«السل» يضيف هلعا جديدا إلى أهالي دير الزور

في ظل نقص وسائل الكشف عنه والأدوية اللازمة للعلاج

«السل» يضيف هلعا جديدا إلى أهالي دير الزور
TT

«السل» يضيف هلعا جديدا إلى أهالي دير الزور

«السل» يضيف هلعا جديدا إلى أهالي دير الزور

أظهرت الفحوصات الطبية التي أجراها أطباء متخصصون في محافظة دير الزور، إصابة عشرات الأشخاص بمناطق عدة في دير الزور بمرض السل (الدرن الرئوي). وأبدى المكتب الطبي الموحد التابع لـ«الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة»، تخوفه من انتشار هذا المرض المعدي، لا سيما في ظل نقص وسائل المساعدة للكشف عنه والأدوية الخاصة لعلاجه. وعد المكتب هذا الأمر مؤشرا خطيرا قد يدل على وجود عشرات الحالات الأخرى غير المكتشفة حتى الآن.
وقال الطبيب أبو سليمان، المتخصص بالأمراض الداخلية في المكتب الطبي، لـ«الشرق الأوسط»، إن الكوادر العاملة بالنقاط الطبية الموزعة في المحافظة أعلنت حالة استنفار نتيجة هذا الوباء الجديد، وخاصة أن المنطقة تعيش حالة من «الاضطراب» الطبي، مشيرا إلى أن هناك نقصا كبيرا في المستلزمات الطبية والأدوية واللقاحات لمواجهة مثل هذا المرض.
وللتأكد من وجود المرض، قام الأطباء بمجموعة من الإجراءات الطبية؛ منها الفحوصات الإشعاعية والمختبرية التي أثبتت إصابة عشرات الأشخاص بـ«السل»، حسب ما أفاد به أبو سليمان، علما بأن مرض السل هو عبارة عن بكتيريا تصيب الرئة، وينتقل من شخص إلى آخر عبر الهواء، عند العطس أو السعال. ومن أعراضه، السعال وبصق الدم وآلام في الصدر وخسارة في الوزن وارتفاع في درجة حرارة المصاب وتعرقه خلال النوم. ويمكن علاجه بإعطاء المريض دواء ضد البكتيريا لمدة ستة أشهر، مع ضرورة وجود رعاية ودعم طبي بشكل دائم.
ويعد مرض السل ثاني أخطر الأمراض القاتلة بعد مرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز)، وقد سجلت إصابة نحو 8.6 مليون شخص على مستوى العالم بالسل في عام ؛ 95 في المائة منها في الدول النامية، وتوفي منهم مليون و300 ألف، بحسب إحصاءات منظمة الصحة العالمية.
وفي هذا الإطار، أكد رئيس «شبكة الإنذار والاستجابة المبكرة للأوبئة» في وحدة تنسيق الدعم التابعة للائتلاف الوطني، الدكتور محمد سعيد: «وصول تقارير عدة عن حالات سل جديدة في دير الزور بلغت الثلاثين» في الأسبوعين الأخيرين، شارحا أن «المرض يحتاج إلى فترة علاج طويلة تستمر من ستة إلى تسعة أشهر، مع المراقبة المستمرة وإجراء الفحوصات بشكل دوري». وأوضح أن الأدوية اللازمة للمرض غير متوافرة حاليا، وهناك نقص حاد في مواد التحليل ووسائل الكشف عن كل المصابين، إضافة إلى النقص في الأدوية، مشيرا إلى «محاولات كثيرة للتواصل مع المنظمات الدولية لتوفير العلاج لهؤلاء المرضى، لكن المشكلة تكمن في ضرورة إعادة تفعيل برنامج مكافحة السل الذي يعد توفير أدويته من أهم الأمور للبدء الفعلي بالبرنامج».
كذلك، ظهر في وقت سابق ثماني حالات مصابة بمرض السل في مدينة «العشارة» بريف المحافظة الشرقي، اثنان منها خطيرة، حسب ما أكدت تحاليل طبية، الأمر الذي شكل صدمة لأهالي المنطقة الذين يتخوفون من تفشي المرض بين العائلات والأطفال. كما أكد مصدر طبي في ريف المدينة الشرقي وجود ثلاث حالات جديدة مصابة بمرض السل في مدينة «الميادين»، واثنتين بـ«الطيانة»، وواحدة في «الصور»، بالإضافة إلى اثنتين داخل مدينة دير الزور.
وقال الناشط بالشؤون الإغاثية أبو سعيد إن «المرض ينتشر بسرعة في المدينة والريف، حيث إن كل حالة مكتشفة تقابلها عشرات الحالات التي لم نكتشفها بعد، وهي منتشرة في قرى وبلدات عدة». وفي محاولة منهم لحصر المرض والحد من انتشاره قدر الإمكان، يعمل القائمون على الأمر على عزل هذه الحالات لمنع انتقال العدوى، والتواصل مع المنظمات العالمية التي يمكنها تقديم الأدوية والعلاجات اللازمة.
يذكر أن البرنامج الوطني لمكافحة مرض السل في الأردن أعلن أن عدد اللاجئين السوريين في مخيم الزعتري، بلغ نحو 151 إصابة، يخضعون للعلاج في مركز تابع لوزارة الصحة، إلى جانب جمعية «مصح النور» في المفرق «المستشفى الأميركي»، بالتعاون مع بعض الجهات الأخرى كمنظمة الهجرة الدولية.
وكانت تقارير أظهرت أن «نهر الفرات» هو أحد الأسباب الرئيسة لانتشار عدد من الأوبئة والأمراض في سوريا. وهو يمتد على كامل خط القرى والبلدات التابعة للمحافظة، ويدخل في مدينة دير الزور، ويعد المصدر الأساسي للشرب ولري الأراضي الزراعية.
ومن أبرز الأمراض التي انتشرت منذ نحو عام ونصف العام، «اللشمانيا» و«التهاب الكبد من النوع A» و«الحمى التيفية» و«شلل الأطفال»، وذلك نتيجة تلوث مياه النهر في الآونة الأخيرة، بالإضافة إلى إغلاق معظم المراكز الصحية، والنقص في الأدوية النوعية وانعدام توافر بعضها الآخر. ورافق ذلك نزوح كبير للأطباء ذوي الاختصاصات المتنوعة إلى المناطق الأكثر أمنا صحيا.
كذلك، هناك أسباب أخرى أدت إلى انتشار الأوبئة والأمراض، ولا سيما تجمع النفايات داخل الأحياء السكنية، وتعطل شبكات الصرف الصحي وتلوث مياه الشرب، وآخرها كان ظاهرة استخدام مصافي النفط البدائية التي تعمل على تصفية البترول المستخرج بطرق غير شرعية من حقول النفط المنتشرة في ريف المدينة.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.