أعلن القضاء التونسي عن فتح تحقيق قضائي إثر نشر مجموعة من صور رموز النظام السابق على الحيطان وكتابة عبارة «مطلوب للعدالة» باللغة الإنجليزية، في إشارة إلى رفضهم أسلوب المصالحة المعتمد حاليًا مع رموز نظام بن علي، وعودتهم التدريجية إلى المشهد السياسي دون تقديم اعتذار للتونسيين والمحاسبة.
وأشعل الإعلان عن قرب عودة بلحسن الطرابلسي، صهر الرئيس التونسي الأسبق إلى تونس، موجة المؤيدين لرفض المصالحة مع رموز النظام السابق، التي ترجمتها حملة محلية حملت عنوان «مانيش مسامح» (لن أسامح).
وانتشرت في شوارع أكبر المدن التونسية صور رموز النظام السابق، أمثال عبد الوهاب عبد الله المستشار السياسي لبن علي، وسليم شيبوب صهر بن علي، على الرغم من قبول «هيئة الحقيقة والكرامة» (هيئة دستورية مكلفة بمسار العدالة الانتقالية) لملف المصالحة بين شيبوب والدولة التونسية. ويعلق اللجوء إلى لجنة التحكيم والمصالحة كل المتابعات القضائية ضد المتهمين بالفساد واستغلال النفوذ، ورفع كل الدعاوى القضائية المطالبة بجلبهم من البلدان التي لجأوا إليها.
ونجحت الحملة التي انطلقت من العاصمة التونسية في الوصول إلى عدة مدن أخرى، بعد أن نشرت مجموعة من الشبان المتمسكين بتطبيق أهداف الثورة التونسية منشورات على حيطان الشوارع الكبرى في المدن، تضمنت شعارات غاضبة على غرار «شيبوب صهر بن علي، مفتش عنه ومطلوب مقابل جائزة قيمتها 100 مليون دولار»، و«عبد الوهاب عبد الله مطلوب للعدالة وليس لقصر قرطاج»، في إشارة إلى دعوته من قبل رئاسة الجمهورية للاحتفال بمرور 60 سنة على إرساء الدبلوماسية التونسية.
وكشف خالد الكريشي، عضو هيئة الحقيقة والكرامة، عن تلقي مجموعة من مطالب المصالحة من قبل رموز النظام السابق، سواء على المستوى السياسي أو المالي أو الاجتماعي. وتداول البعض خبر تقدم كل من صخر الماطري، صهر بن علي، والسيدة العقربي، رئيسة جمعية أمهات تونس المساندة لنظام بن علي، بمطالب للتحكيم وطلب المصالحة مع الدولة، دون الإشارة إلى طلبهم الاعتذار الرسمي مع من أذنبوا في حقهم. فيما أكد منير بن صالحة، محامي الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، أنه سعى إلى تقديم طلب مصالحة عن طريق هيئة الحقيقة والكرامة، ولكن بن علي رفض قطعيا التعامل مع الهيئة لأسباب سياسية، على حد تعبيره.
وكان الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي قد قدم مبادرة رئاسية إلى البرلمان في يوليو (تموز) 2015 حول المصالحة المالية والاقتصادية مع رموز النظام السابق، لكن سرعان ما علا حولها الجدل، حيث تمسكت أحزاب سياسية ومنظمات المجتمع المدني بضرورة المحاسبة قبل المصالحة.
وتتقاطع مبادرة الباجي مع إعلان راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، عن مشروع قانون «المصالحة الشاملة»، الذي تزامن مع اتجاه عائلة الرئيس السابق زين العابدين بن علي للمصالحة مع الدولة، مع ضمان عدم الملاحقة القانونية. واعتبر اللقاء الذي جمع راشد الغنوشي مع محمد الغرياني، آخر أمين عام لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل (حزب بن علي) بمثابة إشارة على فتح أبواب المصالحة مع رموز النظام السابق، ومحاولة طي صفحة الماضي. غير أن هذا التوجه يجد معارضة شديدة من قبل من تضرروا من ممارسات رموز نظام بن علي، خاصة على مستوى قواعد حركة النهضة نفسها، ومن العناصر اليسارية التي مورس ضدها كل أنواع التضييق السياسي والمتابعات البوليسية والاعتقال في السجون.
ومنذ سبتمبر (أيلول) الماضي، أوقفت أجهزة الأمن مجموعة من أعضاء حملة «مانيش مسامح» على خلفية معارضتهم للمصالحة المالية والاقتصادية مع رموز النظام السابق، وصدر حكم غيابي بالسجن ضد أحد أفراد هذه الحملة لمدة أربعة أشهر. كما ألقت القبض على أربعة عناصر أخرى خلال الأيام الماضية إثر تعليقهم صور عبد الوهاب عبد الله وشيبوب، وكتابة عبارة «مطلوب» باللغة الإنجليزية، لكن سرعان ما أطلق سراحهم.
سلطات تونس تفتح تحقيقًا قضائيًا بسبب تعليق صور رموز الحكم السابق
تعبيرًا عن رفض أسلوب المصالحة المعتمد حاليًا مع أقطاب نظام بن علي
سلطات تونس تفتح تحقيقًا قضائيًا بسبب تعليق صور رموز الحكم السابق
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة