العراق والفوضى.. بغداد تتعرض للخراب والمسؤولون منشغلون بالفساد

وزير الداخلية السابق: الطائفية سبب المشاكل السياسية والخدمية

شارع الرشيد في وسط بغداد الذي كان يزخر بالمقاهي الثقافية تحول إلى محلات لبيع المعدات والخردة ({الشرق الأوسط})
شارع الرشيد في وسط بغداد الذي كان يزخر بالمقاهي الثقافية تحول إلى محلات لبيع المعدات والخردة ({الشرق الأوسط})
TT

العراق والفوضى.. بغداد تتعرض للخراب والمسؤولون منشغلون بالفساد

شارع الرشيد في وسط بغداد الذي كان يزخر بالمقاهي الثقافية تحول إلى محلات لبيع المعدات والخردة ({الشرق الأوسط})
شارع الرشيد في وسط بغداد الذي كان يزخر بالمقاهي الثقافية تحول إلى محلات لبيع المعدات والخردة ({الشرق الأوسط})

في نظرة متفحصة من الجو لبغداد، ستجد أن هذه المدينة لا تزال تحمل صفات جمالية في التخطيط والعمارة، مدينة تقاوم الخراب الذي يدب فيها مثل مرض سرطان، لا أحد ينتبه لمعالجته، مدينة تكابر رغم جراحاتها. وقبل أن نهبط إلى واقع المدينة وشوارعها، سوف نلاحظ أن هذه العاصمة المترامية الأطراف (بغداد مدينة أفقية) والتي ازدهر العمران بها بشكل حقيقي منذ الخمسينات، كان آخر ما بني فيها من عمارات ومجمعات سكنية وشوارع وجسور وطرق معلقة، يعود إلى منتصف الثمانينات، أي منذ أكثر من 30 عاما، قبل أن يدب الخراب بها تدريجيا ليصل أوجه بعد عام 2003، إذ انتشرت المجمعات العشوائية في كل مكان، وهي ما يعرف بـ«الحواسم»، إذ سيطر المهاجرون من الريف وغالبية السكان الذين يقيمون عند حافات العاصمة، على أبنية وأراض، بلا أي اهتمام بالقوانين.
كما أن أصحاب المحلات غيروا اختصاصات الشوارع، فتحول شارع الرشيد مثلا، وهو أول شارع يتم شقه وتعبيده من قبل العثمانيين في بغداد والعراق، من شارع يحوي مقاهي ثقافية ومكتبات، إلى شارع يزدحم بمحلات بيع العدد اليدوية وورشات تصليح السيارات.
خراب العاصمة العراقية، التي كانت توصف إلى وقت قريب بأنها واحدة من المدن العربية الجميلة بعمارتها وتخطيطها العمراني، حولها إلى عاصمة للفوضى، حيث جسور وسط بغداد مغلقة، وخصوصا جسر الجمهورية الذي يصل بين ساحة التحرير في جانب الرصافة، حيث يتمركز المتظاهرون يوم الجمعة، والمنطقة الخضراء بجانب الكرخ، إذ تم إغلاق هذا الجسر الحيوي بجدران إسمنتية حتى إشعار آخر. شوارع مقطعة، منها النفق الرابط بين ساحة النسور وحتى بوابة التشريع للمنطقة الخضراء، حواجز كونكريتية تنتشر في كل مكان، وقطعات من الجيش العراقي والأجهزة الأمنية تنتشر في ساحة التحرير وساحة الطيران وفي محيط المنطقة الخضراء، بجانبي الكرخ والرصافة. يضاف إلى هذا شوارع مزدحمة للغاية، وفي درجة حرارة عالية. بإيجاز، هذا هو الوضع في بغداد راهنا، وضع لا يوصف إلا بالفوضى، ومع ذلك الحياة تستمر والسيارات تتدفق في شوارع العاصمة، رغم أن رحى القتال بين القوات العراقية وتنظيم داعش في الفلوجة، لا تبعد أكثر من 60 كيلومترا عن العاصمة العراقية.
يقول المهندس المدني هشام المدفعي، معاون أمين بغداد في ثمانينات القرن الماضي لـ«الشرق الأوسط»: إن «بغداد التي عملنا على بنائها وتطويرها سنوات طويلة قد اختفت، غاب التخطيط الحضري وغابت القوانين التي تحكم الناس للحفاظ على هوية المدينة وسادت الفوضى».
ويلخص جواد البولاني، وزير الداخلية السابق وعضو مجلس النواب (مستقل)، سبب مشكلات العراق والفوضى الحاصلة في «الطائفية وتدخل رجال الدين في أمور السياسة والحكم» قائلا: «الحل بسيط ويتلخص في فصل الدين عن الدولة»، مشيرا إلى أهمية «بناء مؤسسات مدنية متخصصة تعتمد على كفاءات حقيقية ووطنية وغير فاسدة».
ويقول البولاني، وهو رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار البرلمانية لـ«الشرق الأوسط»: «الآن وبعد كل هذه السنوات، ومنذ التغيير عام 2003، حيث خسرنا كثيرا من الأرواح والأموال، ألا نستطيع أن نشكل كتلا عابرة للطائفية من أجل بناء دولة مدنية يحترمها الشعب العراقي ودول الجوار والعالم؟ أما آن الأوان لنحظى بدعم عربي وأممي من أجل بناء هذه الدولة؟ أعتقد أن على جميع العراقيين، وأعني السياسيين، أن يفكروا بجدية لإنتاج دولة مدنية، لتحرير العراق من العناوين الطائفية». وقال: «نريد أن نعالج المشكلات الحقيقية في البلد، ونجري إصلاحات جذرية مثلما يطالب المتظاهرون، وهذه المظاهرات تطور مهم في المجتمع العراقي، وفي دفع السياسيين لإجراء التغييرات، نريد بالفعل حكومة تكنوقراط بعيدة عن السياسة والمحاصصات السياسية والطائفية، الشعب يريد حكومة من الكفاءات لا علاقة لها بالأحزاب السياسية والأديان والمذاهب».
ويشير وزير الداخلية العراقي السابق، إلى أن «التحدي الأكبر الذي يواجه العراقيين من أجل تحقيق مطالبهم ببناء دولة مدنية عصرية هو التحدي الأمني». وقال: «ركزنا وما زلنا على قتال تنظيم داعش كونه يشكل خطرا حقيقيا على كل العراق، وهناك مشكلة انتشار السلاح خارج سيطرة الدولة، وهذه المشكلة يمكن حلها بعد دحر تنظيم داعش، وإيجاد وسائل لاستيعاب المسلحين والحشد الشعبي وأبناء العشائر ضمن المؤسسات الأمنية، فالدستور لا يسمح بوجود أي سلاح خارج سيطرة الدولة».



عباس: ينبغي أن تمارس السلطة الفلسطينية ولايتها الكاملة في غزة بما في ذلك معبر رفح

الرئيس الفلسطيني محمود عباس على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)
TT

عباس: ينبغي أن تمارس السلطة الفلسطينية ولايتها الكاملة في غزة بما في ذلك معبر رفح

الرئيس الفلسطيني محمود عباس على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)

استحوذت حرب غزة والقضية الفلسطينية والأزمات المختلفة في عدد من البلدان العربية على حيز واسع من مجريات اليوم الثالث من أعمال الدورة السنوية الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك؛ إذ صعد الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى منبرها للمطالبة بتجميد عضوية إسرائيل في المنظمة الدولية، ووقف تزويدها بالأسلحة، وإرغامها على تنفيذ التزاماتها وقرارات مجلس الأمن.

ودعا الرئيس الفلسطيني، الخميس، المجتمع الدولي إلى وقف تزويد إسرائيل بالأسلحة؛ لمنع إراقة الدماء في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة.

وقال عباس من منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة: «أوقفوا هذه الجريمة، أوقفوها الآن، أوقفوا قتل الأطفال والنساء، أوقفوا حرب الإبادة، أوقفوا إرسال السلاح لإسرائيل».

وأضاف: «إسرائيل دمرت القطاع بالكامل تقريباً، ولم يعد صالحاً للحياة». وأوضح أمام الجمعية العامة التي تضم 193 عضواً: «لا يُمكن لهذا الجنون أن يستمر. إن العالم بأسره يتحمل المسؤولية إزاء ما يجري لشعبنا».

وعرض عباس رؤية لإنهاء الحرب في غزة؛ تتضمن بسط سلطة منظمة «التحرير الفلسطينية» على جميع الأراضي الفلسطينية بما في ذلك غزة. وطالب الرئيس الفلسطيني بأن تمارس السلطات الفلسطينية ولايتها الكاملة في غزة، بما في ذلك على معبر رفح، بوصفه جزءاً من خطة شاملة.

كما قال عباس إن إسرائيل «غير جديرة» بعضوية الأمم المتحدة، مشدداً على أن الدولة العبرية تحدت قرارات المنظمة الدولية ذات الصلة بالصراع.

وأضاف من منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة: «إسرائيل التي ترفض تنفيذ قرارات الأمم المتحدة غير جديرة بعضوية هذه المنظمة الدولية»، معرباً عن أسفه لأن الولايات المتحدة استخدمت حق النقض في مجلس الأمن الدولي ضد إعطاء دولة فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.

وتابع: «يؤسفنا أن الإدارة الأميركية عطّلت 3 مرات مشاريع قرارات لمجلس الأمن تطالب إسرائيل بوقف إطلاق النار باستخدامها الفيتو، وفوق ذلك زوّدتها بالأسلحة الفتّاكة التي قتلت آلاف الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ، وهو ما شجّع إسرائيل على مواصلة عدوانها». وخلص إلى القول «فلسطين سوف تتحرر».

وأعلنت إسرائيل، الخميس، الحصول على مساعدة عسكرية أميركية بقيمة 8.7 مليار دولار.

كذلك عرض الرئيس الفلسطيني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة رؤية لإنهاء الحرب في غزة، تتضمن بسط سلطة منظمة «التحرير الفلسطينية» على جميع الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك غزة.

وطالب عباس بأن تمارس السلطات الفلسطينية ولايتها الكاملة في غزة، بما في ذلك معبر رفح، بصفته جزءاً من خطة شاملة، فالفلسطينيون يرفضون إقامة مناطق عازلة إسرائيلية، مشدداً: «لن نسمح لإسرائيل بأخذ سنتيمتر واحد من غزة».

اليمن ووكلاء إيران

من جهته، تحدّث رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد محمد العليمي، أولاً عن الوضع في بلاده، قائلاً: «إن تعافي اليمن ليس مجرد قضية وطنية، بل حاجة إقليمية وعالمية»، لأن «استقراره يعد أمراً حاسماً للحفاظ على السلام وأمن المنطقة، وطرق التجارة في البحرين الأحمر والعربي والممرات المائية المحيطة».

وأضاف: «أن الحكومة اليمنية تظل ملتزمة بنهج السلام الشامل والعادل، لكنه من الضروري في هذه الأثناء تعزيز موقفها لمواجهة أي خيارات أخرى، بالنظر إلى تصعيد الميليشيات الحوثية المتواصل على الصعيدين المحلي والإقليمي، وتهديد الملاحة الدولية، ولمنع تواصل توسع واستدامة هذا التصعيد».

ولفت إلى أن «هجمات الحوثيين المستمرة على حركة التجارة العالمية في البحر الأحمر والممرات المائية المحيطة تظهر أنها تُشكل تهديداً متزايداً ليس فقط للداخل اليمني، ولكن أيضاً لاستقرار المنطقة بأكملها».

وعن الوضع في بقية الشرق الأوسط، قال العليمي: «إن الحرب الإسرائيلية الوحشية على الشعب الفلسطيني يجب أن تتوقف على الفور، لأن ذلك هو مفتاح السلام المنشود، ومدخل لرفع الغطاء عن ذرائع إيران ووكلائها لتأزيم الأوضاع في المنطقة».

وتطرق إلى الوضع في لبنان، قائلاً: «إن السبيل الوحيدة لردع العدوان الإسرائيلي الغاشم على لبنان ستكون بموقف حازم من المجتمع الدولي، ووحدة اللبنانيين أنفسهم واستقلال قرارهم وعدم التدخل في شؤون بلدهم الداخلية، واستعادة الدولة اللبنانية لقرار السلم والحرب».

ليبيا نحو الانتخابات

وسبقه إلى المنبر رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، الذي قال إن الليبيين هم الأقدر على تقرير مصيرهم من خلال «الاستفتاءات النزيهة وعقد انتخابات شاملة (...) لإنهاء أي انسداد سياسي»، مؤكداً أن «الحل السياسي الشامل في مساراته المالية والاقتصادية والأمنية، إضافة لمسار المصالحة الوطنية، هو السبيل الوحيدة لتوحيد المؤسسات وضمان الاستقرار وصولاً إلى الانتخابات، وتجديد الشرعية لجميع المؤسسات وتقرير الشعب الليبي لمصيره».

وشدد المنفي على أن ما يرتكبه «الاحتلال الإسرائيلي من جرائم إبادة وتطهير عرقي ضد الشعب الفلسطيني واللبناني يُمثل انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية».

وشدد على أن إبعاد «شبح نشوب حرب إقليمية» في المنطقة يكون من خلال معالجة الوضع في غزة، وإيقاف «الانتهاكات والاعتداءات الجسيمة» في فلسطين.