الناشط الإعلامي هادي العبد الله.. صوت الثورة السورية وصورتها إلى العالم

أصيب مرات عدة كان آخرها أوّل من أمس في محاولة اغتيال مع زميله خالد العيسى

هادي العبد الله (يمين) مع زميله خالد العيسى بعد نجاتهما من قصف بالبراميل المتفجرة على منطقة جسر الحج في حلب الأسبوع الماضي
هادي العبد الله (يمين) مع زميله خالد العيسى بعد نجاتهما من قصف بالبراميل المتفجرة على منطقة جسر الحج في حلب الأسبوع الماضي
TT

الناشط الإعلامي هادي العبد الله.. صوت الثورة السورية وصورتها إلى العالم

هادي العبد الله (يمين) مع زميله خالد العيسى بعد نجاتهما من قصف بالبراميل المتفجرة على منطقة جسر الحج في حلب الأسبوع الماضي
هادي العبد الله (يمين) مع زميله خالد العيسى بعد نجاتهما من قصف بالبراميل المتفجرة على منطقة جسر الحج في حلب الأسبوع الماضي

من حمص إلى إدلب وحلب تحوّل هادي العبد الله إلى عين الثورة السورية وصورتها إلى العالم.
الناشط الإعلامي الذي يواجه خطر الموت يوميا ويدرك أنه قد يكون في أي لحظة أحد ضحايا الجرائم التي يوثقها وترتكب في وطنه، تحوّل يوم أمس إلى الخبر إثر تعرضه لمحاولة اغتيال بوضع عبوة أمام منزله في حي الشعار بحلب، أصيب نتيجتها مع زميله المصوّر خالد العيسى بعدما كان قد خسر زميله السابق في «المهمة الحربية» نفسها، طراد الزهوري، في معارك القلمون.
خبر إصابة العبد الله والعيسى اللذين لا يزالان يرقدان في المستشفى يخضعان للعلاج شكّلت صدمة ليس فقط لكل من يعرفهما، لا سيما العبد الله الذي تحوّل إلى مرجع ومصدر موثوق تعتمد عليه وسائل إعلامية عدّة عربية منها وعالمية. ونافس بل تفوق باسمه وبصدقيته في نقل الخبر على كثير من وسائل الإعلام البديلة التي نشأت منذ بدء الثورة السورية. وهو ما عبّر عنه بشكل واضح الصحافي السوري أحمد كامل يوم أمس، قائلا: «تمت استشارتي مرة بشأن منح جائزة دولية لصحافي سوري، فاقترحت على الفور ودون تردد اسم هادي العبد الله. لكنهم رفضوا منحه الجائزة رغم توافر كل الشروط والمميزات فيه للفوز بالجائزة، وقيل لي صراحة (لأنه إسلامي). ومنحت الجائزة لشخص آخر مع أنه ليس صحافيًا بالمعنى الحقيقي للكلمة». وختم قائلا: «هادي العبد الله يمثلني كإنسان، ويمثلني في ثورة الحرية والكرامة، ويشرفني كصحافي».
بدأت المسيرة الإعلامية لابن حمص، الذي تخرّج من كليّة التمريض في جامعة تشرين باللاذقية، من حي باب عمرو في حمص عام 2012 قبل أن ينتقل بعد سقوط المنطقة إلى بلدة القصير عام 2013. ومن ثم إلى القلمون عام 2014. فمحافظة إدلب عام 2015 وتحديدا في بلدة كفرنبل، حيث كانت له بصمات لافتة كناشط إعلامي وإنساني. ومن هناك قرر بعد ذلك الانتقال إلى حلب إثر بدء الحملة العسكرية عليها بداية العام الحالي وتعرضه لمضايقات وضغوط من قبل بعض الفصائل الموجودة في إدلب، ولا سيما «جبهة النصرة». وفي كل محطة كان لهادي العبد الله الذي أبى أن يغادر سوريا، بصمته في إيصال الصوت والصورة من تحت القصف وبين الأنقاض ليس فقط إلى الإعلام على اختلاف أنواعه إنما إلى المحافل الدولية حيث اعتمدت كوثائق لإدانة النظام السوري في استهداف الأحياء المدنية.
كان هادي (29 سنة من أوائل الناشطين الذين ظهروا على شاشات التلفزيون والإعلام للحديث عن الثورة السورية، بحسب ما يقول صديقه لـ«الشرق الأوسط»، لافتا إلى أنه تجنّب في المرحلة الأولى الظهور كمراسل، وكان يرفق المشاهد التي يصورّها عن المجازر في مسقط رأسه حمص بصوته معدّلا خوفا من استهدافه، ليتحوّل فيما بعد إلى مراسل حربي بامتياز مطاردا ومواجها الموت في كل لحظة.
يؤكّد عارفو العبد الله، انحيازه لمبادئ الثورة وإصراره على رفض التطرّف على اختلاف أشكاله، وهو ما جعله عرضة للضغوط والتهديد بالقتل من فصائل ومجموعات من طرفي النزاع، وخاصة «جبهة النصرة» وما يسمى «حزب الله» بحسب ما يقول أحد أصدقائه المقربين. وفي حين وجّه البعض أصابع الاتهام في عملية الاغتيال الأخيرة التي تعرّض لها يوم أول من أمس لـ«جبهة النصرة» استبعدت مصادر أخرى الأمر، مشيرة إلى أن للعملية بصمات خلايا نائمة تابعة للنظام السوري.
وإضافة إلى الإصابات الكثيرة التي تعرض لها العبد الله خلال عمله الإعلامي، فإنه تعرض لمحاولة اغتيال في القصير عام 2012. بحسب ما يقول الناشط عمر إدلبي الذي كان موجودا معه في ذلك الحين. وكان العبد الله قد نشر على حسابه على «تويتر» إثر الإعلان عن مقتل القيادي فيما يسمى «حزب الله» مصطفى بدر الدين، خبر تعرضه للتهديد من قبل الحزب، ومما جاء فيه أنّ بدر الدين كان قد أمر بتصفيته في القصير، وكان قد كتب قبل ذلك قائلا: «أقصى ما يستطيعون أن يفعلوه هو أن يعطوني ما أتمناه.. الشهادة على أرض حمص الحبيبة هي مطلبي».
وحماسة ابن حمص التي تظهر أمام الكاميرا موثقًا بصوته الحزين ودموعه في أحيان كثيرة، مشاهد القتل اليومي في سوريا، تخفي خلفها أيضا نشاطا إنسانيا لا يعرفه كثيرون عنه. فهو المحرّك الدائم لأي مشروع من شأنه مساعدة الناس ولا سيما في محافظة إدلب حيث عمل ومجموعة من أصدقائه الناشطين على مشاريع متعددة لتمكين المرأة وتعليم الأطفال وتدريب إعلاميين. وكان على وشك افتتاح الكثير منها قبل أن تتوقف، نتيجة الضغوط التي تعرضوا لها من فصائل متطرفة، بحسب ما يقول صديقه. كذلك، لا يختلف خالد العيسى، الذي كان قد أصيب أيضا قبل يومين في حلب خلال تصوير المعارك مع هادي، بنشاطه وحماسته عن زميله، إذ عرف بانحيازه للثورة السورية، ونشاطاته الإنسانية في إدلب وتحديدا في كفرنبل حيث تعرف والدته أيضا بدعمها وقيادتها لمشاريع تهتم بالأطفال والنساء.



​الحوثيون يرفضون إطلاق قيادات من «المؤتمر الشعبي»

الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)
الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)
TT

​الحوثيون يرفضون إطلاق قيادات من «المؤتمر الشعبي»

الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)
الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)

بالتزامن مع الكشف عن وسائل تعذيب موحشة يتعرض لها المعتقلون في سجون مخابرات الجماعة الحوثية، أكدت مصادر حقوقية استمرار الجماعة في رفض إطلاق سراح مجموعة كبيرة من المعتقلين، في طليعتهم قيادات في حزب «المؤتمر الشعبي»، رغم انقضاء شهرين على إيداعهم السجن بتهمة التحضير للاحتفال بذكرى الثورة التي أطاحت أسلاف الجماعة.

وذكرت مصادر حقوقية يمنية لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أفرجوا أخيراً عن خمسة فقط من المعتقلين في مدينة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، لكنها مستمرة في رفض إطلاق سراح وكيل وزارة الشباب والرياضة والقيادي في حزب «المؤتمر الشعبي» أحمد العشاري وزميليه في الحزب أمين راجح وسعد الغليسي.

الحوثيون يرون قادة جناح «المؤتمر الشعبي» بصنعاء خصوماً لهم (إعلام محلي)

وقالت المصادر إن الجماعة تتهم المعتقلين بالتآمر مع الحكومة الشرعية لقيادة انتفاضة شعبية في مناطق سيطرتها تحت شعار الاحتفال بالذكرى السنوية لقيام «ثورة 26 سبتمبر» التي أطاحت نظام حكم الإمامة في شمال اليمن عام 1962.

ووفق هذه المصادر، فإن الاتصالات التي أجراها جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرة الحوثيين للمطالبة بالإفراج عن قياداته قوبلت بتعنت وتسويف.

وأشارت المصادر إلى أن مجموعة كبيرة من المعتقلين لا يُعرف مصيرهم، وأن كلّاً من فهد أحمد عيسى، وعمر أحمد منة، وأحمد البياض، وعبد الخالق المنجد، وحسين الخلقي لا يزالون رهن الاعتقال، إلى جانب الناشطة سحر الخولاني، والكاتبين سعد الحيمي، ومحمد دبوان المياحي، والناشط عبد الرحمن البيضاني، ورداد الحذيفي، وعبد الإله الياجوري، وغالب شيزر، وعبد الملك الثعيلي، ويوسف سند، وعبده الدويري، وغازي الروحاني.

شروط الإفراج

تقول مصادر سياسية في صنعاء إن «التحالف الشكلي» الذي كان قائماً بين جناح «المؤتمر الشعبي» والحوثيين قد انتهى فعلياً مع تشكيل حكومة الانقلاب الأخيرة، حيث تم استبعاد كل المحسوبين على هذا الجناح، وسيطرة الحوثيين على كل المناصب.

وبالتالي، فإن الحزب لا يعول على ذلك في تأمين إطلاق سراح المعتقلين، والذين لا يُعرف حتى الآن ما نيات الحوثيين تجاههم، هل سيتم الاحتفاظ بهم لفترة إضافية في السجون أم محاكمتهم؟

أكدت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية استخدام الحوثيين التعذيب لانتزاع الاعترافات (إعلام حوثي)

ووفق إفادة بعض المعتقلين الذين أفرج الحوثيون عنهم، فقد تم استجوابهم بتهمة الانخراط في مخطط تآمري للإطاحة بحكم الجماعة في صنعاء بدعم وتمويل من الحكومة الشرعية.

وبعد جلسات من التحقيق والاستجواب وتفتيش الجوالات، ومراجعة منشورات المعتقلين في مواقع التواصل الاجتماعي، أفاد المعتقلون المفرج عنهم بأنه يتم الموافقة على إطلاق سراحهم، ولكن بعد التوقيع على تعهد بعدم العودة للاحتفال بذكرى «ثورة 26 سبتمبر» أو أي فعالية وطنية أخرى، وأن يظلوا رهن الاستعداد للحضور متى ما طُلب منهم ذلك إلى جهاز المخابرات الحوثي.

ولا تقتصر شروط الإفراج على ذلك، بل يُلزم المعتقلون بإحضار ضامن من الشخصيات الاجتماعية، ويكون ملزماً بإحضارهم متى طُلب منهم ذلك، ومنعهم من مغادرة منطقة سكنهم إلا بإذن مسبق، وعدم تغيير رقم جوالاتهم أو إغلاقها، وأن يظل تطبيق «الواتساب» يعمل كما كان عليه قبل اعتقالهم. كما يلحق بذلك تهديدات شفهية بإيذاء أطفالهم أو أقاربهم إذا غادروا إلى مناطق سيطرة الحكومة، أو عادوا للنشر ضد الجماعة.

تعذيب مروع

بالتزامن مع استمرار الحوثيين في اعتقال المئات من الناشطين، كشف النائب اليمني المعارض أحمد سيف حاشد، عما سماها «غرف التعذيب» في سجون مخابرات الجماعة.

وقال حاشد إن هناك مسلخاً للتعذيب اسمه «الورشة» في صنعاء، وتحديداً في مقر سجن «الأمن والمخابرات» (الأمن السياسي سابقاً)، وإن هذا المسلخ يقع في الدور الثالث، وموزع إلى عدة غرف، وكل غرفة تحتوي على وسائل تعذيب تصنع في نفوس الضحايا الخوف المريع والبشاعة التي لا تُنسى.

الناشطة اليمنية سحر الخولاني انتقدت فساد الحوثيين وطالبت بصرف رواتب الموظفين فتم اعتقالها (إعلام محلي)

ووفق ما أورده حاشد، الذي غادر مؤخراً مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، توجد في هذا المكان سلاسل ترفع الشخص إلى الأعلى وتعيده إلى الأسفل بواسطة زر تحكم، حيث يُعلَّق الضحية ويُثبَّت بالطريقة التي يريد المحققون رؤيته عليها.

وذكر أن البعض من الضحايا يُعلق من يديه لساعات طويلة، وبعضهم يُعلق من رجليه، وبعد ذلك يتم إنزاله وقد صار عاجزاً أو محمولاً في بطانية.

ووفق هذه الرواية، فإن هذا القسم يشمل وسائل تعذيب متنوعة تشمل الكراسي الكهربائية، والكماشات لنزع الأظافر، والكابلات، والسياط، والأسياخ الحديدية، والكلاب البوليسية، وكل ما لا يخطر على البال من وسائل صناعة الرعب والخوف والألم.