«البقوليات».. كتاب يستعرض جذور الحبوب الجافة وفوائدها

أطلقته {الفاو}.. ويحمل في طياته رسومات وحقائق حول خصائصها الغذائية

«البقوليات».. كتاب يستعرض جذور الحبوب الجافة وفوائدها
TT

«البقوليات».. كتاب يستعرض جذور الحبوب الجافة وفوائدها

«البقوليات».. كتاب يستعرض جذور الحبوب الجافة وفوائدها

أصبح بإمكان عشاق البازلاء والفاصوليا والعدس وغيرها من البقوليات صقل أذواقهم وتحسين مهاراتهم في الطبخ والاستمتاع بأطباق جديدة بفضل كتاب جديد يضم عددًا من الوصفات المتنوعة التي أعدها عدد من أمهر الطهاة في العالم ممن يعشقون البقوليات التي تعتبر أكثر أنواع الأغذية تنوعًا في العالم.
فقد أطلقت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) اليوم كتاب «البقوليات، بذور مغذية من أجل مستقبل مستدام» والذي تأخذ صفحاته الـ190 القرّاء في رحلة شيقة للاطلاع على مختلف المطابخ والثقافات في جميع أنحاء العالم، واستعراض أواني الطبخ والتاريخ المحلي لاستكشاف الجذور الأصلية والفوائد المعاصرة والنكهات المميزة للأكلات المعدة من البقوليات الجافة.
وبالإضافة إلى تقديم لمحة عامة عن البقوليات وكيفية تعزيزها التغذية والصحة والتنوع البيولوجي والأمن الغذائي، يقدم الكتاب شرحًا مفصلاً عن الأمور التي ينبغي اتباعها عند شراء البقوليات، وكيفية زراعتها في المنزل وطرق طهوها. كما يوثّق الكتاب تجربة عشرة طهاة معروفين عالميًا في رحلتهم اليومية إلى السوق، وخلال إعداد كل منهم لثلاثة أطباق سهلة التحضير تتكون أساسًا من البقوليات، إلى جانب كشفهم عن أفضل أسرار الطبخ الخاصة بهم.
ولا تقتصر أهمية الكتاب على تلبية ذائقة القراء فقط، بل إنه يحمل في طياته معلومات ورسومات وحقائق عن البقوليات من ناحية تنوعها ومناطق نموها والبلدان التي تزرعها وتتاجر بها ناهيك بخصائصها الغذائية.
وخلال حفل إطلاق الكتاب في المقر الرئيسي للفاو في روما، قال جوزيه غرازيانو داسيلفا المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو): «هذا الكتاب حافل بالرسوم التوضيحية والصور الجميلة، وهو يظهر الطرق الكثيرة التي يمكن للبقوليات من خلالها المساهمة في تعزيز الأمن الغذائي ومستوى الزراعة المستدامة والتكيّف مع التغيّر المناخي، بالإضافة إلى مساهمتها في تعزيز صحة الإنسان بشكل عام». وأضاف داسيلفا: «تشكل البقوليات بديلا في متناول الجميع للبروتين الحيواني، وتتزايد أهميتها كمحاصيل بالنسبة إلى العائلات في المزارع محدودة النطاق».
وخلال الحفل، أعلن غرازيانو داسيلفا عن اختيار الكاتبة والمدونة البريطانية المتخصصة بالغذاء جيني شاندلر سفيرة خاصة للسنة الدولية للبقوليات 2016 لمنطقة أوروبا. وبالإضافة إلى كتابتها حول الغذاء في مدونتها الخاصة على الإنترنت، ألفت تشاندلر أربعة كتب عن الطبخ، خصص أحدها لوصفات الطبخ المعدة من البقوليات.
وبذلك تنضم شاندلر إلى مجموعة مكونة من ستة سفراء خاصين للسنة الدولية للبقوليات والذين سيعملون على دعم جهود المنظمة في الترويج للفوائد الصحية والبيئية للبقوليات من خلال فعاليات دولية والتواصل مع وسائل الإعلام.
وبالإضافة إلى شاندلر، تضم مجموعة السفراء جويس بوي من كندا (لمنطقة أميركا الشمالية) وكادامبوت صديق من الهند (لمنطقة آسيا) وإليزابيث إمبوفو من زيمبابوي (لمنطقة أفريقيا) وماجي حبيب من مصر (لمنطقة الشرق الأدنى)، ويتم حاليًا العمل على اختيار سفير خاص لمنطقة أميركا اللاتينية والكاريبي.

لماذا البقوليات؟

> من خلال تسليط الضوء على مأكولات مثل الفلافل وشوربة الدال والشطة من مناطق مختلفة في العالم، يستعرض الكتاب كيف أن البقوليات تعد جزءًا من الثقافة والنظام الغذائي حول العالم ومكونا أساسيا للكثير من الأطباق الوطنية.
وعلى الرغم من صغر حجمها، تمتاز البقوليات باحتوائها على كميات كبيرة من البروتينات تصل إلى ضعف تلك الموجودة في القمح وإلى ثلاثة أضعاف الموجودة في الأرز. كما تعمل البقوليات على إغناء الوجبات بالبروتين، خصوصًا عند تناولها مع الحبوب. وهي غنية بالمغذيات الدقيقة وفيتامين ب، بالإضافة إلى أنها رخيصة الثمن، الأمر الذي يجعلها مثالية لتحسين التغذية في المناطق الأشد فقرًا حول العالم.
ولا تتوقف الفوائد الصحية للبقول عند هذا الحد، بل تتعداها إلى كونها مثالية للتحكم بالوزن وبنسبة الكوليسترول في الدم، وصحة الجهاز الهضمي ومكافحة فقر الدم عند النساء والأطفال. كما أن البقوليات لا تحتوي على الغلوتين، مما يجعلها خيارًا مثاليًا لمرضى الاضطرابات الهضمية.
فوائد البقوليات لتحقيق التنوع الحيوي والتكيّف مع تغير المناخ
تساهم البقوليات في تثبيت النيتروجين في التربة مما يزيد من إنتاجية الأراضي الزراعية ويقلل من اعتماد المزارعين على الأسمدة الاصطناعية، ما يؤدي بالتالي إلى الحد من آثار الكربون.
ومن خلال دور البقوليات في تحسين نوعية التربة، فإنها تساهم في تهيئة بيئة مناسبة لتكاثر الجراثيم والحشرات والبكتيريا بمختلف أنواعها تحت التربة وبالتالي تعزيز التنوع الحيوي تحت سطح الأرض.
وفي ظل التغير المناخي في العالم، توفر البقوليات خيارات كثيرة للمزارعين الذين يسعون إلى مواءمة إنتاجهم مع تغير الظروف المناخية، إذ توجد مئات الأصناف من البقوليات التي تتوفر في كل بيئات العالم.
يسعى كتاب «البقوليات، بذور مغذية من أجل مستقبل مستدام» إلى البحث بشكل معمق في الأمور سالفة الذكر وغيرها من الحقائق حول أهمية البقوليات. يتوفر الكتاب باللغات الإنجليزية والفرنسية والإسبانية في متاجر التجزئة بسعر 29.95 دولار، ويمكن الحصول عليه من خلال منظمة الفاو والموزعين المختارين (للطلبات المباشرة ولمزيد من المعلومات حول الموزعين المحليين، يرجى إرسال رسالة إلكترونية على العنوان التالي:publications - [email protected]).



المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
TT

المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)

تلتصق بالأرض كجذور شجرة منتصبة تصارع العواصف بصلابة بانتظار الربيع. زينب الهواري تمثل نموذجاً للمرأة العربية المتمكنّة. فهي تطهو وتزرع وتحصد المواسم، كما تربّي طفلتها الوحيدة المقيمة معها في إحدى البلدات النائية في شمال لبنان. غادرت زينب بلدها مصر وتوجّهت إلى لبنان، ملتحقة بجذور زوجها الذي رحل وتركها وحيدة مع ابنتها جومانا. تركت كل شيء خلفها بدءاً من عملها في وزارة الثقافة هناك، وصولاً إلى عائلتها التي تحب. «كنت أرغب في بداية جديدة لحياتي. لم أفكّر سوى بابنتي وكيف أستطيع إعالتها وحيدة. أرض لبنان جذبتني وصارت مصدر رزقي. هنا كافحت وجاهدت، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي رحت أنشر ما أقوم به. توسّع جمهوري ليطول الشرق والغرب. اليوم تنتظرني آلاف النساء كي يتعلمّن مني وصفة طعام لذيذة. وكذلك يكتسبن من منشوراتي الإلكترونية كيفية تحضير المونة من موسم لآخر».

"ماما الطبّاخة" تزرع وتسعد بحصاد موسم الخرشوف (ماما طباّخة)

تروي زينب لـ«الشرق الأوسط» قصة حياتها المليئة بمواقف صعبة. «كانت ابنة أختي التي رحلت في زمن (كورونا) هي ملهمتي. قبلها كنت أجهل كيف أتدبّر أمري. فتحت لي حساباً إلكترونياً، ونصحتني بأن أزود المشاهدين بوصفات طعام. وانطلقت في مشواري الجديد. لعلّ جارتي أولغا هي التي لعبت الدور الأكبر في تقدمي وتطوري. علّمتني طبخات لبنانية أصيلة. كما عرّفتني على أنواع المونة اللبنانية اللذيذة. كل ما أقوم به أصنعه من مكونات طبيعية بعيداً عن أي مواد كيمائية. أزرع وأحصد وأطهو على الحطب. أعيش بسلام في قرية نائية مع ابنتي. هنا اكتشفت معنى الحياة الهانئة والحقيقية».

تحب تحضير الطعام كي تسعد الناس حولها (ماما طباّخة)

قصتها مع الطبخ بدأت منذ كانت في الـ13 من عمرها. «كانت والدتي تعمل فأقوم بمهام المطبخ كاملة. صحيح أنني درست الفنون الجميلة، ولكن موهبة الطهي أسرتني. في لبنان بدأت من الصفر عملت في مطعم وتابعت دورات مع شيف عالمي. اكتسبت الخبرة وتعلّمت أصول المطبخ الإيطالي والصيني. ولكنني عشقت المطبخ اللبناني وتخصصت به».

تصف حياتها بالبسيطة وبأنها تعيش ع «البركة» كما يقولون في القرى اللبنانية. وعن منشوراتها تقول: «أحضّر الطبق مباشرة أمام مشاهديّ. وكذلك أي نوع مونة يرغبون في تعلّم كيفية تحضيرها. أمضي وقتي بين الأرض والحصاد والطبخ. أجد سعادتي هنا وبقربي ابنتي التي صارت اليوم تفضّل الاعتناء بالدجاج وقطف المحصول على أن تنتقل إلى بيروت. إنها ذكية وتحقق النجاح في دراستها. أتمنى أن تصل إلى كل ما تحلم به عندما تكبر. فكل ما أقوم به هو من أجل عينيها».

مع ابنتها جومانا التي تساعدها في تحضير منشوراتها الإلكترونية (ماما طباّخة)

وعن سرّ أطباقها اللذيذة ووصفاتها التي وصلت الشرق والغرب تقول: «أحب عملي، والنجاح هو نتيجة هذا الحبّ. لطالما كنت أبحث عما يسرّ من هم حولي. ومع الطبق اللذيذ والشهي كنت أدخل الفرح لمن يحيط بي. اليوم كبرت دائرة معارفي من الجمهور الإلكتروني، وتوسّعت حلقة الفرح التي أنثرها. وأسعد عندما يرسلون إلي نجاحهم في وصفة قلّدونني فيها. برأيي أن لكل ربّة منزل أسلوبها وطريقتها في تحضير الطعام. وأنصح النساء بأن تحضّرن الطعام لعائلتهن بحبّ. وتكتشفن مدى نجاحهن وما يتميّزن به».

لقبها «ماما الطبّاخة» لم يأتِ عن عبث. وتخبر «الشرق الأوسط» قصّتها: «كانت جومانا لا تزال طفلة صغيرة عندما كان أطفال الحي يدعونها لتناول الطعام معهم. ترفض الأمر وتقول لهم: سأنتظر مجيء والدتي فماما طباخة وأحب أن آكل من يديها. وهكذا صار لقب (ماما الطباخة) يرافقني كاسم محبب لقلبي».

ببساطة تخبرك زينب كيف تزرع وتحصد الباذنجان لتحوّله إلى مكدوس بالجوز وزيت الزيتون. وكذلك صارت لديها خبرة في التعرّف إلى الزعتر اللذيذ الذي لا تدخله مواد مصطنعة. حتى صلصة البيتزا تحضّرها بإتقان، أمام كاميرا جهازها المحمول، وتعطي متابعيها النصائح اللازمة حول كيفية التفريق بين زيت زيتون مغشوش وعكسه.

تحلم زينب بافتتاح مطعم خاص بها ولكنها تستدرك: «لا أملك المبلغ المالي المطلوب، إمكانياتي المادية بالكاد تكفيني لأعيل ابنتي وأنفّذ منشوراتي الإلكترونية. فشراء المكونات وزرع المحصول وحصاده والاعتناء بالأرض عمليات مكلفة مادياً. والأهم هو تفرّغي الكامل لعملي ولابنتي. فأنا لا أحب المشاركة في صبحيات النساء وتضييع الوقت. وعندما أخلد إلى النوم حلم واحد يراودني هو سعادة ابنتي».

مؤخراً صارت «ماما الطبّاخة» كما تعرّف عن نفسها على صفحة «تيك توك»، تصدّر المونة اللبنانية إلى الخارج: «زبائني يتوزعون على مختلف بقاع الأرض. بينهم من هو موجود في الإمارات العربية والسعودية ومصر، وغيرهم يقيمون في أستراليا وأوروبا وأميركا وبلجيكا وأوكرانيا. أتأثر إلى حدّ البكاء عندما ألمس هذا النجاح الذي حققته وحدي. واليوم صرت عنواناً يقصده كل من يرغب في الحصول على منتجاتي. وأحياناً سيدة واحدة تأخذ على عاتقها حمل كل طلبات جاراتها في بلاد الاغتراب. إنه أمر يعزيني ويحفزّني على القيام بالأفضل».

لا تنقل أو تنسخ زينب الهواري وصفات طعام من موقع إلكتروني أو من سيدة التقتها بالصدفة. «أتكّل على نفسي وأستمر في المحاولات إلى أن أنجح بالطبق الذي أحضّره. لا أتفلسف في وصفاتي، فهي بسيطة وسريعة التحضير. أدرك أن مهنتي صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء. ولكنني استطعت أن أتحدّى نفسي وأقوم بكل شيء بحب وشغف».