الحكومة المصرية تتمسك بأولوية الملف الاقتصادي والاجتماعي وتكافح لضبط الأسواق

السيسي بعد عامين من الحكم.. يطالب المواطنين بالصبر وتعهد بـ«قوة ردع» في خدمة قضايا العرب

نقيب الصحافيين يحيى قلاش يتوسط عددا من كوادر وأعضاء النقابة بعد خروجهم من المحكمة التي تنظر في قضية إيواء النقابة لمطلوبين (أ.ف.ب)
نقيب الصحافيين يحيى قلاش يتوسط عددا من كوادر وأعضاء النقابة بعد خروجهم من المحكمة التي تنظر في قضية إيواء النقابة لمطلوبين (أ.ف.ب)
TT

الحكومة المصرية تتمسك بأولوية الملف الاقتصادي والاجتماعي وتكافح لضبط الأسواق

نقيب الصحافيين يحيى قلاش يتوسط عددا من كوادر وأعضاء النقابة بعد خروجهم من المحكمة التي تنظر في قضية إيواء النقابة لمطلوبين (أ.ف.ب)
نقيب الصحافيين يحيى قلاش يتوسط عددا من كوادر وأعضاء النقابة بعد خروجهم من المحكمة التي تنظر في قضية إيواء النقابة لمطلوبين (أ.ف.ب)

في مواجهة انتقادات دولية ومحلية حول ملفها الحقوقي، تتمسك الحكومة المصرية بأولوية الملفين الاقتصادي والاجتماعي، وبينما تكافح الحكومة في مسعى للسيطرة على الأسعار وسط شكوى الشارع من موجات غلاء متلاحقة، طالب الرئيس عبد الفتاح السيسي، في حوار أجراه بمناسبة مرور عامين على انتخابه، مواطنيه بتحمل «الظروف الصعبة»، مؤكدا أن الإنفاق على تسليح الجيش يهدف لبناء قوة ردع إقليمية، متعهدا بوضعها في خدمة المصالح العربية.
وبعد عامين من فوز السيسي بالرئاسة، لا تزال مصر تواجه تحديات سياسية واقتصادية وأمنية كانت تمر بها قبل فوزه بالمنصب، في الانتخابات التي خسرها أمامه السياسي اليساري حمدين صباحي.
وقال الرئيس السيسي في مقابلة تلفزيونية، مساء أول من أمس، إن على المصريين أن «يتحملوا قليلا الظروف الصعبة التي نمر بها، ولا أحد أبدا يفرق بينهم»، مشددا على أهمية أن يكونوا «كتلة واحدة».
وكان السيسي قد فاز في انتخابات الرئاسة التي أعلنت نتيجتها أوائل يونيو (حزيران) عام 2014، بعد مرور عام على المظاهرات التي أدت إلى الإطاحة بنظام الرئيس الأسبق محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، التي تصنفها مصر حاليا كجماعة إرهابية.
وفي مستهل ولايته، تعهد السيسي في كلمة للمصريين بظروف سياسية واقتصادية أفضل، قائلا: «المستقبل صفحة بيضاء، وفي أيدينا أن نملأها بما شئنا عيشا وحرية وكرامة إنسانية وعدالة اجتماعية» رافعا شعار انتفاضة 2011 التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك، بعد أن قضى 30 عاما في الحكم.
وقال الرئيس السيسي ردا على سؤال حول شكوى المصريين من غلاء الأسعار: «شكوتهم على دماغي من فوق، بس أنا أريد أن أقول لهم حتى بالتكلفة التي يعتبرونها صعبة.. هذه ليست حق التكلفة الحقيقية للخدمة».
ورغم انخفاض طفيف في شعبية الرئيس المصري، بحسب استطلاع للرأي أجري مؤخرا، لا يزال السيسي يحظى بدعم قطاعات واسعة من المصريين. ويقول مراقبون إن القفزة التي شهدها قطاع الكهرباء، وإنجاز مشروع قناة السويس الجديدة في زمن قياسي، ومشروع الإسكان الاجتماعي، أبرز ما حققه السيسي خلال السنوات الماضية، إضافة لرفع كفاءة تسليح الجيش.
وقال الرئيس السيسي، إن تكلفة المشروعات القومية منذ توليه رئاسة الجمهورية بلغت تريليون و400 مليون جنيه، مضيفا أن الأجهزة الرقابية غير مكبلة بأي قيود لمكافحة الفساد، مؤكدا أن تحقيق ذلك يحتاج إلى وقت حتى تمتلك الأجهزة الرقابية جميع الأدوات اللازمة لممارسة عملها.
واعتبر الرئيس السيسي أن تسليح الجيش يأتي في إطار محاولات ملء الفراغ الناتج عن سقوط قوى إقليمية كبرى، وسط تحديات غير مسبوقة تشهدها المنطقة، مشددا على أن تطوير قدرات الجيش يأتي في إطار الردع ويوضع في خدمة القضايا العربية.
وتسلمت مصر الأسبوع الماضي حاملة المروحيات «مستيرال» ودشنتها باسم «جمال عبد الناصر»، ضمن صفقة أسلحة مع فرنسا تضمنت مقاتلات من طراز «رافال» والفرقاطة «تحيا مصر» التي شاركت في افتتاح قناة السويس الجديدة.
ويظل ملف الحريات أبرز التحديات التي تواجه السلطات المصرية. ووجهت منظمات حقوقية دولية ومحلية انتقادات لاذعة للحكومة المصرية خلال العامين الماضيين، بشأن ملف الحريات وصلت ذروتها مع بدء محاكمة نقيب الصحافيين المصريين وعضوين بمجلس النقابة أمس، في اتهامات بالتستر على مطلوبين، في إشارة لصحافيين ألقي القبض عليهما مطلع الشهر الماضي من مقر النقابة بوسط القاهرة.
ويأتي العام الثاني لحكم الرئيس السيسي فيما يقبع عشرات الشباب في السجن لإدانتهم في قضايا تظاهر من دون ترخيص، لكن الرئيس المصري قال إن 90 في المائة من المسجونين جنائيون، مضيفا أنه أمر في 3 مناسبات سابقة بالإفراج عن نشطاء، وسيأمر بالإفراج عن مجموعة رابعة. ولم يحدد وقتا للإفراج عنهم.
وقال يحيى قلاش نقيب الصحافيين، خلال مؤتمر صحافي أمس، إن ملابسات القضية (التي يحاكم فيها) تتلخص فيما اعتبره «قوة القانون بمواجهة قانون القوة وقلب الحقائق في تاريخ النقابة التي تحتفل بيوبيلها الماسي».
وأضاف قلاش، عقب انتهاء أولى جلسات محاكمته ووكيل النقابة خالد البلشي والسكرتير العام جمال عبد الرحيم بتهمة إيواء مطلوبين بالنقابة: «نحن نعتبر اقتحام النقابة انتهاكا للقانون، لافتا إلى أن مجلس النقابة تقدم ببلاغات ولم يتم التحقيق فيها حتى الآن، مؤكدا ضرورة محاكمة المسؤول عن إدخالنا هذه الأزمة».
وتابع نقيب الصحافيين قائلا: «نتمنى أن نجد أمام المحكمة ما افتقدناه في النيابة»، مشيرا إلى أن النيابة تحقق معنا ونحن مختصمون من وزارة الداخلية، متسائلا كيف نطمئن لذلك؟
وأشار إلى أن كل ما يفعله مجلس الصحافيين هدفه ترك راية النقابة مرفوعة، وتسليمها للأجيال المقبلة، مؤكدا أن هذا الجيل من الصحافيين لم يفرط في حقه.
وقررت محكمة جنح قصر النيل تأجيل أولى جلسات محاكمة نقيب الصحافيين وعضوي المجلس لاتهامهم بإيواء هاربين لجلسة 18 يونيو للاطلاع على أوراق الدعوى.



مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
TT

مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)

أفرجت السلطات الأمنية المصرية عن الناشط السوري الشاب ليث الزعبي، بعد أيام من القبض عليه وقررت ترحيله عن مصر، و«هو ما توافق مع رغبته»، بحسب ما كشف عنه لـ«الشرق الأوسط» صديقه معتصم الرفاعي.

وكانت تقارير إخبارية أشارت إلى توقيف الزعبي في مدينة الغردقة جنوب شرقي مصر، بعد أسبوع واحد من انتشار مقطع فيديو له على مواقع التواصل الاجتماعي تضمن مقابلة أجراها الزعبي مع القنصل السوري في القاهرة طالبه خلالها برفع علم الثورة السورية على مبنى القنصلية؛ ما تسبب في جدل كبير، حيث ربط البعض بين القبض على الزعبي ومطالبته برفع علم الثورة السورية.

لكن الرفاعي - وهو ناشط حقوقي مقيم في ألمانيا ومكلف من عائلة الزعبي الحديث عن قضية القبض عليه - أوضح أن «ضبط الزعبي تم من جانب جهاز الأمن الوطني المصري في مدينة الغردقة حيث كان يقيم؛ بسبب تشابه في الأسماء، بحسب ما أوضحت أجهزة الأمن لمحاميه».

وبعد إجراء التحريات والفحص اللازمين «تبين أن الزعبي ليس مطلوباً على ذمة قضايا ولا يمثل أي تهديد للأمن القومي المصري فتم الإفراج عنه الاثنين، وترحيله بحرياً إلى الأردن ومنها مباشرة إلى دمشق، حيث غير مسموح له المكوث في الأردن أيضاً»، وفق ما أكد الرفاعي الذي لم يقدّم ما يفيد بسلامة موقف إقامة الزعبي في مصر من عدمه.

الرفاعي أوضح أن «أتباع (الإخوان) حاولوا تضخيم قضية الزعبي والتحريض ضده بعد القبض عليه ومحاولة تصويره خطراً على أمن مصر، وربطوا بين ضبطه ومطالبته برفع علم الثورة السورية في محاولة منهم لإعطاء القضية أبعاداً أخرى، لكن الأمن المصري لم يجد أي شيء يدين الزعبي».

وشدد على أن «الزعبي طوال حياته يهاجم (الإخوان) وتيار الإسلام السياسي؛ وهذا ما جعلهم يحاولون إثارة ضجة حول قضيته لدفع السلطات المصرية لعدم الإفراج عنه»، بحسب تعبيره.

وتواصلت «الشرق الأوسط» مع القنصلية السورية في مصر، لكن المسؤولين فيها لم يستجيبوا لطلب التعليق، وأيضاً لم تتجاوب السلطات الأمنية المصرية لطلبات توضيح حول الأمر.

تجدر الإشارة إلى أن الزعبي درس في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وبحسب تقارير إعلامية كان مقيماً في مصر بصفته من طالبي اللجوء وكان يحمل البطاقة الصفراء لطلبات اللجوء المؤقتة، وسبق له أن عمل في المجال الإعلامي والصحافي بعدد من وسائل الإعلام المصرية، حيث كان يكتب عن الشأن السوري.

وبزغ نجم الزعبي بعد انتشار فيديو له يفيد بأنه طالب القنصل السوري بمصر بإنزال عَلم نظام بشار الأسد عن مبنى القنصلية في القاهرة ورفع عَلم الثورة السورية بدلاً منه، لكن القنصل أكد أن الأمر مرتبط ببروتوكولات الدبلوماسية، وأنه لا بد من رفع عَلم الثورة السورية أولاً في مقر جامعة الدول العربية.

ومنذ سقوط بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ولم يحدث بين السلطات في مصر والإدارة الجديدة بسوريا سوى اتصال هاتفي وحيد بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ووزير خارجية الحكومة المؤقتة السورية أسعد الشيباني، فضلاً عن إرسال مصر طائرة مساعدات إغاثية لدمشق.