كيف استقبل الإعلام الأفغاني الزعيم الجديد لطالبان؟!

الملا هبة الله يتحول إلى اسم يتصدر وسائل التواصل الاجتماعي في كابل

مواطن افغاني يتابع احداث مقتل الملا أختر منصور.. وفي الإطار الملا هبة الله («الشرق الأوسط»)
مواطن افغاني يتابع احداث مقتل الملا أختر منصور.. وفي الإطار الملا هبة الله («الشرق الأوسط»)
TT

كيف استقبل الإعلام الأفغاني الزعيم الجديد لطالبان؟!

مواطن افغاني يتابع احداث مقتل الملا أختر منصور.. وفي الإطار الملا هبة الله («الشرق الأوسط»)
مواطن افغاني يتابع احداث مقتل الملا أختر منصور.. وفي الإطار الملا هبة الله («الشرق الأوسط»)

من قاض في حركة طالبان الأفغانية كان المرجع الأساسي، وبالكاد يكون المصدر الوحيد الذي تراجعه طالبان في حل مشاكلها وقضايا الناس في مناطق تسيطر عليها بالداخل الأفغاني أو في مخيمات اللجوء في بيشاور أو مدينة كويتا الباكستانية التي تحولت إلى حديقة خلفية لأنشطة مقاتلي الحركة، تصدر الملا هبة الله الزعيم الجديد لطالبان المشهد الإعلامي، بعد مقتل الملا أختر منصور في غارة أميركية نفذتها طائرة بلا طيار في الخامس عشر من شهر مايو (أيار) 2016 في منطقة «أحمد وال» التابعة لإقليم بلوشستان بالقرب من منطقة المثلث الحدودي بين أفغانستان باكستان وإيران، ويعتبر الملا هبة الله شيخ الحديث والقرآن، هكذا يلقب خليفة أختر منصور أو «أمير المؤمنين» في طالبان، الذي تمت مبايعته في مكان ما في مدينة كويتا.
عقب اختيار الملا هبة الله الذي ينحدر من قبيلة «إسحاق زاي» البشتونية في ولاية قندهار عاصمة الجنوب المضطرب تخرج من مدارس ديوبندية مثله مثل باقي زعماء وقادة طالبان المتشددة، وفور تعيينه أميرا جديدا احتل الملا هبة الله الإعلام الأفغاني الوليد وباتت صورة فريدة له تنتشر في مواقع التواصل الاجتماعي مثل «فيسبوك» و«تويتر». واهتمت القنوات المحلية والعالمية بسيرة الرجل وإلى أي قبيلة أو منطقة ينتمي في قندهار، وهل ستشهد طالبان تغييرا في سياساتها خصوصا فيما يتعلق بعملياتها العسكرية والتفجيرات التي تنفذها.
وقالت غالبية مستخدمي شبكات ووسائل التواصل الاجتماعي في رسائل قصيرة وتغريدات على تويتر بأن الزعيم الجديد سيكون أسوأ وأخطر من السابق، لأنه وببساطة سيسعى إلى تكريس سلطته، وإظهار قوته من خلال التصعيد العسكري، وتنفيذ مزيد من التفجيرات والعمليات الانتحارية المغلقة والمتنقلة وإرسال رسالة إلى الحكومة وإلى من يقف وراء طالبان ويدعمها ماليا وسياسيا بأن الرجل قوي وقادر على قيادة طالبان وأنه يستطيع توحيد الفصائل المنشقة والمفككة من خلال مزيد من العمليات وأعمال العنف، وهذا ما فعل بالتحديد، حيث شنت طالبان عملية تفجير دموية استهدفت حافلات تقل القضاة في ولاية وردك ما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات قالت الحركة التي تبنتها بأنها جاءت ردا على تنفيذ الحكومة حكم الإعدام بحق ستة من أفرادها المعتقلين في السجون الحكومية في كابل.
من جهته، قال أحمد سير وهو ناشط أفغاني في وسائل التواصل الاجتماعي خصوصا فيسبوك إن الزعيم الجديد لطالبان الملا هبة الله ليس «هبة من الله» بل هو «غضب من الله»، وذلك بعد أن تبنى المتحدث باسم الحركة هجوما نفذه مسلحون على حافلات مدنية كانت في طريقها بين ولايتي قندوز وولاية بدخشان الشمالية، حيث أنزلوا المسافرين وعددهم يتجاوز مائتي شخص فقتلوا عشرين منهم بطريقة وحشية، بحجة أنهم من عناصر الشرطة والجيش، كانوا يسافرون بلباس مدني وأطلقوا سراح الآخرين، وهذا الهجوم أثار ضجة إعلامية كبيرة في أوساط وسائل الإعلام الأفغاني، الذي وصف الزعيم الجديد لطالبان الملا هبة الله بأنه كان أشد وحشية وأكثر إجراما من سابقه أختر منصور.
من ناحيته، يقول الكاتب والمحلل السياسي الأفغاني نذر محمد مطمئن، إنه منذ نحو 15 عاما، يَعدّ مجلس قيادة طالبان، القائد الجديد هبة الله، عالما روحيا ودينيا يحظى باحترام فائق. وأكد مطمئن، الذي تمكن من نشر السيرة الذاتية للقائد الجديد، أنه تحصل على هذه المعلومات عبر أصدقاء هبة الله، وآخرين مقربين منه، «الشيء الأكثر أهمية حول زعيم طالبان الجديد؛ هو أنه يكتسب سلطة دينية لدى حركة طالبان»، وأنه يُطلق على هبة الله لقب الملا، وهو ما يعني أنه قد تلقى تعليما في الشريعة والعقيدة الإسلامية.
لم يحظ هبة الله باهتمام كبير عندما كان الملا عمر قائدا لحركة طالبان، كما أن تولي دفة القيادة كان فقط خلال العام الماضي، عندما ترأس الملا منصور الحركة بعد وفاة الملا عمر.
وتقول مصادر مقربة من طالبان إن هبة الله هو نجل أحد الأئمة المحليين، ويبلغ من العمر 50 عاما، وهو من قرية قرب قندهار جنوب البلاد. وقد حارب ضد الروس في حملتهم لتوسيع الاتحاد السوفياتي في أفغانستان خلال الثمانينات، ثم هاجر فيما بعد إلى باكستان. كما أنه بادر بإطلاق (الحرب المقدسة) بحسب اعتقاده الشخصي، ضد السوفيات والشيوعيين الأفغان.
وقد «انضم القائد الجديد إلى حركة طالبان في منتصف التسعينيات؛ للقتال من أجل نشر آيديولوجيتهم في كامل أفغانستان. وبسبب غزو قندهار؛ فقد عمل هبة الله قاضيا في المحكمة».
ووفقا لوكالة أنباء «باجهوك» الأفغانية؛ فقد «أصبح هبة الله خلال حكم طالبان نائبا لرئيس العدل، وبعد الغزو الأميركي في 2001 أصبح رئيسا للعدل، وكان المساعد الشخصي للملا عمر بعد سقوط نظام طالبان، وبعد وفاة هذا الأخير؛ أصبح رئيس اللجنة السياسية والقضائية داخل حركة طالبان»، مشيرة إلى أن «خبرته في مجال القضاء؛ تفوق خبرته في مجال الحرب». وتشير مصادر قريبة من القائد الجديد، إلى أن هبة الله له شخصية مستقلة ولا تؤثر فيه أبدا المشاعر والعواطف، كما أن عمله في المحاكم أكسبه القدرة على ضبط النفس بشكل جيد. وبحسب صافي محمد الكاتب الأفغاني فإن القائد الجديد يعيش في كويتا عاصمة إقليم محافظة بلوشستان الباكستانية، وهي منطقة تسمح الحكومة الباكستانية بتجول أعضاء طالبان داخلها. وأضاف أن الزعيم الحالي يُعرف «بقسوته وتشدّده».
وبحسب مقربين من القائد الجديد؛ فإن هبة الله يعرف بأنه كان «متشددا حتى مع أعضاء الحركة، حيث كان يصدر أحكاما قاسية خلال توليه منصب رئيس المحاكم في قندهار، وصولا إلى إصدار حكم بالإعدام في حق أي شخص يشكك في قيادة الملا منصور. ونتيجة لذلك؛ فقد قتل الكثير من قادة القبائل. كما أن هناك شائعات تقول بأن الملا هبة الله كان يعارض نشر الصور ومقاطع الفيديو الخاصة بحركة طالبان في وسائل الإعلام»، على حد قول شيوخ وزعماء القبائل.
وتقول المصادر إن نائب وزير الخارجية السابق لحركة طالبان، عبد الرحمن زاهد، صرّح بأن «الملا منصور كان أكثر مرونة وخبرة، وأكثر انفتاحا لاستئناف عملية السلام»، مضيفة أن «الملا هبة الله لا يقبل الحوار، كما أنه ما زال يحافظ على المواقف القبلية التقليدية، حيث إنه يستغرق وقتا طويلا لمباشرة أي عملية سياسية».
وكشف أحد قادة طالبان السابقين أن «الزعيم الجديد لا يملك شخصية قوية مثل الملا عمر، وليس مواكبا للعصر مثل الملا منصور، فهو القائد الأكثر عنادا وتعقيدا»، مشيرا إلى أن «استئناف محادثات السلام مع الحركة في ظل قيادة الملا هبة الله سيكون أكبر مفاجأة».
وعلق السفير الأميركي السابق لدى أفغانستان، زلماي خليل زاد على تعيين الملا هبة الله، حيث كتب على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» أن «قيادة هبة الله لحركة طالبان؛ لا تبشّر بمصالحة وسلام في أفغانستان في المستقبل القريب». ويبدو أن الولايات المتحدة «عمدت إلى القضاء على القائد الأقل تطرفا لإحداث انقسامات داخلية، لكن لا يزال الوقت مبكرا لظهور مثل هذه الانقسامات».



كيف يتفادى الناشرون قيود منصات «التواصل» على المحتوى السياسي؟

كيف يتفادى الناشرون قيود منصات «التواصل» على المحتوى السياسي؟
TT

كيف يتفادى الناشرون قيود منصات «التواصل» على المحتوى السياسي؟

كيف يتفادى الناشرون قيود منصات «التواصل» على المحتوى السياسي؟

تزامناً مع انتشار الصراعات والأزمات والأحداث السياسية، تزايدت الشكاوى من حذف منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي بحجة «تعارضها مع أو انتهاكها لمعايير النشر على تلك المنصات»، الأمر الذي جدّد الجدل حيال مدى تأثر المواقع الإخبارية بقيود منصات «التواصل» على المحتوى السياسي، وكيف يتفادى الناشرون الخوارزميات لعدم حذف تقاريرهم عن النزاعات والحروب.

وحقاً، طوال السنة تصاعدت شكاوى ناشرين وصُناع محتوى من القيود المفروضة على نشر المحتوى السياسي، لا سيما في فترات الأحداث الكبرى خلال «حرب غزة»، من بينها أخيراً قتل رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» يحيى السنوار، ولقد شكا صحافيون ومنصات إخبارية من «حذف» منشوراتهم و«تقييد» صفحاتهم بسبب نشرهم محتوى عن مقتل السنوار. خبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» أكدوا أن منصات التواصل الاجتماعي، لا سيما تلك التابعة لشركة «ميتا»، زادت من قيودها على نشر المحتوى السياسي، واقترحوا وسائل عدة للالتفاف حول تلك القيود: أبرزها الالتزام بالمعايير المهنية، وبناء استراتيجيات جديدة للترويج للمحتوى لا تعتمد بشكل كلي على وسائل التواصل الاجتماعي.

الدكتورة مي عبد الغني، أستاذة الإعلام في جامعة بنغازي والباحثة في الإعلام الرقمي، أرجعت استمرار منصات التواصل الاجتماعي في حذف بعض المنشورات والحسابات إلى «تعارض تلك المنشورات مع المصالح السياسية للشركات المالكة للمنصات». وأردفت أن «تحكم المنصات في المحتوى المنشور يزداد في أوقات الحروب والأزمات وفترات التوتر العالمي، على غرار الحرب الدائرة منذ أكثر من سنة في غزة».

وأوضحت مي عبد الغني أنه «على مدار العام الماضي تعرض المحتوى العربي لأشكال عدة من التقييد ومنع وصول المحتوى وإيقاف البث المباشر، وحذف وحظر المنشورات وحتى إيقاف الحسابات... من الطبيعي أن ينعكس ذلك على حسابات المواقع الإخبارية العربية، لكونها معنية بنقل ما يحدث في المنطقة من زاوية قد تتعارض مع مصالح وتوجهات الجهات المالكة لمنصات التواصل الاجتماعي».

لمواجهة هذه القيود اقترحت الباحثة والأكاديمية «استخدام أساليب عدة من بينها تقطيع الكلمات، أو استخدام أحرف لاتينية في الكتابة أو صور، مع محاولة اختيار الألفاظ بشكل دقيق للتحايل على خوارزميات منصات التواصل الاجتماعي».

في المقابل، يرى الصحافي المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، خالد البرماوي، أن «كُل طُرق التحايل لتفادي قيود منصات التواصل على نشر المحتوى، ليست إلا حلولاً مؤقتة... وهذه الطرق عادةً ما تُكتَشف بعد فترة، ما يجعلها عديمة الفاعلية في منع الحذف».

وأضاف البرماوي: «على المواقع الإخبارية أن تبني استراتيجيتها الترويجية بعيداً عن منصات التواصل الاجتماعي بحيث تكون لها وسائلها الخاصة للترويج، مهما تطلب ذلك من وقت ومجهود». ولذا اقترح أن «تلجأ المواقع الإخبارية إلى تنويع حساباتها على المنصات، بعمل حسابات مختلفة للأخبار والمنوعات والرياضة، إضافة إلى ممارسة الضغط على وسائل التواصل الاجتماعي لتقليل القيود المفروضة على نشر المحتوى الإخباري».

ويوضح محمد فتحي، الصحافي المتخصّص في الإعلام الرقمي، أنه منذ بدء «حرب غزة» أدخلت منصات التواصل الاجتماعي سياسات وقيوداً تؤثر على ظهور المحتوى المتعلق بالحرب، وهو ما «عرّض تلك المنصات لانتقادات عدة واتهامات بالتضليل».

وأكد فتحي أنه «إذا أراد الناشر الاستفادة من المنصات، فيجب عليه مراعاة معاييرها وسياستها... بينما على ناشري المحتوى الموازنة بين المنصات المختلفة، فلكل منصة سياسة خاصة بها، وما يصلح للنشر على (يوتيوب) قد لا يناسب (فيسبوك)». واختتم بالتشديد على «ضرورة مراعاة المعايير المهنية وتدقيق المعلومات عند النشر كوسيلة لتفادي الحذف... فالالتزام بالمهنية غالباً ما يكون الحل الأمثل لمواجهة أي قيود».