تونس: المعارضة تواصل مشاوراتها حول المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية

الهمامي: الرباعي الحاكم يتحمل مسؤولية الأزمة التي تعرفها البلاد

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مستقبلا نظيره الفلسطيني رياض المالكي الذي وصل إلى موسكو أمس في زيارة رسمية (إ. ب. أ)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مستقبلا نظيره الفلسطيني رياض المالكي الذي وصل إلى موسكو أمس في زيارة رسمية (إ. ب. أ)
TT

تونس: المعارضة تواصل مشاوراتها حول المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مستقبلا نظيره الفلسطيني رياض المالكي الذي وصل إلى موسكو أمس في زيارة رسمية (إ. ب. أ)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مستقبلا نظيره الفلسطيني رياض المالكي الذي وصل إلى موسكو أمس في زيارة رسمية (إ. ب. أ)

لم تحسم أحزاب المعارضة التونسية، التي اجتمعت أمس في مقر الحزب الجمهوري وسط العاصمة التونسية، في أمر مشاركتها في حكومة الوحدة الوطنية التي دعا إليها الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، وفضلت مواصلة التشاور فيما بينها ومع منظمات المجتمع المدني، عوض الحسم الفوري في مسألة مشاركتها في الحكومة المرتقبة.
وحمل حمه الهمامي، زعيم المعارضة، في مؤتمر صحافي عقده أمس بالعاصمة التونسية، الائتلاف الرباعي الحاكم مسؤولية الأزمة التي تعرفها تونس، وقال إن تجاوز الأزمة السياسية والاقتصادية التي تعيشها البلاد يقتضي وضع برامج جديدة مستلهمة من الثورة التونسية، موضحًا أن مواصلة نفس الاختيارات الاقتصادية والسياسية السابقة سيؤدي بالضرورة إلى النتائج السلبية نفسها، بصرف النظر عن شكل الحكومة أو اسمها.
وانتقد الهمامي محاولة أطراف سياسية توزيع الفشل الحكومي على الجميع، وخصوصًا أحزاب المعارضة، بقوله إن «تحالف الجبهة الشعبية نبه منذ البداية إلى الأسلوب الخاطئ في إدارة الحكم، واعتبر الابتعاد عن المحاصصة الحزبية في توزيع الحقائب الوزارية شرطًا من شروط الخروج من الأزمة». ودعا الهمامي إثر اجتماع جمع أمس معظم أحزاب المعارضة إلى إعطاء الأولوية للبرامج والكفاءات لإدارة الشأن العام، مشددًا على أن المعارضة متفقة حول ضرورة مناقشة أسباب فشل الحكومة الحالية أولاً، وتقييم الاختيارات والبرامج التي قامت عليها وأدت إلى فشلها.
وضم الاجتماع تسعة عشر حزبًا سياسيًا، يتزعمها تحالف الجبهة الشعبية (11 حزبا سياسيا)، الممثل في البرلمان بـ15 نائبا، إلى جانب الحزب الجمهوري، وحزب المسار الديمقراطي الاجتماعي، وحركة الشعب، وتحالف الميثاق المكون من خمسة أحزاب سياسية، هي: الحزب الاشتراكي، وحزب العمل الوطني الديمقراطي، وحزب الطريق، وحزب الثوابت، وحزب الغد.
في السياق ذاته، رفض حزب الاتحاد الوطني الحر، الذي يعد أحد الشركاء الأربعة في الحكم الدعوات الموجهة له من قبل حركة نداء تونس للتشاور حول المبادرة الرئاسية الداعية إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، ودعا إلى الاتفاق المسبق حول برنامج محدد للحكومة الجديدة قبل الخوض في الأسماء والمناصب.
وأفادت مصادر مقربة من الحزب عدم الدخول في مفاوضات مع حزب النداء على خلفية ما اعتبرته «محاولة سطو من النداء على مبادرة رئيس الدولة»، وقالت إن «الدستور لا يسمح للحزب الفائز في الانتخابات البرلمانية باقتراح حكومة سوى مرة واحدة، ومن الضروري حينها التوجه مباشرة إلى رئيس الدولة، صاحب المبادرة، للنقاش والتشاور عوض التوجه الخاطئ نحو حزب النداء».
على صعيد متصل، أعلن محمد الناصر، رئيس مجلس نواب الشعب (البرلمان)، عن انضمام نائبين إلى الكتلة البرلمانية نداء تونس، ليصبح بذلك عدد نوابها 61 نائبًا، وتحتل تبعا لذلك المرتبة الثانية بعد حركة النهضة التي تضم 69 نائبا.
وذكر المنجي الحرباوي من حركة النداء أن الحزب الفائز في الانتخابات البرلمانية الماضية بـ86 مقعدًا برلمانيًا، يسعى في أقرب الأوقات إلى استعادة المرتبة الأولى من خلال عودة بعض النواب الذين غادروه إلى كتلة «الحرة» البرلمانية المحسوبة على محسن مرزوق، المنشق عن حركة نداء تونس، مضيفًا أن «كتلة نداء تونس ستستعيد موقعها الأول في البرلمان مع نهاية هذه الدورة البرلمانية».
وتخشى حركة نداء تونس تمسك حركة النهضة باختيار رئيس الحكومة المقبلة، باعتباره صاحب أكبر عدد من النواب داخل البرلمان، وتسعى إلى اجتذاب عدد من النواب المستقلين وإلحاقهم بالكتلة البرلمانية خلال هذه الفترة، والاستعداد لمفاوضات تشكيل حكومة الوحدة الوطنية.
وإثر دعوة الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، شرع حزب النداء في الإشراف على سلسلة من المفاوضات المبدئيّة مع مختلف أحزاب الائتلاف الحاكم، حيث التقى حركة النهضة وحزب آفاق تونس شريكيه في الحكم.
وأفادت صبرين القوبنطيني، النائبة عن حزب النداء، بأن الهيئة السياسية للحزب كلفت لجانًا لإعداد تصورها ورؤيتها لبرنامج حكومة الوحدة الوطنية المنتظرة، مشيرة إلى تشكيل مجموعة من اللجان من بينها لجنة مكلفة بمكافحة الفساد، وأخرى أوكل لها ملف مكافحة الإرهاب، ولجان تعمل على بلورة تصورات عملية حول ملفات التنمية، وإشراك الشباب، والتشغيل، ومقاومة البطالة.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.