الاتحاد الأوروبي للمعارضة السورية: لا حول لنا ولا قوة

موسكو تفرض هدنة داخل مدينة حلب وتُشعل ريفها * «المرصد»: قصف جوي من النظام السوري على أحياء حلب بعد تهدئة لساعات

مقاتلون من «مجلس منبج العسكري» في أحد المباني على أطراف منبج أول من أمس حيث يخوضون مع «قوات سوريا الديمقراطية» معارك ضد تنظيم داعش الذي يسيطر على البلدة (أ.ف.ب)
مقاتلون من «مجلس منبج العسكري» في أحد المباني على أطراف منبج أول من أمس حيث يخوضون مع «قوات سوريا الديمقراطية» معارك ضد تنظيم داعش الذي يسيطر على البلدة (أ.ف.ب)
TT

الاتحاد الأوروبي للمعارضة السورية: لا حول لنا ولا قوة

مقاتلون من «مجلس منبج العسكري» في أحد المباني على أطراف منبج أول من أمس حيث يخوضون مع «قوات سوريا الديمقراطية» معارك ضد تنظيم داعش الذي يسيطر على البلدة (أ.ف.ب)
مقاتلون من «مجلس منبج العسكري» في أحد المباني على أطراف منبج أول من أمس حيث يخوضون مع «قوات سوريا الديمقراطية» معارك ضد تنظيم داعش الذي يسيطر على البلدة (أ.ف.ب)

اشتعلت يوم أمس الخميس الجبهات في أرياف حلب بالتوازي مع انطلاق هدنة جديدة أعلنت موسكو وواشنطن التوصل إليها داخل المدينة الواقعة شمال البلاد، بعد 55 يوما من القصف المكثف الذي أودى بحياة 627 مدنيا.
ولا تؤسس الهدن المؤقتة، وبتأكيد طرفي النزاع السوري، لأي أرضية تسمح بإطلاق عجلة العملية السياسية مجددا في ظل «استعصاء سياسي هائل»، عبّر عنه الاتحاد الأوروبي الذي أبلغ المعارضة السورية بعدم قدرته على إحداث أي خرق يُذكر في جدار الأزمة المستعرة، مستخدما تعبير «لا حول لنا ولا قوة».
وقال العضو البارز في الائتلاف السوري المعارض ميشال كيلو الذي شارك في الاجتماعات التي عُقدت مع ممثلين عن «هيئة التنسيق الوطني» في اليومين الماضيين في بروكسل بحضور ممثلين عن الاتحاد الأوروبي، بأن «الوضع في سوريا في أسوأ أحواله نظرا للاستعصاء السياسي الهائل وغير المسبوق في التعاطي مع الأزمة»، لافتا إلى أن «سوريا تتمزق تمزقا فظيعا، مجتمعا ودولة، وهي مهددة بأخطار جمة».
وأوضح كيلو في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن ممثلي الاتحاد الأوروبي أبلغوهم بعدم قدرتهم على تطوير وسائل جديدة للتعامل مع الأزمة أو تكرار وسائل استخدمت سابقا، مشيرا إلى أنّهم استخدموا تعبير «لا حول لنا ولا قوة». وأضاف: «ليس الأوروبيون وحدهم عاجزين عن التعامل مع المسألة بل الأطراف الدولية ككل والتي تعي تماما أنّها قد لا تكون قادرة قريبا على إيجاد أي حل سياسي أو حتى عسكري لما يحصل».
وعلّق كيلو على اقتراح رئيس الائتلاف أنس العبدة تشكيل آلية تضم الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا لحل الأزمة السورية، لافتا إلى أن الاقتراح يندرج بإطار «المحاولات التي تبذل لفتح نافذة في النفق المظلم الذي نمر فيه، مع تأكيدنا على أننا لا ننصاع وراء الأوهام».
وانعكس «الاستعصاء السياسي» ميدانيا يوم أمس في أرياف حلب، في ظل تأكيد ناشطين في المحافظة أنه يتم «تهديم» الريف، وبالتحديد مناطق كفر حمرة وعندام وحريتان في الريف الشمالي، وقال الناشط هادي العبد الله لـ«الشرق الأوسط»: «معظم الأبنية في هذه المناطق سوّيت بالأرض». وتحدث العبد الله عن «استهداف الطيران الحربي طريق إمداد حلب الوحيد (كاستلو) بغارات جوية مكثفة مما أدى لاحتراق سيارات محملة بالغذاء والوقود كانت في طريقها لداخل المدينة»، لافتا إلى أنه تم ليل الأربعاء «قصف مشفى عندان في ريف بالقنابل الفوسفورية ما أدى لاحتراق أجزاء منه».
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية مساء الأربعاء عن دخول هدنة لمدة 48 ساعة حيز التنفيذ في مدينة حلب السورية اعتبارا من الخميس، للمساعدة على تهدئة الوضع. بعد 55 يومًا داميًا راح ضحيتها أكثر من 3500 شهيد وجريح مدني. وبعكس ريف حلب، شهدت المدينة يوم أمس هدوءا نسبيا مع إعلان موسكو مساء الأربعاء دخول «نظام تهدئة» لمدة 48 ساعة: «بهدف خفض مستوى العنف المسلح وتهدئة الوضع».
وأكدت متحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية لوكالة الأنباء الألمانية، أن الأطراف السورية وافقت على «الالتزام مجددا بوقف الأعمال القتالية» في حلب اعتبارا من منتصف ليل الأربعاء بتوقيت دمشق. وقالت المتحدثة جوليا ماسون إن وقف القتال غير محدد بمكان أو فترة زمنية، مشيرة إلى أن الخارجية الأميركية «تراقب عن كثب لبحث كيفية المساعدة في وقف العنف وفتح المجال أمام وصول المساعدات الإنسانية إلى السوريين الذين هم في حاجة ماسة إليها».
ويأتي هذا الإعلان بعد أن حذر وزير الخارجية الأميركي جون كيري روسيا من أن صبر الولايات المتحدة بدأ ينفد فيما يتعلق بالصراع في سوريا.
غير أن المرصد السوري لحقوق الإنسان أفاد بعد ظهر أمس, بأن قوات النظام نفذت قصفًا جويًا طال أحياء تسيطر عليها فصائل المعارضة، وسط مدينة حلب.
وقال المرصد في بيان تلقت وكالة الأنباء الألمانية نسخة منه، أمس، إن ذلك جاء بعد تهدئة لساعات داخل مدينة حلب.
وأشار المرصد إلى أن القصف استهدف أحياء قاضي عسكر وبعيدين والسكري وباب النيرب وعدة مناطق أخرى، لافتا إلى معلومات أولية عن إصابات جراء القصف.
ومن برلين، قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إن المشكلات التي تواجهها المنطقة لا بد أن تحل سياسيا. ومن جهته قال شتاينماير إنه يأمل أن تستأنف محادثات السلام قريبا لتشكيل حكومة سورية انتقالية، ودعا المعارضة السورية المعتدلة إلى العودة للمباحثات المتوقفة في جنيف.
ورجّح محمد سرميني مدير مركز «جسور للدراسات» أن يبقى الفراغ السياسي قائما في سوريا طوال العام المقبل حتى تتبلور ملامح السياسة الأميركية الجديدة بعد انتخاب رئيس جديد للولايات المتحدة الأميركية. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «روسيا ستسعى في هذا الوقت للحسم عسكريا والهدن المؤقتة التي تفرضها تسعى من خلالها لصياغة استراتيجيات عسكرية في ظل التخبط الحاصل في أجندات الأطراف المتقاتلة ضمن الفريق الواحد».
من جهته، قال مدير الأبحاث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس كريم بيطار لوكالة الصحافة الفرنسية: «يشكك السوريون بشكل متزايد في فعالية هذه الهدن المؤقتة التي باتت تبدو مصطنعة وعقيمة شأنها شأن جلسات التفاوض التي تعلق عليها الآمال في كل مرة قبل أن تثير الخيبات». وأضاف: «يبدو أننا مجددا أمام وقف إطلاق نار صوري لا تدعمه أي عملية سياسية حقيقية».



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».