كاميرون وكوربن يضاعفان الجهود للإقناع بحملة «البقاء»

قبل 3 أسابيع على استفتاء «الأوروبي»

جيريمي كوربن  -  ديفيد كاميرون
جيريمي كوربن - ديفيد كاميرون
TT

كاميرون وكوربن يضاعفان الجهود للإقناع بحملة «البقاء»

جيريمي كوربن  -  ديفيد كاميرون
جيريمي كوربن - ديفيد كاميرون

في بادرة غير مسبوقة، ظهر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، أمس، في أول مناظرة تلفزيونية كبرى حول الجدل الدائر بشأن عضوية بلاده في الاتحاد الأوروبي.
ويؤيد كاميرون حملة البقاء في التكتل الأوروبي، وسبق أن رفض المشاركة في أي مناظرة تلفزيونية تبث مباشرة على الهواء في محاولة منه لوقف الانقسامات داخل حزب المحافظين الحاكم حول القضية الساخنة.
وظهر كاميرون على قناة «سكاي نيوز» البريطانية، وسأله الجمهور حول الشكوك والصعوبات الذي يجدها في إقناع الناخبين بأنه يقول الحقيقة بشأن ضرورة بقاء المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي. ويواجه رئيس الوزراء حاليا، خطر خسارة رئاسة الحكومة في حال الخروج من الاتحاد، كما يواجه أيضا تمردا حادا داخل حزبه.
ومن جانبه، دعا زعيم حزب العمال المعارض جيريمي كوربن، ناخبي حزب العمال لدعم بقاء بريطانيا في التكتل الأوروبي، منتقدا في الوقت نفسه ‏نهج رئيس الوزراء، ووزير الخزانة جورج أوزبورن بشأن الاستفتاء.‏
وطالب كوربن بإصلاح عاجل للاتحاد الأوروبي، ووضع حد لحملة الاتحاد ‏الأوروبي «للخصخصة»، وتعهد بإلغاء اتفاق التجارة المثير للجدل مع الولايات المتحدة، خلال خطاب لدعم حملة البقاء في الاتحاد.
وأضاف زعيم حزب العمال أنه «على ناخبي الحزب التصويت للبقاء في الاتحاد الأوروبي يوم ‏‏23 يونيو (حزيران) الحالي، وإلا سيصبحون تحت رحمة حكومة حزب المحافظين التي ستجرد العمال من ‏حقوقهم»، مؤكدا أن «الاتحاد الأوروبي دافع عن حقوق العمال». وتابع: «كشفت حملة المغادرة بكل صراحة أنهم يريدون ترك أوروبا لتمييع حقوق العمال، ‏وإنهاء التوازن بين العمل والحياة، ومنع التمييز ومنع الاستغلال والظلم»، لافتا إلى أن «هذا هو ‏السبب في وراء اعتبارنا أن الخطر على الشعب البريطاني ليس الاتحاد الأوروبي، بل هي حكومة ‏المحافظين هنا في بريطانيا».
من جهته، قال المتحدث باسم حزب العمال لـ«الشرق الأوسط» إن «عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي تخلق 10 وظائف كل ساعة، وعضويتنا تعني أن بقية العالم يستثمر 880 جنيه إسترليني كل ثانية في المملكة المتحدة»، وتابع المتحدث بأن «المملكة المتحدة هي الوجهة الأولى لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر في أوروبا. وهي أيضا ثالث بلاد تجذب الاستثمار في العالم، وراء القوتين الاقتصاديتين الكبريين في العالم؛ الولايات المتحدة والصين». وذكر المتحدث أن «جاذبية الاستثمار في المملكة المتحدة هو بسبب عضويتنا في الاتحاد الأوروبي».
وسخر كوربن من تحذيرات وزير الخزانة جورج أوزبورن، التي يدعمها صندوق النقد ‏الدولي وبنك إنجلترا، بأن خروج بريطانيا سيؤدي إلى ركود اقتصادي، قائلا: «إنه نفسه ‏جورج أوزبورن الذي توقع أن سياساته التقشفية ستؤدي إلى إنهاء العجز في الموازنة بحلول ‏عام 2015، وهذا الأمر تم تأجيله إلى عام 2021».
وفي سياق متصل، حذرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من انعزال المملكة المتحدة وفقدها لنفوذها خارج التكتل الأوروبي، مطالبة البريطانيين بأن يصوتوا لصالح البقاء داخل كتلة الثماني وعشرين دولة.
وقالت، خلال مؤتمر صحافي أمس في برلين: «إن السوق الواحدة وحركة التجارة سببان لبقاء المملكة المتحدة داخل الاتحاد الأوروبي»، وتابعت بالقول: «أمة واحدة لن تكون قادرة على تحقيق مثل هذه النتائج الجيدة». وتمثل هذه الرسالة دعما، إلى جانب تصريحات الرئيس الأميركي باراك أوباما وغيره من زعماء العالم، لحملة كاميرون للبقاء داخل الاتحاد الأوروبي. وأكدت ميركل أن «استمرار بريطانيا في الاتحاد يصب في صالحه كما يخدم مصالح المملكة أيضا»، مشيرة إلى أن «إبرام الاتفاقات التجارية سيكون أفضل للشعب البريطاني في حال قرر الاستمرار من أن يحدث ذلك خارج الاتحاد».
من جانب آخر، أعرب رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي، أمس، عن أن «البنك يرغب في بقاء بريطانيا عضوا في الاتحاد الأوروبي»، ولكنه مستعد لجميع الاحتمالات. ووصف دراغي عضوية بريطانيا في الاتحاد بأنها «ذات منفعة متبادلة»، وتابع بالقول إن «البنك المركزي الأوروبي مستعد لأي نتيجة ولكل الاحتمالات».



موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».