سوريا.. صوم الجوع والبؤس تحت قاذفات الروس وحصار النظام وما يسمى «حزب الله»

سوريا.. صوم الجوع والبؤس تحت قاذفات الروس وحصار النظام وما يسمى «حزب الله»
TT

سوريا.. صوم الجوع والبؤس تحت قاذفات الروس وحصار النظام وما يسمى «حزب الله»

سوريا.. صوم الجوع والبؤس تحت قاذفات الروس وحصار النظام وما يسمى «حزب الله»

يتعاقب الموت والعنف على السوريين دون أن تلوح في أفق الأزمة بوادر حل تساهم في وقف آلة القتل التي تستمر في حصد أرواح الأبرياء واستباحة الدماء في شهر رمضان المبارك والأعياد، على غرار أيام السنة.
شهر رمضان الذي يعد فرصة للبحث عن سلام النفس والسكينة، حاولت قبله وأثنائه المنظمات الدولية والإنسانية، منذ بدء النزاع في سوريا، استغلال هذه المناسبة للتوصل إلى هدنة مؤقتة ربما تقي السوريين شر القتل والتشرد. إلا أن أشهر رمضان، التي مرت على السوريين وسوريا بعد الانتفاضة الشعبية التي سرعان ما تحولت إلى حرب أهلية بسبب قمع قوات النظام، لم تشهد أي تغيير على صعيد استمرار "حمام الدم" من جراء أعمال العنف.
فالعنف المتنقل في كافة المناطق السورية تقريبا، الذي ترتكبه القوات الحكومية والميليشيات الموالية لها وفصائل المعارضة المسلحة والتنظيمات المتطرفة، لم يحترم "قدسية" هذا الشهر كما لم يحترم المناسبات الأخرى لكافة الأديان.
يموت في سوريا الآلاف جوعًا جراء الحصار المفروض عليهم من النظام السوري من جانب، ومليشيات تنظيم "داعش" المتطرف من جانب آخر، إضافة إلى ما يسمى "حزب الله".
الشعب السوري، فُرض عليه الإبادة والتشرد. ومن لم يُقتل بقاذفات النظام والمقاتلات الروسية وتفجيرات "داعش" وتجويع حزب الله، ينزح إلى المجهول داخل سوريا بحثًا عن "ملاذ آمن"، أو الهروب خارج البلاد، أو البحث عن اللجوء في دولة أوروبية، حيث يجد نفسه ضحية لمافيا التهريب وقوارب الموت في عرض البحر، أو الوضع المأساوي على الحدود الأوروبية.
قوات النظام السوري وحزب الله اللبناني، تحاصر مدن مضايا، وجيرود، والرحيبة، (شمال العاصمة)، والمعضمية، وداريا، والزبداني، (غرب دمشق)، ومناطق الغوطة الشرقية (كفر بطنا، وعين ترما، ودوما، وجوبر، في شرق دمشق)، ومخيم اليرموك، والحجر الأسود، وحي التضامن، وبلدة كناكر، (جنوب العاصمة)، إلى جانب مدينتي تلبيسة، والرستن ومنطقة الحولة، بريف حمص الشمالي، وحي الوعر بمركز حمص، كلها تخضع لسيطرة قوات المعارضة.
وتطوق قوات المعارضة بلدتي الفوعة، وكفريا، شمال شرقي إدلب، إلا أنها تسمح بدخول المساعدات إليها، فيما يحاصر تنظيم "داعش"، مركز محافظة دير الزور (شرق سوريا).
ويعيش 535 ألف شخص تحت الحصار، ويتوزع 50 ألفًا منهم في مضايا، و325 ألفًا في الغوطة الشرقية، و40 ألفًا في المعضمية وداريا، 60 ألفًا في مخيم اليرموك، والحجر الأسود (دمشق)، و15 ألفًا في حي الوعر (حمص)، و20 ألفا ًفي مركز دير الزور، و25 ألفًا في الفوعة وكفريا (إدلب).
وفي هذا الإطار قال يان إيجلاند مستشار المبعوث الدولي إلى سوريا، في تصريح سابق، إنهم تمكنوا من إيصال مساعدات إنسانية إلى 160 ألف مدني فقط في سوريا خلال مايو (أيار) الماضي، من أصل نحو مليون شخص يعيشون تحت الحصار.
ولفت إيجلاند، إلى أن الوضع الإنساني في كل من "داريا"، و"دوما"، و"المعضمية" (مناطق في ريف دمشق) حرج للغاية، مضيفًا، أن "الأطفال الذين يواجهون الجوع في المعضمية، سيموتون في حال لم نتمكن من الوصول إليهم".
وكان المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة استيفان دوغريك، أعلن مطلع يونيو (حزيران) الحالي، عن وصول أولى قوافل الإغاثة الإنسانية إلى مدينة داريا، وذلك لأول مرة منذ نحو 4 سنوات، فيما لم يسمح النظام السوري بدخول الأدوية، والمواد الغذائية للأطفال، واللقاحات.
وسبق أن منعت قوات النظام السوري، في 12 مايو الماضي، دخول قافلة إلى داريا رغم وصولها إلى أطراف المدينة وحصولها على موافقة النظام.
وصرح المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، في 19 مايو الماضي، أنه "إذا لم يُسجل أي تطور بشأن توصيل المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة في سوريا حتى مطلع يونيو فإننا سنلجأ إلى تقديمها عبر الجو، كحل أخير".
وقال مساعد موفد الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا رمزي عز الدين رمزي، الخميس الماضي، "ننتظر موافقة النظام السوري، لإلقاء مساعدات جوا على مناطق محاصرة لم تصلها عبر البر"، فيما تحافظ إدارتا واشنطن وموسكو، على صمتهما بخصوص مسألة إنزال المساعدات جوًا.
وكان مجلس الأمن الدولي، اعتمد بالإجماع، في 27 فبراير (شباط) فبراير الماضي، قرارًا أميركيًا روسيًا، حول "وقف الأعمال العدائية في سوريا، والسماح بالوصول الإنساني للمحاصرين".
جولة محادثات جنيف الأخيرة بين النظام والمعارضة السورية، التي جرت في أبريل (نيسان) الماضي، لم تسفر عن نتائج، وأعلنت المعارضة حينها أنّ الانتهاكات المتكررة من قِبل النظام لـ"اتفاق وقف الأعمال العدائية"، الذي بدأ سريانه في 27 فبراير الماضي، أودت بالمحادثات إلى طريق مسدود.
وكانت هذه الجولة من المحادثات الرامية لإيجاد حل سياسي للحرب في سوريا، التي تعد الثالثة، انطلقت في 13 أبريل الماضي، لكنها تأزمت بإعلان "الهيئة العليا للمفاوضات" تعليق مشاركتها بها في 20 من الشهر ذاته، بسبب تصعيد قوات النظام وحلفائه للقتال، وعدم اتخاه خطوات على صعيد إطلاق سراح المعتقلين أو السماح بدخول المساعدات.
العديد من السوريين الذين تضرر اقتصاد بلدهم بشدة بسبب الحرب الأهلية الممتدة منذ أكثر من خمسة أعوام، يشتكون الأوضاع التي أصبحت أكثر صعوبة، بيد أن الكثير من السكان فقدوا القدرة على الإحساس بروحانيات شهر الصوم.
وقال أحد سكان دمشق ويدعى أبو أنس "بالمختصر بسط (فرحة) ما فيه. يعني من الناحية النفسية. ثانيا الحالة الاقتصادية ما عادت تسمح لا الواحد يجيب معمول ولا يجيب حلويات ولا يجيب الشغلات اللي كان يحتفل فيها الواحد، فالجو كله صار بشكل عام يختلف عن رمضانات السابقة".
وقال آخر يدعى محمد حلاوني، إن الناس أصبحوا يركزون أكثر على الاحتياجات الضرورية فقط. وأضاف: "الناس كانت بوضع مرتاح أكتر من الآن طبعاً، هلا الحمد لله على كل حال إحنا ما بنحكي على بلدنا بالخصوص هي رفقات كثير بره البلد الغلاء وين ما كان".
ولم يطرأ تحسن يُذكر على القوة الشرائية لليرة السورية.
وقال أحد سكان دمشق: "كل واحد بيحضر لرمضان على قد مستواه بينزل على السوق الفقير بياكل والغني بياكل والحمد لله: شلون بدك تفسرها فسرها".
وعلى الرغم من الانتشار واسع النطاق للدمار الناجم عن الحرب الأهلية والعقوبات الغربية المفروضة على سوريا، إلا أن مصرفيين قالوا إن العملة السورية نجحت حتى الآن في تجنب الانهيار التام ويرجع ذلك لضخ مساعدات هائلة من إيران الحليف الإقليمي لسوريا.
ويُعتقد أن إيران أودعت مئات الملايين من الدولارات في الاحتياطي السوري المنهك الذي كان يبلغ 17 مليار دولار قبل بدء الأزمة.
ووفقاً للمعطيات، فإن رمضان هذه السنة لن يكون مختلفاً عن سابقه، بل امتداد لمعاناة السوريين في ظل غياب أي مؤشرات لتسوية سياسية مازالت غير واضحة حتى الآن.



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.