الحكومة تعقد أول اجتماع لها في العاصمة المؤقتة

قالت إن أولوياتها معالجة ملفات إعادة الإعمار والأمن والخدمات

د. أحمد عبيد بن دغر لدى وصوله إلى مطار عدن (سبأ نت)
د. أحمد عبيد بن دغر لدى وصوله إلى مطار عدن (سبأ نت)
TT

الحكومة تعقد أول اجتماع لها في العاصمة المؤقتة

د. أحمد عبيد بن دغر لدى وصوله إلى مطار عدن (سبأ نت)
د. أحمد عبيد بن دغر لدى وصوله إلى مطار عدن (سبأ نت)

ترأس الدكتور أحمد عبيد بن دغر، رئيس الحكومة اليمنية، أمس (الثلاثاء)، في منطقة المعاشيق بمدينة عدن، جنوب البلاد، أول اجتماع للحكومة، الذي حضره محافظو عدن ولحج والضالع وأبين، وهم على التوالي اللواء عيدروس الزبيدي، والدكتور ناصر الخبجي وفضل محمد الجعدي والدكتور الخضر السعيدي.
وقال الناطق باسم الحكومة اليمنية، راجح بادي، لـ«الشرق الأوسط» إن اجتماع أمس بحث جملة من الموضوعات المؤرقة ذات الصلة بحياة السكان مثل الخدمات، وكذلك بعض المواضيع الاقتصادية، لافتا إلى أن الخدمات الأساسية كالكهرباء والمياه وغيرها على رأس القضايا التي وقف اجتماع الحكومة والمحافظين أمامها. وأكد الناطق أن من أولويات الحكومة خلال المرحلة القابلة معالجات ملفات عدة منها ما يتعلق بملف الشهداء والجرحى، واستيعاب أفراد المقاومة في مؤسستي الجيش والأمن، وكذلك تطبيع الأوضاع في المحافظات المحررة من الميليشيات الانقلابية واستعادة مؤسسات الدولة المختلفة، إلى جانب تفعيل وتيرة إعادة الأعمار، ومتابعة استكمال تحرير ما تبقي من أراضٍ ما زالت تحت سيطرة الميليشيات الانقلابية.
وأشار إلى أن هناك تحديات ماثلة أمام الحكومة والسلطات المحلية، وتستدعي بذل جهود مضاعفة، ودعم الدول الشقيقة والصديقة والمؤسسات والمنظمات المانحة لتجاوزها، لافتا إلى أن من أولويات الحكومة الماثلة في الحاضر أزمة العجز في الطاقة التوليدية للكهرباء، وكذلك أزمة المشتقات النفطية وأثرها على الخدمات والسكان المحليين.
وعادت الحكومة اليمنية إلى العاصمة المؤقتة عدن، وذلك لمباشرة أعمال ومهام الحكومة وتلمس أوضاع السكان والعمل على معالجتها عن كثب. وتحررت عدن من الميليشيات الانقلابية المدينة نهاية رمضان من العام الماضي.
ووصل رئيس الحكومة اليمنية، الذي تسلم مهامه في أبريل (نيسان) الماضي، مساء أول من أمس الاثنين إلى عدن على متن طائرة الخطوط الجوية اليمنية وبرفقة وزراء الداخلية والمالية والنقل والثقافة والإدارة المحلية والعدل.
وقالت الحكومة في أول بيان لها وفق وكالة «سبا» الرسمية: «إن الحكومة وبتوجيهات من الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية عازمة على بذل الجهود المضاعفة بالتعاون مع الأشقاء والأصدقاء في الدول والمنظمات المانحة للمضي قدمًا في التعامل مع هذه المهام وفقا لأولوياتها».
وأشار البيان إلى أن ملفات ومهام عدة خدمية واستثمارية وحياتية تتطلب بالضرورة توحيد وتكاتف الجهود الوطنية للدولة والحكومة والسلطات المحلية والمكونات السياسية والاجتماعية، للتحرك الجاد والفاعل في مواجهة التحديات الراهنة، وإنجاز خطوات ملموسة في سياق هذه الملفات والمهام، لافتًا إلى أن الانتصار الحقيقي والأهم في المحافظات المحررة وفي مقدمتها العاصمة عدن، هو النهوض الفعلي بالجوانب الأمنية والخدمية، ومعالجة التراكمات الموروثة والمعقدة في هذه الجوانب.
وقال رئيس الحكومة أحمد بن دغر في تصريح لوسائل الإعلام لحظة وصوله إلى مطار عدن إن الحكومة ستباشر مهام أعمالها من عدن، مشيرًا إلى أن عددًا من الملفات المهمة تنتظر الحكومة في عدن لتباشر حلها، وفي مقدمتها ملف الكهرباء وأزمة الوقود، مؤكدًا أن الحكومة ستعمل على حلها في أقرب وقت. وأكد عزم وتصميم الحكومة على مواصلة دورها الوطني والتاريخي في هذه المرحلة الاستثنائية من العاصمة المؤقتة، والمتابعة المباشرة لترسيخ الأمن والاستقرار في المحافظات المحررة.
وقال بن دغر: «مثلما أثبتنا لأنفسنا وللعالم، قدرتنا على دحر ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية من غالبية أراضي الوطن، يجب أن ننتصر على مخططها المستمر للنيل من تماسكنا وشق صفوفنا، وكما قاومنا على الأرض وانتصرنا، ها نحن اليوم مدعوون إلى الانتصار في مسيرة البناء وإعادة الإعمار، فالنهوض يفترض منا أن نتعالى على الجراح والآلام لنبني الوطن ونعيد إعماره».
ولفت بن دغر إلى أن الحكومة تدرك تمامًا ما ورثته من تحديات جسيمة ومعاناة مريرة يكتوي بنارها المواطنين، لكن ذلك لن يكون مبررًا أو ذريعة للتهرب من مسؤوليتنا، ويجب أن نعمل جنبًا إلى جنب في الحكومة والسلطات المحلية والمكونات السياسية والمجتمعية كفريق واحد لمواجهة هذه التحديات.
وأوضح رئيس الوزراء، أن مستقبل اليمن وشعبه لم يعد يحتمل المزيد من المخاطرة والعبث، وعلينا ألا نجلد أنفسنا كثيرًا، فكلنا يعلم حجم التحديات التي ليست من صنع هذه الحكومة، لكننا مسؤولون عن حلها وتجاوزها بكل الطرق والوسائل.
وأكد أن الحكومة وهي توجد اليوم في العاصمة عدن، لديها رؤية واضحة لما ينبغي عمله في الملف الأمني والخدمي والمطلوب من الجميع هو التعاون، وأن يكون سقف التوقعات في الحدود المعقولة، فلا أحد يمتلك عصا سحرية لحل كل المشكلات دفعة واحدة، لكن الأهم هو البدء والمضي فيها دون تأخير أو تسويف.
وأشاد رئيس الوزراء في ختام تصريحه بالدعم الأخوي الصادق الذي قدمته وتقدمه دول التحالف العربي، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، لإسناد الجهود الحكومية المبذولة في الإغاثة وإعادة الإعمار وتحرير بقية أجزاء الوطن من سيطرة ميليشيات الانقلاب، وكذلك للدول والمنظمات المانحة التي يتم التنسيق معها للتعاون وتقديم المساعدة في عدد من الملفات.
وكان في استقبال رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة في مطار عدن الدولي محافظ عدن اللواء عيدروس الزبيدي، ومدير الأمن اللواء شلال شائع وقيادة السلطة المحلية.
وعين الرئيس اليمني هادي الدكتور أحمد بن دغر خلفًا للمهندس لخالد بحاح الذي تمت إقالته، من منصبي نائب الرئيس ورئيس الحكومة، وعين هادي بدلاً عنه في منصب النائب الفريق علي محسن الأحمر.
وهذه هي المرة الثالثة التي تعود بها الحكومة إلى مدينة عدن التي يشكو سكانها وكذا المحافظات المحررة من غياب للخدمات منذ تحررها من الميليشيات الانقلابية.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.