تقدم المعارضة السورية في ريف حلب الجنوبي يقلب موازين المعركة ويمهد لاستعادة بلدة الحاضر

«حزب الله» ينفي وقوع اشتباكات مع النظام.. وهجمات «داعش» تمنع حسم معركتي منبج والطبقة

تقدم المعارضة السورية في ريف حلب الجنوبي يقلب موازين المعركة ويمهد لاستعادة بلدة الحاضر
TT

تقدم المعارضة السورية في ريف حلب الجنوبي يقلب موازين المعركة ويمهد لاستعادة بلدة الحاضر

تقدم المعارضة السورية في ريف حلب الجنوبي يقلب موازين المعركة ويمهد لاستعادة بلدة الحاضر

تمكنت فصائل المعارضة السورية خلال الساعات الأخيرة من إحراز تقدم ملحوظ قد يقلب موازين المعركة في ريف محافظة حلب الجنوبي، بشمال غربي سوريا، وذلك بسيطرتها على 3 قرى استراتيجية، هي زيتان وخلصة وبرنة، وذلك بعد اشتباكات عنيفة مع قوات النظام والمسلحين الموالين له، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
جاء هذا التطور بعد ساعات على نفي ما يسمى «حزب الله» وقوع اشتباكات بينه وبين قوات النظام، ووصفه المعلومات التي أشارت إلى أن المواجهات بين الحليفين كانت نتيجة الخسائر التي لحقت بهما على جبهة ريف حلب الجنوبي، وأدت إلى سقوط عدد كبير من المقاتلين في صفوف الطرفين، بـ«الأكاذيب»، وأكد على العلاقة الوطيدة مع «الجيش السوري»، بحسب البيان.
في غضون ذلك، قتل 7 أشخاص على الأقل في قصف نفذته فصائل من المعارضة المسلحة على حي الشيخ مقصود - ذي الكثافة السكانية الكردية - في مدينة حلب، الذي يخضع لسيطرة ميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية، بينما تستمر الهجمات المضادة التي يشنها تنظيم داعش المتطرف دون حسم معركتي منبج والطبقة في ريف حلب الشمالي وغربي مدينة الرقة. ولقد شن التنظيم خلال اليومين الماضيين هجمات عبر انتحاريين وسيارات مفخخة وفق ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
من جهة ثانية، أبلغ مصدر ميداني في حلب «الشرق الأوسط» أن الخسارة التي منيت بها قوات النظام وما يسمى «حزب الله» بتقدم المعارضة الأخير نسف كل الإنجازات التي سبق أن حققوها في المنطقة. وأوضح المصدر أن هذا الأمر جاء نتيجة غياب الدعم الجوي الروسي والكثير الكافي من المقاتلين على الأرض، إضافة إلى العمليات الانتحارية التي نفذت في المنطقة، ما أدى إلى أرباك في صفوف الموالين للنظام، ولا سيما ما يسمى «حزب الله» الذي خسر خلال 4 أيام 25 مقاتلا. وهذا هو الرقم الأكبر لقتلاه منذ معركة القصير بريف حمص إضافة إلى 60 مقاتلا من الإيرانيين والعراقيين، بحسب ما أكد المصدر و«المرصد السوري لحقوق الإنسان».
وفيما يخصه، اعتبر الباحث السوري أحمد أبا زيد، أن التقدم الأخير الذي حققته غرفة عمليات «جيش الفتح» - «الجيش السوري الحر»، في ريف حلب الجنوبي بالسيطرة على تلة العيس وخلصة وزيتان، وأخيرا برنة، يعتبر إنجازًا عسكريًا مهمًا، إضافة إلى الاستنزاف العسكري والبشري وكسر المعنويات الذي سببته هذه المعارك للنظام والميليشيات المدعومة إيرانيًا. ورأى أبا زيد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه لعل أهم أهداف هذه المعارك هو إبعاد الإيرانيين عن أوتوستراد حلب – إدلب، الذي كانوا يطمحون لقطعه تمهيدًا للوصول إلى بلدتي كفريا والفوعة الشيعيتين في محافظة إدلب، مثلما وصلوا إلى بلدتي نبل والزهراء الشيعيتين في محافظة حلب خلال فبراير (شباط) الماضي. ومن ثم توفير عمق جغرافي في ريف حلب الجنوبي وتلاله المحصنة. ولفت إلى أن المرحلة القادمة من المعركة ستكون نحو تحرير بلدة الحاضر واستعادة بقية المناطق التي سيطر عليها النظام والميليشيات المدعومة إيرانيًا بغطاء جوي روسي خلال الربع الأخير من العام الماضي.
في هذه الأثناء، وفق «شبكة شام» المعارضة، بعد إعلان «جيش الفتح» السيطرة على قرية خلصة بشكل كامل إثر اشتباكات عنيفة مع قوات النظام والمجموعات الموالية له، أعلن عن سيطرته على زيتان التي سقطت ناريًا مع سقوط خلصة. وتابع «جيش الفتح» تقدمه باتجاه برنة التي يتشابه وضعها مع زيتان، لتتسع مساحة السيطرة الخاضعة لـ«جيش الفتح» بشكل كبير، ويفتح معه الطريق أمام المركز الأكبر في تلك المنطقة الاستراتيجية ألا وهي الحاضر، التي تعد المركز الأساسي للقوات الإيرانية والمقاتلين العاملين تحت قيادتها.
وميدانيًا أيضا، تمنع هجمات «داعش» ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» ذات الغالبية الكردية والمدعومة أميركيًا من تحقيق تقدم يذكر في ريف حلب الشمالي، وقال مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية (أ.ف.ب) أن تنظيم داعش شن أول من أمس الجمعة 7 هجمات مضادة، بينها هجومان انتحاريان و5 بسيارات مفخخة، في الضواحي الجنوبية الغربية لمدينة منبج في ريف حلب الشمالي الشرقي. وللعلم، منذ 31 مايو (أيار)، وهو تاريخ بدء معركة منبج، تمكنت ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» بغطاء جوي من التحالف الدولي من تطويق المدينة بالكامل وقطع كل طرق الإمداد للتنظيم نحو الحدود التركية شمالا ومعاقله الأخرى غربا. وبعد تطويقها المدينة وسيطرتها على أكثر من مائة قرية ومزرعة في محيطها، بات تقدم هذه الميليشيا بطيئا «جراء الهجمات الانتحارية التي يشنها (داعش) بشكل شبه يومي في محيطها»، وفق عبد الرحمن.
وإضافة إلى هجمات «داعش»، يبدو أن ما يعوق تقدم مقاتلي «سوريا الديمقراطية» هو عشرات آلاف المدنيين العالقين داخل منبج، ولم يتمكن سوى نحو 1200 منهم من الفرار بمساعدة الميليشيا، التي ذكر مسؤولون فيها أن «داعش» «يستخدم المدنيين دروعا بشرية» وهذا ما يعوق التقدم باتجاه منبج.
وعلى صعيد الخسائر في الأرواح وثق «المرصد السوري لحقوق الإنسان» مقتل 78 مدنيا خلال العمليات العسكرية في منبج ومحيطها، بينهم 25 ضمنهم خمسة أطفال، قتلوا على يد تنظيم داعش، و49 آخرون، بينهم 10 أطفال، قتلوا في قصف لطائرات التحالف الدولي. وقتل أيضا 352 عنصرا على الأقل من التنظيم المتطرف في المعارك والغارات، فضلا عن 37 من ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية». وبحسب عبد الرحمن فإن «التنظيم قادر على الصمود أكثر في منبج كون لديهم ما يكفي من تموين».
أيضًا في محافظة الرقة، إلى الشرق من محافظة حلب، أبطأت هجمات «داعش» أيضا تقدم قوات النظام المدعومة بالطائرات الروسية باتجاه مدينة الطبقة الواقعة على نهر الفرات، بعدما بات على بعد 15 كيلومترا جنوب مطار الطبقة العسكري، وللعلم، تبعد الطبقة 50 كيلومترا من مدينة الرقة، معقل «داعش» في سوريا.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.