الفنادق في رمضان تتطلع لتقديم مفهوم جديد للخيم لجذب الصائمين

استعدت مبكرًا لتقديم موائد الإفطار والسحور

تتنافس فنادق العاصمة السعودية الرياض في إعداد الخيم الرمضانية بشكل مبتكر («الشرق الأوسط»)
تتنافس فنادق العاصمة السعودية الرياض في إعداد الخيم الرمضانية بشكل مبتكر («الشرق الأوسط»)
TT

الفنادق في رمضان تتطلع لتقديم مفهوم جديد للخيم لجذب الصائمين

تتنافس فنادق العاصمة السعودية الرياض في إعداد الخيم الرمضانية بشكل مبتكر («الشرق الأوسط»)
تتنافس فنادق العاصمة السعودية الرياض في إعداد الخيم الرمضانية بشكل مبتكر («الشرق الأوسط»)

يعد شهر رمضان الفضيل، فترةً للتأمل والعبادة، ويتّبع المسلمون في كل مكان جدولاً يتضمّن الصلاة المنتظمة والصوم في النهار، وفي المساء يتوجه الصائمون إلى خيم رمضانيّة أعدت خصيصًا وبإتقان للتمتع بأشهى الأطباق الرمضانية أو السحور، وأصبحت الخيم الرمضانية، جزءًا رئيسيًا من كل عام، لا غنى عنه في رمضان، وينتظره الجميع كل شهر كريم، ليستكملوا أجواءهم المميزة والدافئة بحضور العائلة والروحانيات والترفيه، لذلك أصبحت معظم الدول العربية تهتم بإعداد الخيم الرمضانية، استعدادًا لاستقبال هذا الشهر الكريم.
السعودية تستعد كل عام باكرًا قبل حلول شهر رمضان، وتتميز بإعدادها أفخم الخيم الرمضانية التي توفر قوائم إفطار تضم ألذ المأكولات من المطابخ العربية والعالمية بأسعار مناسبة في أجواء رمضانية تناسب جميع أفراد الأسرة.
ومع بداية الشهر المبارك، تعدل الفنادق بوصلتها التنافسية من السعي لزيادة عدد ليالي الإقامة الفندقية إلى السعي كذلك لاجتذاب أكبر عدد من عملاء المطاعم على موائد الإفطار، لزيادة إيرادات أنشطة الأطعمة والمشروبات. ويبدأ التنافس مبكرًا بينها وتتسابق في إطلاق كثير من البرامج الترويجية الجديدة المعدة خصيصًا لشهر رمضان المبارك.
وكثفت الفنادق استعداداتها لتنشيط السياحة الداخلية في محاولة للاستفادة من تزامن شهر رمضان المبارك مع شهور الصيف، حيث توقع مسؤولون فندقيون بأن يؤدي هذا التزامن إلى ارتفاع معدلات الإشغال في الموسم الحالي، عن طريق الديكورات التي تعطي إيحاء بالراحة والطمأنينة، حيث تحيط بالفندق في الداخل والخارج فوانيس بأشكال وأحجام وألوان مختلفة تعكس حالة من الفرح لنزلائه، بالإضافة إلى المائدة الرمضانية التي أعدها أشهر الطهاة لترضي جميع الأذواق بكل ما تحتويه من أفضل الأكلات الرمضانية التقليدية التي تتصدر البوفيهات في جميع مطاعم الفندق، إضافة إلى العروض الرمضانية الخاصة في خيمة الفندق «ليالي الألفية».
وفي هذا السياق استكمل قصر مكة رافلز كل الترتيبات لتوفير كل وسائل الراحة لضيوف الرحمن المعتمرين وعوائلهم من داخل دول الخليج وخارجه، وذلك في أجنحة الفندق التي تبلغ 214 جناحًا فاخرًا تتمتع بإطلالة أخّاذة على بيت الله الحرام.
وفي الخيمة الرمضانية التي ستقام في الطابق «بي 11» بجوار بهو الفندق وتطل على الكعبة المشرفة، يعيش الضيوف والزوار أجواء رمضانية تحفها الضيافة العربية الأصيلة والخدمة الراقية الحصرية التي تجسد أسلوب فندق قصر مكة رافلز في خدمة ضيوف الرحمن. وتقدم الخيمة الرمضانية كثيرًا من الأطباق الرمضانية الشهية، بما في ذلك ركن خاص لتقديم أطايب المأكولات الساخنة من الفرن أو المعجنات والمناقيش، وركن آخر للحلويات الرمضانية والشرقية.
وأعرب خليل أبو زيد مدير الفندق بهذا الشأن: «قلوبنا يملؤها الدعاء والرجاء ببلوغ الشهر الفضيل، والأجر الجزيل لكل الأمة الإسلامية، وبهذا الخصوص، أتممنا كل الترتيبات ليكون الفندق واحة رمضانية تجاور الكعبة المشرفة، ليشعر كل ضيف من ضيوفنا بدفء المنزل الذي تحفه ضيافة نابعة من قلب كل فرد من أفراد عائلة قصر مكة رافلز». وأضاف: «نحن نؤمن بأن زيارة مكة المكرمة في رمضان هي مناسبة خاصة جدًا، لذلك نقدم لكل ضيف من ضيوفنا خدمة شخصية تلائم احتياجاته، وتمنحه كل المساحة للتفرغ لأداء مناسك العمرة والعبادة والاستمتاع بأجواء الشهر الكريم».
ومن جانبه، أشار الطاهي التنفيذي الشيف تيري كوينتريك في فندق برج رافال كمبينسكي إلى أن التحضيرات لخيمة رافال الرمضانية بدأت مبكرًا، وأن فريق طهاة الفندق مستعدون لتقديم تجربة استثنائية وسيقدمون كثيرًا من الأطباق والمأكولات العربية والعالمية بمواصفات وجودة كمبينسكي مع المحافظة على الطابع النجدي الأصيل.
أمّا بخصوص السحور فقال الشيف تيري: «مطعم تورا العثماني سيعدّ قائمة غنية، جمعت أطباقها بين أفضل الأصناف ما بين الحضارات العثمانية والعربية والأوروبية. وسيفتح مطعم تورا العثماني أبوابه من الساعة 10 مساء حتى الساعة الـ3 فجرًا لتقديم أفخر وأجود الأطباق التي تحضر بعناية لتقديم الجودة الأفضل».
وينطلق سباق التنافس في الخيم الرمضانية إلى أجواء موائد الإفطار والسحور، من خلال إقامة عدد من الفعاليات التي تسعى إليها الفنادق لإضافة الأجواء المصاحبة لشهر رمضان، كالمسابقات والفعاليات الخاصة بالأطفال وغيرها، مما يساعد بشكل كبير في جذب الزوار.
كما تسعى مطاعم الفنادق إلى وضع قائمة طعام في مائدتي الإفطار والسحور، تتضمن أكلات رمضانية مشهورة، تعد خصيصًا من قبل طهاة يتم الاستعانة بهم في هذا الشهر، وذلك بهدف تقديم الإضافة إلى تلك القوائم المختلفة، في الوقت الذي يتم فيه تغيير آلية العمل في تلك الفنادق بما يتوافق مع شهر رمضان، حيث أكد عدد من مديري الفنادق أن شهر رمضان يعد أحد المواسم الهامة للمطاعم في الفندق، مشيرين إلى أنه على الرغم من أن سوق المطاعم تتنافس بشكل كبير في هذا الشهر، فإن الفنادق استطاعت أن تستحوذ على شريحة كبرى من هذه السوق، في الوقت الذي لا يعد فيه عامل قائمة الطعام المؤثر الرئيسي عند الزوار، إنما الأجواء بشكل عام هي التي تؤثر بشكل مباشر على الفرد عندما يقرر التوجه لمائدة الفطور والسحور.
وخصصت الفنادق جزءًا كبيرًا من فرقها لإعداد هذه الخيم، التي تعتبر رافدًا رئيسيًا في سوق تتنامى بشكل سنوي، حيث اتسعت الشريحة المستهدفة في هذه الأسواق لتشمل إضافة إلى الأفراد، الشركات والمؤسسات التي تحرص على جمع موظفيها على واحدة من موائد الإفطار أو السحور تتطلع فيها لكسر روتين العمل اليومي، حيث باتت تلك الشركات تستحوذ على نسبة كبيرة من الحجوزات الخاصة بتلك الموائد في هذا الشهر الكريم.
وتتنوع أشكال وأحجام الخيم الرمضانية، وتختلف مسمياتها التي ترتبط بالتاريخ أو الشهر الكريم، وذلك في محاولة من الفنادق إضافة أجواء مختلفة، وتعريف مفهوم التصميم الذي قامت عليه تلك الخيم، بهدف جذب الصائمين لها، حيث تؤكد الفنادق أن هذه الخطوة لقيت ترحيبًا كبيرًا في السنوات الماضية لدى زوارها، كما أن الخيم الرمضانية لها خصوصيتها كمكان مناسب للأسر والأفراد للالتقاء والتواصل بعيدًا عن الأجواء التقليدية بالمنازل والمساكن، مما ساهم بشكل كبير في جذب كثير من الزبائن، نظرًا لما توفره من جو اجتماعي وعائلي يتناسب مع الأذواق المختلفة.

* إعداد وتحرير الحسيني الليثي



المدن والقرى السعودية ترسم «فرائحية العيد»... بالحديث والقديم

من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
TT

المدن والقرى السعودية ترسم «فرائحية العيد»... بالحديث والقديم

من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)

حافظ السعوديون على مظاهر عيد الفطر السعيد التي كانت سائدة في الماضي، كما حرص المقيمون في البلاد من المسلمين على الاحتفال بهذه المناسبة السنوية وفق عاداتهم وتقاليدهم في بلدانهم، أو مشاركة السكان في احتفالاتهم بهذه المناسبة السنوية، علماً بأن السعودية تحتضن مقيمين من نحو 100 جنسية مختلفة.
ويستعد السكان لهذه المناسبة قبل أيام من حلول عيد الفطر، من خلال تجهيز «زكاة الفطر»، وهي شعيرة يستحب استخراجها قبل حلول العيد بيوم أو يومين، ويتم ذلك بشرائها مباشرة من محال بيع المواد الغذائية أو الباعة الجائلين، الذين ينتشرون في الأسواق أو على الطرقات ويفترشون الأرض أمام أكياس معبئة من الحبوب من قوت البلد بمقياس الصاع النبوي، والذي كان لا يتعدى القمح والزبيب، ولكن في العصر الحالي دخل الأرز كقوت وحيد لاستخراج الزكاة.
وفي كل عام يتكرر المشهد السائد ذاته منذ عقود في الاحتفال بعيد الفطر السعيد ومع حلوله اليوم في السعودية تستعيد ذاكرة السكان، وخصوصاً من كبار السن ذكريات عن هذه الفرائحية السنوية أيام زمان، وفق استعدادات ومتطلبات خاصة وبعض المظاهر الاحتفالية التي تسبق المناسبة.

السعوديون يحرصون على الإفطار الجماعي يوم العيد (أرشيفية - واس)

وحافظت بعض المدن والمحافظات والقرى والهجر في السعودية على مظاهر العيد التي كانت سائدة في الماضي؛ إذ حرص السكان على إبقاء هذه المظاهر ومحاولة توريثها للأبناء. ولوحظ خلال الأعوام الماضية حرص السكان على إحياء المظاهر الاحتفالية بعيد الفطر من خلال موائد العيد بمشاركة جميع سكان الحي، وتمثلت هذه المظاهر في تخصيص أماكن بالقرب من المساجد أو الأراضي الفضاء ونصب الخيام داخلها وفرشها بالسجاد ليبدأ سكان الأحياء بُعيد الصلاة بالتجمع في هذه الأماكن وتبادل التهنئة بالعيد، ثم تناول القهوة والتمر وحلاوة العيد، بعدها يتم إحضار موائد العيد من المنازل أو المطابخ، التي لا تتعدى الكبسة السعودية والأكلات الشعبية الأخرى المصنوعة من القمح المحلي، وأبرزها الجريش والمرقوق والمطازيز، علماً بأن ربات البيوت يحرصن على التنسيق فيما يتعلق بهذه الأطباق لتحقيق التنوع في مائدة العيد وعدم طغيان طبق على آخر.
ويحرص السكان على المشاركة في احتفالية العيد التي تبدأ بتناول إفطار العيد في ساعة مبكرة بعد أن يؤدي سكان الحي صلاة العيد في المسجد يتوجه السكان إلى المكان المخصص للإفطار، الذي يفرش عادة بالسجاد (الزوالي) مع وضع بعض المقاعد لكبار السن ليتسنى لهم المشاركة في هذه الاحتفالات وفي المكان يتم تبادل التهاني بالعيد وتناول القهوة والتمر وحلاوة العيد، وبعدها يبدأ إخراج موائد العيد من المنازل وتوزيعها على السفرة التي تفرش عادة في الساحات القريبة من المسجد أو في الأراضي الفضاء داخل الحي أو حتى في الشوارع الفرعية، كما تقيم إمارات المناطق والمحافظات إفطاراً في مقراتها في ساعة مبكرة من الصباح يشارك بها السكان من مواطنين ومقيمين.

الأطفال أكثر فرحاً بحلول العيد (أرشيفية - واس)

وبعد انتهاء إفطار العيد يتوجه أرباب الأسر مع عائلاتهم إلى الأقارب للتهنئة بالعيد ضمن اعتبارات تتعلق بأعمار المزارين ودرجة القرابة، حيث الأولوية لعمداء الأسر وكبار السن منهم، ولأن الساعة البيولوجية للسكان يصيبها الخلل خلال شهر الصوم، فإن البعض يحرص على أخذ قسط من الراحة قبيل صلاة الظهر أو بعدها، ثم يبدأ بعد العصر بزيارة الأقارب والأصدقاء حتى المساء، حيث يخيّم الهدوء على المنازل، ويحرص المشاركون في الإفطار على تذوق جميع الأطباق التي غالباً ما يتم إعدادها داخل المنازل، التي لا تتعدى أطباق الكبسة والجريش وأحياناً القرصان أو المرقوق أو المطازيز، خصوصاً في أيام الصيف، حيث كانت موائد العيد خلال الشتاء تزين بالأكلات الشعبية مثل الحنيني والفريك.
وفي الوقت الذي اختفت فيه بعض مظاهر العيد القديمة عادت هذه الأجواء التي تسبق يوم عيد الفطر المبارك بيوم أو يومين للظهور مجدداً في بعض المدن والقرى بعد أن اختفت منذ خمسة عقود والمتمثلة في المناسبة الفرحية المعروفة باسم العيدية، التي تحمل مسميات مختلفة في مناطق السعودية، منها «الحوامة» أو «الخبازة» أو «الحقاقة» أو «القرقيعان» في المنطقة الشرقية ودول الخليج، كما تم إحياء هذا التراث الذي اندثر منذ سنوات الطفرة وانتقال السكان من منازلهم الطينية إلى منازل حديثة، وقد ساهمت الحضارة الحديثة وانتقال السكان من الأحياء والأزقة الطينية في القرى والمدن في اختفاء هذا المظهر الفرحي للصغار في شهر رمضان ومع حلول العيد. يشار إلى أن المظاهر الاحتفالية لعيدية رمضان قبل عقود عدة تتمثل في قيام الأطفال بطرق الأبواب صباح آخر يوم من أيام رمضان وطلب العيدية التي كانت لا تتعدى البيض المسلوق أو القمح المشوي مع سنابله والمعروف باسم «السهو»، ثم تطور الأمر إلى تقديم المكسرات والحلوى، خصوصاً القريض والفصفص وحب القرع وحب الشمام والحبحب، وحلّت محلها هدايا كألعاب الأطفال أو أجهزة الهاتف المحمول أو النقود.