الشمس والأطباق العالمية.. ضيوف دوري «البولو» بمتنزه هرلنغهام

العرب يقتحمون منافسة «تشيستيرتونز» بفريقي دبي ومراكش

منافسة حامية ضمت 6 فرق دولية على مدار 3 أيام (تصوير: جيمس حنا)
منافسة حامية ضمت 6 فرق دولية على مدار 3 أيام (تصوير: جيمس حنا)
TT

الشمس والأطباق العالمية.. ضيوف دوري «البولو» بمتنزه هرلنغهام

منافسة حامية ضمت 6 فرق دولية على مدار 3 أيام (تصوير: جيمس حنا)
منافسة حامية ضمت 6 فرق دولية على مدار 3 أيام (تصوير: جيمس حنا)

أطلقت الصافرة بمتنزه هرلنغهام في غرب لندن معلنة بدء فعاليات دوري تشيستيرتونز للبولو في موسمه الثامن على التوالي، لتكون فاتحة لسلسلة فعاليات صيفية مماثلة تحول عاصمة الضباب إلى مدينة الشمس والمنافسة. وتوج أول من أمس فريق هونغ كونغ بالمركز الأول للسنة الثانية على التوالي بعد نهائي حماسي ضد فريق مراكش المغربي المشارك للمرة الأولى.
وتنافست هذا العام 6 فرق دولية وهي: فريق لندن، ونيويورك، ودبي، ومراكش، وهونغ كونغ، وبوينوس إيرس، إلى جانب مباراة خاصة لفريق إنجلترا وفريق جنوب أفريقيا كان الأخير الأوفر حظا فيها؛ إذ لم يكفِ تشيع جمهور فريق إنجلترا لضمان فوزه على أرضه في متنزه لطالما احتدمت به المنافسة، إذ اعتاد متنزه هرلنغهام بلندن تنظيم سباقات أسبوعية منتظمة لرياضة البولو (الهوكي على الخيل) منذ أكثر من 100 عام. في ذلك الحين، كان متنزه نادي هرلنغهام الأول في المملكة المتحدة في تنظيم هذا النوع من المنافسات التي تحتشد حولها جماهير غفيرة في عطلات نهاية الأسبوع الصيفية يتابعون المباريات بحماس تارة، وينتشرون داخل الحلبة بعد المباريات لبسط العشب المنزوع بأرجلهم تارة أخرى.
واستمرت منافسات البولو في متنزه هرلنغهام بارك حتى عام 1939، لكن مع بداية الحرب العالمية الثانية، أصبح المتنزه مقرا لحملة توزيع المعونات الغذائية المدعومة، لتصبح منافسات رياضة البولو مجرد ذكرى من الأيام الخوالي. وفي عام 2009 عادت منافسات البولو لبيتها الأول بوسط لندن، وعاود ملعب هرلنغهام إحياء تقليده الإنجليزي الصيفي القديم.
وإلى جانب الإثارة داخل الحلبة، تحول المتنزه هذا العام وعلى مدى ثلاثة أيام إلى ملتقى اجتماعي بريطاني بطابع مخملي وتقليدي حضره أكثر من ثلاثين ألف شخص وتخللته فعاليات عدة منها «مهرجان البولو للأطعمة»، وأكشاك خاصة للتسوق وأنشطة للأطفال. جميعها برعاية شركة تشيستريرتونز للاستثمارات العقارية ومجموعة من الشركات اللندنية الأخرى.
* منافسة لم يغب عنها العرب
لم تغب عن المنافسة الفرق العربية التي تمثلت بفريق إماراتي من دبي لمالكة محمد الحبتور وفريق مغربي من مراكش. وقبيل المباريات، كشف محمد الحبتور وهو يستعد للدخول إلى الحلبة مع فريقه في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن فريقه الذي نال البطولة قبل عامين لطالما شارك تحت اسم مدينة أبوظبي، لكنه اختار تمثيل دبي للمرة الأولى هذا العام؛ إذ قال: «مع أن أبوظبي هي عاصمة الإمارات، لكن الاختيار وقع على دبي؛ لأنها مدينتي وهي معروفة جدا في بريطانيا، وقد يزيد ذلك المشجعين هذا العام». وحول المنافسة أكد الحبتور أنها محتدمة هذا العام لجودة وتمكن الفرق من هذه اللعبة وخصوصا فريق لندن، واستطرد: «سنبذل قصارى جهدنا لإثبات أنفسنا بعد فوزنا قبل عامين ووصولنا إلى النهائيات أكثر من مرة خلال الدورات الأربع الأخيرة». وعن لعبة البولو في الخليج أشار الحبتور إلى أنها رياضة باتت أكثر انتشارا في الإمارات خاصة، وفي الشرق الأوسط عامة مع تزايد أكاديميات تعليم البولو. كما كشف أنه في طور تحضير ثلاث حلبات للبولو في دبي تضم 520 إسطبلا للخيول لإتاحة الفرصة للمهتمين لتعلم البولو. إلى جانب رياضات ركوب الخيل الأخرى الشهيرة في الخليج.
وسنحت الفرصة أن نلتقي بلاعبي فريق مراكش المغربي الذي شارك للمرة الأولى، وذلك بعد فوزهم في مباراتهم الأولى. واستغربنا أن جميعهم يحملون الجنسية البريطانية، وقالوا في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إنهم لعبوا سابقا في فرق أخرى كفريق لندن وفريق موسكو. وحول دورة هذا العام استطردوا معبرين عن انبهارهم بأعداد الحضور المتزايدة. وأشاروا إلى أهمية هذه اللعبة في موطئ قدمها، في بريطانيا. وأكدوا أن الأحكام المسبقة حول أن هذه الرياضة للمجتمعات المخملية فقط غير صحيح بقولهم إن «هذه اللعبة شعبية وللفلاحين في كثير من الدول منها الأرجنتين والولايات المتحدة، وحتى في بريطانيا لا تكلف حصة البولو أكثر من 30 جنيها مقارنة بحصص الغولف التي تكلف نحو 50 جنيها إسترلينيا». وأضافوا: «لا يتوجب على المهتمين امتلاك الأحصنة، فقط يحتاجون إلى الموهبة والاتزان فهي رياضة مميزة ومتكاملة».
* تاريخ اللعبة وقواعدها
على الرغم من أن تاريخ رياضة البولو أقدم من تاريخها المسجل، فإن بداياتها الفعلية ربما تعود للبدو الرحالة بوسط آسيا؛ حيث كان يجرى ممارسة نوع شبيه لتلك الرياضة، لكنها كانت تمارس كأحد تمارين الحرب، وكان كل فريق يشمل 100 لاعب. انتشرت اللعبة بعد ذلك عبر آسيا، ثم انتقلت إلى بلاد فارس عن طريق المهاجرين خلال الفترة من 600 قبل الميلاد حتى 100 ميلادية؛ حيث أقيمت أول مباراة مسجلة في التاريخ بين التركمان والفرس، انتهت بفوز التركمان.
وبدأت رياضة البولو الحديثة التي نعرفها اليوم في مدينة مانيبور بشمال الهند، وتأسس نادي سيلشار للبولو عام 1859 عن طريق مزارعي الشاي وضباط الجيش البريطاني، وكان ذلك بعدما شاهد الملازم أول جوزيف شيرر بعضا من أهل المدينة يمارسون تلك الرياضة، ومنذ ذلك الحين انتشرت اللعبة كالنار في الهشيم قبل أن تستقر في بريطانيا عام 1869.
ويذكر أنه جرى ممارسة الرياضة للمرة الأولى في إنجلترا عام 1869، وأقيمت أول مباراة كبرى بين فريق الهاسرس، أي الجنود الأوروبيون، وفريق لانسرز، وتعني حاملي الرماح، بمنطقة هاونسلو هيث بعد ذلك بوقت قصير.
إلى ذلك، استضاف ملعب نادي هرلنغهام كثيرا من المباريات والمنافسات الكبرى، مثل بطولة كأس هرلنغهام الذي تأسس عام 1876 وبطولة إنتر ريغيمنتال، ويعتبر كأس ويست تشستر أشهر المنافسات التي يستضيفها ملعب منطقة فولهام.
والعام الماضي، شهد ملعب هرلنغتون أول مباراة دولية للفريق الإنجليزي منذ عام 1939 بناء على اقتراح تقدم به المنظمون لاتحاد هرلنغتون للبولو لإقامة مباراة دولية على المعلب التاريخي الأقدم في المملكة المتحدة.
* مهرجان للأطعمة من السوشي إلى اللحم الحلال
وعلى خلاف الأعوام الماضية، قرر المنظمون توفير منطقة خاصة لأكشاك الطعام من شتى المطاعم اللندنية الشهيرة التي وفرت بدورها أطباقا ملائمة لهذا الحدث من قوائمها وشملت اللحوم المشوية والسلطات والهامبرغر وحتى كان للمطبخ العربي حضور.
ومن أهم الأكشاك كشك لإحدى مطاعم الشيف البريطاني الشهير غوردون رامزي «ميز غريل» الذي يوفر الأطعمة المشوية إلى جانب الأطباق ذات الطابع الآسيوي كالسوشي. وبعدما قدم لنا الشيف غوهي بعض الأطباق اللذيذة والمنوعة لتجربتها، قال: «إن الاختيار وقع على طبق السلمون سوشي والستيك وبرغر الدجاج المقلي لسهولة التهامها من دون الحاجة إلى الجلوس، وحرص المطعم على تقديم أطباق تلائم جميع أذواق الحضور من حول العالم»، مضيفا أن جميع المقادير جرى انتقاؤها بدقة وذات جودة عالية، وحرص كشك «ميز غريل» أن يقدم الأطباق بسرعة فائقة لإرضاء الكم الهائل من الزوار.
ولم تخلُ تشكيلة الطعام من الشرق أوسطية؛ إذ قدم كشك مطعم «سيرو» الأطباق العربية الحديثة التي تخللتها نكهات السماق والبهارات العربية، ويقول مالك مطعم «سيرو» الذي سيتم افتتاحه في منطقة ساون كنزينغتون غرب لندن الشهر المقبل أن أطباقه متأثرة بالمطبخ العرب فمنها صحن شاورما الدجاج وطبق كتف الغنم المشوي مع الرمان والفستق والفلافل وبرغر جبنة الحلوم والكفتة وغيرها. كما قدم عصير الليمون والنعناع وعصير البطيخ الطبيعي، وأكد الشيف بدوره أن جميع الأطباق حلال لتلائم الزبون العربي.
* قبعات إنجليزية وعطور خليجية في أكشاك التسوق
ومن أهم فعاليات هذه المناسبة التسوق على الطريقة الإنجليزية، وتراوحت المعروضات بشتى الأكشاك من الملابس والقبعات إلى العطور وحتى الثريات.
ولم نستطع إلا نتوقف لنجرب مجموعة عطور بوديسيا ذا فيكتوريوس؛ إذ جذبتنا رائحة العود الممزوجة مع مكونات فواحة أخرى. وأكدت لنا المتحدثة باسم الشركة المصنعة أن جميع قوارير العطور المميزة مصنوعة يدويا ومتأثرة بالزخارف العربية والإسلامية ومطلية بالذهب. وأن العطور تحتوي على مكونات طبيعية تدمج ما بين الروائح العربية كالعود والعنبر والإضافات الغربية كالجلد والورود ذات الأريج العطر، لتكون مناسبة للزبائن العرب والأجانب. كما لفت انتباهنا كشك يعرض قبعات تقليدية إنجليزية عادة ما ترتديها النساء في الأعراس أو في سباقات «رويال إسكوت» الملكي للأحصنة، الفعالية السنوية التي تحضرها الملكة إليزابيث. ومن أكثر المعروضات ترفا ثريات من الكريستال مصنوعة باليد من قبل الفنان البلغاري ديميتري استيفانوف، وقال لنا المالك إن الحضور أبدى اهتماما بالمعروضات التي تتراوح أسعارها بين 50 ألف جنيه إسترليني، وترتفع لتصل إلى مئات الآلاف. وأكد أن هناك إقبالا من المتسوقين العرب على ترك الثريات في المحل الرئيس بشارع كينعز بمنطقة تشيلسي اللندنية.
* أنشطة للأطفال وريع خيري
* لأن فعاليات «بولو في المتنزه» لجميع أفراد العائلة، جرى تخصيص أنشطة خاصة للأطفال منها الملاهي والأعلاب والرسم على الوجوه ومسابقات الركض. كما وفر القائمون نشاطات صنع الحيوانات والأشكال من البالونات واللعب ببنادق الماء وغيرها. ومع أن البعض قد يعتقد أنها فعالية «استهلاكية» للطبقات المخملية من المجتمع، لكن تشيستيرتونز بولو حريصة على التعاون مع أكثر من 150 متجرا محليا لدعمهم وتعمل أيضا مع أكثر من 150 مدرسة في غرب لندن؛ لتثقيف طلابها عن هذه الرياضة وأهمية تاريخها. ويعتبر البرنامج المدرسي في غاية الشعبية هدفه توعية الأطفال والطلاب للعبة البولو وإعطاؤهم الفرصة للتقرب من الأحصنة. كما أنفق الراعي الرئيس للبولو إلى اليوم أكثر من 350 ألف جنيه على تحسين المتنزه والتمويل لإنشاء بئر ارتوازي لري العشب عام 2011.
وتدعم الفعالية أيضا شريكها الخيري «سيبيا» ماديا الذي يوفر بدوره المساعدات للعائلات الأقل حظا من أقساط التعليم إلى نشاطات للأطفال والمساكن.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».