مؤشرات على انكفاء «حزب الله» في عرسال والقلمون الغربي.. وتقلص عدد مقاتليه

مصدر: أرجأ معركة كانت مقررة في الربيع واستبدل بها خطة استنزاف للخصم

مؤشرات على انكفاء «حزب الله» في عرسال والقلمون الغربي.. وتقلص عدد مقاتليه
TT

مؤشرات على انكفاء «حزب الله» في عرسال والقلمون الغربي.. وتقلص عدد مقاتليه

مؤشرات على انكفاء «حزب الله» في عرسال والقلمون الغربي.. وتقلص عدد مقاتليه

تراجعت وتيرة المعارك في جرود عرسال في شرق لبنان الحدودية مع سوريا، حتى باتت تقتصر على ضربات متفرقة بين مقاتلي المعارضة السورية و«جبهة النصرة» من جهة، ومقاتلي ما يُسمى «حزب الله» اللبناني من جهة أخرى، وسط «مؤشرات على انكفاء الحزب في المنطقة»، و«تخفيض عدد عناصره» في مواقعه، بحسب ما قالت مصادر سوريا معارضة لـ«الشرق الأوسط».
ونفذ مقاتلو الحزب، أمس، ضربة في جرود عرسال الجنوبية لمقرات تابعة لـ«جبهة النصرة»، وهو ما وضعته مصادر لبنانية ميدانية ومصادر سوريا ضمن إطار «ضرب التحركات التي ينفذها الحزب روتينيا». لكن المصادر السورية أكدت أن هذه الضربة التي نفذها الحزب «هي الأولى منذ شهر»، وأنه «لم يقم بتحركات في المنطقة، في مؤشر على انكفائه».
وقال عضو مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق إسماعيل الداراني لـ«الشرق الأوسط» إن مقاتلي المعارضة في جرود عرسال والقلمون الغربي «لم يرصدوا أي تحركات لمقاتلي الحزب إلى الأمام من مواقعهم الثابتة في المنطقة منذ شهر»، مشيرا إلى أن عددهم «تقلص خلال الفترة الماضية، ما يدل على انسحابات نفذت خلف خطوط مواقعهم»، مشيرا إلى أن «هذا الانكفاء لم يُعهد في المنطقة منذ وصول مقاتلي الحزب إلى القلمون». وأرجع هذا التراجع إلى «توزيع الحزب مقاتليه على جبهات متعددة في عدة مناطق سوريا».
وتلتقي تلك المعلومات مع ما أكده مصدر ميداني لبناني أن عمل مقاتلي الحزب في المنطقة «يقتصر في الفترة الحالية على ضرب تحركات المسلحين المتشددين في جرود عرسال»، مشيرا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الحزب «كان يخطط لعملية عسكرية واسعة في جرود عرسال في مارس (آذار) الماضي، لكنه أرجأها لأسباب غير معروفة، واستبدلها بخطة عسكرية لاستنزاف المسلحين المعارضين في الجرود من غير التحرك بشكل واسع لتنفيذ عملية عسكرية كبيرة».
وفي المقابل، تؤكد المعارضة السورية أنها اتجهت لتفعيل عملياتها في المنطقة؛ «مستفيدة من انكفاء قوات النظام السوري على الجبهة السورية من الحدود، وقوات ما يسمى (حزب الله)». وقال الداراني إن «تشكيلات الجيش الحر وقوات جبهة النصرة في المنطقة، اتخذت قرارا بتنفيذ الكمائن المسلحة وتفعيل عمل القناصين لاستهداف مقاتلي الحزب في مواقعهم وأثناء تحركاتهم»، مشيرا إلى أن قوات المعارضة «نفذت ثلاث عمليات ضرب للحزب خلال الأسبوعين الأخيرين، أسفرت عن سقوط خسائر في صفوفه». وأشار إلى «وعود تلقتها الفصائل برفدها بالدعم بغرض تنفيذ عمليات عسكرية في القلمون الغربي».
وتوجد قوات تابعة لـ«جبهة النصرة» وتشكيلات الجيش السوري الحر بشكل أساس في جرود بلدة عرسال اللبنانية، وجرود فليطا الملاصقة لجرود عرسال اللبنانية، كما في سهل رنكوس على المقلب السوري من الحدود. وكان الحزب نفذ في الصيف الماضي عملية واسعة استعاد فيها السيطرة على قسم كبير من الجرود الحدودية مع لبنان، وانتهت في شهر يونيو (حزيران) 2015، وتوقفت عند حدود جرود فليطا التي لا تزال تسيطر عليها قوات تابعة للمعارضة السورية وجبهة النصرة، ونفذت فيها هجوما ضد مواقع الحزب القريبة في الأسبوع الماضي.
وأمس، تحدثت وسائل إعلام لبنانية وناشطون سوريون عن أن الحزب «استهدف تحركا لمسلحي (النصرة) في منطقة الكسارات جنوب شرقي عرسال في البقاع الشمالي» في شرق لبنان، وأن القصف أسفر عن مقتل عدد من المسلحين.
وقال مصدر ميداني لبناني لـ«الشرق الأوسط» إن «جبهة النصرة» «كانت تنفذ عملية تغيير عسكري في مواقعها في محاولة لأحداث تغييرات تكتيكية في المنطقة، وهو ما رصده مقاتلو الحزب فاستهدفوا التحرك»، مشيرا إلى أن العمليات التي يتبعها الآن «تتمثل في عملية قصف لمواقع جبهة النصرة ومراكزها المستحدثة، فضلا عن قصف التحركات»، واصفا العمليات بأنها «عمليات عسكرية محدودة». وتنتشر «النصرة» في جرود عرسال في بقعة جغرافية محدودة، تتركز في وادي الخيل، لكنها مفتوحة على جرود فليطا في الأراضي السورية، في مقابل مساحة جغرافية أكبر يسيطر عليها تنظيم داعش، وتمتد من جرود عرسال اللبنانية، باتجاه الجرود الواقعة شمال شرقي لبنان التابعة لمناطق الفاكهة وراس بعلبك والقاع؛ حيث تنتشر على الصفة اللبنانية من الحدود مقابل مناطق انتشار «داعش»، مواقع للجيش اللبناني، وتستهدف تحركات المسلحين بشكل دائم في جرود المنطقة.



تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)
تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)
TT

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)
تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)

كشف فريق الخبراء الأُمميّين المعنيين باليمن أن الحوثيين متورّطون بتحالفات وثيقة مع تنظيمات إرهابية، وجماعات مسلحة في المنطقة، متهِماً الجماعة بابتزاز وكالات الشحن البحري مقابل عدم اعتراض سفنها التجارية؛ للحصول على مبالغ قُدّر بأنها تصل إلى 180 مليون دولار شهرياً.

وذكر الخبراء الأُمميّون في تقريرهم السنوي الذي رفعوه إلى مجلس الأمن، أن الجماعة الحوثية تنسّق عملياتها بشكل مباشر منذ مطلع العام الحالي مع تنظيم «القاعدة»، وتنقل طائرات مسيّرة وصواريخ حرارية وأجهزة متفجرة إليه، وتوفر التدريب لمقاتليه، مؤكداً استخدامه الطائرات المسيّرة، والأجهزة المتفجرة يدوية الصنع، لتنفيذ هجماته على القوات الحكومية في محافظتي أبين وشبوة جنوب البلاد.

التقرير الذي نقل معلوماته عن مصادر وصفها بالسرّية، عَدّ هذا التعاون «أمراً مثيراً للقلق»، مع المستوى الذي بلغه التعاون بين الطرفين في المجالين الأمني والاستخباراتي، ولجوئهما إلى توفير ملاذات آمنة لأفراد بعضهما بعضاً، وتعزيز معاقلهما، وتنسيق الجهود لاستهداف القوات الحكومية.

وحذّر التقرير من عودة تنظيم «القاعدة» إلى الظهور مجدّداً بدعم الجماعة الحوثية، بعد تعيين قائد جديد له يُدعى سعد بن عاطف العولقي، وبعد أن «ناقشت الجماعتان إمكانية أن يقدّم التنظيم الدعم للهجمات التي تشنّها ميليشيا الحوثي على أهداف بحرية».

استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

مصادر فريق الخبراء الدوليين أبلغت أن كلتا الجماعتين اتفقتا على وقف الهجمات بينهما وتبادُل الأسرى، ومن ذلك الإفراج عن القائد السابق لتنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب؛ سامي ديان، الذي حُكم عليه بالسجن 15 سنة قبل انقلاب الجماعة الحوثية في العام 2014.

كما كشف الخبراء الأمميون عن تعاون مُتنامٍ للجماعة الحوثية مع «حركة الشباب المجاهدين» في الصومال، في إطار خططها لتنفيذ هجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، وخليج عدن من الساحل الصومالي، لتوسيع نطاق منطقة عملياتها العدائية ضد الملاحة الدولية.

تعاون مع الإرهاب

أورد الفريق الأممي معلومات حصل عليها من الحكومة اليمنية عن أنشطة تهريب متزايدة بين الحوثيين و«حركة الشباب» الصومالية، يتعلق معظمها بالأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة، مشيراً إلى امتلاك الجماعتين أسلحة من نفس الطرازات، وبأرقام تسلسلية من نفس الدفعات، ما يرجّح توريدها ونقلها بصورة غير مشروعة بينهما، إلى جانب وجود مورّد مشترك إلى كلتيهما.

وقال الفريق إنه يواصل تحقيقاته بشأن أوجه التعاون المتزايدة بين الجماعة الحوثية و«حركة الشباب» في تهريب الأسلحة، لزعزعة السلام والأمن في اليمن والمنطقة.

ووصف التقرير هذا التعاون بـ«ثمرة تصاعد وتيرة العنف بعد حرب غزة، والتأثير السلبي في جهود السلام اليمنية».

وسبق للحكومة اليمنية الكشف عن إطلاق الجماعة الحوثية سراح 252 من عناصر تنظيم «القاعدة» كانوا محتجَزين في سجون جهازَي الأمن السياسي والقومي (المخابرات) اللذَين سيطرت عليهما الجماعة الحوثية عقب انقلابها، بما في ذلك إطلاق سراح 20 عنصراً إرهابياً في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018.

الحكومة اليمنية حذّرت أكثر من مرة من تعاون الجماعة الحوثية وتنظيم «القاعدة» (غيتي)

وأعادت الحكومة اليمنية، في تصريحات لوزير الإعلام معمر الإرياني، التذكير بخطر تعاون الجماعتين، واستهدافهما الدولة اليمنية، وزعزعة الأمن والاستقرار في المناطق المحرَّرة، وتوسيع نطاق الفوضى، مما يهدّد دول الجوار، ويشكّل خطراً على التجارة الدولية وخطوط الملاحة البحرية.

وطالب الوزير اليمني المجتمع الدولي والأمم المتحدة باتخاذ موقف حازم وفوري لمواجهة هذه التحركات، وضمان السلام والأمان للشعب اليمني والمنطقة والعالم بأسره، «عبر تصنيف الجماعة الحوثية تنظيماً إرهابياً عالمياً، وتجفيف منابعها المالية والسياسية والإعلامية، ودعم استعادة سيطرة الدولة على كامل الأراضي اليمنية».

تقرير الخبراء لفت إلى تزايُد التعاون بين الجماعة الحوثية وجماعات مسلحة عراقية ولبنانية، واستغلالها التصعيد في المنطقة لتعزيز تعاونها مع «محور المقاومة» التابع لإيران، وتَلقّي مساعدات تقنية ومالية وتدريبات من إيران والجماعات المسلحة العراقية و«حزب الله» اللبناني، و«إنشاء مراكز عمليات مشتركة في العراق ولبنان تضم تمثيلاً حوثياً».

جبايات في البحر

يجري تمويل الجماعة الحوثية من خلال شحنات النفط التي تُرسَل من العراق إلى اليمن وفقاً للتقرير الأممي، ويتلقى المقاتلون الحوثيون تدريبات عسكرية تحت إشراف خبراء من «الحشد الشعبي» في معسكرات خاصة، مثل مركز بهبهان التدريبي بمنطقة جرف الصخر.

الناطق باسم الجماعة الحوثية محمد عبد السلام يعمل على تنسيق التعاون بينها وبين محور إيران في المنطقة (أ.ف.ب)

وتنظم جماعات مسلحة عراقية حملات تبرعات لدعم الجماعة الحوثية، بإشراف قيادات محلية بارزة، مثل أمير الموسوي؛ المتحدث باسم «تجمّع شباب الشريعة»، الخاضع لسيطرة «كتائب حزب الله»، ويتم تدريب المقاتلين الحوثيين على استهداف السفن، ويجري نقلهم باستخدام جوازات سفر مزوّرة منذ إعادة فتح مطار صنعاء خلال العام قبل الماضي.

ومما كشف عنه تقرير الخبراء أن الجماعة الحوثية تجني مبالغ كبيرة من القرصنة البحرية، وابتزاز وكالات وشركات الشحن الدولية التي تمرّ سفنها عبر البحر الأحمر، وفرض جبايات عليها، مقدِّراً ما تحصل عليه من خلال هذه الأعمال بنحو 180 مليون دولار شهرياً.

ووصف سلوك الجماعة ضد وكالات وشركات الشحن البحرية بالابتزاز الممنهج، حيث تفرض الجماعة رسوماً وجبايات على جميع وكالات الشحن البحري للسماح بمرور سفنها التجارية عبر البحر الأحمر وخليج عدن، مقابل عدم استهداف سفنها أو التعرض لها.

ما يقارب 180 مليون دولار تجنيها الجماعة الحوثية شهرياً من ابتزاز وكالات النقل البحري مقابل عدم استهداف سفنها (أ.ب)

وأضاف التقرير أن هذه المبالغ «الضخمة» تسهم بشكل كبير في تمويل الأنشطة الحوثية «الإرهابية»، حسب وصفه، كشراء الأسلحة والذخيرة وتدريب المقاتلين.

ويرى وكيل وزارة الإعلام في الحكومة اليمنية، فياض النعمان، أن «الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران تُغرق اليمن والمنطقة في المزيد من الفوضى والاضطرابات، من خلال ممارساتها وأعمالها العدائية، وتُسهم في إذكاء الصراع الخطير بالمنطقة».

وأضاف النعمان في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن «التقرير الأممي يكشف عن أكاذيب الميليشيات الحوثية التي تدّعي نصرة القضية الفلسطينية، بينما تستغل هذا الصراع لتوسيع نفوذها وزيادة ثرواتها، من خلال الجبايات على المواطنين، وابتزاز وكالات الشحن الدولية».