عدن تشهد أولى بوادر الانفراج لأزمة المحروقات

تفريغ شحنات ثلاث سفن وتدفق المشتقات إلى محطات توليد الكهرباء

سفينة تفرغ كميات من الوقود في ميناء عدن (سبأ نت)
سفينة تفرغ كميات من الوقود في ميناء عدن (سبأ نت)
TT

عدن تشهد أولى بوادر الانفراج لأزمة المحروقات

سفينة تفرغ كميات من الوقود في ميناء عدن (سبأ نت)
سفينة تفرغ كميات من الوقود في ميناء عدن (سبأ نت)

قالت مصادر حكومية لـ«الشرق الأوسط» إن محطات توليد الطاقة بمحافظة عدن، تم تزويدها بكميات من الوقود، وذلك عقب تفريغ ثلاث سفن كانت راسية في ميناء الزيت بمدينة البريقة غربي عدن، خلال الساعات الماضية.
السفن كانت تحمل المازوت المخصص لمحطات توليد الكهرباء، التي أوشك بعضها على التوقف نتيجة لازمة الوقود، التي تسببت في معاناة السكان جراء الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي، خصوصا مع الارتفاع غير المسبوق لدرجات الحرارة. وأشارت المصادر إلى أن كميات إضافية من هذه المشتقات النفطية سيتم توزيعها على محطات بيع الوقود خلال الساعات القليلة القادمة لإنهاء أزمة البنزين في المدينة.
وقالت المصادر، التي فضلت عدم ذكر اسمها، إن الهلال الأحمر الإماراتي يتواصل مع شركة جنرال إلكتريك التي بدورها تواصلت مع شركة «تشاليك» التركية للنزول إلى عدن لرفع التقرير الفني عن مشكلة الكهرباء. وبالفعل تم النزول وتم رفع التقرير وعرض السعر للمولدات الكهربائية التي سيتم شراؤها من سلوفينيا والمجر بعد التوقيع على اتفاقية القرض بين وزارة الكهرباء وهيئة الهلال بقيمة قدرها 172 مليون درهم إماراتي، لتنفيذ المشروع الذي يحتوي على عدد من المكونات منها المولدات والوقود «ديزل ومازوت» وقطع الغيار وغيرها.
والتقى رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عبيد بن دغر، بالأجهزة التنفيذية بمحافظة عدن برئاسة المحافظ اللواء عيدروس الزبيدي ومدير الأمن اللواء شلال شائع. وناقش اللقاء مجمل من القضايا السياسية والاقتصادية والخدمية وما يتعلق بالمواطن وما تعانيه المحافظة من نقص في الموارد الخدمية، وخاصة في مجال الكهرباء والمشتقات النفطية والصحة والمياه.
وعبر رئيس الوزراء عن شكره للجهود التي بذلها محافظ عدن اللواء عيدروس الزبيدي ومدير الأمن شلال شائع وتحملهما مسؤولية كبيرة في هذه الظروف الصعبة، لافتا إلى أن الحكومة ستقدم لهما الدعم بكل الإمكانات المتاحة.
من جهته، رحب المحافظ الزبيدي بعودة الحكومة إلى عدن وممارسة عملها، مؤكدا أن المواطن يطلع على أن تقدم الحكومة في تخفيف من معاناته وحل كل المشكلات التي يواجها وخاصة في مجال الكهرباء والمشتقات النفطية والمياه.
وتحدث مدير الأمن عن الوضع الأمني في المحافظة والمشكلات التي يواجها وكيفية حلها خاصة رواتب الجيش والأمن وضم المقاومة الجنوبية في الجيش الوطني.
وقال محافظ عدن اللواء عيدروس الزبيدي في تصريحات إعلامية: «كان لقاء اليوم الذي جمعنا برئاسة الحكومة مثمرا وناجعا، وخرجنا منه بقرارات كثيرة ستفضي، بإذن الله للوصول، إلى حلول جيدة من شأنها أن تساهم عمليا في انفراج لأغلب الأزمات التي تشهدها عدن، وعلى رأسها أزمة الكهرباء وتوفير المشتقات النفطية».
وأشار إلى أن وزير الكهرباء سيوقع اتفاقية مع دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة من شأنها أن تساهم في إيجاد حل سريع وعاجل وجزئي للمشكلة القائمة والمتعلقة بكهرباء عدن، وستستمر الجهود إلى أن نصل إلى حل دائم ونهائي بإذنه تعالى.
وتابع: «كلفت من قبل رئاسة الحكومة برئاسة لجنة لمعالجة مشكلة توفير المشتقات النفطية وخلال الأيام القليلة القادمة ستنتهي الأزمة، وسيكون الوقود متوفرا في جميع المحطات، وستستمر اللجنة بمتابعة عملها ومراقبة سير العمل في كل من الأمور المتعلقة بالمشتقات والكهرباء».
بدوره، قال المتحدث الرسمي باسم السلطة المحلية بعدن، إن من أبرز المشكلات التي واجهتها عدن خلال فترة ما بعد تحريرها من الميليشيات تمثلت في قضيتين رئيسيتين هما: الملف الأمني، وملف الخدمات.
وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن القرار الذي اتخذته اللجنة الأمنية العليا بقيادة اللواء عيدروس الزبيدي والقيادات الأمنية والعسكرية وبتوجيهات رئيس الجمهورية، مثل إجراء ضروري لتسهيل حركة المرور للمواطنين والنشاط الاقتصادي والتجاري في عدن وعودة لتطبيع الحياة فيها من جديد، وخاصة بعد النجاحات التي حققتها الأجهزة الأمنية في عدن في مكافحة الإرهاب وتقويضه وفرض الأمن والاستقرار تدريجيا في مختلف مناطق ومديريات العاصمة.
وأشار إلى أنه وعلى الرغم من هذا التطور الكبير واللافت في الجانب الأمني، فإنه تبقى هناك أمور مهمة جدا ما زالت عالقة وعلى رأسها دمج المقاومة الوطنية في المؤسستين العسكرية والأمنية، وهو ما يجب أن يتم معالجتها بسرعة كبيرة من أجل قطع الطريق أمام عودة المتطرفين للنشاط من جديد واستقطاب الكثير من شباب المقاومة الذين باتت أوضاعهم المعيشية تزداد سوءا.
ونبه إلى أن قيادة مؤسسة الكهرباء المعينة حديثا تواجهها كثيرا من القضايا العالقة وإرثا كبيرا من الفساد، علاوة على الخراب والتدمير الذي طال المؤسسة في معظم منشآتها.
وأشار إلى أن هناك جهودا حثيثة تبذلها قيادة السلطة المحلية والحكومة بالتعاون مع الأشقاء في دول التحالف العربي من أجل إنقاذ المؤسسة من الانهيار.
إلى ذلك قالت قوات الحزم الأمني في عدن إن حملة التفتيش التي نفذتها خلال اليومين الماضيين في عدد من المحلات المشتبه بها في مدينة المنصورة وسط عدن، بأنها جاءت إثر تلقيها بلاغات عن وجود أسلحة مخزنة في بعض الأماكن في مدينة المنصورة.
وأوضح القيادي في قوات الحزم منير اليافعي أن تحرك قواته جاء بعد التواصل مع قيادة العاصمة المؤقتة عدن ممثلة بالسلطة المحلية وشرطة عدن. وأضاف: «عند تفتيش منزل شخص يدعى (ح. ش) وجدت كمية من المحروقات مخزنة في براميل داخل المنزل، وعند تفتيش بقية محلات أخرى تابعة للشخص تم العثور على أسلحة وذخائر ومحروقات، وتم توثيق ذلك من قبل قوات الحزام الأمني».
وقال: «إنه تم مداهمة معسكر المشاريع المسؤول عنه الشخص ذاته، ووجدت فيه قاطرة معبأة بالمحروقات وأدوات كانت تستخدم لبيع المحروقات في السوق السوداء». وأكد ضبط المسؤولين عن ذلك، وتم نقلهم إلى الجهات المختصة للتحقيق معهم، موضحا أن قوات الحزام الأمني في عدن وجدت لضبط الأمن ومحاربة أي عناصر قد تحاول الإخلال بأمن واستقرار العاصمة المؤقتة، وأن قوات الحزام الأمني جزء لا يتجزأ من شرطة عدن والتشكيلات الأمنية للسلطة المحلية في عدن.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم