المساعدات الإنسانية لسوريا ملف رئيسي خلال اتصالات مكثفة بين لافروف وكيري

المدنيون في داريا يطالبون بإسقاطها عوضًا عن براميل الموت

المساعدات الإنسانية لسوريا ملف رئيسي خلال اتصالات مكثفة بين لافروف وكيري
TT

المساعدات الإنسانية لسوريا ملف رئيسي خلال اتصالات مكثفة بين لافروف وكيري

المساعدات الإنسانية لسوريا ملف رئيسي خلال اتصالات مكثفة بين لافروف وكيري

أعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن قلقه إزاء ما عدَّها «محاولات للمماطلة في استئناف المفاوضات السياسية لتسوية الأزمة السورية، بمبرّرات واهية». وهو ما برز بوضوح حسب قول لافروف «خلال اجتماع مجلس الأمن حول سوريا في الثالث من يونيو (حزيران)»، ويقصد بذلك الجلسة التي كانت مخصصة لبحث إمكانية إسقاط المساعدات الإنسانية جوًا للمناطق المحاصرة في سوريا.
جاء كلام لافروف خلال محادثات أجراها يوم أمس مع نظيره الأميركي جون كيري عبر اتصال هاتفي جديد بينهما، بمبادرة من الجانب الأميركي، وفق ما ذكرت الخارجية الروسية التي أوضحت أن الوزيرين واصلا بحث المسائل التي تناولاها خلال الاتصال الهاتفي يوم أول من أمس، وعاود وزير الخارجية الروسي تأكيده على أهمية الفصل العاجل بين المعارضة السورية المسلحة و«جبهة النصرة».
هذا، وشهدت الأيام الأخيرة اتصالات مكثفة جدًا بين الوزيرين الروسي والأميركي حول الأزمة السورية، وتشير تصريحات الطرفين عقبها، إلى أن الوزيرين يركزان في المرحلة الحالية على ممارسة كل طرف دوره وفق ما سبق الاتفاق عليه ضمن «المجموعة الدولية لدعم سوريا». وفي حين يركز الجانب الروسي على مسائل محددة مثل «ضرورة تنفيذ واشنطن لالتزاماتها في مجال الفصل بين المعارضة وجبهة النصرة»، و«توسيع» تمثيل الأطراف السورية في مفاوضات جنيف، فضلا عن مطالبة موسكو بتخلّي وفد «الهيئة العليا للمفاوضات» عما تراها موسكو «شروطًا مسبقة»، يرهن وفد «الهيئة العليا» مشاركته في مفاوضات جنيف بتحقيقها. وبالطبع، يبقى سعي موسكو للتعاون مع الولايات المتحدة «ميدانيًا» في سوريا بشكل تام أحد أهم هواجس روسيا، التي ما زالت تنتظر الرد من واشنطن على آخر اقتراح طرحه وزير دفاعها سيرغي شويغو للتعاون بين القوات الجوية الروسية وقوات التحالف الدولي في توجيه ضربات ضد «جبهة النصرة» والمجموعات التي لم تنضم بعد إلى وقف إطلاق النار.
أما بما يخص الولايات المتحدة، التي أعلنت أكثر من مرة أنه لن يكون هناك تعاون بينها وبين روسيا «ميدانيًا» في سوريا، وفق رؤية روسيا لذلك التعاون على الأقل، فإنها تنتظر من روسيا ممارسة المزيد من الضغط على نظام بشار الأسد لتهيئة ظروف مناسبة لاستئناف المفاوضات. وبالدرجة الأولى تركز واشنطن - كما تقول - على تنفيذ التزامات نص عليها القرار 2254 بخصوص الجوانب الإنسانية والمعتقلين، فضلاً عن وقف إطلاق النار الذي تنتهكه قوات النظام بشكل متواصل، ما يهدد بنسف عملية المفاوضات المتعثرة أساسًا، وضمان الوصول الإنساني بالطرق البرية، أو الجوية إن ذهبت الأمم المتحدة إلى إلقاء المساعدات جوا على المناطق المحاصرة. وإلى جانب كل ما سبق، فمن الطبيعي أن تكون تطورات الوضع حول معركة تحرير الرّقّة، والمواجهات في مدينة حلب وريفها، مواضيع رئيسية أخرى بحثها الوزيران.
في غضون ذلك، وعوضًا عن مساعدات إنسانية كانت موعودة بها، تعرّضت مدينة داريا، الملاصقة للعاصمة السورية دمشق، صباح أمس لهجوم عنيف من جانب قوات النظام، ترافق مع قصف صاروخي عنيف على المدينة التي سقط فيها حتى النصف الأول من نهار أمس قرابة 15 صاروخ أرض - أرض. واللافت أن النظام أطلق حملته الجديدة على داريا بعد بضع ساعات على إعلان «مركز حميميم» الروسي لمراقبة وقف إطلاق النار في سوريا عن تمديد «الهدنة المؤقتة» في داريا، وأشار تقرير عن «مركز حميميم» أنه «بمبادرة من الجانب الروسي، وبغية ضمان وصول آمن للمساعدات الإنسانية الدولية (من الأمم المتحدة) إلى المدنيين المقيمين في ريف دمشق، تم التوصل إلى اتفاق بتمديد العمل بموجب نظام الصمت (أو الهدنة المؤقتة) في منطقة داريا اعتبارًا من الساعة 00.01 يوم الثالث من يونيو». ولقد رجح ناشط من مدينة داريا في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن يكون الجانب الروسي قد دفع النظام لوقف إطلاق النار يوم أول من أمس الجمعة ظنًا منه - أي من الروس - أن فريق الأمم المتحدة سيرسل قافلة المساعدات الموعودة صباح ذلك اليوم.
في شأن متصل لفت الناشط من مدينة داريا إلى أن «أحدًا لم يتواصل مع أي جهة في داريا، لا مع الفصائل المسلحة ولا مع المجلس المحلي المدني، بشأن تمديد العمل بالهدنة المؤقتة»، الأمر الذي يكشف بوضوح حسب قوله إن «النظام هو الطرف الوحيد الذي ينتهك وقف إطلاق النار، وبادر حلفاؤه الروس بالضغط عليه ليوقف عملياته العسكرية إلى حين دخول المساعدات إلى داريا على الأقل». وأعرب الناشط عن اعتقاده بأن «روسيا بحاجة ماسة إلى تحقيق أي تقدم في الملف الإنساني، كورقة تستخدمها في محادثاتها مع الأميركيين للتعاون في الشأن السوري، ولاستخدامها بصورة أكبر في مواصلة الدفاع عن النظام والقول إنه يتعاون في المجال الإنساني».
هذا وكانت «المجموعة الدولية لدعم سوريا» قد حذرت من أنها ستلجأ إلى إسقاط المساعدات جوا اعتبارًا من الأول من يونيو، بحال واصل النظام عرقلة وصولها عبر الطرق البرية. وبحث مجلس الأمن الدولي هذه المسألة في اجتماع خاص يوم أول من أمس. كما أعلن برنامج التغذية العالمي أنه أعلن وضع خطة لإسقاط المساعدات جوًا، ولفت في بيان رسمي أنه يتعذر إسقاط المساعدات في بعض المناطق من الطائرات التي تحلق على ارتفاعات شاهقة، وأن الأمر يتطلب استخدام مروحيات، كما أن تنفيذ الخطة يتطلب موافقة السلطات السورية.
من جانبه، أعرب فيتالي تشوركين، مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، خلال الاجتماع، عن قلق روسيا على سلامة المشاركين في إسقاط المساعدات من الهليكوبترات، ونقلت عنه بعض الوكالات قوله إن «أسوأ سيناريو لإسقاط المساعدات بالهليكوبترات هو أن يتم إسقاط الطائرة من جانب المسلحين»، وشدد على ضرورة تنظيم عملية إسقاط المساعدات جوًا بالشكل المطلوب. واستغرب كثيرون لهجة تصريحات تشوركين، إذ يرى مراقبون أن روسيا هي الدولة الوحيدة التي يمكنها ممارسة الضغط المطلوب على دمشق إما لفتح الطرق البرية وإما للموافقة على إسقاط المساعدات جوًا، بينما نظر مدنيون في داريا بسخرية إلى هذه المبررات، لافتين إلى أن «هليكوبترات النظام تسقط براميلها يوميًا على داريا دون أن يسقطها أحد»، مطالبين بالاستعاضة عن «براميل الموت» بمساعدات إنسانية تلقيها هليكوبترات برعاية دولية.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».