رغم الخسائر المتوالية.. الميليشيات تواصل حشد تعزيزاتها قرب البيضاء ولحج وشبوة

وفاة 17 شخصًا وإصابة المئات بحمى الضنك في بيحان

مقاتلون من قوات الشرعية يتأهبون للتقدم في منطقة كرش بمحافظة لحج («الشرق الأوسط»)
مقاتلون من قوات الشرعية يتأهبون للتقدم في منطقة كرش بمحافظة لحج («الشرق الأوسط»)
TT

رغم الخسائر المتوالية.. الميليشيات تواصل حشد تعزيزاتها قرب البيضاء ولحج وشبوة

مقاتلون من قوات الشرعية يتأهبون للتقدم في منطقة كرش بمحافظة لحج («الشرق الأوسط»)
مقاتلون من قوات الشرعية يتأهبون للتقدم في منطقة كرش بمحافظة لحج («الشرق الأوسط»)

رغم فشلها في تحقيق أي تقدم لها بين محافظتي لحج وتعز، تواصل ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح حشد تعزيزاتها العسكرية ناحية مناطق كرش والمضاربة ورأس العارة بمحافظة لحج الجنوبية التي تضم أكبر قاعدة جوية بالبلاد وممر الملاحة الدولية باب المندب.
وأكد القيادي في القوات الشرعية عبد ربه المحولي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن المواجهات مع الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع صالح مستمرة في مديرية المضاربة ومناطق رأس العارة والصبيحة الرابطة بين محافظتي لحج وتعز.
وأردف القيادي المحولي: «رغم التعزيزات العسكرية المتواصلة والكبيرة للميليشيات ناحية مناطق لحج فإنه لا يوجد أي تقدم للميليشيات ناحية مناطق الصبيحة»، مشيرًا إلى أن المضاربة ورأس العارة ومناطق الصبيحة بلحج محمية برجالها، وهي خط أحمر على من يفكر العبور فيها والتقدم نحوها رغم شح الدعم لدى قوات الشرعية هناك مقارنة مع الميليشيات.
وعن الوضع الإنساني والحياة اليومية للمواطنين في مناطق التماس النار هناك، أوضح القيادي في قوات الشرعية في المضاربة ورأس العارة عبد ربه المحولي أن الوضع الإنساني سيئ جدًا، بسب الحصار الخانق على المناطق السكانية هناك، وكذلك شح المياه وانعدام الوقود والدواء والغذاء، على حد تعبيره.
وناشد المحولي المنظمات الدولية الإغاثية والإنسانية ومركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية والهلال الأحمر الإماراتي لتقديم الدعم الإنساني للسكان المحليين بتلك المناطق الذين يعيشون أوضاعًا إنسانية غاية في الصعوبة، بسب امتداد الحرب وتواصل اشتداد المعارك في تلك المناطق لأكثر من عام، واستمرار تزايد موجة النزوح بسب القصف العشوائي للميليشيات على القرى والمناطق المأهولة بالسكان.
فيما أوضح الناطق الرسمي باسم قوات الشرعية بمحافظة لحج رمزي الشعيبي أن المواجهات مستمرة بشكل يومي مع الميليشيات في مناطق كرش ورأس العارة والمضاربة وباب المندب والشريط الساحلي في الصبيحة، في ظل استمرار ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح في حشد قواتها، في محاولة منها لاستغلال شهر رمضان وتحقيق أي موطئ قدم لها ناحية مناطق لحج الجنوبية مع تعز.
وقال الشعيبي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن المعارك تتمركز في المناطق السابقة بكرش بين محافظتي لحج وتعز، مشيرًا إلى أن قوات الجيش الوطني تفرض كامل سيطرتها على المناطق بكرش، فيما تفرض قوات الشرعية وقبائل الصبيحة كامل سيطرتها على مناطق الشريط ورأس العارة والمضاربة، لافتًا إلى أن الميليشيات لا تحترم أي اتفاقيات لوقف النار خصوصًا في هذا الشهر الكريم، مضيفًا أن هذه ميليشيات لا تجد سوى القتل والإجرام والدمار، على حد قوله. وفي محافظة البيضاء جنوب شرقي صنعاء، تواصل ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح حشد تعزيزاتها إلى مناطق قيفة رداع وذي ناعم والزاهر بعد فشلها في تنفيذ عملية التفاف للتوغل في تلك المناطق مستخدمة القصف العشوائي العنيف بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة والمتوسطة.
وقال العميد حسين العمري إن الميليشيات تواصل خروقاتها للهدنة في محافظة البيضاء دون أي اعتبارات لحرمة الشهر الفضيل، لافتًا إلى أن الميليشيات تواصل قصفها العشوائي باستهداف القرى والمناطق السكانية في الجعار وسوداء غراب وغول السفل والحبج ولأجردي والزاهر والعذيبة، مؤكدًا استخدام الميليشيات في قصفها لأسلحة محرمة دوليًا.
وأشار في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الميليشيات عمدت في قصفها العشوائي للمناطق بمدفعية الدبابات وبي إم بي والأسلحة الثقيلة، وذلك أثناء أداء المصلين صلاة التراويح، مشيرًا إلى أن المواجهات مستمرة مع الميليشيات بشكل متقطع في الزاهر وذي ناعم وغيرها من جبهات محافظات البيضاء رغم الفروق في العتاد والتسليح بين قوات الشرعية الانقلابية التي تمتلك عتادًا عسكريًا كبيرًا ومهولاً.
وعن الوضع الإنساني في البيضاء، قال العميد العمري إن سكان المحافظة البالغ عددهم 700 ألف مواطن يعانون أوضاعًا إنسانية سيئة جدًا، وإن موجة نزوح لكثير من السكان المحليين ما زالت مستمرة، حيث بلغ عدد النازحين أكثر من 130 ألف نازح بسب الحصار الخانق الذي تفرضه الميليشيات الانقلابية على المحافظة منذ عام ونيف من الحرب الظالمة التي تشهدها البلاد.
ولفت العمري إلى ارتفاع جنوني في أسعار السلع الغذائية بالبيضاء، وذلك يعود لما قال إنه ارتفاع سعر العملات، وعدم وصول أي مساعدات إنسانية للمحافظة، وتوقف صرف المرتبات للموظفين من أبناء البيضاء، وتوقف المساعدات الحكومية، والتلاعب في صرف مساعدات بعض المنظمات، داعيًا المنظمات الإغاثية الدولية إلى إنقاذ محافظة البيضاء من كارثة إنسانية وشيكة.
وفي مديريات بيحان «عسيلان، وعين، العلياء» شرق محافظة شبوة، ما زالت المواجهات محتدمة بين ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح من جهة، وقوات الجيش الوطني وقوات الشرعية من جهة أخرى، حيث تتركز المعارك بشكل متقطع في مناطق حريب والمواقع الحدودية السابقة بين محافظتي مأرب والبيضاء مع شبوة، في ظل تواصل الميليشيات حشد تعزيزاتها العسكرية عن طريق البيضاء.
وعلى صعيد الوضع الإنساني في مديريات بيحان، ما زالت الميليشيات تفرض حصارًا خانقًا على المناطق والسكان المحليين في ظل ارتفاع حالات الإصابة والوفاة في صفوف المواطنين بسب انتشار وباء حمى الضنك الفتاك من أسابيع، وبسبب منع الميليشيات دخول الأدوية إلى المنطقة، وسط استمرار المواجهات وتعمد ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح بشن قصف عشوائي عنيف على القرى، مما تسبب بموجة نزوح كبير بين أوساط المواطنين في مدن ومناطق بيحان.
وقال الدكتور صلاح السيد مدير مستشفى الدفيعة ورئيس غرفة عمليات مكافحة الضنك، إن وباء حمى الضنك يجتاح المدينة منذ أسابيع، في ظل حصار خانق تفرضه الميليشيات على بيحان ونقص في الأدوية والمغذيات الوريدية، حيث بلغت حالات الإصابة في الضنك أكثر من 1293 حالة إصابة و17 حالة وفاة و52 حالة نزفية، وفقًا لآخر إحصائيات الأمس.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.