عشرات القتلى من المدنيين بغارات النظام السوري في حلب ومحيطها

قبل ساعات من جلسة مجلس الأمن لبحث إمكانية إلقاء مساعدات إنسانية جوًا للمناطق المحاصرة

عشرات القتلى من المدنيين بغارات النظام السوري في حلب ومحيطها
TT

عشرات القتلى من المدنيين بغارات النظام السوري في حلب ومحيطها

عشرات القتلى من المدنيين بغارات النظام السوري في حلب ومحيطها

شهدت مدينة حلب ومحيطها جولة جديدة من الغارات الكثيفة، اليوم (الجمعة)، تسببت بمقتل 38 مدنيًا على الأقل، وذلك قبل ساعات من جلسة طارئة يعقدها مجلس الأمن الدولي لبحث إمكان إلقاء مساعدات إنسانية جوًا للمناطق السورية المحاصرة.
وتزامنًا مع تصدي الفصائل المعارضة في مدينة مارع شمال حلب لهجوم عنيف شنه تنظيم داعش فجرًا، كشف وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر أن متطرفي التنظيم الذين يواجهون قوات سوريا الديمقراطية في مدينة منبج شمال شرقي حلب، «يطمحون» إلى التخطيط لشن هجمات إرهابية في الخارج.
وتعرضت الأحياء الشرقية التي تسيطر عليها الفصائل في مدينة حلب وطريق الكاستيلو الذي يعد المنفذ الوحيد منها باتجاه غرب المدينة، إلى غارات جوية كثيفة اليوم، وفق ما أكد مراسل لوكالة الصحافة الفرنسية، والمرصد السوري لحقوق الإنسان. وقال مصدر في الدفاع المدني في الأحياء الشرقية إن 28 مدنيًا على الأقل قتلوا جراء غارات كثيفة على أحياء عدة في المدينة، بينما قتل عشرة آخرون جراء غارة استهدفت حافلة نقل للركاب على طريق الكاستيلو. وحسب المرصد، فإن امرأة وثلاثة أطفال هم في عداد القتلى في الكاستيلو.
وتحدث مراسل وكالة الصحافة الفرنسية، عن قصف «جنوني» بالبراميل المتفجرة على المدينة، لا سيما أحياء الكلاسة والسكري وباب النيرب، حيث سقط معظم القتلى، في وقت ألغت فيه المساجد صلوات الجمعة خشية الغارات.
وأفاد بأن وتيرة الغارات على الأحياء الشرقية هذه المرة أعنف بكثير من جولة القصف الأخيرة قبل أقل من شهرين.
وكان اتفاق هدنة تم التوصل إليه في مناطق عدة من سوريا بينها حلب في نهاية فبراير (شباط)، انهار بعد نحو شهرين من دخوله حيز التنفيذ في المدينة وأوقع 300 قتيل، مما دفع راعيي الاتفاق، الولايات المتحدة وروسيا، إلى الضغط من أجل فرض اتفاقات تهدئة، ما لبثت أن سقطت بدورها.
ويتعرض طريق الكاستيلو، المنفذ الوحيد المتبقي لسكان الاحياء الشرقية باتجاه غرب البلاد، لقصف جوي متكرر.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية، إنّ هذا الطريق «باتت بحكم المقطوعة مع تكرار استهداف حركة المارة والحافلات»، لافتًا إلى أن «الأحياء الشرقية باتت عمليًا محاصرة». وأضاف أن «حركة الطائرات لا تتوقف والهدف منها زرع الرعب في قلوب الناس كي لا يتنقلوا».
وقتل 23 مدنيًا، بينهم ستة أطفال، في قصف جوي وصاروخي لقوات النظام، أمس، على الأحياء الشرقية في حلب، حسب الدفاع المدني. كما قتل سبعة مدنيين الأربعاء، جراء غارة استهدفت حافلة لنقل الركاب على طريق الكاستيلو.
وفي غرب حلب، أفاد المرصد السوري عن سقوط عشرات القذائف منذ ليل الخميس على أحياء تحت سيطرة قوات النظام، مصدرها مواقع الفصائل المعارضة.
وتشهد مدينة حلب معارك منذ عام 2012 بين شطريها الشرقي والغربي. وفي ريف حلب الشمالي، صدت الفصائل المعارضة في مدينة مارع فجر اليوم، هجوما عنيفا لتنظيم داعش، من الجهتين الشمالية والشرقية بعد ساعات من تسلمها ذخائر ألقتها طائرات أميركية تابعة للتحالف الدولي، وفق ما أكد المرصد وناشط محلي.
ولم يتمكن مقاتلو التنظيم وفق المرصد، من تحقيق أي تقدم، مشيرًا إلى اندلاع اشتباكات عنيفة بين الطرفين أوقعت ثمانية قتلى بين مقاتلي المعارضة، فضلا عن مقتل 12 متطرفًا من التنظيم.
وأوضح الناشط ومدير تحرير وكالة «شهبا برس» القريبة من المعارضة مأمون الخطيب لوكالة الصحافة الفرنسية، أنّ مقاتلي المعارضة «تصدوا لهجوم نفذه نحو 500 عنصر من تنظيم داعش حاولوا اقتحام المدينة فجرا».
وتأتي هذه الاشتباكات بعد ساعات من تأكيد مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية إلقاء ذخائر للفصائل المعارضة بالقرب من مارع.
وحسب الخطيب، فإن الذخائر التي تسلمها «لواء المعتصم» المقاتل هي عبارة عن «ذخائر للرشاشات الثقيلة من عيار 23 وعيار 14 ونصف وذخائر للبنادق الروسية، لكنها بأعداد قليلة».
ويحاول المتطرفون منذ السبت اقتحام مارع، ثاني أبرز معقل للفصائل في حلب، إثر تمكنهم من قطع طريق الإمداد الوحيد الذي كان يصلها بمدينة أعزاز الحدودية مع تركيا، مما جعل عشرات آلاف المدنيين عالقين بين جبهات القتال والحدود.
وفي شمال شرق حلب، تواصل قوات سوريا الديمقراطية التي تضم مقاتلين أكرادًا وعربًا هجومًا بدأته مطلع الشهر بدعم من التحالف الدولي لطرد تنظيم «داعش» من مدينة منبج، أحد أبرز معاقله في شمال سوريا.
كما أفاد المرصد اليوم، بتسجيل حركة نزوح لعائلات المقاتلين الأجانب في التنظيم من منبج ومدينة جرابلس المجاورة باتجاه الرقة، معقله الأبرز في سوريا.
وفي سنغافورة، قال وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر اليوم، على هامش مشاركته في قمة إقليمية بشأن الأمن: «ثمة أشخاص هناك (منبج).. يطمحون لإعطاء أفكار أو حتى للتخطيط لتنفيذ أعمال إرهابية خارج سوريا»، مضيفًا: «لهذا السبب ولكون المدينة نقطة دخول وخروج مقاتلين أجانب، فهي تعد هدفًا مهمًا ونحن مرتاحون للعمل مع القوات المحلية».
من جهة أخرى، يعقد مجلس الأمن جلسة طارئة اليوم، بهدف إيجاد سبل لمساعدة المناطق المحاصرة بعدما كانت حدّدت المجموعة الدولية لدعم سوريا والأمم المتحدة الأول من يونيو (حزيران)، مهلة لبدء اعتماد هذا المسار في حال لم تتمكن قوافل المساعدات من الوصول برًا.
وقال مساعد موفد الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا رمزي عز الدين رمزي إنّ إلقاء مساعدات جوًا «ليس وشيكًا»، تزامنًا مع إشارة المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إلى أن عمليات مماثلة تواجه مخاطر كبيرة.
ويعيش في سوريا 592 ألفًا و700 شخص في 19 منطقة يحاصرها الأطراف المتنازعة، وفق الأمم المتحدة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.