ليبيا: حفتر يتحدى حكومة السراج ويتجاهل دعوة كوبلر لوقف إطلاق نار في بنغازي

استمرار المعارك في سرت ضد تنظيم داعش

وزير الدفاع في حكومة الوفاق الوطني المهدي البرغثي في مؤتمر صحافي ببنغازي أمس الأول (رويترز)
وزير الدفاع في حكومة الوفاق الوطني المهدي البرغثي في مؤتمر صحافي ببنغازي أمس الأول (رويترز)
TT

ليبيا: حفتر يتحدى حكومة السراج ويتجاهل دعوة كوبلر لوقف إطلاق نار في بنغازي

وزير الدفاع في حكومة الوفاق الوطني المهدي البرغثي في مؤتمر صحافي ببنغازي أمس الأول (رويترز)
وزير الدفاع في حكومة الوفاق الوطني المهدي البرغثي في مؤتمر صحافي ببنغازي أمس الأول (رويترز)

تجاهلت القيادة العامة للجيش الليبي مجددا دعوة رئيس بعثة الأمم المتحدة، مارتن كوبلر، لوقف إطلاق نار فوري بين الأطراف المتحاربة في مدينة بنغازي بشرق ليبيا، وأعلنت في المقابل أنها لن تسمح لأي وزارة أو جسم يتبع حكومة الوفاق الوطني المقترحة من البعثة الأممية برئاسة فائز السراج، بالعمل من بنغازي إلا بعد الحصول على موافقة مجلس النواب.
وقال الناطق الرسمي باسم الجيش الليبي، العقيد أحمد المسماري، إن قيادة الجيش لن تسمح باستبدال مسميات إجرامية سابقة بأخرى جديدة، لافتا إلى محاولة تنظيمات متطرفة مثل الدروع وأنصار الشريعة و«داعش»، تغيير مسمياتها. واتهم المسماري في بيان حصلت لـ«الشرق الأوسط» على نسخة منه، جهات لم يحددها، بالعمل على تعطيل انتصارات الجيش في بنغازي ضد الجماعات المتطرفة.
من جهته، قال مكتب الفريق خليفة حفتر القائد العام للجيش الليبي، إنه أصدر تعليماته لقواته بتحرير المحور الشرقي في بنغازي الذي يضم منطقتي الصابري وسوق الحوت من قبضة الجماعات المتطرفة التي ما تزال تتحصن بالمدينة، داعيا السكان إلى الابتعاد عن مناطق الاشتباك لتسهيل تحرك قوات الجيش.
وكان رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا مارتن كوبلر، قد دعا في بيان أصدره مساء أول من أمس إلى وقف فوري لإطلاق النار في بنغازي، معربا في رسالة مفتوحة وجهها إلى جميع الأطراف المتحاربة هناك، عن قلقه العميق إزاء ما وصفه بالانتهاكات المتكررة للقانون الإنساني الدولي التي قد يرقى بعضها إلى جرائم حرب والتي لا تزال تتكرر في بنغازي.
وطالب أطراف النزاع بتجنب وضع أهداف عسكرية داخل المستشفيات أو بالقرب منها أو قرب الممتلكات المدنية الأخرى أو المناطق ذات الكثافة السكانية العالية. كما دعا كوبلر مجددا لضمان الإخلاء الآمن للمدنيين الذين ما يزالون محاصرين والراغبين في مغادرة المناطق التي تنتشر فيها الأعمال العدائية، مشيرا إلى أن البعثة الأممية لا زالت تسعى منذ شهور للحصول على موافقة الأطراف المتحاربة على وقف إطلاق النار الإنساني لضمان إجلاء المدنيين والجرحى.
وفى مسقط رأس العقيد الراحل معمر القذافي بمدينة سرت، قالت القوات الموالية لحكومة السراج بأنها ما زالت تحقق المزيد من التقدم على حساب تنظيم داعش في المدينة. فيما أكدت غرفة عملية البنيان المرصوص المكلفة بتحرير سرت وضواحيها، أن القوات التابعة لها دخلت إلى مناطق قريبة من وسط سرت، مشيرة إلى فرار عناصر التنظيم بعد مقتل عدد كبير منهم وتدمير آلياتهم العسكرية.
واستولت هذه القوات أول من أمس على قاعدة القرضابية الجوية معقل التنظيم، حيث اعتبر المتحدث باسم هذه القوات أن استعادة السيطرة على القاعدة الواقعة على بعد نحو 20 كيلومترا من وسط سرت له أهمية استراتيجية لأنه يقطع طرق الإمداد للتنظيم ويضيق عليه الخناق داخل المدينة.
وخلال الأسابيع الثلاثة الماضية نجحت القوات - التي تشكلت بصورة أساسية من مقاتلين من مدينة مصراتة بغرب ليبيا - في دفع عناصر تنظيم داعش من غرب المدينة إلى أطرافها. وكان الهجوم المضاد ردا على تقدم التنظيم باتجاه مصراتة مطلع الشهر الماضي.
من جهته، اعتبر أحمد معيتيق نائب السراج، أن التحدي الحقيقي بعد تحرير سرت من الإرهاب هو بناء مؤسسات الأمن والجيش والمجالس البلدية، مشيرا في بيان أصدره أمس إلى أن القوات التابعة لحكومة الوفاق الوطني تقترب من التحرير الثاني للمدينة، على حد قوله.
إلى ذلك، أعلن علي قلمة محمد وزير العمل بحكومة الوفاق عن تسلمه رسميا أمس مهام عمله رسميا في العاصمة طرابلس، ليرتفع بذلك عدد الوزارات التي تسلمتها حكومة السراج منذ دخولها قبل شهرين المدينة إلى 12 مقرا وزاريا.
بموازاة ذلك، أعلن الهلال الأحمر الليبي أن الأمواج جرفت جثث 133 مهاجرا إلى ساحل مدينة زوارة بغرب البلاد خلال الأيام القليلة الماضية. وقال الخميس البوسيفي المتحدث باسم الهلال الأحمر إن ثلاثة أرباع المهاجرين نساء وإن هناك جثثا لخمسة أطفال على الأقل، وأضاف أنه لم يعثر على وثائق مع الجثث التي كانت متحللة بعض الشيء لكن معظم المهاجرين من أفريقيا جنوبي الصحراء.
وقال مسؤول أمني محلي إن المهاجرين أبحروا من مدينة صبراتة القريبة فيما يبدو، حيث أدت زيادة في عدد رحلات الهجرة غير المشروعة في قوارب إلى مقتل مئات المهاجرين الأسبوع الماضي. ويأمل المهاجرون الوصول إلى إيطاليا من ليبيا ويدفعون مئات الدولارات لمهربين نظير مكان في القارب، وغالبا ما تكون القوارب متهالكة وغير مجهزة لرحلة عبور البحر المتوسط.
ووصل أكثر من 40 ألف مهاجر هذا العام إلى إيطاليا بعد عبور البحر المتوسط وفر معظمهم من الفقر والقمع والصراع في أفريقيا جنوبي الصحراء، حيث لقي أكثر من ألفي مهاجر حتفهم أثناء الرحلة.



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».