مصر: احتجاز نقيب الصحافيين يفاقم أزمة رجال الإعلام مع الداخلية

مطالب للرئيس السيسي بالتدخل لإعادة حقوقهم

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أثناء افتتاح المرحلتين الأولى والثانية من المشروع الإسكاني في منطقة الأسمرة بحي المعظم في القاهرة أمس (رويترز)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أثناء افتتاح المرحلتين الأولى والثانية من المشروع الإسكاني في منطقة الأسمرة بحي المعظم في القاهرة أمس (رويترز)
TT

مصر: احتجاز نقيب الصحافيين يفاقم أزمة رجال الإعلام مع الداخلية

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أثناء افتتاح المرحلتين الأولى والثانية من المشروع الإسكاني في منطقة الأسمرة بحي المعظم في القاهرة أمس (رويترز)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أثناء افتتاح المرحلتين الأولى والثانية من المشروع الإسكاني في منطقة الأسمرة بحي المعظم في القاهرة أمس (رويترز)

قالت نقابة الصحافيين في مصر أمس إن وفدًا من مجلس النقابة طلب مقابلة المستشار نبيل صادق، النائب العام المصري، لبحث تداعيات أزمة احتجاز نقيب الصحافيين يحيى قلاش، وجمال عبد الرحيم سكرتير عام النقابة، وخالد البلشي عضو المجلس، بمقر قسم قصر النيل بوسط العاصمة القاهرة، فيما قال خالد ميري، وكيل أول نقابة الصحافيين، إن «النقابة لم تتلق أي رد حتى الآن بشأن الطلب الذي تقدموا به».
ولا يزال نقيب الصحافيين واثنان من أعضاء مجلس النقابة محتجزين لدى الشرطة، لعدم قيامهم بدفع كفالة 10 آلاف جنيه المقررة من قبل نيابة وسط القاهرة، على خلفية اتهامهم بإيواء مطلوبين أمنيًا، ومن المقرر استمرار حجزهم بالقسم حتى عرضهم خلال الساعات المقبلة على النيابة مرة أخرى، ورجحت مصادر نقابية أنه «حال عدم دفع الكفالة فسوف يتم تنفيذ الخيار الثاني المتضمن قرار النيابة، وهو الحبس 4 أيام على ذمة التحقيقات».
ويرى مراقبون أن «احتجاز نقيب الصحافيين وأعضاء المجلس يفاقم الأزمة بين النقابة وزارة الداخلية، وبخاصة مع تهديدات أعضاء النقابة بالتصعيد من جديد».
وكانت قوات الأمن قد اقتحمت مقر نقابة الصحافيين مطلع مايو (أيار) الحالي، وألقت القبض على الصحافيين عمرو بدر ومحمود السقا، واتهما بنشر أخبار كاذبة، والدعوة للتظاهر، ما دعا مجلس النقابة لدعوة الجمعية العمومية لاجتماع طارئ وقتها، وأقر الاجتماع 18 مطلبًا وآلية لمواجهة اقتحام مقر النقابة للمرة الأولى منذ تأسيسها قبل 75 عامًا، والذي يأتي على رأسها إقالة وزير الداخلية، ردًا على اقتحام قوات الأمن مقر النقابة في وسط القاهرة والقبض على صحافيين.
وينص قانون النقابة في مادته الـ70 على عدم جواز «تفتيش مقرات نقابة الصحافيين ونقاباتها الفرعية، أو وضع أختام عليها إلا بموافقة أحد أعضاء النيابة العامة، وبحضور نقيب الصحافيين، أو النقابة الفرعية، أو من يمثلها».
وكان المستشار وائل شبل، المحامي العام الأول لنيابات وسط القاهرة الكلية، أمر فجر أمس بعد تحقيقات استمرت ما يقرب من 14 ساعة بإخلاء سبيل قلاش وعبد الرحيم والبلشي من محبس النيابة بكفالة مالية، وذلك على خلفية قضية بدر والسقا، اللذين تم إلقاء القبض عليهما من داخل نقابة الصحافيين.
وأسندت النيابة العامة إلى قلاش وعضوي مجلس النقابة اتهامين أساسيين، هما إيواء عناصر صدر بحقهم أمر قضائي بالضبط والإحضار في جنايات وجنح معاقب عليها قانونا، وبث أخبار وبيانات كاذبة، تشير إلى اقتحام مأموري الضبط القضائي القائمين بتنفيذ أوامر الضبط والإحضار، لمقر نقابة الصحافيين.
واستمر حصار نقابة الصحافيين أمس، مع انعقاد جلسة مجلس النقابة واجتماع الجمعية العمومية، حيث فرضت قوات الأمن طوقًا حول الطرق المؤدية إليها، ومنعت مرور السيارات والأشخاص، وسمحت فقط لمن يحمل عضوية النقابة بالعبور.
وأكد نقيب الصحافيين أنه وزميليه البلشي وعبد الرحيم لم يسددوا الكفالة المالية المقررة من النيابة العامة لإخلاء سبيلهم، تأسيسًا على أن إحدى التهمتين الموجهتين إليهم في التحقيقات تتعلق بالنشر، وهو ما لا يستوجب دفع كفالة.
من جانبها، أعربت لجنة الدفاع عن استقلال الصحافة، عن شديد أسفها للطريقة التي تتعامل بها بعض أجهزة الدولة مع الجماعة الصحافية، ممثلة في النقيب وهيئة مكتب مجلس النقابة، مطالبًا الرئيس عبد الفتاح السيسي بالتدخل، واتخاذ كل ما يلزم من إجراءات لإعادة حقوق الصحافيين التي تم امتهانها، بعد أن تم الضرب بالقانون عرض الحائط.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.