قواعد جديدة تحجم هيمنة زوكربيرغ على «فيسبوك» حال استقالته

سيفقد حق السيطرة على تصويت الأغلبية لشركة الشبكات الاجتماعية

قواعد جديدة تحجم هيمنة زوكربيرغ على «فيسبوك» حال استقالته
TT

قواعد جديدة تحجم هيمنة زوكربيرغ على «فيسبوك» حال استقالته

قواعد جديدة تحجم هيمنة زوكربيرغ على «فيسبوك» حال استقالته

سيفقد الرئيس التنفيذي لشركة «فيسبوك» مارك زوكربيرغ حق السيطرة على تصويت الأغلبية لشركة الشبكات الاجتماعية «فيسبوك» حال استقالته من وظيفته أو إنهاء خدمته، وفقا للقواعد الجديدة التي اقترحها مجلس إدارة «فيسبوك».
وقد طُرحت القواعد للمرة الأولى كجزء من إعادة تصنيف أسهم «فيسبوك» للمساعدة في تلبية خطط الأعمال الخيرية لزوكربيرغ، وسيصوت عليها المساهمون في اجتماعهم السنوي في 20 يونيو (حزيران) الحالي. وعلى ما يبدو فإن الهدف من تلك اللوائح هو أن يتم تسهيل تعيين رئيس تنفيذي قادم خلفا لزوكربيرغ دون أن يكون مقيدا بقوة المؤسس أو عائلته.
ولا تتعدى الخطوة كونها إجراء احترازيا؛ إذ لا تتوقع الشركة أن يتركها زوكربيرغ في أي وقت قريب.
ويحمل الرئيس التنفيذي حاليا الفئة (أ) والفئة (ب) من الأسهم العادية التي تقدر مجتمعة بنسبة 53.8 في المائة من إجمالي عدد الأصوات في الشركة. وبموجب القواعد الجديدة، لن يتطلب من زوكربيرغ حال استقالته أو انتهاء عمله لأي سبب أن يتخلى عن سيطرته على حق أغلبية التصويت.
وبالتبعية سيتمكن زوكربيرغ من نقل الأسهم العادية فئة (ب)، وحقوق أغلبية التصويت إلى ذريته بعد وفاته؛ مما يؤدي إلى توارث السيطرة على تصويت الأغلبية عبر عدة أجيال، وفقا لتقرير دوري قدمته الشركة يوم الخميس الماضي إلى هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية.
وجدير بالذكر أن أسهم الفئة (أ) لديها صوت واحد لكل سهم، بينما أسهم الفئة (ب) لديها 10 أصوات لكل سهم.
وأصدرت اللجنة الخاصة التي عينت في شهر أغسطس (آب) الماضي توصيات جديدة، من أجل إعادة تصنيف رأس مال الشركة أو بنية التصويت في ضوء خطط زوكربيرغ طويلة الأمد للتبرع بمعظم أسهمه للعمل الخيري، من شأنها أن تضمن «أن شركة (فيسبوك* لن تظل تحت سيطرة المؤسس بعد أن يترك قيادتها»، وفقا للتقرير.
وتعتزم اللجنة ومجلس الإدارة تبني موقف أكثر صرامة لجذب رئيس مؤهل يخلف زوكربيرغ إذا استمر في الاحتفاظ بالسيطرة على تصويت الأغلبية بالشركة. ولتجنب حدوث ذلك، قامت اللجنة باقتراح آليات آثار جديدة، التي تتطلب مع بعض الاستثناءات: «تحويل جميع أسهم الفئة (ب) إلى أسهم من الفئة (أ) في حال لم يعد زوكربيرغ يتولى قيادة الشركة».
ووفقا للتقرير، فمن شأن تلك الآثار أن «توفر قيمة كبيرة لشركتنا من خلال تحفيز زوكربيرغ على أن يبقى معنا في الشركة».
وجدير بالذكر أن زوكربيرغ كان قد أعلن في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عن عزمه التبرع بـ99 في المائة من أسهمه بالشركة للعمل الخيري من خلال مبادرة تشان زوكربيرغ. ويُذكر أنه أبلغ اللجنة بأنه يعتزم بيع أو التبرع بما لا يقل عن 1 مليار دولار أميركي من رأس مال الشركة سنويا على مدار الثلاث سنوات القادمة، وبأنه يطمح إلى الإبقاء على سيطرته على تصويت الأغلبية في المستقبل.
وذكر «فيسبوك» في تقرير دوري أصدره في بداية هذا العام، أنه يهدف إلى خلق طبقة جديدة من القوائم المعلنة بدلا من الأسهم فئة (ج) غير المُؤهلة للتصويت، في حال وافقت اللجنة، فسيتم تعديل هياكل المساهمين حاملي الأسهم للفئتين (أ) و(ب).



«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
TT

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)

«المعارضة الحقيقية هي وسائل الإعلام، ومواجهتها تقتضي إغراقها بالمعلومات المفبركة والمضللة».

هذا ما قاله ستيف بانون، كبير منظّري اليمين المتطرف في الولايات المتحدة عندما كان مشرفاً على استراتيجية البيت الأبيض في بداية ولاية دونالد ترمب الأولى عام 2018.

يومذاك حدّد بانون المسار الذي سلكه ترمب للعودة إلى الرئاسة بعد حملة قادها المشرف الجديد على استراتيجيته، الملياردير إيلون ماسك، صاحب أكبر ثروة في العالم، الذي يقول لأتباعه على منصة «إكس» «X» (تويتر سابقاً): «أنتم اليوم الصحافة».

رصد نشاط بانون

في أوروبا ترصد مؤسسات الاتحاد وأجهزته منذ سنوات نشاط بانون ومراكز «البحوث» التي أنشأها في إيطاليا وبلجيكا والمجر، ودورها في صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في غالبية الدول الأعضاء، والذي بلغ ذروته في انتخابات البرلمان الأوروبي مطلع الصيف الماضي.

وتفيد تقارير متداولة بين المسؤولين الأوروبيين بأن هذه المراكز تنشط بشكل خاص على منصات التواصل الاجتماعي، وأن إيلون ماسك دخل أخيراً على خط تمويلها وتوجيه أنشطتها، وأن ثمة مخاوف من وجود صلات لهذه المراكز مع السلطات الروسية.

درع ضد التضليل

أمام هذه المخاوف تنشط المفوضية الأوروبية منذ أسابيع لوضع اللمسات الأخيرة على ما أسمته «الدرع ضد التضليل الإعلامي» الذي يضمّ حزمة من الأدوات، أبرزها شبكة من أجهزة التدقيق والتحقق الإلكترونية التي تعمل بجميع لغات الدول الأعضاء في الاتحاد، إلى جانب وحدات الإعلام والأجهزة الرقمية الاستراتيجية الموجودة، ومنها منصة «إي يو فس ديسانفو» EUvsDisinfo المتخصّصة التي انطلقت في أعقاب الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم وضمّها عام 2014. و«هي باتت عاجزة عن مواجهة الطوفان التضليلي» في أوروبا... على حد قول مسؤول رفيع في المفوضية.

الخبراء، في بروكسل، يقولون إن الاتحاد الأوروبي يواجه اليوم «موجة غير مسبوقة من التضليل الإعلامي» بلغت ذروتها إبان جائحة «كوفيد 19» عام 2020، ثم مع نشوب الحرب الروسية الواسعة النطاق ضد أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وإلى جانب الحملات الإعلامية المُضلِّلة، التي تشّنها منذ سنوات بعض الأحزاب والقوى السياسية داخلياً، تعرّضت الساحة الأوروبية لحملة شرسة ومتطورة جداً من أطراف خارجية، في طليعتها روسيا.

ومع أن استخدام التضليل الإعلامي سلاحاً في الحرب الهجينة ليس مُستجدّاً، فإن التطوّر المذهل الذي شهدته المنصّات الرقمية خلال السنوات الأخيرة وسّع دائرة نشاطه، وضاعف تداعياته على الصعيدين: الاجتماعي والسياسي.

الهدف تعميق الاستقطاب

وراهناً، تحذّر تقارير عدة وضعتها مؤسسات أوروبية من ازدياد الأنشطة التضليلية بهدف تعميق الاستقطاب وزعزعة الاستقرار في مجتمعات البلدان الأعضاء. وتركّز هذه الأنشطة، بشكل خاص، على إنكار وجود أزمة مناخية، والتحريض ضد المهاجرين والأقليات العرقية أو الدينية، وتحميلها زوراً العديد من المشاكل الأمنية.

وتلاحظ هذه التقارير أيضاً ارتفاعاً في كمية المعلومات المُضخَّمة بشأن أوكرانيا وعضويتها في حلف شمال الأطلسي «ناتو» أو انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن معلومات مضخمة حول مولدافيا والاستفتاء الذي أجري فيها حول الانضمام إلى الاتحاد، وشهد تدخلاً واسعاً من جانب روسيا والقوى الموالية لها.

ستيف بانون (آ ب)

التوسّع عالمياً

كذلك، تفيد مصادر الخبراء الأوروبيين بأن المعلومات المُضلِّلة لا تنتشر فحسب عبر وسائط التواصل الاجتماعي داخل الدول الأعضاء، بل باتت تصل إلى دائرة أوسع بكثير، وتشمل أميركا اللاتينية وأفريقيا، حيث تنفق الصين وروسيا موارد ضخمة خدمة لمصالحها وترسيخ نفوذها.

كلام فون دير لاين

وفي الكلمة التي ألقتها أخيراً أورسولا فون در لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بمناسبة الإعلان عن مشروع «الدرع» الذي ينتظر أن يستلهم نموذج وكالة «فيجينوم» الفرنسية ورديفتها السويدية «وكالة الدفاع النفسي»، قالت فون دير لاين: «إن النظام الديمقراطي الأوروبي ومؤسساته يتعرّضون لهجوم غير مسبوق يقتضي منّا حشد الموارد اللازمة لتحصينه ودرء المخاطر التي تهدّده».

وكانت الوكالتان الفرنسية والسويدية قد رصدتا، في العام الماضي، حملات تضليلية شنتها روسيا بهدف تضخيم ظهور علامات مناهضة للسامية أو حرق نسخ من القرآن الكريم. ويقول مسؤول أوروبي يشرف على قسم مكافحة التضليل الإعلامي إن ثمة وعياً متزايداً حول خطورة هذا التضليل على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، «لكنه ليس كافياً توفير أدوات الدفاع السيبراني لمواجهته، بل يجب أن تضمن الأجهزة والمؤسسات وجود إطار موثوق ودقيق لنشر المعلومات والتحقق من صحتها».

إيلون ماسك (رويترز)

حصيلة استطلاعات مقلقة

في هذه الأثناء، تفيد الاستطلاعات بأن ثلث السكان الأوروبيين «غالباً» ما يتعرضون لحملات تضليلية، خاصة في بلدان مثل اليونان والمجر وبلغاريا وإسبانيا وبولندا ورومانيا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيون. لكن المفوضية تركّز نشاطها حالياً على الحملات والتهديدات الخارجية، على اعتبار أن أجهزة الدول الأعضاء هي المعنية بمكافحة الأخطار الداخلية والسهر على ضمان استقلالية وسائل الإعلام، والكشف عن الجهات المالكة لها، منعاً لاستخدامها من أجل تحقيق أغراض سياسية.

وللعلم، كانت المفوضية الأوروبية قد نجحت، العام الماضي، في إقرار قانون يلزم المنصات الرقمية بسحب المضامين التي تشكّل تهديداً للأمن الوطني، مثل الإرهاب أو الابتزاز عن طريق نشر معلومات مضلِّلة. لكن المسؤولين في المفوضية الأوروبية يعترفون بأنهم يواجهون صعوبات في هذا المضمار؛ إذ يصعب وضع حدودٍ واضحة بين الرأي والمعلومات وحرية التعبير، وبالتالي، يضطرون للاتجاه نحو تشكيل لجان من الخبراء أو وضع برامج تتيح للجمهور والمستخدمين تبيان المعلومات المزوَّرة أو المضلِّلة.