توقيع اتفاق تاريخي لإنهاء النزاع في جنوب الفلبين

الرئيس أكينو دفع باتجاه تسوية تقضي بمنح الإقليم حكما ذاتيا مقابل إنهاء التمرد

الرئيس أكينو (الثاني يمينا) ورئيس الوزراء الماليزي نجيب عبد الرزاق (وسط، خلف) يصفقان خلال حفل توقيع الاتفاق في القصر الرئاسي بمانيلا أمس (رويترز)
الرئيس أكينو (الثاني يمينا) ورئيس الوزراء الماليزي نجيب عبد الرزاق (وسط، خلف) يصفقان خلال حفل توقيع الاتفاق في القصر الرئاسي بمانيلا أمس (رويترز)
TT

توقيع اتفاق تاريخي لإنهاء النزاع في جنوب الفلبين

الرئيس أكينو (الثاني يمينا) ورئيس الوزراء الماليزي نجيب عبد الرزاق (وسط، خلف) يصفقان خلال حفل توقيع الاتفاق في القصر الرئاسي بمانيلا أمس (رويترز)
الرئيس أكينو (الثاني يمينا) ورئيس الوزراء الماليزي نجيب عبد الرزاق (وسط، خلف) يصفقان خلال حفل توقيع الاتفاق في القصر الرئاسي بمانيلا أمس (رويترز)

وقعت الحكومة الفلبينية وجبهة مورو الإسلامية للتحرير، أبرز حركة تمرد في جنوب الأرخبيل، أمس، اتفاق سلام تاريخيا يفترض أن ينهي أحد أطول وأعنف النزاعات في آسيا. وبموجب الاتفاق، سيسلم مقاتلو الجبهة أسلحتهم وتمنحهم الحكومة حكما ذاتيا بسلطات أوسع لتوجيه اقتصادهم وثقافتهم.
وقال مراد إبراهيم، زعيم جبهة مورو الإسلامية للتحرير: «هذا الاتفاق المفصل حول (منطقة) بانغسامورو يتوج نضالنا»، مستخدما كلمة محلية للإشارة إلى المنطقة التي تسكنها غالبية إسلامية في جنوب الفلبين. وأضاف أنه «مع هذا الاتفاق جرى ترسيخ التطلعات المشروعة لبانغسامورو والتزام حكومة الفلبين بالاعتراف بهذه التطلعات».
أما رئيس الدولة بنينيو أكينو فقال خلال حفل التوقيع الذي حضره أكثر من ألف شخص: «ما يطرح أمامنا اليوم هو طريق يمكن أن يؤدي إلى تغيير دائم في مينداناو المسلمة». ومنطقة بانغسامورو ستشمل نحو عشرة في المائة من أراضي الفلبين الكاثوليكية. ومنطقة الحكم الذاتي المقبلة ستعد غالبية من المسلمين لكن هناك جيوبا كاثوليكية.
وجرى التوصل إلى هذا الاتفاق بعد أشهر طويلة من المفاوضات بين الحركة المتمردة وممثلي الحكومة بدفع من الرئيس أكينو. ويعد المسلمون الفلبينيون البالغ عددهم خمسة ملايين من أصل عدد إجمالي للسكان يقارب مائة مليون، المنطقة الجنوبية من البلاد بمثابة أرضهم التاريخية وخاضت جبهة مورو الإسلامية للتحرير حركة تمرد للمطالبة باستقلال هذه المنطقة قبل أن تقبل في نهاية المطاف بإقامة منطقة حكم ذاتي. واستكملت المرحلة الأخيرة من المفاوضات بين ممثلي الحكومة والجبهة في يناير (كانون الثاني) الماضي.
وانطلقت حركة التمرد في السبعينات وأسفرت عن سقوط 150 ألف قتيل لتصبح من حركات التمرد الأطول والأعنف في آسيا. وأغرق النزاع ملايين الأشخاص في أنحاء كثيرة من جزيرة مينداناو في فقر مدقع. وشكل النزاع والفقر أرضا خصبة للتشدد الديني، حيث جعلت جماعة «أبو سياف» المرتبطة بتنظيم القاعدة ومتشددين آخرين من مناطق نائية في مينداناو معاقل لهم.
وقالت منى رحمن (42 عاما) التي تقيم قرب مقر جبهة مورو: «أنا سعيدة فعليا، في مواجهة كل المصاعب التي عاشها أهالينا، نأمل نحن الجيل الجديد ونصلي بأن يعم السلام لدى المسيحيين والمسلمين». وبموجب الاتفاق، ستكون لمنطقة الحكم الذاتي الجديدة، شرطتها الخاصة وبرلمان محلي وصلاحية جباية الضرائب، بينما سيجري تقاسم العائدات من مخزونات هذه المنطقة الشاسعة من الموارد الطبيعية مع الحكومة الوطنية. وستكون حكومتها علمانية. وستتولى الحكومة الوطنية شؤون الدفاع والسياسة الخارجية والعملة والمواطنة.
غير أن جبهة مورو الإسلامية والحكومة والمراقبين المستقلين يجمعون على أنه لا يمكن ضمان سلام دائم في الوقت الحاضر، وأنه سيترتب تخطي الكثير من العقبات قبل منتصف 2016، عند انتهاء الولاية الوحيدة لبينينيو أكينو الذي طرح المبادرة. وليس هناك ما يؤكد أن خلفه سيبدي الاستعداد ذاته للتفاوض مع المتمردين. كما أن مجموعات متمردة أخرى مثل المقاتلين الإسلاميين لحرية بانغسامورو قد تسعى لإفشال الاتفاقات بشن هجمات في الجنوب. ولا يتعدى عدد عناصر هذه الحركة بضع مئات المقاتلين غير أنها شنت هجمات عام 2008 أوقعت 400 قتيل في وقت كانت عملية السلام جارية، وهي تستقبل مقاتلي جبهة مورو الرافضين لاتفاقات السلام.
وقال المتحدث باسمها، أبو مصري ماما، لوكالة الصحافة الفرنسية عبر الهاتف من مخبئه في الجنوب: «سنواصل القتال ضد حكومة جمهورية الفلبين لأننا نريد الاستقلال ولا شيء آخر». ومن المجموعات الأخرى المتمردة جبهة مورو الوطنية للتحرير المنشقة عن جبهة مورو الإسلامية للتحرير، والتي وقعت في بادئ الأمر اتفاقا مع مانيلا عام 1996، اعتبر بشكل عام فاشلا. وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، هاجم مناصرو هذه الحركة مدينة مينداناو سعيا لإفشال المفاوضات واستمر الهجوم عدة أيام وأوقع أكثر من 220 قتيلا. كذلك يمكن أن تتعثر العملية بسبب الريبة المتبادلة بين الحكومة والجبهة والتي لا تزال قائمة على الرغم من سنوات من المفاوضات. ولا بد من تصويت الكونغرس على «قانون أساسي» حتى يدخل الاتفاق موضع التنفيذ.



إجراءات أمنية مشدَّدة استعداداً لجنازة وزير أفغاني قُتل في تفجير انتحاري

صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)
صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)
TT

إجراءات أمنية مشدَّدة استعداداً لجنازة وزير أفغاني قُتل في تفجير انتحاري

صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)
صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)

فرضت أفغانستان إجراءات أمنية مشددة، الخميس، قبل جنازة وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» خليل حقاني الذي قُتل في تفجير انتحاري أعلنت مسؤوليته جماعة تابعة لتنظيم «داعش».

وزير شؤون اللاجئين والعودة بالوكالة في حركة «طالبان» الأفغانية خليل الرحمن حقاني يحمل مسبحة أثناء جلوسه بالمنطقة المتضررة من الزلزال في ولاية باكتيكا بأفغانستان 23 يونيو 2022 (رويترز)

ويعدّ حقاني أبرز ضحية تُقتل في هجوم في البلاد منذ استولت «طالبان» على السلطة قبل ثلاث سنوات.

ولقي حتفه الأربعاء، في انفجار عند وزارة شؤون اللاجئين في العاصمة كابل إلى جانب ضحايا آخرين عدة. ولم يعلن المسؤولون عن أحدث حصيلة للقتلى والمصابين.

وخليل حقاني هو عم القائم بأعمال وزير الداخلية الأفغاني، سراج الدين حقاني، الذي يقود فصيلاً قوياً داخل «طالبان». وأعلنت الولايات المتحدة عن مكافأة لمن يقدم معلومات تقود إلى القبض عليهما.

إجراءات أمنية في كابل قبل تشييع جثمان خليل الرحمن حقاني (إ.ب.أ)

ووفق بيان نقلته وكالة أنباء «أعماق»، قالت الجماعة التابعة لـ«داعش» إن أحد مقاتليها نفَّذ التفجير الانتحاري. وانتظر المقاتل حتى غادر حقاني مكتبه ثم فجَّر العبوة الناسفة، بحسب البيان.

وتقام جنازة الوزير عصر الخميس، في مقاطعة جاردا سيراي بإقليم باكتيا بشرق البلاد، وهو مركز عائلة حقاني.

يقف أفراد أمن «طالبان» في حراسة عند نقطة تفتيش في كابل 12 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

وكانت بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان بين من أدانوا الهجوم على الوزارة.

وقالت عبر منصة «إكس»: «لا يوجد مكان للإرهاب في المسعى الرامي إلى تحقيق الاستقرار». وأورد حساب الوزارة على منصة «إكس» أن ورشاً تدريبية كانت تُعقد في الأيام الأخيرة في الموقع.

وكلّ يوم، تقصد أعداد كبيرة من النازحين مقرّ الوزارة لطلب المساعدة أو الدفع بملفّ إعادة توطين، في بلد يضمّ أكثر من 3 ملايين نازح جراء الحرب.

شقيق مؤسس «شبكة حقاني»

وخليل الرحمن الذي كان يحمل سلاحاً أوتوماتيكياً في كلّ إطلالاته هو شقيق جلال الدين، مؤسس «شبكة حقاني» التي تنسب إليها أعنف الهجمات التي شهدتها أفغانستان خلال عقدين من حكم حركة «طالبان» الذي أنهاه الغزو الأميركي للبلاد في عام 2001.

يقف أفراد أمن «طالبان» في استنفار وحراسة عند نقطة تفتيش في كابل 12 ديسمبر 2024 بعد مقتل خليل الرحمن حقاني القائم بأعمال وزير اللاجئين (إ.ب.أ)

وهو أيضاً عمّ وزير الداخلية الحالي سراج الدين حقاني.

ورصدت الولايات المتحدة مكافأة مالية تصل إلى خمسة ملايين دولار في مقابل الإدلاء بمعلومات عن خليل الرحمن، واصفة إياه بأنه «قائد بارز في (شبكة حقاني)» التي صنّفتها واشنطن «منظمة إرهابية».

وفي فبراير (شباط) 2011، صنَّفته وزارة الخزانة الأميركية «إرهابياً عالمياً».

وكان خليل الرحمن خاضعاً لعقوبات من الولايات المتحدة والأمم المتحدة التي قدّرت أن يكون في الثامنة والخمسين من العمر.

ويبدو أن «شبكة حقاني» منخرطة في نزاع على النفوذ داخل حكومة «طالبان». ويدور النزاع، بحسب تقارير صحافية، بين معسكر يطالب بالتطبيق الصارم للشريعة على نهج القائد الأعلى لـ«طالبان» المقيم في قندهار، وآخر أكثر براغماتية في كابل.

ومنذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم إثر الانسحاب الأميركي في صيف 2021، تراجعت حدة أعمال العنف في أفغانستان. إلا أن الفرع المحلي لتنظيم (داعش - ولاية خراسان) لا يزال ينشط في البلاد وأعلن مسؤوليته عن سلسلة هجمات استهدفت مدنيين وأجانب ومسؤولين في «طالبان».

وسُمع في أكثر من مرّة دويّ انفجارات في كابل أبلغت عنها مصادر محلية، غير أن مسؤولي «طالبان» نادراً ما يؤكدون حوادث من هذا القبيل.

إجراءات أمنية في كابل قبل تشييع جثمان خليل الرحمن حقاني القائم بأعمال وزير اللاجئين في حكومة «طالبان» (إ.ب.أ)

وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، قُتل طفل وأصيب نحو عشرة أشخاص في هجوم استهدف سوقاً في وسط المدينة.

وفي سبتمبر (أيلول)، تبنّى تنظيم «داعش» هجوماً انتحارياً أسفر عن مقتل ستة أشخاص وجرح 13 في مقرّ النيابة العامة في كابل. وأكّدت المجموعة أن هدفها كان «الثأر للمسلمين القابعين في سجون (طالبان)»، علماً أن الحركة غالباً ما تعلن عن توقيف أعضاء من التنظيم أو قتلهم، مشددة في الوقت عينه على أنها تصدّت للتنظيم في البلد.