحيى رعد من بلدة عاصون قضاء الضنية، أثناء قتاله إلى جانب تنظيم داعش في سوريا. كما أعلن في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 في مدينة طرابلس الشمالية عن مقتل المدعو حسن ميالي الذي يقاتل ضمن صفوف تنظيم داعش خلال عملية انتحارية إرهابية نفذها في سوريا.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».