عزيزتي بريطانيا.. لا تتركينا وحيدين

عزيزتي بريطانيا.. لا تتركينا وحيدين
TT

عزيزتي بريطانيا.. لا تتركينا وحيدين

عزيزتي بريطانيا.. لا تتركينا وحيدين

مصير أوروبا، والعالم أيضًا إلى حد كبير، على المحك، فخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيشكل ربما الحدث الأبرز في تاريخ أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. قد يبدو هذا الكلام مبالغًا فيه، ولكن على المدى البعيد، فإن تداعيات هذا الخروج، إذا تحقق، كما تشير آخر الاستفتاءات، ستعيد صياغة أوروبا من جديد، وتحيي مفهوم «الدولة - الأمة»، الذي ترسخ في القرن التاسع عشر، وحتى حقبة متأخرة من القرن الماضي، متسببًا بالحرب العالمية الأولى، ثم صعود النازية والفاشية، الذي قاد إلى حرب كونية أخرى.
قد يكون حديث كاميرون، رئيس الوزراء البريطاني عن نشوب حرب عالمية ثالثة إذا تفكك الاتحاد الأوروبي مبالغًا فيه، ولكن شبح هذه الحرب سيطل من جديد، وإن بملامح مختلفة. فمن السطح، تبدو مطالب اليمين المتشدد بالخروج من الاتحاد الأوروبي متعلقة بـ«المصالح الوطنية»، التي تهددها الهجرة، والعمالة الوافدة، وخصوصًا من بلدان أوروبا الشرقية، وإساءة استخدام الضمان الاجتماعي، والرعاية الصحية المجانية، ولكن في العمق، هناك الآيديولوجيا اليمينية الانغلاقية، التي قادت لكل الكوارث في أوروبا ما بعد الحرب، والتي تنبعث الآن من جديد في أكثر من مكان، منذرة بتصادم ثقافي عملت البشرية طويلاً من أجل تحويل مساره المدمر إلى حوار إنساني بين الثقافات والشعوب، بغض النظر عن العرق واللون والوطنية الضيقة، زاد النازية وحطبها.
إنه خطاب ديماغوغي، يفتقر إلى الحقائق، بل يقلبها في حملة جند لها كل ما يملك. وجوهر هذا الخطاب على الرغم من تزويقه هو الانعزالية، والتعصب، والعداء للآخر، ليس خارج حدود هذه الدولة أو تلك بل في الداخل أيضًا. ستتحمل الأقليات مسؤولية الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، التي هي بالأساس نتاج سياسات الحكومات اليمينية نفسها. وتتناسى هذه الحكومات، كما فعلت دائمًا في الماضي، أن هذه «الأقليات» كفت عن أن تكون كذلك، خصوصًا منذ الجيلين الثاني والثالث، وأنها صارت جزءًا من المجتمعات التي ساهمت في رفد ودفع اقتصادها منذ الحرب العالمية الثانية في الأقل، بأقل الأثمان.
اليمين المتشدد يتقدم في أوروبا، وإذا ما نجح ترامب في أميركا، سيتخلل أكثر التوازن في العالم، أكثر مما كان عليه أثناء الحرب الباردة التي كانت بين معسكرين. هذه المرة ستكون معركة اليمين المتعصب، الذي يريد أن ينسف النضال التاريخي من أجل أخوة بشرية ترتفع فوق الحدود القومية، ضد العالم كله.
لا شيء أبغض من التعصب القومي والديني والطائفي. وهذا التعصب هو الذي أنتج كل الكوارث في التاريخ، وأعاق تقدم البشرية قرونًا. وإعادة إنتاجه في العصر الذي نعيش، في التطور التكنولوجي والمعلوماتي الهائل، تكشف لنا عن حقيقة لا نريد كما يبدو أن نعترف بها، وهي أن الوعي الإنساني، هذا الذي حفر فيه الفلاسفة والمفكرون والشعراء طويلاً، لم يتقدم كثيرًا، أو في الأقل فإنه لم يشكل بعد كما ينبغي ليواكب المتغيرات الكبرى في الواقع الذي نعيش. هل نعيش انفصامًا كبيرًا بين ما نريد ويريد الواقع؟ ومن يشكل هذا الواقع في نهاية المطاف؟ مجموعة من الجهلاء المتخلفين، المتعصبين عن جهل، المتكلسين باسم آيديولوجيا لا يعرفون ماذا تعني، واليسار العالمي الذي يقف متفرجًا، ولا يعرف ماذا يفعل منذ سقوط الاتحاد السوفياتي، وتهاوي نظريات «العلماء السوفيات». نعتقد أن أوروبا، ومعها العالم، على مفترق طرق خطير. قد تنتج عنه متغيرات كبرى على مستوى الوعي الأوروبي في نظرته لنفسه، وإلى العالم.
خروج بريطانيا، قلب أوروبا اقتصاديًا وثقافيًا، سيعيدها إلى جزر معزولة عن محيطها، وسيقوي النزعات القومية الضيقة في أوروبا.. والعالم أيضًا. وإدراكًا لهذا الخطر المحتمل، وجه كتاب وفنانون من كل أنحاء أوروبا رسائل مؤثرة نشرها الملحق الأدبي لجريدة «الغارديان» البريطانية في 4 يونيو (حزيران) الحالي تحت عنوان «عزيزتي بريطانيا» يدعون فيها هذا البلد، الذي عرف طوال التاريخ باعتداله وتسامحه واحتضانه المنفيين والمهجرين، إلى البقاء داخل القارة، وعدم تركهم وحيدين أمام زحف اليمين المتطرف، المتوحش، العدو الأول للأخوة البشرية، وللديمقراطية أيضًا.



غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر
TT

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

تشهد منطقة الباحة، جنوب السعودية، انطلاقة الملتقى الأول للأدب الساخر، الذي يبدأ في الفترة من 22-24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وينظمه نادي الباحة الأدبي.

وأوضح رئيس النادي، الشاعر حسن الزهراني، أن محاور الملتقى تتناول «الأدب الساخر: المفهوم، والدلالات، والمصادر»، و«الاتجاهات الموضوعية للأدب الساخر، والخصائص الفنية للأدب الساخر في المملكة»، وكذلك «مستويات التأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظيراتها العربية»، و«حضور الأدب الساخر في الصحافة المحلية قديماً وحديثاً»، و«أثر القوالب التقنية الحديثة ومواقع التواصل في نشوء أشكال جديدة من الأدب الساخر محلياً»، و«سيميائية الصورة الصامتة في الكاريكاتير الساخر محلياً».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وشارك في صياغة محاور الملتقى لجنة استشارية تضم: الدكتور عبد الله الحيدري، والدكتور ماهر الرحيلي، والقاص محمد الراشدي، ورسام الكاريكاتير أيمن يعن الله الغامدي.

وكشف الزهراني أن النادي تلقى ما يزيد على 40 موضوعاً للمشاركة في الملتقى، وأقرت اللجنة 27 بحثاً تشمل؛ ورقة للدكتورة دلال بندر، بعنوان «حمزة شحاتة... الأديب الجاد ساخراً»، والدكتور محمد الخضير، بعنوان «الخصائص الفنية في الأدب الساخر عند حسن السبع في ديوانه ركلات ترجيح - دراسة بلاغية نقدية»، والدكتور صالح الحربي، بعنوان «المجنون ناقداً... النقد الأدبي في عصفورية القصيبي»، والدكتور عادل خميس الزهراني، بعنوان «الصياد في كمينه: صورة الحكيم في النكت الشعبية بمواقع التواصل الاجتماعي»، والدكتور حسن مشهور، بعنوان «الكتابة الساخرة وامتداداتها الأدبية... انتقال الأثر من عمومية الثقافة لخصوصيتها السعودية»، والدكتورة بسمة القثامي، بعنوان «السخرية في السيرة الذاتية السعودية»، والدكتورة كوثر القاضي، بعنوان «الشعر الحلمنتيشي: النشأة الحجازية وتطور المفهوم عند ابن البلد: أحمد قنديل»، والدكتور يوسف العارف، بعنوان «الأدب الساخر في المقالة الصحفية السعودية... الكاتبة ريهام زامكة أنموذجاً»، والدكتور سعد الرفاعي، بعنوان «المقالة الساخرة في الصحافة السعودية... الحربي الرطيان والسحيمي نموذجاً»، والدكتور عمر المحمود، بعنوان «الأدب الساخر: بين التباس المصطلح وخصوصية التوظيف»، والدكتور ماجد الزهراني، بعنوان «المبدع ساخراً من النقاد... المسكوت عنه في السرد السعودي»، والمسرحي محمد ربيع الغامدي، بعنوان «تقييد أوابد السخرية كتاب: حدثتني سعدى عن رفعة مثالاً»، والدكتورة سميرة الزهراني، بعنوان «الأدب الساخر بين النقد والكتابة الإبداعية... محمد الراشدي أنموذجاً». والدكتور سلطان الخرعان، بعنوان «ملخص خطاب السخرية عند غازي القصيبي: رؤية سردية»، والدكتور محمد علي الزهراني، بعنوان «انفتاح الدلالة السيميائية للصورة الساخرة... الرسم الكاريكاتوري المصاحب لكوفيد-19 نموذجاً»، والكاتب نايف كريري، بعنوان «حضور الأدب الساخر في كتابات علي العمير الصحافية»، والدكتور عبد الله إبراهيم الزهراني، بعنوان «توظيف المثل في مقالات مشعل السديري الساخرة»، والكاتب مشعل الحارثي، بعنوان «الوجه الساخر لغازي القصيبي»، والكاتبة أمل المنتشري، بعنوان «موضوعات المقالة الساخرة وتقنياتها عند غازي القصيبي»، والدكتور معجب الزهراني، بعنوان «الجنون حجاباً وخطاباً: قراءة في رواية العصفورية لغازي القصيبي»، والدكتور محمد سالم الغامدي، بعنوان «مستويات الأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظرياتها العربية»، والدكتورة هند المطيري، بعنوان «السخرية في إخوانيات الأدباء والوزراء السعوديين: نماذج مختارة»، والدكتور صالح معيض الغامدي، بعنوان «السخرية وسيلة للنقد الاجتماعي في مقامات محمد علي قرامي»، والدكتور فهد الشريف بعنوان «أحمد العرفج... ساخر زمانه»، والدكتور عبد الله الحيدري، بعنوان «حسين سرحان (1332-1413هـ) ساخراً»، ويقدم الرسام أيمن الغامدي ورقة بعنوان «فن الكاريكاتير»، والدكتور يحيى عبد الهادي العبد اللطيف، بعنوان «مفهوم السخرية وتمثلها في الأجناس الأدبية».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وخصص نادي الباحة الأدبي جلسة شهادات للمبدعين في هذا المجال، وهما الكاتبان محمد الراشدي، وعلي الرباعي، وأعدّ فيلماً مرئياً عن رسوم الكاريكاتير الساخرة.

ولفت إلى تدشين النادي 4 كتب تمت طباعتها بشكل خاص للملتقى، وهي: «معجم الأدباء السعوديين»، للدكتورين عبد الله الحيدري وماهر الرحيلي، وكتاب «سامحونا... مقالات سعد الثوعي الساخرة»، للشاعرة خديجة السيد، وكتاب «السخرية في أدب علي العمير» للدكتور مرعي الوادعي، و«السخرية في روايات غازي القصيبي» للباحثة أسماء محمد صالح.