اجتماعات سرية أميركية ـ روسية بالتوازي مع تنسيق ميداني في الداخل السوري

المعارضة: الملف السياسي «معطّل بقرار روسي وبصمت أميركي مريب»

اجتماعات سرية أميركية ـ روسية بالتوازي مع تنسيق ميداني في الداخل السوري
TT

اجتماعات سرية أميركية ـ روسية بالتوازي مع تنسيق ميداني في الداخل السوري

اجتماعات سرية أميركية ـ روسية بالتوازي مع تنسيق ميداني في الداخل السوري

يبدو أن الاجتماعات غير المعلنة الأميركية – الروسية والتي كانت تنعقد بشكل متزامن مع تلك التي كانت تحصل في جنيف وترعاها الأمم المتحدة بين وفدي النظام السوري والمعارضة، لم تتعطل مع عودة التصعيد العسكري خاصة إلى الجبهة السورية الشمالية، لا بل تم تفعيلها بالتوازي مع التنسيق الحاصل بين واشنطن وموسكو في معارك الرقة وريف حلب الشمالي.
وعلى الرغم من أن كل المعطيات المتوافرة تفيد بتقدم الحل العسكري على ذلك السياسي في سوريا، يرجح معنيون بالأزمة أن تعود عجلة المفاوضات بين طرفي الصراع السوري للدوران فور توصل الولايات المتحدة الأميركية وروسيا إلى تفاهمات، ولو بالحد الأدنى حول النظام والدستور المستقبلي، والأهم حول كيفية توزيع الحصص بينهما.
وأكد نائب وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، يوم أمس أن «لا حلول عسكرية للنزاعات الإقليمية، خاصة في أزمتي سوريا واليمن»، مشددًا بعد لقائه بالمدير العام لشؤون الشرق الأوسط في الخارجية اليابانية، على أن «الخيار الوحيد لتعزيز السلام والاستقرار في هذين البلدين والمنطقة، هو العودة إلى العقلانية وطرق التسوية السياسية».
بحسب وكالة «آكي» الإيطالية، يجتمع مبعوثا الرئيسين الأميركي باراك أوباما والروسي فلاديمير بوتين في مدينة برن السويسرية بشكل متواتر منذ نحو ثلاثة أسابيع، لبحث الملف السوري، ومحاولة التوصل لتفاهمات حول بعض القضايا الأساسية، ولوضع أسس مُعدّلة يُستند إليها في أي مفاوضات مرتقبة بين المعارضة السورية والنظام. وقالت الوكالة إن مكتب المبعوث الأممي لسوريا ستافان دي ميستورا بعيد تمامًا عن تفاصيل ما يجري داخل هذه الاجتماعات، وتشتكي بعض الأوساط من منع المعلومات حولها عن المبعوث الأممي بشكل كامل.
وفيما لم تؤكد أي مصادر رسمية هذه المعلومات، لم يستبعد دبلوماسيون كما معارضون سوريون في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن تكون هذه الاجتماعات مستمرة في سويسرا بالتوازي مع تنسيقهما المستمر عسكريًا في الجبهة الشمالية وبالتحديد في حلب والرقة.
وبحسب المعلومات، فإن المجتمعين في برن لم يحددوا جدولاً زمنيًا لاجتماعاتهم، لكن مهلة الشهر تبدو بالنسبة لبعض الدبلوماسيين مهلة معقولة في ظل ارتفاع حدة الأعمال العسكرية وتعدد الأطراف المنخرطة بها، واحتمال تفتت نتائج المفاوضات، فيما لو بدأ موسم العطلات في الغرب، وانطلاق الحملة الانتخابية الرئاسية في الولايات المتحدة.
ولا تتعاطى المعارضة السورية مع المعلومات الواردة من سويسرا، إذ يتحدث أحمد رمضان، عضو الائتلاف السوري المعارض عن أنهم باتوا على قناعة بوجود «موقف موحد أميركي – روسي يؤدي لعملية تصعيد عسكري في الداخل السوري، ويصيب بالوقت عينه العملية السياسية بالشلل»، لافتا إلى أن الملف السياسي «معطّل بقرار روسي وبصمت أميركي مريب».
واستهجن رمضان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إقدام واشنطن، وبالتنسيق والتعاون مع الروس، للعب ورقة دمج النظام السوري بعملية «مكافحة إرهاب (داعش)»، بعدما كانت الخارجية الأميركية تتهم صراحة النظام بالتعاون مع «داعش» بتجارة النفط، وغيرها من الملفات.
وبحسب سفير لبنان السابق في واشنطن رياض طبارة، لا يتعدّى التنسيق الأميركي الروسي العسكري حتى الساعة إطار محاربة «داعش»، لافتا إلى أن هذا الهم الأساسي لواشنطن، فيما يتركز هم موسكو الأساسي على الحفاظ على موطئ قدم في سوريا.
وشدّد طبارة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن أي مفاوضات تحصل بين الطرفين لا شك ستحاول التوفيق بين هذين الهدفين، مشيرًا إلى أن الاجتماعات التي يُحكى عنها في برن، انطلقت قبل فترة وتبحث في النظام والدستور السوري المستقبلي والأهم بتوزيع الحصص بين الدول الكبرى. وأضاف: «حتى إن المشاورات في هذا الإطار تبحث بأبسط التفاصيل، مثل من سيستلم وزارة الدفاع في الحكومة السورية الجديدة أو الانتقالية».
ورأى طبارة أن الأرضية التي قد تسمح بانطلاق مفاوضات جدية وحقيقية بين طرفي النزاع السوري غير متوافرة، موضحًا أنّه وقبل إتمام تفاهمات روسية – أميركية واضحة وصريحة بخصوص سوريا، ستكون أي محادثات سوريا – سوريا من دون جدوى. وأضاف: «أصلا المبعوث الدولي للأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا استعجل الأمور أكثر من اللازم، وهو ما أدّى لفشل محاولاته المستمرة في جنيف».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».