مسلمو الروهنيغا في رمضان يتمسكون بالصوم مع معاناة التنكيل والتعذيب والبحث عن الاعتراف بهم

مسلمو الروهنيغا في رمضان يتمسكون بالصوم مع معاناة التنكيل والتعذيب والبحث عن الاعتراف بهم
TT

مسلمو الروهنيغا في رمضان يتمسكون بالصوم مع معاناة التنكيل والتعذيب والبحث عن الاعتراف بهم

مسلمو الروهنيغا في رمضان يتمسكون بالصوم مع معاناة التنكيل والتعذيب والبحث عن الاعتراف بهم

منذ ما يقرب من سبعين عاماً ومسلمو الروهنيغا يعانون أشد المعاناة، إلا أن تلك المعاناة بلغت ذروتها خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وذلك بعد اندلاع أعمال العنف والكراهية عام 2012، ضد الأقلية المسلمة الأكثر اضطهاداً في العالم.
وفي الوقت الذي استقبل المسلمون حول العالم شهر رمضان الفضيل بالمسارعة إلى الطاعات وفعل الخيرات والصدقات، تتواصل المذابح وعمليات التهجير القسري لمسلمي الروهنيغا على يد حكومة ميانمار والجماعات البوذية المتطرفة، فيتم تهجيرهم قسريا جماعات على متن قوارب خشبية مهترئة يلاقي أغلبهم الموت على ظهور تلك المراكب التي تعرف بـ«قوارب الموت».
تعتبر الروهنيغا أكثر الأقليات اضطهاداً في العالم، وفقاً لتصنيف صادر عن الأمم المتحدة، حيث يوجد ما يقرب من 800 ألف مسلم في ولاية أراكان غربي ميانمار.
وقيل إن الاسم يرجع إلى قصة سفينة عربية بها تجار عرب تحطمت بالقرب من جزيرة راماي، وأمر ملك أراكان بإعدام العرب الذين صاحوا «الرحمة الرحمة»، فأطلق على هؤلاء راهام، وتم تحريف المصطلح مع مرور الزمن إلى رهوهانج ثم روهنيغا.
استقبل المسلمون في شتى بقاع الأرض شهر رمضان قبل نحو أسبوع، بالاحتفالات والطقوس والعادات والتقاليد المختلفة، إلا أن هناك جانبا آخر من المسلمين هم «أقليات» في البلاد التي يعيشون بها، حيث يمثل لهم الشهر الكريم تذكيرًا بتاريخ من الاضطهاد.
ووفقا لـ«وكالة أنباء الروهنيغا»، يعد الروهنيغا وبقية مسلمي البلاد الذين ينحدر أسلافهم من الهند وبنغلاديش، مواطنين بورميين إلى أن انتقلت مقاليد السلطة إلى العسكر في انقلاب عام 1962م، وما لبث أن تدنت وضعيتهم بموجب دستور 1974م الذي لم يعترف بهم مواطنين أصليين، فكان أن حرم معظمهم من حق المواطنة، أي اعتبروا أشخاصا بلا وطن، حيث تعتبرهم السلطات مهاجرين غير شرعيين.
وعلى إثر مذابح متعددة تعرض لها المسلمون هناك، كان آخرها تلك التي وقعت عام 2012، هرب الآلاف من الروهنيغا إلى ماليزيا، حيث يمكنهم ممارسة طقوس عقيدتهم بحرية.
وإلى جانب، استعداداتهم للطقوس الرمضانية، يستعد مسلمو ميانمار أيضا لتلقي المزيد من عمليات القتل والاضطهاد والتهجير على أيدي الأغلبية البوذية المتطرفة التي ظلت مدعومة من الحكومات المتعاقبة حتى إجراء الانتخابات البرلمانية التي فاز فيها حزب أونج سان سوكي «الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية»، حيث فاز المرشح هيتن كياو في أول انتخابات رئاسية حرة أجريت في 15 مارس (آذار) الماضي.
وتعرض الحزب لانتقادات شديدة بعد حديثه المتكرر عن الكيفية التي سيتم من خلالها معالجة وضع الروهنيغا في ولاية راخين، وسط دعوات أممية بمنح الروهنيغا حق المواطنة الكاملة.
يقضي اللاجئون الروهنيغيون في مراكز الاحتجاز بتايلند شهر رمضان المبارك، حيث يتعاون معهم متعاونون محليون على أداء شعائر صلاة الجماعة والإفطار.
شهر رمضان المبارك بالنسبة للمسلمين هو شهر العبادة والتواصل، لكن مسلمي الروهنيغا تقطعت بهم السبل داخل ميانمار وخارجها، إلا أن ليالي رمضان في بورما، حيث الأسواق وأماكن العمل خالية، الجميع متفرغ للعبادة، ينام الناس بعد صلاة التراويح مباشرة ولا يسهرون الليل، ويستيقظون وقت السحور، ويواصلون أعمالهم بعد الفجر.
وبحسب شهادات مسلمين روهنيغيين يعيشون في مدن عدة من ولاية أراكان، فإنهم يعانون كثيراً في توفير المسلزمات الرمضانية، من السلع الضرورية، والمواد الغذائية، وذلك لعدم توفرها في الأسواق، ولامتناع الباعة البوذيين من بيع المسلمين إلا بأثمان باهضة وبطرق سرية.
يعاني مسلمو الروهنيغا في بورما خاصة في شهر رمضان، أنواعًا كثيرة من التنكيلات الدينية والاجتماعية والإنسانية، حيث لا تسمح السلطات بإقامة الصلوات جماعة في المساجد، وأيضاً قيام صلاة التراويح، وإقامة حلقات تحفيظ القرآن الكريم والدروس العلمية التي تنشط كثيراً في شهر رمضان، التي اعتاد الأئمة على إقامتها في الشهر الفضيل، لتعليم الناس شعائر دينهم.
أما عن الأطعمة، فأكثر طعام أهل أراكان في رمضان يكون الأرز المطبوخ بطرق عدة، وتعد الشعيرية الوجبة المفضلة للأطفال عند الافطار، كما أن حب الحمص له حضور قوي في المائدة الرمضانية إن كانت هناك موائد.
إضافة إلى أن المسلمون في بورما يعانون من الفقر الشديد، حيث لا تسمح لهم السلطات بالعمل، أو الزراعة، في مزارعهم، أو صيد الأسماك من الخلجان والأنهار، أو حتى الاحتطاب من الغابات القريبة من قرى المسلمين.
في مركز احتجاز بتايلند، أقلية مسلمي الروهنيغا حريصون على أداء مناسك الشهر الفضيل بما تيسر من تسهيلات بعضها من الإدارة، وبعضها من المسلمين المحليين.
يقول ثيراووت بتمامبيتش مدير مركز الهجرة في كانشانابور: «جميع الأديان مهمة، ورمضان هو شهر مهم جداً بالنسبة للروهنيغا، لذلك نحن نحاول بذل قصارى جهدنا للتسهيل عليهم».
ويضيف بتمامبيتش، أن «السلطات التايلندية وزعت عليهم ملابس نظيفة ووفرت لهم طعاما سائغاً بحسب الشريعة الإسلامية بمساعدة مسلمين محليين، ولولا ذلك لحرم هؤلاء من فرحة الإفطار أيضا».
وقالت جاميرينغ انانسوك - وهي مواطنة محلية -: «أنا أساعدهم باعتباري متدينة ولكونهم مسلمين، إنهم لا يجدون مكاناً يذهبون إليه، وإذا لم يتوفر لهم هذا الطعام سيقعون في ورطة أكبر».
أقلية مسلمي الروهنيغا، فروا من المذابح في ميانمار، أملاً في الوصول إلى بلدان أخرى كماليزيا أو إندونيسيا، لكن هؤلاء المحتجزين لم يحالفهم الحظ في العبور من تايلند ومع ذلك فإنهم لم يفقدوا الأمل بالفرج.
محمود يحيى - وهو مسلم روهنيغي - يقول: «لا يهم أين أعيش، أنا أصلي لله، فقط لأبقى على قيد الحياة».
منذ يوم الثلاثاء الماضي، كثف المسؤولون البورميون من زياراتهم إلى أراكان، والمناطق الحدودية مع بنغلاديش؛ بهدف تحديد عدد الأشخاص الذين يستخدمون البطاقة الزرقاء. هذه «البطاقة الزرقاء» تستخدم كوثيقة هوية لسكان المنطقة الذين لا يحملون الجنسية البورمية.
واليوم، يرغب حزب أونغ سان سو تشي، الذي يحكم البلاد منذ نوفمبر (تشرين الثاني) والمتهم بالتراخي فيما يتعلق بمسألة الأقليات، في تحديد عدد الأشخاص عديمي الجنسية، بدقة في إقليم أراكان.
ومن الوارد أنه سيتم تنظيم تسوية شاملة، تقتضي دراسة كل ملف على حدة وذلك بالاستعانة بالبطاقات الزرقاء التي توفر المعلومات الخاصة بكل فرد.
هذه العملية ستكون طويلة وصعبة، وقد حددت المدة الزمنية لتنفيذ هذه الخطة مبدئيًا بمائة يوم، لكن وزير الهجرة والسكان مينت كيانغ، يخطط إلى تمديدها إلى مدة ستة أشهر.
وصرح كيانغ، للصحيفة البورمية الرئيسية «ميانمار تايمز»، قائلًا «إذا كنا غير قادرين على استكمال هذه الخطة في غضون مائة يوم، سوف ننظر في تمديد هذه المدة إلى ستة أشهر، وسنبدأ تطبيق هذه الآلية في ثلاث بلدات بإقليم أراكان، لكن في نهاية المطاف، سيتم تعميم هذه الخطة في كامل البلاد».
وحتى عام 2015، كانت الروهنيغا تستبعد من الانتخابات في البلاد، وفقط منذ هذا التاريخ تم منحهم «بطاقات بيضاء» تمكنهم من التصويت، وبحلول موعد الانتخابات البرلمانية في نوفمبر صادر المجلس العسكري الحاكم، أول انتخابات برلمانية حرة منذ 25 عامًا.
صحيفة «ميانمار تايمز»، قالت إن البطاقات الجديدة لا تتضمن أي تمييز على مستوى «العرق» أو «الدين»، وذلك بهدف «تجنب الجدل والفتنة الطائفية»، لكن الروهينجا أنفسهم يريدون في المقابل تأكيد انتمائهم إلى مجموعتهم العرقية والاعتراف بهم.
ووفقًا لراديو «فري آسيا» الذي تموله الولايات المتحدة، رفض العديد من الروهنيغا الإجابة على استمارة التعداد، كما أن مينت كيانغ، وضع شروطًا صارمة، حيث يتمكن الأفراد الذين يحملون بطاقات فقط، من القيام بالإجراءات الإدارية والتمتع بموجبها بالجنسية.
وأمام هذه الشروط، يعتبر الملاذ الوحيد للروهنيغا هو انتسابهم إلى الجنسية «البنغالية»، ما يعني ضمنيًا أنهم من المهاجرين غير الشرعيين.
وفي شهر مايو (أيار)، دعت ممثلة عن ولاية أراكان حكومة أونغ سان سو تشي، للنظر في قضية عديمي الجنسية، قائلة: «لقد أتى البنغاليون من المنطقة الواقعة بين بورما وبنغلاديش، كما أنهم ليسوا بأقلية وطنية، لقد دخلوا بطريقة غير شرعية وزعزعوا أمن البلاد».
وبحسب هذه الممثلة، فإنه يجب أن يكون قانون المواطنة لعام 1982 أساسًا كافيًا لتحديد ما إذا كان الشخص هو فعليًا من مواطني بورما أو لا، كما أنه في حال عدم توفر الأدلة التي تبين أنه فعلًا من مواطني هذه المنطقة، ينبغي على هذا الشخص مغادرة البلاد.
وقال ماون مونغ أوهن عضو الرابطة الوطنية للديمقراطية والزعيم السابق في إقليم أراكان إنه «يجب أن نكون واقعيين، فإن منحهم الجنسية لن يكون ممكنًا إلا إذا توقفوا عن الطلب والإصرار على المحافظة على اسمهم وحقوقهم كمجموعة عرقية».
طيلة السنوات الماضية واجه الروهنيغا القتل والتعذيب والحرق، حتى ركب الآلاف منهم قوارب لا يعرفون إن كانت ستأخذهم إلى الموت أم إلى السجن أم إلى مخيم ينتهك حقوقهم كبشر على مسمع ومرأى من العالم كله.
وبصفة عامة، يعاني نحو مليون ونصف المليون مسلم في ميانمار من سياسات تشبه الفصل العنصري، فهم محرومون من الحصول على الجنسية وحرية التنقل، والأكثر إيلاماً ما تعانيه أقلية الروهنيغا من قيود على الحركة والعمل والسفر، حيث لا يسمح لهم بالتحرك بحرية بين ولايات ومقاطعات ميانمار.



أجواء احتفالية في مصر ابتهاجاً بعيد الفطر

زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
TT

أجواء احتفالية في مصر ابتهاجاً بعيد الفطر

زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)

سادت أجواء البهجة منذ الساعات الأولى من صباح أول أيام عيد الفطر في مصر، حيث احتشد المصلون من مختلف الأعمار في ساحات المساجد، وسط تكبيرات العيد التي ترددت أصداؤها في المحافظات المختلفة.
وشهدت ساحات المساجد زحاماً لافتاً، مما أدى إلى تكدس المرور في كثير من الميادين، والمناطق المحيطة بالمساجد الكبرى بالقاهرة مثل مسجد الإمام الحسين، ومسجد عمرو بن العاص، ومسجد السيدة نفيسة، ومسجد السيدة زينب، وكذلك شهدت ميادين عدد من المحافظات الأخرى زحاماً لافتاً مع صباح يوم العيد مثل ساحة مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية.
وتبدأ مع صلاة العيد أولى مباهج الاحتفالات عبر «إسعاد الأطفال»، وفق ما تقول ياسمين مدحت (32 عاماً) من سكان محافظة الجيزة (غرب القاهرة). مضيفةً أن «صلاة العيد في حد ذاتها تعد احتفالاً يشارك الأهالي في صناعة بهجته، وفي كل عام تزداد مساحة مشاركة المصلين بشكل تطوعي في توزيع البالونات على الأطفال، وكذلك توزيع أكياس صغيرة تضم قطع حلوى أو عيدية رمزية تعادل خمسة جنيهات، وهي تفاصيل كانت منتشرة في صلاة العيد هذا العام بشكل لافت»، كما تقول في حديثها مع «الشرق الأوسط».

بالونات ومشاهد احتفالية في صباح عيد الفطر (وزارة الأوقاف المصرية) 
ويتحدث أحمد عبد المحسن (36 عاماً) من محافظة القاهرة، عن تمرير الميكروفون في صلاة العيد بين المُصلين والأطفال لترديد تكبيرات العيد، في طقس يصفه بـ«المبهج»، ويقول في حديثه مع «الشرق الأوسط» إن «الزحام والأعداد الغفيرة من المصلين امتدت إلى الشوارع الجانبية حول مسجد أبو بكر الصديق بمنطقة (مصر الجديدة)، ورغم أن الزحام الشديد أعاق البعض عند مغادرة الساحة بعد الصلاة بشكل كبير، فإن أجواء العيد لها بهجتها الخاصة التي افتقدناها في السنوات الأخيرة لا سيما في سنوات (كورونا)».
ولم تغب المزارات المعتادة عن قائمة اهتمام المصريين خلال العيد، إذ استقطبت الحدائق العامة، ولعل أبرزها حديقة الحيوان بالجيزة (الأكبر في البلاد)، التي وصل عدد الزائرين بها خلال الساعات الأولى من صباح أول أيام العيد إلى ما يتجاوز 20 ألف زائر، حسبما أفاد، محمد رجائي رئيس الإدارة المركزية لحدائق الحيوان، في تصريحات صحافية.
ويبلغ سعر تذكرة حديقة الحيوان خمسة جنيهات، وهو مبلغ رمزي يجعل منها نزهة ميسورة لعدد كبير من العائلات في مصر. ومن المنتظر أن ترتفع قيمة التذكرة مع الانتهاء من عملية التطوير التي ستشهدها الحديقة خلال الفترة المقبلة، التي يعود تأسيسها إلى عام 1891، وتعد من بين أكبر حدائق الحيوان في منطقة الشرق الأوسط من حيث المساحة، حيث تقع على نحو 80 فداناً.