شاشة الناقد

شاشة الناقد
TT

شاشة الناقد

شاشة الناقد

Alice Through the Looking Glass
إخراج: ‪جيمس بوبن‬
فانتازيا | الولايات المتحدة | 2016
تقييم الناقد: (*) (من خمسة)‬

بعد خمس سنوات من عودة أليس إلى الحياة على شاشة المخرج تيم بيرتون تحت العنوان الأصلي لرواية لويس كارول الشهيرة (1865)، تقرر شركة ديزني أن الوقت حان لجزء جديد. الحافز هو طبعًا مليار دولار حققها ذلك الفيلم في إيراداته العالمية. جزء تبدأه بطلته ميا ووزيكوفسكا بالقول بلهجة العالم: «الطريقة الوحيدة لتحقيق المستحيل هي الاعتراف بأنه مستحيل».
سيمنحك الفيلم الجديد دقيقة أو نحوها لكي تفكر في هذه الحكمة إذا شئت. لكن مهامه ليست في إطلاق الحكم بل في سرد حكاية تعود بها أليس إلى العالم الموازي للعالم الذي نعيش فيه والذي يمنحه الفيلم عشر دقائق في البداية قبل مغادرته.
إنها عشر دقائق تأسيسية ندرك فيها أن التاريخ أغفل أن أول «كابتن» بحر امرأة كانت أليس. فهي ليست حكيمة في سن شاب، بل تقود سفينة ورجالها وسط عواصف عاتية وتحت ضربات مدافع القراصنة وصخور كافية لشطر السفينة إلى نصفين لو ارتطمت بها. يحذرها أحد معاونيها من أن تنقلب السفينة إلى جانبها، فتخبره أن هذا هو المقصود. ثم تقطع حبلاً فتعود السفينة منتصبة وقد تجاوزت أخطار البحر والعاصفة الممطرة ومدافع الأعداء في وقت واحد.
«أليس من خلال المنظار» سيكون عليه تحقيق ذلك المستحيل وسيفشل: منح الفيلم أهمية ما وسط كم كبير من المؤثرات وشخوص الديجيتال والمشاهد المكتظة بالخدع الإلكترونية. هناك حيوانات ناطقة أكثر مما كان في الفيلم الأول من بينها قطط طائرة تتلوى بتمهل. وفراشة بحجم رأس حصان وبيادق شطرنج تتحرك وتتحدث وتقترح اتجاهات.
ثم هناك بالطبع الشخصيات ذات الأشكال البشرية التي ظهرت في الفيلم السابق، والتي لا بد من عودتها، وفي مقدمتها ماد هاتر (جوني دب) الذي يعيش ما يبدو، ولو إلى حين، آخر أيام حياته، إلا إذا نجحت أليس في إنقاذه. الحبكة هي رحلتها في دروب الخطر وحياة الغرائب لأجل هذه الغاية تبعًا لسيناريو يفي بالحاجة لفتح صفحات وفصول غريبة تقع للأسف في يدي مخرج غير خبير يشحن المشاهد جميعًا بما هو فوق طاقتها من غرائبيات وألوان وتفعيلات ومفارقات وشخصيات غير واقعية لا تعني على كثرتها سوى تكثيف اللحظة من دون أي عمق أو حرارة.
الخطّة لهذا الفيلم كانت حشد كل شيء، بما في ذلك مخلوقات ميكانيكية تخالها من مخلفات حلقة من حلقات فيلم «ترانسفورمرز» وموسيقى تكاد تقسم بأنك سمعتها في كل فيلم مشابه (كتبها داني إلفمان مما يجعل من شبه المؤكد أنه استعارها من ألحانه السابقة). وهناك، علاوة على ذلك عربة زمن تواصل أليس الانتقال بها بين العالمين الحاضر والموازي، ولو أن معظم الأحداث تقع في الثاني بطبيعة الحال.
المشكلة أن لا شيء خارج إطار تلك المخلوقات والآلات المتحركة والأشياء الغرائبية يثير الاهتمام بدوره. لو استخرجت كل تلك المؤثرات منها ماذا يبقى من الفيلم سوى ربع ساعة خاوية؟ بضعة مشاهد تمر تحت سماء من موسيقى تحييها فرقة من الكوراس الأوبرالي؟ بضع لقطات فيها تمثيل آدمي (معظمه ينتمي إلى بطلة الفيلم ذاتها)؟ حين الحديث عن التمثيل، من المؤسف أن الدور الأنجح الذي قام به جوني دب في فترة ما بعد «قراصنة الكاريبي» كان «أليس في أرض العجائب» وأفشلها هو هذا الجزء الثاني المضج صوتًا وصورة.



هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
TT

هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)

عاش نقادُ وصحافيو السينما المنتمون «لجمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» (كنت من بينهم لقرابة 20 سنة) نعمة دامت لأكثر من 40 عاماً، منذ تأسيسها تحديداً في السنوات الممتدة من التسعينات وحتى بُعيد منتصف العشرية الثانية من العقد الحالي؛ خلال هذه الفترة تمتع المنتمون إليها بمزايا لم تتوفّر لأي جمعية أو مؤسسة صحافية أخرى.

لقاءات صحافية مع الممثلين والمنتجين والمخرجين طوال العام (بمعدل 3-4 مقابلات في الأسبوع).

هذه المقابلات كانت تتم بسهولة يُحسد عليها الأعضاء: شركات التوزيع والإنتاج تدعو المنتسبين إلى القيام بها. ما على الأعضاء الراغبين سوى الموافقة وتسجيل حضورهم إلكترونياً.

هذا إلى جانب دعوات لحضور تصوير الأفلام الكبيرة التي كانت متاحة أيضاً، كذلك حضور الجمعية الحفلات في أفضل وأغلى الفنادق، وحضور عروض الأفلام التي بدورها كانت توازي عدد اللقاءات.

عبر خطّة وُضعت ونُفّذت بنجاح، أُغلقت هذه الفوائد الجمّة وحُوّلت الجائزة السنوية التي كانت الجمعية تمنحها باسم «غولدن غلوبز» لمؤسسة تجارية لها مصالح مختلفة. اليوم لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة بعدما فُكّكت وخلعت أضراسها.

نيكول كيدمان في لقطة من «بايبي غيرل» (24A)

مفاجأة هوليوودية

ما حدث للجمعية يبدو اليوم تمهيداً لقطع العلاقة الفعلية بين السينمائيين والإعلام على نحو شائع. بعضنا نجا من حالة اللامبالاة لتوفير المقابلات بسبب معرفة سابقة ووطيدة مع المؤسسات الإعلامية المكلّفة بإدارة هذه المقابلات، لكن معظم الآخرين باتوا يشهدون تقليداً جديداً انطلق من مهرجان «ڤينيسيا» العام الحالي وامتد ليشمل مهرجانات أخرى.

فخلال إقامة مهرجان «ڤينيسيا» في الشهر التاسع من العام الحالي، فُوجئ عدد كبير من الصحافيين برفض مَنحِهم المقابلات التي اعتادوا القيام بها في رحاب هذه المناسبة. أُبلغوا باللجوء إلى المؤتمرات الصحافية الرّسمية علماً بأن هذه لا تمنح الصحافيين أي ميزة شخصية ولا تمنح الصحافي ميزة مهنية ما. هذا ما ترك الصحافيين في حالة غضب وإحباط.

تبلور هذا الموقف عندما حضرت أنجلينا جولي المهرجان الإيطالي تبعاً لعرض أحد فيلمين جديدين لها العام الحالي، هو «ماريا» والآخر هو («Without Blood» الذي أخرجته وأنتجته وشهد عرضه الأول في مهرجان «تورونتو» هذه السنة). غالبية طلبات الصحافة لمقابلاتها رُفضت بالمطلق ومن دون الكشف عن سبب حقيقي واحد (قيل لبعضهم إن الممثلة ممتنعة لكن لاحقاً تبيّن أن ذلك ليس صحيحاً).

دانيال غريغ في «كوير» (24A)

الأمر نفسه حدث مع دانيال كريغ الذي طار من مهرجان لآخر هذا العام دعماً لفيلمه الجديد «Queer». بدءاً بـ«ڤينيسيا»، حيث أقيم العرض العالمي الأول لهذا الفيلم. وجد الراغبون في مقابلة كريغ الباب موصداً أمامهم من دون سبب مقبول. كما تكرر الوضع نفسه عند عرض فيلم «Babygirl» من بطولة نيكول كيدمان حيث اضطر معظم الصحافيين للاكتفاء بنقل ما صرّحت به في الندوة التي أقيمت لها.

لكن الحقيقة في هذه المسألة هي أن شركات الإنتاج والتوزيع هي التي طلبت من مندوبيها المسؤولين عن تنظيم العلاقة مع الإعلاميين ورفض منح غالبية الصحافيين أي مقابلات مع نجوم أفلامهم في موقف غير واضح بعد، ولو أن مسألة تحديد النفقات قد تكون أحد الأسباب.

نتيجة ذلك وجّه نحو 50 صحافياً رسالة احتجاج لمدير مهرجان «ڤينيسيا» ألبرتو باربيرا الذي أصدر بياناً قال فيه إنه على اتصال مع شركات هوليوود لحلّ هذه الأزمة. وكذلك كانت ردّة فعل عدد آخر من مديري المهرجانات الأوروبية الذين يَرون أن حصول الصحافيين على المقابلات حقٌ مكتسب وضروري للمهرجان نفسه.

لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة

امتعاض

ما بدأ في «ڤينيسيا» تكرّر، بعد نحو شهر، في مهرجان «سان سيباستيان» عندما حضر الممثل جوني دَب المهرجان الإسباني لترويج فيلمه الجديد (Modi‪:‬ Three Days on the Wings of Madness) «مودي: ثلاثة أيام على جناح الجنون»، حيث حُدّد عدد الصحافيين الذين يستطيعون إجراء مقابلات منفردة، كما قُلّصت مدّة المقابلة بحدود 10 دقائق كحد أقصى هي بالكاد تكفي للخروج بحديث يستحق النشر.

نتيجة القرار هذه دفعت عدداً من الصحافيين للخروج من قاعة المؤتمرات الصحافية حال دخول جوني دَب في رسالة واضحة للشركة المنتجة. بعض الأنباء التي وردت من هناك أن الممثل تساءل ممتعضاً عن السبب في وقت هو في حاجة ماسة لترويج فيلمه الذي أخرجه.

مديرو المهرجانات يَنفون مسؤولياتهم عن هذا الوضع ويتواصلون حالياً مع هوليوود لحل المسألة. الاختبار المقبل هو مهرجان «برلين» الذي سيُقام في الشهر الثاني من 2025.

المديرة الجديدة للمهرجان، تريشيا تاتل تؤيد الصحافيين في موقفهم. تقول في اتصال مع مجلة «سكرين» البريطانية: «الصحافيون مهمّون جداً لمهرجان برلين. هم عادة شغوفو سينما يغطون عدداً كبيراً من الأفلام».

يحدث كل ذلك في وقت تعرّضت فيه الصحافة الورقية شرقاً وغرباً، التي كانت المساحة المفضّلة للنشاطات الثقافية كافة، إلى حالة غريبة مفادها كثرة المواقع الإلكترونية وقلّة عدد تلك ذات الاهتمامات الثقافية ومن يعمل على تغطيتها. في السابق، على سبيل المثال، كان الصحافيون السّاعون لإجراء المقابلات أقل عدداً من صحافيي المواقع السريعة الحاليين الذين يجرون وراء المقابلات نفسها في مواقع أغلبها ليس ذا قيمة.

الحل المناسب، كما يرى بعض مسؤولي هوليوود اليوم، هو في تحديد عدد الصحافيين المشتركين في المهرجانات. أمر لن ترضى به تلك المهرجانات لاعتمادها عليهم لترويج نشاطاتها المختلفة.