روحاني يصعد قضائيا ضد واشنطن وخامنئي يهدد بحرق الاتفاق النووي

قيادي في الحرس الثوري: عراقجي وسفراء إيران في العراق وسوريا ولبنان من أعضاء فيلق «القدس»

الرئيس الإيراني حسن روحاني ورئيسا القضاء والبرلمان الأخوان صادق وعلي لاريجاني
الرئيس الإيراني حسن روحاني ورئيسا القضاء والبرلمان الأخوان صادق وعلي لاريجاني
TT

روحاني يصعد قضائيا ضد واشنطن وخامنئي يهدد بحرق الاتفاق النووي

الرئيس الإيراني حسن روحاني ورئيسا القضاء والبرلمان الأخوان صادق وعلي لاريجاني
الرئيس الإيراني حسن روحاني ورئيسا القضاء والبرلمان الأخوان صادق وعلي لاريجاني

صعدت إيران قضائيا ضد واشنطن بعد قرار المحكمة الأميركية تجميد أرصدتها لدعمها الإرهاب, غداة تهديد خامنئي بحرق الاتفاق النووي إذا ما انتهك من قبل الادارة الاميركية.
وأعلن روحاني في تصريح للصحافيين عقب انتهاء الاجتماع مع رؤساء سلطتي التشريعية والتنفيذية إن بلاده رفعت رسميا قضية في محكمة العدل الدولية ضد قرار المحكمة الأميركية، بسبب حجزها أموال البنك المركزي الإيراني، وطالبت «بإدانة القرار الأميركي وتعويض الخسائر الإيرانية».
وكانت المحكمة الأميركية العليا في 20 من أبريل (نيسان) أدانت إيران بدفع 2.65 مليار دولار من أموالها المجمدة في البنوك الأميركية، لضحايا عمليات إرهابية خططتها ودعمتها طهران، وهي تفجير منشأة البحرية الأميركية في بيروت 1983، وتفجير أبراج الخبر في السعودية عام 1996.
وأضاف روحاني أن «حكومته تتابع قضية المليارين حتى إحقاق مطالب الإيرانيين وتعويض الخسائر» وفقا لما نقل عنه موقعه الرسمي وقال: «المحاكم الأميركية بقرار غير قانوني صادرت الأموال لصالح أميركيين وأسر من قتلوا في لبنان. ليس من الواضح ما كان يفعله الأميركيون في لبنان وأي علاقة لإيران به».
من جهته عاود خامنئي هجومه على أميركا بسبب ما يعتبره الإيرانيون تأخر تنفيذ الاتفاق النووي، ورد خامنئي على تصريحات المرشحين للانتخابات الرئاسية الأميركية تيد كروز ودونالد ترامب بتخلي أميركا عن الاتفاق النووي وتمزيقه قائلا إن إيران لن تبادر إيران في نقض الاتفاق النووي لكنه إذا ما تحقق تهديد المرشحين الأميركيين فإن إيران ستحرق نص الاتفاق.
كما وجه خامنئي في خطابه التقليدي أمام المسؤولين بمناسبة رمضان، نقدا مزدوجا إلى مؤيدي الاتفاق ومعارضيه في إيران واتهم الفريقين بالمبالغة، مضيفا أن الاتفاق يعاني من نواقص وثغرات إلا أنه أشار إلى أن الاتفاق إلى جانب «نقاط سلبية وعيوب فيه نقاط إيجابية وحسنات». وعشية مفاوضات وزير الخارجية الإيراني بنظيره الأميركي اعتبر خامنئي تصور التوافق مع أميركا وحل المشكلات بين الطرفين «توهما» فيما اعتبر رفع العقوبات عن إيران بعد تنفيذ الاتفاق لم يتحقق عمليا وإنما رفع على الورق فقط.
وشكلت تعليقات خامنئي حول تنفيذ الاتفاق عامل ضغط كبير على إدارة روحاني، بينما أكد ظريف قبل أيام لدى تقديمه تقرير إلى البرلمان الجديد حول تنفيذ الاتفاق بأن طهران وقعت الاتفاق بعد موافقة المرشد الأعلى على تفاصيله.
وفي سياق منفصل، كشف أول قائد في الحرس الثوري والدبلوماسي السابق جواد منصوري أن مساعد وزير الخارجية الإيراني في الشؤون الدولية والقانونية وكبير المفاوضين الإيرانيين في الملف النووي عباس عراقجي عضو في فيلق «القدس» الذراع الخارجية للحرس الثوري، وأضاف منصوري في حوار مع مجلة «رمز عبور» المقربة من الحرس الثوري أن سفير إيران الحالي والسابق لدى العراق وسفراء إيران لدى سوريا ولبنان من أعضاء فيلق «القدس». وأوضح منصوري الذي شغل منصب سفير إيران لسنوات لدى باكستان والصين أن عراقجي دخل الوزارة الخارجية بتكليف من فيلق «القدس».
وبينما كشف منصوري جانبا من نشاط الدولي للمؤسسة العسكرية، نفى مصدر مطلع في الخارجية الإيرانية في تصريح نقلته وكالات أنباء رسمية، عضوية عراقجي ودبلوماسيين كبار في فيلق «القدس». على صعيد الخلافات الداخلية، أعرب روحاني عن أمله بالتقارب بين البرلمان الجديد وحكومته والعمل على حل مشكلات الشعب الذي اختارهما في الانتخابات، ونوه إلى أنه ناقش مع إخوة لاريجاني أوضاع إيران في مرحلة ما بعد تنفيذ الاتفاق النووي.
ودافع روحاني مجددا عن الاتفاق المبرم بين بلاده والدول الغربية، مضيفا أنه «لو لا توجيهات خامنئي لما نجحت الحكومة في توقيع اتفاق مهم مع الدول الكبرى».
وانتقد روحاني ضمنا وسائل الإعلام بسبب تغطيتها لأزمة البطالة والاقتصاد وقال إن السلطات الثلاث تطالب وسائل الإعلام ببث التفاؤل في المجتمع و«توظيف جميع الطاقات من خلق فرص العمل والنمو الاقتصادي». في هذا الصدد، أظهرت تصريحات روحاني الموجهة لوسائل الإعلام مطالبته تغطية الأحداث في إيران ببساطة ومن دون متابعة والبحث في التفاصيل، وحث روحاني الإعلام الإيراني على «تجنب التضخيم» في تناول الأزمات الداخلية.
وفي أوسلو بحث وزير الخارجية محمد جواد ظريف مع نظيره الأميركي جون كيري مسار تنفيذ الاتفاق النووي وبحسب المتحدث باسم الخارجية الأميركية مارك تونر فإن الطرفين ناقشا القضايا المتعلقة بتعامل إيران مع البنوك ورفع العقوبات والأوضاع في سوريا.
وكشف تونر أن كيري شدد في مفاوضاته مع ظريف على ضرورة ممارسة طهران الضغط على دمشق لتوفير إمكانية المدنيين السوريين على مساعدات إنسانية ووقف العنف في كل الأراضي السورية.
إلى ذلك، هدد المتحدث باسم منظمة الطاقة النووية، بهروز كمالوندي بالعودة إلى تخصيب اليورانيوم «بسرعة» تفاجئ الدول الست 5+1 التي وقعت اتفاقا نوويا مع إيران في يوليو (تموز) 2015. وقال كمالوندي إن بلاده في وضع مناسب من استخدام أجهزة الطرد المركزي المتطورة.
ونصح المسؤول الإيراني مخاطبا الإدارة الأميركية ألا تتجاوز نص الاتفاق النووي وقال: «إذا كان من المقرر أن يبقى الاتفاق متماسكا فمن الضروري العمل بما جرى الاتفاق عليه وورد في نص الاتفاق». في سياق منفصل، أصدرت مخابرات الحرس الثوري في كرمان بيانا اتهمت فيه المواطنة البريطانية نازنين زاغري بالتجسس والتعاون مع شبكات معاندة للنظام.
وبعد شهرين من القبض على نازنين زاغري مع طفلتها البالغة من العمر 22 شهرا في مطار الخميني بطهران لدى مغادرتها إلى لندن اعترف الحرس الثوري رسميا باعتقالها ووجه في بيانه تهما بالتجسس والتعاون وإدارة شبكة تابعة لمؤسسات معاندة تدير مشاريع للإطاحة بالنظام.
وتعمل زاغري 37 عاما عاملة إغاثة ومنسقة برامج مع مؤسسة «رويترز» وهي مؤسسة خيرية تتخذ من لندن مقرا لها. وقال البيان إن زاغري كانت عضوا في شبكة تابعة لشركات ومؤسسات أجنبية شاركت في التخطيط والتنفيذ لمشاريع إعلامية وعبر الإنترنت للإطاحة الناعمة بالنظام.



الدبلوماسية الفرنسية تنشط لتجنب الحرب الواسعة والرئيس ماكرون يسير على خُطى سلفه جاك شيراك

البحث عن ناجين بعد ضربة جوية إسرائيلية شمال بيروت الخميس (رويترز)
البحث عن ناجين بعد ضربة جوية إسرائيلية شمال بيروت الخميس (رويترز)
TT

الدبلوماسية الفرنسية تنشط لتجنب الحرب الواسعة والرئيس ماكرون يسير على خُطى سلفه جاك شيراك

البحث عن ناجين بعد ضربة جوية إسرائيلية شمال بيروت الخميس (رويترز)
البحث عن ناجين بعد ضربة جوية إسرائيلية شمال بيروت الخميس (رويترز)

كثّفت الدبلوماسية الفرنسية نشاطها في نيويورك؛ حيث حضر في وقت واحد الرئيس إيمانويل ماكرون ومستشاروه وكذلك وزير الخارجية الجديد جان نويل بارو. وبذلت باريس جهوداً في العمل من أجل احتواء التصعيد العسكري بين «حزب الله» وإسرائيل، والتوصل إلى وقف للعمليات العسكرية.

ويأتي هذا الحراك الدبلوماسي بدفع من الرئيس ماكرون، الذي يريد أن يكون لبلاده دور في حماية لبنان، بعد الإخفاق الذي واجهه منذ العام 2020 وقت انفجاري المرفأ، ورغم الزيارتين اللتين قام بهما إلى بيروت خلال أقل من شهر (في 6 أغسطس «آب» والأول من سبتمبر «أيلول»)، مقدماً خطة إنقاذ اقتصادية وسياسية ومالية واجتماعية، ودفع الطبقة السياسية من أجل التفاهم فيما بينها لإخراج البلاد من ورطتها متعددة الأشكال.

بيد أن شيئاً من هذا لم يتحقق، كما لم تنجح الجهود الفرنسية في الدفع لملء الفراغ على رأس المؤسسات اللبنانية، رغم تعاقب زيارات وزراء الخارجية الفرنسيين من جان إيف لودريان إلى كاترين كولونا وستيفان سيجورنيه، إضافة إلى المكلفين في قصر الإليزيه بالملف اللبناني.

سيجورنيه زار لبنان 3 مرات، بتكليف من ماكرون، ومنذ زيارته الأولى، بداية العام 2024، حمل خطة مفصلة لخفض التصعيد على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية، وعمد إلى صياغة بعض فقراتها نزولاً عن طلب رئيس الوزراء المستقيل نجيب ميقاتي، الذي استقبله ماكرون في قصر الإليزيه، كما استقبل قائد الجيش العماد جوزيف عون، والرئيس السابق للحزب الاشتراكي، وليد جنبلاط، وشخصيات لبنانية أخرى.

وخلال أشهر طويلة، كانت رسالة باريس للسلطات والسياسيين اللبنانيين، بمن فيهم مسؤولون من «حزب الله»، دعوتهم إلى التنبه من المخططات الإسرائيلية، ومن أن «حرب الإسناد» التي يقوم «حزب الله» «لن تبقى محصورة الإطار، ويمكن أن تتطور في أي يوم»، وفق تأكيدات مصادر فرنسية واكبت الجهود الدبلوماسية. كذلك نبهت باريس من «الخفة» التي يتعامل بها اللبنانيون مع المخاطر المقبلة.

ورغم التنافس بين باريس وواشنطن، التي قدمت هي الأخرى بشخص مبعوثها الرئاسي، آموس هوكشتاين، خطة موازية، فإن العاصمتين توصلتا، في النهاية، إلى العمل معاً، وفي اتجاه واحد. إلا أن النتيجة جاءت مخيبة، إلى أن حلّ التصعيد الأخير.

على خطى شيراك

اليوم تغير الوضع، والكارثة حلّت، ويمكن أن تتبعها كوارث أكبر، ومن عناوينها قد تكون الحرب البرية، وسعي إسرائيل لاحتلال أقسام من الجنوب اللبناني (وهو ما فعلته سابقاً) وتمددها لتتحول إلى حرب إقليمية مع احتمال أن تتدخل بها إيران المتأرجحة حالياً بين رغبتها في الانفتاح على الغرب، وعدم التصادم مع إسرائيل والقوات الأميركية المنتشرة بقوة في المنطقة وبين «واجبها» دعم «حزب الله» ومنع هزيمته.

من هنا، فإن الحراك الفرنسي ارتقى إلى درجة أعلى، فالرئيس ماكرون لم يتردد في بث شريط فيديو قبل 5 أيام وجهه إلى «اللبنانيين واللبنانيات الأعزاء»، ليؤكد «مساندتهم في أي محنة يمرون بها»، وليشدد على أن لبنان «لا يمكن أن يعيش في حالة التخوف من حرب مقبلة».

ومع انتقاله إلى نيويورك، كان ماكرون الرئيس الغربي الوحيد الذي التقى الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان؛ حيث عمد إلى «تسليط الضوء على مسؤولية إيران في دعم تهدئة عامة (في الشرق الأوسط بما فيه لبنان) واستخدام نفوذها في هذا الاتجاه لدى الأطراف المزعزعة للاستقرار التي تتلقى دعمها».

وزاد ماكرون: «نحضّ إسرائيل على وقف هذا التصعيد في لبنان، ونحضّ (حزب الله) على وقف إطلاق الصواريخ على إسرائيل. نحضّ كل من يزوّد (حزب الله) الوسائل اللازمة للقيام بذلك على التوقف»، عادّاً في الوقت نفسه أنّه لا يمكن لإسرائيل أن «توسّع عملياتها في لبنان من دون عواقب».

ونبه ماكرون، متحدثاً عن التطورات على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية من أن «الخطر الرئيسي راهناً هو (خطر) التصعيد» في الشرق الأوسط، معرباً عن تعاطفه مع لبنان والشعب اللبناني. وإذ انتقد «حزب الله» الذي «يجازف منذ وقت طويل جداً بجر لبنان إلى الحرب»، دعا جميع الفرقاء إلى الوفاء بالتزاماتهم على طول الخط الأزرق الذي رسمته الأمم المتحدة بين إسرائيل ولبنان.

وأكد أن باريس ستتحرك «من أجل بلورة مسار دبلوماسي لا غنى عنه، يهدف إلى تحييد السكان المدنيين والحؤول دون انفجار إقليمي». وأعلن أنه طلب من وزير خارجيته التوجه إلى لبنان نهاية الأسبوع. وبطلب من فرنسا، عقد مجلس الأمن لبحث التصعيد العسكري والتطورات الخطيرة.

باريس تسعى لدفع واشنطن للتحرك الجدي

لم يتوقف الحراك الفرنسي عند هذا الحد، إذ إن باريس ترى أن مساعيها لا يمكن أن تؤتي أُكلها من غير مشاركة أميركية فاعلة. من هنا، انكب فريقا البلدين على بلورة مبادرة مشتركة، كشف عنها وزير الخارجية في كلمته أمام مجلس الأمن؛ حيث قال إن «فرنسا عملت، في الأيام الأخيرة، مع شركائنا الأميركيين على وقف مؤقت لإطلاق النار لمدة 21 يوماً لإفساح المجال أمام المفاوضات»، مضيفاً أن اندلاع حرب شاملة بين إسرائيل و«حزب الله» «ليس حتمياً» بشرط أن تنخرط كل الأطراف «بحزم» في إيجاد حلّ سلمي للنزاع.

ووفق القراءة الفرنسية، فإن «التوترات بين (حزب الله) وإسرائيل اليوم تُهدّد بدفع المنطقة إلى صراع شامل لا يمكن التكهن بعواقبه». وما كان للمبادرة المشتركة المستعجلة أن ترى النور من غير حصول اجتماع في نيويورك بين الرئيسين الفرنسي والأميركي. وما تتخوف منه باريس، وفق مصادرها، أن يكون الانخراط الأميركي في الملف اللبناني - الإسرائيلي شبيهاً بانخراطها فيما خص حرب غزة، حيث «الخطوط الحمراء» التي وضعتها واشنطن لإسرائيل ول نتنياهو تهاوت تباعاً، ولم تنجح واشنطن في إلزام الأخير بهدنة دعت إليها مراراً وتكراراً وتوقعت حصولها.

ويتضح مما سبق أن الرئيس ماكرون يريد أن يكون له دور فاعل في الأزمة الراهنة، وربما أنه استوحى الدور الذي لعبه جاك شيراك، الرئيس الأسبق، في وضع حد للحربين اللتين شنتهما إسرائيل على لبنان في 1996 وفي 2006. ففي الأولى، أرسل شيراك وزير خارجيته هيرفيه دو شاريت إلى المنطقة، وطلب منه البقاء فيها حتى انتزاع اتفاق. وفي الثانية، كان لباريس دور كبير في دفع مجلس الأمن لتبين القرار الشهير 1701 الذي وضع حدّاً للحرب، ولكن ليس للنزاع المستمر بين إسرائيل ولبنان، الذي ما زال الأساس الذي تدور حوله المناقشات في الأمم المتحدة.

وثمة أسئلة كثيرة تطرح نفسها؛ أولها يتناول مدى الجدية الأميركية، وثانيها الطريق إلى بلورة آلية تمكن من تنفيذ القرار المذكور، وثالثها الموقف الإيراني ورغبة طهران في المساعدة، ورابعها المدة الزمنية اللازمة للحصول على موافقة الأطراف المعنية المبادرة المشتركة، وآخرها معرفة ما يريده حقيقة نتنياهو من حربه الراهنة على لبنان، والأهداف التي يريد تحقيقها قبل أن يقبل الهدنة.