جامع جامع.. قامع اللبنانيين والسوريين

متهم بعسكرة المظاهرات وتسليحها في دير الزور

جامع جامع
جامع جامع
TT

جامع جامع.. قامع اللبنانيين والسوريين

جامع جامع
جامع جامع

لم يكن وقع خبر مقتل مدير فرع الاستخبارات العسكرية في سوريا جامع جامع كغيره من الأخبار في سوريا ولبنان على حد سواء.
فهو الذي ارتبط اسمه بكافة أشكال القمع والرعب والعنف الأمني والسياسي التي لم يسلم منها اللبنانيون خلال سنوات الوصاية السورية وذاق طعمها المعارضون السوريون، أقله منذ بدء الاحتجاجات ضد النظام السوري في شهر مارس (آذار) 2011. في بيروت، ارتبط اسم الضابط جامع، أحد أبرز مساعدي اللواء غازي كنعان، رئيس جهاز الأمن والاستطلاع في لبنان خلال فترة الوجود السوري. سياسيون وناشطون معارضون للوصاية السورية كانوا ضحايا سياسة القمع التي مارسها جامع انطلاقا مما كان يعرف بـ«مركز البوريفاج»، المقر الرئيسي للمخابرات السورية في بيروت والذي تولى مسؤوليته وكان حينها برتبة مقدم.

وقد دارت شبهات كثيرة حول دوره في اغتيال الرئيس اللبناني السابق رينيه معوض وورد اسمه في لوائح المشتبه بهم في اغتيال رئيس حكومة لبنان الأسبق رفيق الحريري، إلى جانب كل من رئيس الاستخبارات العسكرية صهر الرئيس بشار الأسد اللواء آصف شوكت الذي قتل في تفجير مبنى الأمن القومي في يوليو (تموز) 2012. والرئيس السابق للاستخبارات الداخلية اللواء بهجت سليمان والرئيس السابق لجهاز الأمن والاستطلاع في القوات السورية في لبنان العميد رستم غزالي والمسؤول في فرع فلسطين في المخابرات العميد عبد الكريم عباس والخبير في الاتصالات والإنترنت في المخابرات العميد ظافر اليوسف.

ولم يتردد مسؤولون لبنانيون في تلك الفترة في المجاهرة بعدائهم للمسؤولين الأمنيين السوريين ومنهم جامع، فطالب النائب وليد جنبلاط نائب وزير الخارجية السوري وليد المعلم عقب زيارته الأولى لبيروت بعد اغتيال الحريري في فبراير (شباط) 2005، بأن «يقطره معه» إلى دمشق في «المرة الثانية التي يزور فيها لبنان».

وبعد انسحاب القوات السورية من لبنان في شهر أبريل (نيسان) من عام 2005، نقل جامع إلى منطقة دير الزور شرق سوريا وعين رئيسا لفرع الأمن العسكري برتبة لواء، ثم انتقل بعدها إلى رئاسة فرع المنطقة بدمشق قبل أن يتم تعيينه رئيسا لفرع الاستخبارات الجوية في حلب.

في سوريا كما في لبنان، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بتعليقات حول اغتيال جامع، مستعيدة فصولا من ممارساتها القمعية، خصوصا أنه المسؤول الأمني الأرفع الذي تمكنت المعارضة السورية من استهدافه بعد تفجير خلية الأزمة. ومع أثر تأكيد مقتله بث معارضون مقاطع فيديو على موقع «يوتيوب» تظهر احتفالات في دير الزور، المنطقة التي كانت شاهدة على ممارساته القمعية ولا سيما خلال السنتين الأخيرتين.

ويحمل رئيس المجلس العسكري التابع للجيش الحر في دير الزور مهند الطلاع، جامع مسؤولية تحول المظاهرات السلمية التي كانت تخرج في أحياء دير الزور إلى العسكرة والتسليح، موضحا لـ«الشرق الأوسط» أن جامع أعطى أوامره بتسيير دوريات في شوارع المطار القديم والجورة والقصور والساحة لإطلاق النار على المتظاهرين السلميين ما تسبب بمقتل عدد كبير من المتظاهرين.

ويؤكد الطلاع أن «جامع كان من المقربين للرئيس السوري بشار الأسد، الأمر الذي منحه صلاحية مطلقة لاتخاذ أي قرار لقمع الثورة»، مشيرا إلى أن «جميع عناصر الأمن والجيش في المنطقة الشرقية التي تضم دير الزور والحسكة والرقة كانوا يتبعون له». ولفت إلى أن «قائد الفرقة 13 المتواجدة في دير الزور ليس أكثر من واجهة لأن القرار الفصل في إدارة العمليات ضد الجيش الحر كان يعود إلى جامع»، مستنتجا أن «يخلف مقتله فراغا عسكريا نظاميا في دير الزور، وأن يترك ثغرات كثيرة في أداء القوات النظامية، وهو ما ستسعى المعارضة لاستغلاله من أجل تحقيق المزيد من الانتصارات»، بحسب الطلاع.

وتضاربت المعلومات حول كيفية مقتل جامع المتحدر من قرية زاما في محافظة اللاذقية، بين اغتياله عبر شحنة ناسفة استهدفت موكبه في حي الجورة - دير الزور وإصابته برصاصة في الرأس، فيما ذكر التلفزيون السوري «أنه استشهد خلال قيامه بمهمته في دير الزور في ملاحقة الإرهابيين»، علما بأن شائعات سرت قبل أشهر حول مقتله في اشتباكات دارت مع عناصر منشقين في دير الزور.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».