السياسة التوسعية للصين تغضب طوكيو وواشنطن.. واحتمال تعريضها لعزلة دولية

توتر عسكري ودبلوماسي في شرق آسيا بعد بناء جزر صناعية في مناطق متنازع عليها

تزايد النفود العسكري للصين وإجراءاتها الأحادية الجانب في بحري الصين الشرقي والجنوبي تجر عليها غضب المجتمع الدولي (غيتي)
تزايد النفود العسكري للصين وإجراءاتها الأحادية الجانب في بحري الصين الشرقي والجنوبي تجر عليها غضب المجتمع الدولي (غيتي)
TT

السياسة التوسعية للصين تغضب طوكيو وواشنطن.. واحتمال تعريضها لعزلة دولية

تزايد النفود العسكري للصين وإجراءاتها الأحادية الجانب في بحري الصين الشرقي والجنوبي تجر عليها غضب المجتمع الدولي (غيتي)
تزايد النفود العسكري للصين وإجراءاتها الأحادية الجانب في بحري الصين الشرقي والجنوبي تجر عليها غضب المجتمع الدولي (غيتي)

يكثر الحديث في طوكيو وواشنطن عن احتمالات مواجهة الصين لعزلة دولية بسبب سياستها التوسعية، وإجراءاتها الأحادية الجانب في بحري الصين الشرقي والجنوبي، وخصوصًا بناء الجزر الصناعية في مناطق متنازع عليها. ولكن بيجينغ تستمر في إرسال سفنها العسكرية إلى المياه الإقليمية اليابانية وجوارها، وإطلاق التصريحات المؤكدة سلامة سياساتها في عدد من الاجتماعات الإقليمية التي أقيمت مؤخرًا، مستفيدة من عوامل عدة تجعل عزلتها أمرًا مشكوكًا فيه إن لم يكن مستبعدًا تمامًا.
وبدأت الموجة الحالية من التصعيد مع حملة إعلامية شنتها الحكومة الصينية ضد قمة مجموعة السبع التي استضافتها اليابان في مايو (أيار) الماضي. وقد شككت وسائل إعلام صينية في جدوى اجتماع زعماء الاقتصاديات الأكبر في العالم دون مشاركة الاقتصاد الثاني حجمًا وهو الصين، واستبق المتحدث باسم الخارجية الصينية الإعلان الختامي للقمة بالتحذير من مغبة التدخل في شؤون بحر الصين الجنوبي، الذي لا يحاذي أيًا من دول المجموعة. كما اتهمت تصريحات أخرى اليابان بمحاولة الاستفادة من زيارة الرئيس الأميركي أوباما لضريح ضحايا القنبلة النووية في هيروشيما للظهور بمظهر الضحية، والتغطية على عدوان اليابان على جيرانها أثناء الحرب العالمية الثانية.
وتلى ذلك أسبوع ماراثوني من الاجتماعات الإقليمية التي شهدت استمرار المناوشات الكلامية بين الولايات المتحدة واليابان ودول جنوب شرقي آسيا من جهة والصين من جهة أخرى.
البداية كانت في العاصمة الماليزية التي استضافت المنتدى الاقتصادي لدول آسيان في اليومين الأولين من يونيو (حزيران) الحالي، وبعد أن تلقت بعض وسائل الإعلام بيانًا ختاميًا للمنتدى تضمن إشارة إلى تهديد التحركات الصينية للسلام في بحر الصين الجنوبي، تم سحب البيان وتعديله بإلغاء الإشارة المباشرة للصين، وتلى ذلك حوار شانغريلا الاستراتيجي في سنغافورة، الذي جمع وزراء الدفاع وأبرز المسؤولين الأمنيين في دول آسيا والمحيط الهادئ، حيث حذر وزير الدفاع الأميركي آش كارتر من إنشاء جدار صين عظيم جديد قد يعزل بيجينغ عن المجتمع الدولي، فيما أعلن وزير الدفاع الياباني جين ناكاتاني نية طوكيو رفع مستوى التعاون الأمني والعسكري مع دول آسيان لمواجهة ما وصفه بالسياسات الأحادية والخطيرة في المنطقة، وبعدها أتت الجلسة السنوية للحوار الاستراتيجي والاقتصادي الأميركي الصيني في بيجينغ، حيث استمر الطرفان في إبداء خلافاتهما بلغة دبلوماسية تناسب الطبيعة الثنائية للاجتماع.
في الليلة التالية لاختتام الحوار الصيني - الأميركي في بيجينغ، قامت ثلاث سفن حربية روسية بعبور المنطقة المحاذية لجزر سينكاكو الخاضعة للسيطرة اليابانية، التي تطالب بها الصين تحت اسم جزر دايو، وبعد ذلك بساعات قليلة قامت فرقاطة عسكرية صينية بعبور المنطقة ذاتها، فيما اعتبر سابقة تصعيدية، حيث قامت الصين في السابق بعبور المنطقة المحاذية للجزر ودخلت مياهها الإقليمية بشكل متكرر، ولكن عن طريق سفن خفر السواحل وليس بفرقاطات من سلاحها البحري. وفي حين وجهت الحكومة اليابانية احتجاجًا شديد اللهجة للصين، اكتفت بطلب تفسير من موسكو على اعتبار أن روسيا ليست طرفًا في النزاع على الجزر. إلا أن مراقبين رأوا في تزامن عبور السفن الحربية الروسية والصينية رسالة سياسية؛ فروسيا هي الأخرى دولة مغيّبة عن قمة مجموعة السبع منذ قيامها بضمّ شبه جزيرة القرم عام 2014، وهي تشارك الصين شعورها السلبي إزاء عدد من الاجتماعات الإقليمية التي تعتبرها أندية تدور في فلك الولايات المتحدة الأميركية. ومن ناحية أخرى، ترى بيجينغ وموسكو في قمم مجموعة العشرين منبرًا مناسبًا للحوار بين أهم القوى السياسية والاقتصادية الفاعلة عالميًا بما يشمل القوى التقليدية ودول البريكس وبعض دول العالم الثالث، في حين تولي الصين أهمية كبيرة لقمة العشرين التي ستستضيفها في مدينة هانغجو في سبتمبر (أيلول) المقبل لتكريس موقعها لاعبا أساسيا على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
في غضون ذلك، من المتوقع استمرار جميع الأطراف بإرسال رسائل سياسية عن طريق تحركات عسكرية متقابلة. وإلى جانب الأخبار الواردة عن قيام سفينة تجسس الصينية بدخول المياه الإقليمية اليابانية في الخامس عشر من يونيو الحالي، قد يكون من المجدي الالتفات إلى علاقة ذلك بتصاعد النشاط العسكري الياباني في منطقة بحر الصين الجنوبي. فتحرك السفينة الصينية جاء خلال مناورات مالابار البحرية التي كانت في السابق مناورات ثنائية أميركية - هندية في بحر الفلبين قبل انضمام طوكيو إليها منذ العام الماضي. كما قامت البحرية اليابانية بزيادة عدد الزيارات إلى القواعد العسكرية الفلبينية مؤخرًا، بينما تترقب دول المنطقة إعلان نتائج التحكيم الذي تقوم به المحكمة الدولية للتحكيم في الهاغ بطلب من الفلبين حول شرعية الإجراءات الصينية في مناطق متنازع عليها في بحر الصين الجنوبي.
من ناحية أخرى، لا يخلو المشهد من عوامل إيجابية يمكن البناء عليها لإعادة الهدوء إلى الساحة الدبلوماسية الآسيوية، ومنها إحجام كل من قمة مجموعة السبع والمنتدى الاقتصادي العالمي لآسيان عن ذكر الصين بالاسم في البيانات الختامية، والروابط الاقتصادية الضخمة التي تربط جميع دول المنطقة مع بيجينغ. كما يتوجه الرئيس الفلبيني المنتخب رودريغو دوتيرتي، الذي سيستلم مهامه في نهاية الشهر الحالي نحو خفض التوتر مع الصين، مع احتمال فتح مفاوضات ثنائية مباشرة لبحث نقاط الخلاف بين البلدين. وبقدر ما تتيح الاجتماعات الإقليمية فرصة للنقد المتبادل، فهي في الآن ذاته تقدم منابر متجددة للحوار بين الأطراف المعنية وإبقاء الخلافات بينها تحت السيطرة.



جرائم العنف الأسري تحصد امرأة كل 10 دقائق في العالم

نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)
نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)
TT

جرائم العنف الأسري تحصد امرأة كل 10 دقائق في العالم

نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)
نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)

قُتلت 85 ألف امرأة وفتاة على الأقل عن سابق تصميم في مختلف أنحاء العالم عام 2023، معظمهن بأيدي أفراد عائلاتهنّ، وفقاً لإحصاءات نشرتها، (الاثنين)، الأمم المتحدة التي رأت أن بلوغ جرائم قتل النساء «التي كان يمكن تفاديها» هذا المستوى «يُنذر بالخطر».

ولاحظ تقرير لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في فيينا، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة في نيويورك أن «المنزل يظل المكان الأكثر خطورة» للنساء، إذ إن 60 في المائة من الـ85 ألفاً اللاتي قُتلن عام 2023، أي بمعدّل 140 كل يوم أو واحدة كل عشر دقائق، وقعن ضحايا «لأزواجهن أو أفراد آخرين من أسرهنّ».

وأفاد التقرير بأن هذه الظاهرة «عابرة للحدود، وتؤثر على كل الفئات الاجتماعية والمجموعات العمرية»، مشيراً إلى أن مناطق البحر الكاريبي وأميركا الوسطى وأفريقيا هي الأكثر تضرراً، تليها آسيا.

وفي قارتَي أميركا وأوروبا، يكون وراء غالبية جرائم قتل النساء شركاء حياتهنّ، في حين يكون قتلتهنّ في معظم الأحيان في بقية أنحاء العالم أفرادا من عائلاتهنّ.

وأبلغت كثيرات من الضحايا قبل مقتلهنّ عن تعرضهنّ للعنف الجسدي أو الجنسي أو النفسي، وفق بيانات متوافرة في بعض البلدان. ورأى التقرير أن «تجنّب كثير من جرائم القتل كان ممكناً»، من خلال «تدابير وأوامر قضائية زجرية» مثلاً.

وفي المناطق التي يمكن فيها تحديد اتجاه، بقي معدل قتل الإناث مستقراً، أو انخفض بشكل طفيف فقط منذ عام 2010، ما يدل على أن هذا الشكل من العنف «متجذر في الممارسات والقواعد» الاجتماعية ويصعب القضاء عليه، بحسب مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، الذي أجرى تحليلاً للأرقام التي استقاها التقرير من 107 دول.

ورغم الجهود المبذولة في كثير من الدول فإنه «لا تزال جرائم قتل النساء عند مستوى ينذر بالخطر»، وفق التقرير. لكنّ بياناً صحافياً نقل عن المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، شدّد على أن هذا الواقع «ليس قدراً محتوماً»، وأن على الدول تعزيز ترسانتها التشريعية، وتحسين عملية جمع البيانات.