قوات النخبة الأميركية تطلب تصنيع بنادق «كلاشنيكوف» في الولايات المتحدة

أسلحة اعتاد حلفاؤها استخدامها في القتال

قوات النخبة الأميركية تطلب تصنيع بنادق «كلاشنيكوف» في الولايات المتحدة
TT

قوات النخبة الأميركية تطلب تصنيع بنادق «كلاشنيكوف» في الولايات المتحدة

قوات النخبة الأميركية تطلب تصنيع بنادق «كلاشنيكوف» في الولايات المتحدة

تدرس قيادة العمليات الخاصة المكلفة الإشراف على عناصر قوات النخبة الأميركية إمكانية قيام المصانع الأميركية بإنتاج البندقية الآلية الهجومية روسية التصميم «إيه كي 47 إس»، الأكثر انتشارا في مناطق الحروب.
كانت قيادة العمليات الخاصة قد نشرت إعلانا الشهر الماضي على أحد المواقع الحكومية الفيدرالية تطلب فيه توريد أسلحة «غير قياسية»، وفي أبريل (نيسان) الماضي، نشرت القيادة إعلانا مشابها تطلب فيه ذخيرة «غير قياسية»، ويشير تعبير «غير قياسية» هنا إلى الأسلحة غير المستخدمة بدرجة كبيرة في الولايات المتحدة أو في جيوش حلفائها في حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وقال مات ألان، قائد سلاح البحرية والمتحدث باسم قيادة العمليات الخاصة، في رسالة بالبريد الإلكتروني: «نحاول عن طريق هذا الإعلان استكشاف قدرات وإمكانات القاعدة الصناعية في الولايات المتحدة لإنتاج أنواع من الأسلحة يستخدمها كثير من شركائنا». يشمل إعلان قيادة العمليات الخاصة أسلحة مثل البندقية الشهيرة «إيه كي 47 إس» التي تشمل جميع خوص بنادق كلاشنيكوف المتنوعة والمصممة لإطلاق نوع معين من الذخيرة والتي تتميز في الغالب بخزانتها المقوسة. تشمل باقي الأسلحة التي تضمنها الإعلان بندقية القناصة «إس في دي» التي قتلت آلافا من الجنود الأميركيين منذ ظهورها في السنوات الأولي من الحرب في فيتنام، بالإضافة إلى البنادق الروسية الآلية المتوسطة والثقيلة، ومدافع الطائرات عيار 14.4 مللي.
ورغم أن الولايات المتحدة أرسلت أسلحة أميركية الصنع للجيش الأفغاني وقوات الأمن العراقية، فإن وجود الأسلحة الأميركية في أيد أجنبية يعد مشكلة كبيرة؛ إذ جرى مؤخرا رصد مجموعات مدعومة من الولايات المتحدة مسلحة بأسلحة أميركية، منها بنادق آلية ثقيلة وبنادق قناصة. فعلى الرغم من دقتها مقارنة بنظيرتها من الأسلحة سوفياتية التصميم، فإن من الممكن لتلك الأسلحة أن تجعل من المقاتلين الذين يحملونها أهدافا لغيرهم من القوات. وبسبب صعوبة صيانة الأسلحة الأميركية، تضطر قيادة العمليات الخاصة ووكالة الاستخبارات الأميركية إلى تدبير وتوفير أسلحة اعتاد حلفاؤها على استخدامها في القتال مثل بندقية «كلاشنيكوف». وفي سبيل ذلك، غالبا ما تتعاقد الحكومة الأميركية مع شركات صغيرة لشراء وشحن تلك الأسلحة.
عام 2015، كشف موقع شركة «بزفيد» للإعلام الإلكتروني عن توقيع عقد بقيمة 28 مليون دولار أميركي مع شركة باسم «بربل شوفيل» لتتولى إرسال الأسلحة للثوار السوريين الذين تدعمهم الولايات المتحدة. قابل العقد عددا ضخما من المشكلات بعدما قامت شركة بلغارية بإرسال شحنة قنابل وقذائف صاروخية اشتملت على كثير من العيوب إلى مقر قيادة العمليات الخاصة، وفق موقع «بزفيد» الإلكتروني.
وبحسب المتحدث باسم قيادة العمليات الخاصة، فإن وجود مورد أميركي لتلك الأسلحة سيكون «استخداما مثاليا لأموال دافعي الضرائب، وفي الوقت نفسه سنساعد شركاءنا في قتالهم للمتطرفين عن طريق مدهم بأنواع من الأسلحة يجيدون استخدامها وإصلاحها وصيانتها».وسيساعد إنتاج تلك الأسلحة في الولايات المتحدة الحكومة على التحكم في تصنيع وتوزيع تلك الأسلحة.
وأفاد مات شرودر، كبير الباحثين لدى مجموعة «سمول آرمي سيرفي» البحثية، ومقرها جنيف، بأن «تصنيع تلك الأسلحة هنا سوف يسهل من نقلها ومراقبتها وسيمنع أي خطط طارئة مثل تلك التي رأيناها في السابق».
غير أن شراء تلك الأسلحة من أماكن أخرى لا يزال أقل تكلفة؛ إذ إن إنتاج بنادق آلية من طراز «ميخائيل كلاشنيكوف» الشهيرة، يجرى في العشرات من الدول أثناء وبعد الحرب الباردة. قبل انهيار الاتحاد السوفياتي، كان تصميم تلك البندقية يجري توزيعه في دول الكتلة الشرقية بغرض التصنيع، بيد أنه السنوات الأخيرة سعت جهة التصنيع الرئيسية في روسيا لتضييق الخناق على منتهكي حقوق الملكية.

* خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ«الشرق الأوسط»



موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».