ترامب يعلن عن زيارة اسكوتلندا غداة الاستفتاء حول الاتحاد الأوروبي

مؤيدو خروج بريطانيا من التكتّل يصوغون مشروع قانون لتشديد شروط الهجرة

المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترامب أمام الجمهور في نيويورك (رويترز)
المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترامب أمام الجمهور في نيويورك (رويترز)
TT

ترامب يعلن عن زيارة اسكوتلندا غداة الاستفتاء حول الاتحاد الأوروبي

المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترامب أمام الجمهور في نيويورك (رويترز)
المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترامب أمام الجمهور في نيويورك (رويترز)

أعلن المرشح الجمهوري للسباق الرئاسي الأميركي دونالد ترامب أمس، أنه سيزور بريطانيا بتاريخ 24 يونيو (حزيران) الحالي، غداة استفتاء حول عضوية البلاد في الاتحاد الأوروبي لتدشين ملعب غولف يحمل اسمه في اسكوتلندا.
وقال ترامب في بيان: «أنا فخور جدا، وأتطلع للمشاركة في حفل افتتاح الملعب»، وسيتزامن مجيء الملياردير النيويوركي إلى بريطانيا مع إعلان نتائج الاستفتاء الذي ستنظمه المملكة المتحدة حول عضويتها في الاتحاد الأوروبي. وتأتي زيارة ترامب عقب خلاف أثار اهتمام الإعلام الغربي والبريطاني تحديدا مع رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، على خلفية تصريحات أدلى بها بشأن المسلمين، وقال ترامب الشهر الماضي أنه «من غير المحتمل أن تربطه علاقة طيبة بكاميرون» بعد أن وصف حظره المقترح على دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة بأنه «خطير وغبي».
وقال المتحدث باسم مقر الرئاسة البريطانية لـ«الشرق الأوسط» إنه «في كثير من الأحيان يزور المرشحون للرئاسة الأميركية بريطانيا في أثناء حملتهم، وقد التقى بهم رئيس الوزراء من قبل. لكننا لا نملك موعدا ثابتا للقاء كاميرون وترامب».
وسبق أن زار ترامب أحد ملاعب الغولف الاسكوتلندية في يوليو (تموز) 2015 لحضور مباراة. ومنذ ذلك الحين، يواجه انتقادات شديدة بسبب اقتراحه إغلاق الحدود الأميركية أمام المسلمين. وكان كاميرون أعلن سابقا أن تصريحات ترامب حول منع المسلمين من دخول الولايات المتحدة «كانت خاطئة، وإذا جاء إلى بلادنا سنتحد جميعا ضده».
على صعيد متّصل، أعرب الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند عن أمله في أن لا ينسى البريطانيون عمق صلاتهم مع أوروبا في إشارة إلى الاستفتاء. وقال على هامش تدشين نفق في سويسرا: «نحن موحدون كما لم يحدث في السابق، وآمل أن يتذكر البريطانيون ذلك في اليوم الموعود»، مشيرا إلى ارتباط بريطانيا بأوروبا الغربية بنفق المانش منذ أكثر من عشرين عاما. وأضاف: «ما كان أحد يتصور أنه سيأتي يوم يمكن فيه التنقل بهذه الطريقة من فرنسا إلى بريطانيا». وكان هولاند حذر في مستهل مارس (آذار) الماضي من أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيكون له تأثير سلبي على الكثير من المجالات، أبرزها «السوق الأوروبية المشتركة» و«الأسواق المالية» و«التنمية الاقتصادية بين البلدين».
في سياق متصل، كشفت منظمة التعاون الاقتصادية والتنمية أن تصويت بريطانيا لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي سيضر الاقتصاد البريطاني على المدى البعيد، ويبطئ نمو التجارة العالمية.
وقالت المنظمة إنه إذا خرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي فإن «الناتج المحلي الإجمالي سينخفض بنسبة 5 في المائة بحلول عام 2030»، وأضافت أن «خروج بريطانيا سيؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار الاقتصادي الشامل، وستسبب تذبذبا في الأسعار بالأسواق العالمية».
وقال المتحدث باسم معسكر الخروج من الاتحاد الأوروبي لـ«الشرق الأوسط» بهذا الصدد إن «هذا التقرير خاطئ، وتم رفضه بشدة من قبل كبار الاقتصاديين».
وتنبأت المنظمة التي تتخذ من باريس مقرا لها بأن يصل الناتج المحلي الإجمالي العالمي في عام 2016 3 في المائة وفي العام المقبل 3.3 في المائة. ولا تختلف هذه التوقعات مع التقرير المؤقت الذي أصدرته المنظمة حول الاقتصاد العالمي في فبراير (شباط) الماضي.
من جهة أخرى، كشف زعماء المعسكر المؤيد لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مشروعا يشدد شروط هجرة مواطني الاتحاد الأوروبي إلى بريطانيا على نسق النموذج الأسترالي في حال فوزهم في الاستفتاء.
وفي بيان مشترك، قال رئيس بلدية لندن السابق بوريس جونسون الذي يطمح لأن يصبح رئيس الوزراء المقبل، ووزير العدل، مايكل غوف، ووزيرة الدولة للتوظيف، بريتي باتل، والنائبة جيزيلا ستيوارت: «في الانتخابات التشريعية المقبلة، سنصوغ نظام هجرة حقيقيا على غرار النموذج الأسترالي». وأضافوا: «سيلغى الحق التلقائي لكافة مواطني الاتحاد الأوروبي في المجيء للعيش والعمل في بريطانيا»، موضحين أن الأمر لن ينطبق على المواطنين الأوروبيين المقيمين حاليا في البلاد. في النظام الجديد المستوحى من سياسة الهجرة الصارمة التي تطبقها أستراليا، سيعالج كل طلب للحصول على إذن إقامة وعمل في بريطانيا بناء على كفاءات ومؤهلات صاحب الطلب «دون تمييز على أساس الجنسية».
وكتب مؤيدو خروج بريطانيا أنه «للحصول على ترخيص عمل، على المهاجرين لأسباب اقتصادية أن تكون لديهم مؤهلات لشغل الوظيفة التي يريدونها». وأكدوا أن إتقان اللغة الإنجليزية سيكون إلزاميا لعدد من الوظائف. وملف الهجرة محوري في حملة الاستفتاء، حيث إن أنصار خروج بريطانيا يؤكدون أن تدفق المواطنين الأوروبيين يحمل نظامي الصحة والتربية أعباء ضخمة ويرفع أيضا أسعار المساكن.
وذكر مرصد الهجرة أن نحو ثلاثة ملايين من رعايا الاتحاد الأوروبي كانوا يقيمون في بريطانيا في 2015، وهو رقم زاد بأكثر من مرتين منذ 2004



كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.