موسكو تنتقد الدعوات الأميركية لتوجيه ضربة ضد الأسد

استبعدت تشكيل تحالف عسكري مع طهران ودمشق.. وأعلنت عن مقتل جندي في سوريا

موسكو تنتقد الدعوات الأميركية لتوجيه ضربة ضد الأسد
TT

موسكو تنتقد الدعوات الأميركية لتوجيه ضربة ضد الأسد

موسكو تنتقد الدعوات الأميركية لتوجيه ضربة ضد الأسد

تلقت روسيا باستياء و«استغراب»، على المستويين السياسي والعسكري، المعلومات التي نشرتها صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية في عددها، أول من أمس، التي ذكرت فيها أن عددا كبيرًا من موظفي وزارة الخارجية الأميركية وجهوا انتقادات لسياسة البيت الأبيض في سوريا، ووقعوا على خطاب يطالبون فيه الرئيس باراك أوباما بتوجيه ضربات عسكرية ضد قوات الحكومة السورية.
جاء الرد من موسكو بداية على لسان دميتري بيسكوف، المتحدث الرسمي باسم الكرملين، الذي علق على تلك الأنباء محذرًا من أن «الكرملين على قناعة بأن محاولة الإطاحة بنظام حكم الأسد بالقوة العسكرية سيغرق كل منطقة الشرق الأوسط بالفوضى». ونقلت وكالة «إنتر فاكس» الروسية عن بيسكوف قوله إن «موسكو لن تقبل بالدعوات للإطاحة بالسلطات في بلد آخر عبر العنف والقوة العسكرية». ورأى بيسكوف أن «محاولات القضاء على نظام الحكم هذا أو ذاك بالقوة العسكرية لن يساهم في مواصلة التصدي للإرهاب بنجاح»، ليعود ويحذر مرة ثانية من أن «عملا كهذا من شأنه أن يُغرق المنطقة كلها في فوضى عارمة».
من جانب آخر، وصف ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي، الطلب الذي وجهه موظفون من وزارة الخارجية الأميركية للرئيس أوباما بأنه يتعارض مع قرار مجلس الأمن، بينما أعربت وزارة الدفاع الروسية عن «قلقها» إزاء تلك الأنباء، فقال إيغور كوناشينكوف، المتحدث الرسمي باسم الوزارة، إن «الأنباء حول مطالبة موظفين من الخارجية الأميركية الرئيس أوباما بتوجيه ضربة للجيش السوري تثير قلق أي عاقل»، متسائلاً ما إذا كان أولئك الموظفون سيتحلمون المسؤولية عن القصف إن جرى، «أم أننا سنكون شهودًا على تلك الابتسامات الهوليودية المعروفة مثلما جرى في العراق وأفغانستان وليبيا»، حسب قول كوناشينكوف، الذي اعتبر ساخرًا أنه «أمر يثير الاستغراب إذا كان حل القضايا الحساسة يجري عبر اقتراع لموظفي وزارة الخارجية الأميركية».
في شأن متصل، استبعد بوغدانوف قيام تحالف عسكري بين روسيا والنظام السوري وإيران. وجاء كلام نائب وزير الخارجية في وقت يتزايد الحديث عن خلافات تتطور أكثر فأكثر بين موسكو وطهران في الشأن السوري، فضلاً عن استياء دمشق من بعض القرارات الروسية، ولعل آخرها إعلان هدنة في حلب. إذ نقلت وكالة الصحافة الفرنسية «أ.ف.ب» عن مصدر مقرب من الحكومة السورية قوله إن دمشق مستاءة من قرار الهدنة التي أعلنتها روسيا في حلب، مضيفًا أن «روسيا لا تريد لنا أن نستعيد مدينة حلب». وتجدر الإشارة إلى أن روسيا كانت قد أعلنت عن هدنة لمدة 48 ساعة في المدينة ابتداء من منتصف ليل السادس عشر من يونيو (حزيران)، إلا أنه لم يجر العمل بتلك الهدنة سوى ساعات قليلة.
وسياسيا كرّر بوغدانوف، في تصريحات أدلى بها على هامش منتدى بطرسبورغ الاقتصادي، القول إن «مصير رأس النظام السوري أمر يتوجب على السوريين وحدهم تحديده، وكذلك الأمر بالنسبة للمرحلة الانتقالية ومعاييرها». وعاد، من ثم، ووجه الدعوة لاستئناف مفاوضات جنيف بأقرب وقت، لافتًا إلى أنه «هناك قاعدة قانونية جيدة لتسوية الأزمة السورية متمثلة بقراري مجلس الأمن 2254 و2268. فضلا عن الاتفاقات التي توصلت إليها المجموعة الدولية لدعم سوريا».
في غضون ذلك، أفادت وزارة الدفاع الروسية عن مقتل عسكري روسي آخر كان يشارك في العملية الروسية في سوريا. وأوضحت الوزارة في تصريحات نقلتها وكالة «تاس» الروسية للأنباء أن «الرقيب المتعاقد ميخائيل شيروكوبوياس توفي يوم السابع من يونيو في مشفى بوردينكو العسكري، نتيجة جروح أصيب بها عندما تعرضت قافلة تابعة لمركز حميميم لمراقبة وقف إطلاق النار لقصف (إطلاق نار) وذلك في النصف الأول من مايو (أيار) في محافظة حلب». وأكدت وزارة الدفاع أن الأطباء العسكريين قدموا المساعدة العاجلة للرقيب الروسي، وجرى نقله على متن طائرة تابعة للوزارة ليتلقى العلاج بإشراف خير أطباء مشفى «رودينكو» العسكري، إلا أن جراحه كانت خطيرة وفارق الحياة إثرها. وبهذا يرتفع عدد العسكريين الروس الذي قتلوا في سوريا إلى عشرة، وفق الأرقام الرسمية الروسية.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.