بنايات وسيارات مفخخة تواجه القوات العراقية في طريقها نحو الفلوجة

«داعش» يستخدم شبكة أنفاق عبر المدينة تضم غرفًا مضاءة يستغلها في التنقل والهروب ونصب الفخاخ

عناصر أمن عراقيون خلال استراحة قرب قاعدة لهم في الحقيل بالقرب من الفلوجة ({واشنطن بوست})
عناصر أمن عراقيون خلال استراحة قرب قاعدة لهم في الحقيل بالقرب من الفلوجة ({واشنطن بوست})
TT

بنايات وسيارات مفخخة تواجه القوات العراقية في طريقها نحو الفلوجة

عناصر أمن عراقيون خلال استراحة قرب قاعدة لهم في الحقيل بالقرب من الفلوجة ({واشنطن بوست})
عناصر أمن عراقيون خلال استراحة قرب قاعدة لهم في الحقيل بالقرب من الفلوجة ({واشنطن بوست})

عبر موجات الراديو، طلبت القوات العراقية أن يوفر التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة غطاءً جويًا لها مع إجلاء ضحاياها، بعد أن لقي شرطي من فريق التعامل مع المفرقعات مصرعه، وأصيب اثنان آخران أثناء تفكيكهم جزءا من شبكة معقدة من الفخاخ، على أطراف مدينة الفلوجة الواقعة تحت سيطرة تنظيم داعش.
في الوقت ذاته، تقدم فريق آخر في محاولة لتطهير ضاحية جرت السيطرة عليها مؤخرًا في الجانب الجنوبي من المدينة. ومن حين لآخر، دوت أصوات تفجيرات وأثارت موجة من الغبار. إلا أنه في غضون ساعات قليلة، تعرض الفريق لتفجير مع شروع أفراده في تفكيك قنبلة، ما أدى لتعرض جنديين لإصابات بليغة. وعن هذا الأمر، قال العقيد أركان فاضل، من القوات الخاصة العراقية، بعد أن طلب إمداده بفريق آخر: «هذه واحدة من أسوأ الوظائف في العالم بأسره». كان الفريق الجديد الذي طلبه هذه المرة من المقاتلين من أبناء القبائل، ممن تلقوا تدريبهم على يد قوات أميركية على أساليب تفكيك القنابل. صباح الجمعة (الماضي) فقط، واجهت فرق المهندسين العراقيين 25 قنبلة بدائية على مساحة 500 قدم فحسب، حسبما أوضح فاضل.
جدير بالذكر أن «داعش» يتحصن منذ عامين داخل الفلوجة الواقعة غرب بغداد، التي كانت أول مدينة عراقية تسقط في يد التنظيم. وبعد شن هجوم لاستعادة المدينة الشهر الماضي، تعمل القوات العراقية الخاصة الآن على بعد ميلين من قلب المدينة، لكن شبكة واسعة من الأنفاق كان يستخدمها المسلحون وقنابل فتاكة مزروعة على جانبي الطريق، تبطئ تقدمها.
وداخل مجموعة من البنايات التي لم يكتمل بناؤها على أطراف المدينة، أقامت قوات مكافحة الإرهاب العراقية النخبوية قاعدة مؤقتة لها، حيث يستغل الجنود والضباط الغرف التي لم ينته بناؤها في النوم والراحة، وتوجد على الأرض الأغطية بجانب أكوام من أكياس الرمال. الواضح أن القتال الدائر بالفلوجة يحمل أهمية خاصة لرئيس الوزراء حيدر البغدادي، وتسهم هذه المعركة في تشتيت الأنظار بعيدًا عن الأزمة السياسية التي أثارت موجة من المظاهرات ودفعت بالمتظاهرين لاقتحام مبنى البرلمان ومكتب رئيس الوزراء، مطالبين بالإصلاح. كما أكدت قيادات عسكرية عراقية أن تطهير المدينة يمثل أولوية بسبب قربها من بغداد، حيث تقع على مسافة 45 ميلاً فقط إلى الشرق.
من جانبه، أوضح لفتنانت جنرال عبد الوهاب السعيدي، قائد عملية الفلوجة، وضع رجاله على مسافة من ضاحية الشهداء. وقال: «انظر إلى برج الاتصالات، إنهم هناك». وسرعان ما دوت بالمكان أصوات طلقات مدافع رشاشة وانفجارات. وقد وصل مقاتلون من القوات الخاصة والشرطة الشارع 40، على بعد نحو ميلين من قلب المدينة بالجانب الجنوبي، حسبما أوضح السعيدي، كما أعلن الجيش العراقي، السبت، فرضه سيطرته على ضاحيتين شرق المدينة.
وقال السعيدي: «تحمل هذه المدينة أهمية رمزية لـ«داعش»، لكونها أول مدينة حاربت الأميركيين، وقد حولها المتطرفون المسلمون لمعقل لهم». يذكر أن قرابة 100 من جنود البحرية الأميركية قد قتلوا وأصيب مئات آخرون في معركة استمرت 6 أسابيع للسيطرة على المدينة منذ 12 عامًا، في أشرس المعارك التي شهدتها حرب العراق. وقال السعيدي: «نريد أن نظهر للأميركيين قدرتنا على إنجاز هذا الأمر، لكن بدعم منهم بالطبع».
عبر الراديو، تلقى فاضل رسالة من التحالف الذي تقوده واشنطن، يفيد برصد مدفع آلي متوسط المدى من الجو.
وأجاب فاضل: «هل هم داخل المبنى الثالث إلى الشرق؟»، وجاء الرد بلكنة أسترالية: «إنهم في المبنى الرابع إلى الشرق». وسأل فاضل: «هل يمكن توجيه ضربة لهذا المبنى، من فضلك؟» وفي أعقاب ذلك بدقيقتين، دوت أصوات الضربة، وتصاعدت سحب الدخان من المبنى المذكور.
كان «داعش» قد بنى شبكة واسعة من الأنفاق للاختباء من الهجمات. وفي تلك الأثناء، أضرم مقاتلو التنظيم النيران في مواقعهم لإخفائها عن أعين الطائرات التي تحلق فوقهم. وقال بريغادير جنرال علي جميل، من قوات مكافحة الإرهاب العراقية: «تمر الأنفاق عبر المدينة بأسرها، ويستغلونها في التنقل والهروب من الضربات الجوية، وكذلك نصب فخاخ لقواتنا». وأضاف أن الأنفاق تضم غرفًا وإضاءة. وقد تم اكتشاف واحد منها مؤخرًا يمتد لمسافة نصف ميل. ولا تعرف القوات العراقية إلى أي مدى تمتد الأنفاق الأخرى؛ لأنها تفجر المداخل لضمان عدم استخدام الأنفاق مجددًا.
وقد جرى نصب فخاخ داخل الأنفاق. في الأسبوع الماضي، تعرضت دبابة «أبرامز إم 1» لتفجير، ومن المعتقد أنها إما أصيبت بقنبلة ضخمة زرعت على جانب الطريق أو مرت فوق نفق مفخخ، حسبما شرح فاضل. وأضاف: «انقسمت الدبابة إلى ثلاثة أجزاء، لقد كان تفجيرًا هائلاً».
من جانبهم، يأمل الجنود في أن تخف حدة الحصون مع تقدمهم داخل المدينة. وكانت المنطقة التي يمرون بها الآن خط دفاع على مدار عامين. أما الحصون التالية الأقرب لقلب المدينة فمن المحتمل أن يكون بناؤها قد جرى على عجل.
ومع ذلك، لا يتوقع أحد أن تسقط المدينة بسهولة، وما يزيد الأمور تعقيدًا وجود عشرات الآلاف من المدنيين. وقدرت الأمم المتحدة مؤخرًا أعداد سكان المدينة بـ90000 نسمة.
من جانبه، يواجه السعيدي تحدي إبقاء الميليشيات الشيعية التي تطوق المدينة منذ أمد بعيد، بعيدًا عن المعركة. ومن المعتقد أن دخول هذه الميليشيات لمدينة ينتمي غالبية سكانها إلى السنة، قد يشعل فتيل توترات طائفية.
وذكر قادة عسكريون أنهم يعتقدون أن المدينة تضم ما بين 300 و900 مسلح، لكن أحدًا لا يعلم العدد على وجه اليقين.
* خدمة «واشنطن بوست»
_ خاص بـ {الشرق الأوسط}



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.