خليفة: من واجب الكتابة المساهمة في كسر التابوهات والاشتباك مع المفاهيم الثابتة

يرى أن المشهد السوري في غاية السوء ويخشى من حرب طويلة

خالد خليفة
خالد خليفة
TT

خليفة: من واجب الكتابة المساهمة في كسر التابوهات والاشتباك مع المفاهيم الثابتة

خالد خليفة
خالد خليفة

برز اسم الروائي السوري خالد خليفة مع صدور روايته الثالثة «مديح الكراهية» (2006) التي عالجت قضية القمع السياسي والديني في سوريا وترجمت إلى الكثير من اللغات الأوروبية كالإنجليزية والفرنسية والإيطالية والإسبانية.
أما روايته الرابعة «لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة» (2013، دار العين) فقد حصلت على جائزة ميدالية نجيب محفوظ للأدب عام 2013 التي تقدمها الجامعة الأميركية في القاهرة، وكانت ثاني عمل له يصل إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) بعد «مديح الكراهية».
«لا سكاكين» عمل روائي يوثق «العار السوري ومشتقاته» من خلال رصد واقع مدينة حلب، مسقط رأس الكاتب، ويتتبع مصائر أفراد عائلة حلبية منذ منتصف الستينات إلى بداية الألفية الثالثة. هنا حوار معه:
* يقول الراوي في «لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة»: «حلب مكان زائل كما النسيان، كل ما سيبقى من صورها الرئيسية أكذوبة نعيد اختراعها كل يوم كي لا نموت». خالد خليفة أنت عشت جزءا كبيرا من حياتك في دمشق فلماذا اخترت حلب مسرحا لأحداث روايتك؟
- عشت نصف عمري في حلب والنصف الآخر في دمشق، لكن حلب لم تنته بالنسبة لي كمكان مفضل للكتابة عنه، لا أدري السر أو لا أستطيع شرحه، خاصة أنني ما زلت قادرا على الكتابة عنه مرة أخرى، ولا أدري متى سأكتب عن دمشق لكنني قد لا أفعل ذلك مطلقا وأبقى أسير حلب.
* يمتد الفضاء الزمني للرواية بين عامي 1963 و2005. لماذا اخترت هذه الفترة بالذات وإلى أي مدى ساهمت في تشكيل الوعي السوري؟
- هذه السنوات هي ما صنعت سوريا التي عشناها، أو التي عاشها أبناء جيلنا وهي التي تغيرت فيها أحلام السوريين كثيرا من الرغبة في بناء بلد ديمقراطي معاصر ومنفتح على كل الثقافات المحلية والعالمية إلى بلد مغلق، مقموع ومحكوم بثقافة الحزب الواحد وآيديولوجيته المنافقة.
* في رحلة البحث عن الذات تنتقل «سوسن» من حياة المجون وكتابة التقارير الكيدية بزميلاتها إلى التشدد الديني والكبت. كذلك الأمر بالنسبة لشقيقها «رشيد» الموسيقي الذي «استبدل قدود حلب العريقة بموالد دينية». حدثنا عن هذه التقلبات اللامتناهية التي تعصف بشخصيات العمل.
- عموما أنا لا أتدخل كثيرا في مصائر شخصياتي في فترة معينة من الكتابة، ولا أستطيع شرح مصائر شخصياتي، وأعتقد بأنها قادرة على تبرير أفعالها دوما، لكنني أعتقد بأن الإنسان في كل تجلياته ما زال قادرا على مفاجأتنا بتغييراته المعقدة ودور الرواية أن تلتقط هذه التغييرات التراجيدية دوما، بمعنى آخر هذه التغييرات والحفر في الذات الإنسانية الموضوع المفضل للرواية.
* شخصية «الرفيق فواز» التي تتقن «تمجيد القائد» والهتاف له مع الجماهير شخصية مثيرة للاهتمام وتعبّر عن شريحة لا بأس بها في المجتمع السوري. لماذا همشت هذه الشخصية؟
- لم أهمشها، أدت دورها وانتهت ولا داعي لإنعاش شخصية تريد أن تتوقف عن النمو والحياة. هي شخصية نمطية ولا يعني كثرة أشباهها أنها مهمة وتستحق مساحة أكبر، وعموما أنا لا أحب الكتابة عن الشخصيات الجمعية، أحب العمل على الشخصيات الفريدة القادرة على الحياة والتحول، إنها أقرب إلى الإنسان في تجلياته السرية الغامضة.
* أربعة من فصول الرواية الخمسة تفتتح بالحديث عن موت الأم التي «تتشكى من نقص في الأكسجين». رغم ابتعادها عن الخط الروائي تجسد الأم خلفية للأحداث وذلك من خلال حديثها المتواصل لأبنائها عن «الزمن الجميل حيث الخس أكثر طراوة والنساء أكثر أنوثة». لماذا اخترت شخصية الأم بالذات؟
- حقيقة لا أعرف وأنا ما زلت أفكر هل كان هذا الخيار جيدا أم أنني أغفلت خيارات أفضل لسرد روايتي وقصة هذه العائلة والمدينة والبلد.
* يتميز سردك بسلاسة متدفقة ولغة شعرية تضفي على الواقع المأساوي للعمل مسحة جمالية (كما في حديث الراوي عن شقيقته سعاد وهي «تقود قطارا طويلا محملا بمجموعة طيور دون أجنحة، مناقيرهم طويلة، ينشدون لها أناشيد تستعذبها، شعرها أبيض وطويل، تنظر إلى الأمام مبتسمة، ملاك لا يراه أحد»). ألا تعتقد أن ذلك غريب بالنسبة لرواية تتحدث عن «العار ومشتقاته في الحياة السورية»؟
- أين الغرابة في هذا؟ اللغة بالنسبة لي جزء من مشروعي كروائي، ولا أعتقد بأننا نمتلك لغات خاصة لكل فعل، كأن نقول بأننا إذا أردنا الحديث عن العار يجب أن تكون اللغة تقريرية أو تبتعد عن الشعرية، ما زلت مولعا باللعب مع اللغة.
* عادة ما ينتظر الأدباء مدة معينة قبل الكتابة عن الأحداث الكبيرة والمؤثرة خشية الوقوع في مطب السرد التاريخي المؤدلج على حساب العنصر الدرامي. إلى أي مدى شغلك هذا السؤال أثناء الكتابة وكيف سعيت إلى تحقيق التوازن بين السياسي والفني؟
- أعتقد بأنني انتظرت طويلا لأكتب عن الحياة السورية في ظل حكم الحزب الواحد، كما انتظر السوريون كثيرا ليقولوا رأيهم بأنهم غير سعداء ويحلمون بالتغيير والعدالة.
* تتحدث في «لا سكاكين» عن العلاقة الإشكالية بين الريف والمدينة. أنت كابن الريف السوري برأيك إلى أي حد ساهمت الأحداث الأخيرة في البلاد في التقريب بين الطرفين؟
- لم تكن الفجوة بين الريف والمدينة هي المشكلة الرئيسية لكن محاولة تدمير المدينة كمفهوم وطريقة حياة وليس المدينة كمكان هو ما سعى إليه النظام عبر العقود الماضية، هنا لا سينما ولا مسرح ولا متاحف ولا جرائد، وبعد كل هذا ماذا يبقى من المدينة؟
* منذ صدور «مديح الكراهية» (2006) ارتبط اسم خالد خليفة بكسر التابوهات السياسية وحتى الدينية. كيف كان تعامل السلطات معك، خصوصا أنك ما زلت تقيم في دمشق؟ وهل كتبك متوفرة للقارئ السوري؟
- من واجب الكتابة أن تساهم في كسر التابوهات والاشتباك مع المفاهيم الثابتة والمتخلفة، لذلك لم أقم سوى بواجبي في الكتابة. أما عن تعامل السلطات معي لم تكترث وجرى الاكتفاء بمنع الكتب وأحيانا منعي من السفر ولكن كل هذه الأشياء لا أكترث لها.
* كمواطن في الداخل السوري ما هو تقييم خالد خليفة للمشهد السياسي في سوريا اليوم؟ وهل ما زال هناك أمل بانفراج الأحوال؟
- المشهد في غاية السوء ويجب إيجاد حل سياسي قبل الذهاب في حرب طويلة الأمد لن تترك أي شيء من سوريا، وسيخسر فيها جميع الأطراف ولكن للأسف القرار لم يعد سوريا وهذا إحساس أغلبية السوريين الصابرين الذين ما زالوا متمسكين بالعيش في الداخل السوري.
* ماذا يعني لك وصول رابع رواياتك إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر)؟ وهل كنت تتوقع ذلك؟
- تمنيت ولم أتوقع أن تكون روايتي في هذه القائمة، وأنا ذهبت بطواعية للمنافسة على هذه الجائزة، في النهاية إنه خبر سعيد بالنسبة لي ولأصدقائي وللرواية السورية.



مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يناقش «النقد الفلسفي» وتشكيل المستقبل

الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)
الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)
TT

مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يناقش «النقد الفلسفي» وتشكيل المستقبل

الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)
الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)

تحت عنوان «النقد الفلسفي» انطلقت صباح اليوم، فعاليات مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة بدورته الرابعة، الذي يقام بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة، وذلك بمقر بيت الفلسفة بالإمارة، برعاية الشيخ محمد بن حمد الشرقي، ولي عهد الفجيرة.

ومؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة، هو أول مؤتمر من نوعه في العالم العربي ويشارك فيه سنوياً نخبة من الفلاسفة البارزين من مختلف أنحاء العالم، ويحمل المؤتمر هذا العام عنوان «النقد الفلسفي».

وتهدف دورة هذا العام إلى دراسة مفهوم «النقد الفلسفي»، من خلال طرح مجموعة من التساؤلات والإشكاليات حوله، بدءاً من تعريف هذا النوع من النقد، وسبل تطبيقه في مجالات متنوعة مثل الفلسفة والأدب والعلوم.

ويتناول المؤتمر العلاقة بين النقد الفلسفي وواقعنا المعيش في عصر الثورة «التكنوإلكترونية»، وأثر هذا النقد في تطور الفكر المعاصر.

الدكتور عبد الله الغذامي (تصوير: ميرزا الخويلدي)

ويسعى المتحدثون من خلال هذا الحدث إلى تقديم رؤى نقدية بناءة جديدة حول دور الفلسفة في العصر الحديث ومناقشة مجموعة من الموضوعات المتنوعة، تشمل علاقة النقد الفلسفي بالتاريخ الفلسفي وتأثيره في النقد الأدبي والمعرفي والعلمي والتاريخي ومفاهيم مثل «نقد النقد» وتعليم التفكير النقدي، إلى جانب استكشاف جذور هذا النقد وربطه ببدايات التفلسف.

وتسعى دورة المؤتمر لهذا العام لأن تصبح منصة غنية للمفكرين والفلاسفة لتبادل الأفكار، وتوسيع آفاق النقاش، حول دور الفلسفة في تشكيل المستقبل.

ويأتي المؤتمر في ظل الاحتفال بـ«اليوم العالمي للفلسفة» الذي يصادف الخميس 21 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام، والذي أعلن من قبل «اليونيسكو»، ويحتفل به كل ثالث يوم خميس من شهر نوفمبر، وتم الاحتفال به لأول مرة في 21 نوفمبر 2002.

أجندة المؤتمر

وعلى مدى ثلاثة أيام، تضم أجندة مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة؛ عدداً من الندوات والمحاضرات وجلسات الحوار؛ حيث افتتح اليوم بكلمة للدكتور أحمد البرقاوي، عميد بيت الفلسفة، وكلمة لأمين عام الاتحاد الدولي للجمعيات الفلسفية.

وتتضمن أجندة اليوم الأول 4 جلسات: ضمت «الجلسة الأولى» محاضرة للدكتور أحمد البرقاوي، بعنوان: «ماهيّة النّقد الفلسفيّ»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الغذامي، بعنوان: «النقد الثقافي»، وترأس الجلسة الدكتور سليمان الهتلان.

كما ضمت الجلسة الثانية، محاضرة للدكتور فتحي التريكي، بعنوان: «النقد في الفلسفة الشريدة»، ومحاضرة للدكتور محمد محجوب، بعنوان: «ماذا يُمكنني أن أنقد؟»، ومحاضرة ثالثة للدكتور أحمد ماضي، بعنوان: «الفلسفة العربية المعاصرة: قراءة نقدية»، وترأس الجلسة الدكتور حسن حماد.

أمّا الجلسة الثالثة، فضمت محاضرة للدكتور مشهد العلّاف، بعنوان: «الإبستيمولوجيا ونقد المعرفة العلميّة»، ومحاضرة للدكتورة كريستينا بوساكوفا، بعنوان: «الخطاب النقدي لهاريس - نقد النقد»، ومحاضرة للدكتورة ستيلا فيلارميا، بعنوان: «فلسفة الولادة - محاولة نقدية»، وترأس الجلسة: الدكتور فيليب دورستيويتز.

كما تضم الجلسة الرابعة، محاضرة للدكتور علي الحسن، بعنوان: «نقد البنيوية للتاريخانيّة»، ومحاضرة للدكتور علي الكعبي، بعنوان: «تعليم الوعي النقدي»، ويرأس الجلسة: الدكتور أنور مغيث.

كما تضم أجندة اليوم الأول جلسات للنقاش وتوقيع كتاب «تجليات الفلسفة الكانطية في فكر نيتشه» للدكتور باسل الزين، وتوقيع كتاب «الفلسفة كما تتصورها اليونيسكو» للدكتور المهدي مستقيم.

الدكتور أحمد البرقاوي عميد بيت الفلسفة (تصوير: ميرزا الخويلدي)

ويتكون برنامج اليوم الثاني للمؤتمر (الجمعة 22 نوفمبر 2024) من ثلاث جلسات، تضم الجلسة الأولى محاضرة للدكتورة مريم الهاشمي، بعنوان: «الأساس الفلسفي للنقد الأدبيّ»، ومحاضرة للدكتور سليمان الضاهر، بعنوان: «النقد وبداية التفلسف»، ويرأس الجلسة: الدكتورة دعاء خليل.

وتضم الجلسة الثانية، محاضرة للدكتور عبد الله المطيري، بعنوان: «الإنصات بوصفه شرطاً أوّلياً للنّقد»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الجسمي، بعنوان: «النقد والسؤال»، ويرأس الجلسة الدكتور سليمان الضاهر.

وتضم الجلسة الثالثة، محاضرة الدكتور إدوين إيتييبو، بعنوان: «الخطاب الفلسفي العربي والأفريقي ودوره في تجاوز المركزية الأوروبية»، ومحاضرة الدكتور جيم إي أوناه، بعنوان: «الوعي الغربي بفلسفة ابن رشد - مدخل فيمونولوجي»، ويرأس الجلسة: الدكتور مشهد العلاف.

ويتكون برنامج اليوم الثالث والأخير للمؤتمر (السبت 23 نوفمبر 2024) من جلستين: تتناول الجلسة الأولى عرض نتائج دراسة حالة «أثر تعليم التفكير الفلسفي على طلاب الصف الخامس» تشارك فيها شيخة الشرقي، وداليا التونسي، والدكتور عماد الزهراني.

وتشهد الجلسة الثانية، اجتماع حلقة الفجيرة الفلسفية ورؤساء الجمعيات الفلسفية العربية.