جنوبيات يتطلعن إلى تمثيل المرأة لأول مرة في الانتخابات البرلمانية العراقية المقبلة

أحزاب وكيانات كبيرة تستعين بالمستقلات لضمان عدد أكبر من أصوات النساء

القاضية رغد الكناني (يمين) و الناشطة النسوية خلود الشمري
القاضية رغد الكناني (يمين) و الناشطة النسوية خلود الشمري
TT

جنوبيات يتطلعن إلى تمثيل المرأة لأول مرة في الانتخابات البرلمانية العراقية المقبلة

القاضية رغد الكناني (يمين) و الناشطة النسوية خلود الشمري
القاضية رغد الكناني (يمين) و الناشطة النسوية خلود الشمري

مع اقتراب الموعد الرسمي لإطلاق الحملات الإعلانية لمرشحي البرلمان العراقي المقبل، تتطلع عدد كبير من النساء في محافظات جنوب العراق وأغلبهن من المستقلات لتمثيل المرأة لأول مرة في تلك الانتخابات التي ستجري في 30 أبريل (نيسان) المقبل.
محاميات وناشطات مدنيات ومدرسات وحتى قاضية استعانت بها الأحزاب والكيانات السياسية لضمان عدد أكبر من أصوات النساء ولتحسين صورة المرأة الجنوبية في البرلمان المقبل، بينما بينت إعلامية متخصصة بالشأن النسوي أن الحظوظ ستكون متساوية بين النساء بغض النظر عن طبيعة التمثيل والكيان السياسي رغم وجود سلطة الرجل في مناطق جنوب العراق.
القاضية رغد مؤيد الكناني عملت بالقضاء في قصر العدالة في البصرة وهي خريجة المعهد القضائي العالي عام 2007، قدمت نفسها أخيرا بصفتها إحدى المرشحات للدورة الانتخابية المقبلة، قالت في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك توجها كبيرا في الشارع العراقي نحو المرشحات المستقلات من الكفاءات المعتدلات في أفكارهن، وكذلك أن رجال الدين أكدوا على انتخاب الأجدر والأصلح بغض النظر عن توجهه أو معتقده أو عشيرته».
وأضافت الكناني «أنا مرشحة للمرة الأولى، والذي دفعني للترشيح الوضع المأساوي الذي وصل له البلد من تردٍّ في الخدمات والأوضاع المعيشية وعجز البرلمان لدورتين عن إحراز أي تقدم في مختلف مجالات الحياة، ولعل قانون التقاعد كان الأكثر إحباطا لنا كعراقيين».
وتابعت: «حرصي على إظهار صورة مختلفة للبرلمانية العراقية، صورة بعيدة عن استعراض عضلات اللسان، صورة تنم عن ثقافة المرأة العراقية، المرأة الشجاعة المثقفة التي تحمل فعلا هم بلدها والتي تطمح بمنصب لأجل شعبها وليس لنفسها، امرأة قادرة على الفعل قبل القول وإعطاء صورة حقيقية عن شخصيتها وعمق فكرها.. هو ما دفعني للترشيح».
وجه آخر للمرأة البصرية تمثل في ثورة جواد، إحدى الناشطات المدنيات التي ترشحت لخوض غمار الانتخابات المقبلة، قالت إن «حظوظ النساء المرشحات مرتبط بنجاح القائمة ومساحة الأصوات التي تحصل عليها، لكن الصعاب كبيرة أولها الجهل المستشري في عقول الناخبين ونقصان النضج الفكري الذي يجعل العدد الكبير من الناخبين ينتخب وفقا لمؤثرات دينية ومذهبية وقومية»، لافتة إلى أن «نظرة المجتمع الذكوري وفقدان ثقة الناخب بالمؤسسة التشريعية ونظرته للمرأة الجريئة القادرة على العمل.. كل هذه المقومات أضعفت فرص المرأة الناجحة المستقلة غير التابعة لجهة سياسية أو دينية».
وأضافت أن «التغيير لا يمكن أن يحصل بمجرد وصولي وغيري من النساء المدنيات إلى البرلمان لأن المجتمع الذكوري متعلق بنظرة هذا المجتمع لعصور فاتت، لذا فالعمل على التغيير يجب أن يكون على الجيل القادم ومحاولة التغيير الآن هي محاولة للتخفيف من خلال التأثير عليهم بواسطة ضوابط تضمن حقوق المرأة وأهمها تشريع قوانين تضمن ذلك».
وبالانتقال إلى محافظة أخرى من محافظات جنوب العراق (ذي قار)، لم يختلف حال المرشحات عن محافظة البصرة حيث المخاوف من تحكم الرجل بالأصوات، لكن بدا التفاؤل لدى عدد من المرشحات في الانتخابات البرلمانية المقبلة.
وقالت خلود الشمري، ناشطة نسوية في مدينة الشطرة كبرى مدن محافظة ذي قار، إن «حظوظ المرأة في التيارات المدنية أقل مما في التيارات الإسلامية لأن المجتمع يعيش حالة ازدواجية يريد أن يغير ولكن النزعة العشائرية والطابع الديني هما المسيطران لذلك نجد حظوظ المرأة أقل في هذه التيارات المدنية».
وأضافت: «أنا مصرة على التغير ولا يهمني الفوز بالدرجة الأولى بل تغير الرؤى الخاطئة لدى المجتمع، لذا قررت الترشح للانتخابات المقبلة»، لافتة إلى قولها: «وجدت نفسي مكبلة بقيود لا أستطيع بها العمل بحرية، فالأحزاب معظمها متشددة في قراراتها ولا تفسح المجال لإبداء الرأي ويكون الولاء للرئيس وليس للبلد، وهذا ما جعلني أبحث عن التيارات المدنية على الرغم من أني مستقلة، ووجدت هذه التيارات لديها شفافية في التعامل وإبداء الرأي وهناك مجال باتخاذ القرارات».
إلى ذلك، قالت ماري العوادي، مرشحة أخرى من محافظة ذي قار: «أعتقد أن للمرأة فرصة للنجاح وخاصة خلال الدورة الجديدة بعد أن عرف الناس وخاصة النساء إمكانية الحصول على مقعد بعدد أصوات أقل، ويمكن أن تمثلها وتدافع عن حقوقها أكثر من الرجل».
وأضافت: «أنا أعتقد أننا تجاوزنا أن يكون للرجل والدين سيطرة على رأي المرأة في الانتخابات من خلال معرفتي بنساء مدينتي».
وعن مدى منافسة النساء الجنوبيات من التكنوقراط والمدنيات نظيراتهن من النساء المدعومات من أحزاب ذات طابع ديني في الحصول على الأصوات ودخول قبة البرلمان، قالت الصحافية ورود صالح، المتخصصة في الشأن النسوي جنوب العراق، إن «طبيعة المجتمع العراقي ولا سيما في الجنوب لا تسمح للمرأة بالتخلص من فرض اختيارات الرجل ما عدا بعض العائلات المتمدنة والتي لا تشكل نسبا عالية في المحافظات الجنوبية، حيث إن العائلة تنتخب جميعها مرشحا واحدا اعتمادا على أسس عشائرية ومناطقية».
وأضافت: «أعتقد أن الحظوظ متساوية للمرشحات المدنيات والمدعومات من أحزاب إسلامية في حال وصول الكتل المدنية إلى العتبة الانتخابية المطلوبة، و(الكوتا) النسائية يمكن أن تساهم في وصول أي مرشحة».



الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

مبنى مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية في مدينة إب (فيسبوك)
مبنى مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية في مدينة إب (فيسبوك)
TT

الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

مبنى مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية في مدينة إب (فيسبوك)
مبنى مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية في مدينة إب (فيسبوك)

يواجه آلاف المرضى بالسرطان في محافظة إب اليمنية (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) خطر الموت نتيجة غياب الرعاية الصحية والنقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية وغياب الدعم، في ظل اتهامات لقادة الجماعة الحوثية بالمتاجرة بالأدوية وتعطيل مراكز علاج ودعم الحالات المصابة بالمرض.

وأرجعت مصادر طبية في المحافظة نقص الأدوية والمستلزمات الطبية، والتي كانت تقدم مجاناً من منظمات دولية وجهات خيرية، إلى مساعي الجماعة الحوثية للاستفادة من التمويل الموجه للمرضى، والحصول على إيرادات مالية من الأدوية والتدخل الدائم في العمل الإغاثي الطبي، وفرض قرارتها على الجهات الممولة، وإدارة شؤون المستشفيات والمراكز الصحية.

ووجّه فرع «مؤسسة مكافحة السرطان» في إب نداء استغاثة جديداً، هو الثالث خلال الأشهر القليلة الماضية، لدعم «مركز الأمل لعلاج الأورام» التابع لها، ومدّه بالأدوية والمستلزمات التي يحتاجون إليها لعلاج المرضى.

أطفال مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خلال مشاركتهم في مخيم ترفيهي (فيسبوك)

وأعلن فرع مؤسسة مكافحة السرطان، في بيان له، تسجيل 753 حالة إصابة جديدة بمرض السرطان في إب خلال العام الحالي، موضحاً أن معظم المرضى الذين يتوافدون حالياً على مركز الأمل لعلاج الأورام، وهم من الأسر الفقيرة والأشد فقراً، لا يتحصلون على الرعاية الطبية؛ بسبب شح الإمكانات.

زيادة في المصابين

واشتكى فرع المؤسسة في بيانه من أن التزايد المستمر في أعداد المصابين بالمرض يُحمّل المؤسسة ومركز الأورام تبعات كثيرة في الوقت الذي يعانيان قلة الإيرادات والافتقار للدعم الثابت؛ ما يجعلهما غير قادرين على توفير، ولو الحد الأدنى من الخدمات التشخيصية والصحية للمرضى.

وناشد البيان الجهات ذات العلاقة والمنظمات ورجال الأعمال، بإسنادهم بالدعم من أجل الاستمرار بتقديم الخدمات الصحية التشخيصية والعلاجية للمرضى.

مبنى فرع مؤسسة مكافحة السرطان في إب (فيسبوك)

وذكرت مصادر طبية في إب لـ«الشرق الأوسط»، أن المحافظة الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، شهدت مئات الإصابات الجديدة بالمرض، بالتزامن مع معاناة كبيرة لأكثر من 6 آلاف مصاب من مختلف الأعمار.

موارد محدودة

اشتكى عدد من المرضى من انعدام العلاج وانقطاع الخدمات الطبية، لافتين إلى أنهم يواجهون خطر الموت جراء فشل الجماعة الحوثية في إدارة المرافق الصحية وعبث قادة الجماعة بالموارد والمساعدات والإتجار بها في السوق السوداء.

وبيَّنوا لـ«الشرق الأوسط»، أنهم لا يزالون يعانون مضاعفات كبيرة وظروفاً حرجة في ظل سياسات حوثية خاطئة تستهدف جميع مؤسسات ومراكز مكافحة السرطان في المحافظة وأثرت سلباً على تلقيهم الرعاية الطبية.

يقول عبد الله، وهو شاب من مدينة العدين غرب المحافظة، وقدِم إلى فرع مؤسسة مكافحة السرطان لعلاج والدته التي تعاني سرطاناً في الحلق، إنه تردد على فرع المؤسسة لأكثر من 3 أيام؛ أملاً في الحصول على الرعاية الطبية لوالدته، لكن دون جدوى.

قادة حوثيون يفرضون وجودهم في افتتاح مركز لمعالجة الأورام في إب اليمنية بتمويل من فاعلي خير (إعلام حوثي)

ويعبّر عبد الله لـ«الشرق الأوسط» عن شعوره بالحزن والأسى وهو يرى والدته تصارع المرض، بينما يعجز حتى اللحظة عن تأمين جرعة العلاج الكيماوي لها وبعض الأدوية الأخرى؛ بسبب انعدامها في فرع المؤسسة، وارتفاع تكلفتها في العيادات الخارجية والصيدليات التي تتبع أغلبها قيادات حوثية.

ويشير عاملون في فرع المؤسسة المعنية بمكافحة السرطان في إب خلال أحاديثهم لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن مركز الأمل لعلاج الأورام التابع لمؤسسة مكافحة السرطان، لا يزال يُقدم كل ما يمكن من خدمات مجانية للمرضى، رغم تكرار الاستهداف الحوثي له ومنتسبيه، معتمداً على القليل جداً من التبرعات المقدمة من بعض الجهات وفاعلي الخير.

وطالب العاملون المنظمات الدولية والمعنيين بسرعة إنقاذ مرضى السرطان الذين يواجهون خطر الموت ويتجمعون يومياً بالعشرات أمام المراكز والمؤسسات والمستشفيات في المحافظة، أملاً في الحصول على الرعاية الصحية المناسبة.

القطاع الصحي في اليمن يعيش وضعاً متردياً تحت سيطرة الجماعة الحوثية (إ.ب.أ)

وأقرَّت الجماعة الحوثية سابقاً بارتفاع عدد مرضى السرطان بعموم مناطق سيطرتها إلى نحو 80 ألف مريض.

وأطلق فرع «مؤسسة مكافحة السرطان» في إب، أواخر أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي، نداء استغاثة، بعد بلوغ أعداد المرضى المسجلين لدى فرع المؤسسة بالمحافظة وقتها 6060 حالة.

وقبل ذلك بأشهر أطلق الفرع نداء استغاثة مماثلاً، لدعم «مركز الأمل لعلاج الأورام» التابع له، والذي يواجه الإغلاق الوشيك نتيجة نقص الدعم وغياب التمويل.