الحزب الديمقراطي الكردستاني ينفي وجود خلاف حول حقيبة الداخلية

قرار المحكمة الإدارية في الإقليم يلزم البرلمان الالتئام وإنهاء الفراغ التشريعي في الإقليم

مقر برلمان إقليم كردستان في أربيل («الشرق الأوسط»)
مقر برلمان إقليم كردستان في أربيل («الشرق الأوسط»)
TT

الحزب الديمقراطي الكردستاني ينفي وجود خلاف حول حقيبة الداخلية

مقر برلمان إقليم كردستان في أربيل («الشرق الأوسط»)
مقر برلمان إقليم كردستان في أربيل («الشرق الأوسط»)

نفى الحزب الديمقراطي الكردستاني أن تكون هناك أي خلافات بين رئيس الحزب مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان ونائب رئيسه نيجيرفان بارزاني «والمكلف برئاسة التشكيلة الحكومية الثامنة في الإقليم بسبب إصرار رئيس الحزب على بقاء حقيبة الداخلية من حصة (الديمقراطي) على عكس موقف نائب الرئيس الذي لا يمانع في إعطائها لحركة التغيير».
القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني وعضو برلمان الإقليم عن قائمة حزبه جمال مورتكه نفى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» وجود هذه الخلافات، عادًّا التصريحات التي بينت وجود هذا الخلاف «لا أساس لها من الصحة ولا تمت للواقع بأي صلة»، مؤكدا أنها تصدر من أشخاص سماهم بـ«المعادين للحزب الديمقراطي والذين يقفون ضد تطلعات شعب كردستان». وبين القيادي أن أي قرار حول التشكيلة الحكومية المقبلة «لا بد له أن يكون بالتوافق بين الأحزاب والكيانات السياسية الفائزة والتي أعلنت جميعها رغبتها في المشاركة في التشكيلة الحكومية المقبلة».
وبين مورتكه أن «هناك محاولات كثيرة لإنهاء الجلسة المفتوحة للبرلمان»، مؤكدا على أن الأمر ليس بالسهل «كون العملية الانتخابية جرت على نظام القائمة شبه المفتوحة وأن أي اتفاق حول انتخاب الهيئة الرئاسية للبرلمان لا بد أن يكون بعد اتفاق الأحزاب المكونة له على اختيار من يشغل هذه الهيئة».
وكانت المحكمة الإدارية في إقليم كردستان العراق قد أصدرت يوم أول من أمس قرارها الحاسم «حول إنهاء الجلسة المفتوحة لبرلمان الإقليم وعقد جلستها الثانية في أسرع وقت واختيار هيئة الرئاسة». وكانت الجلسة الأولى للبرلمان عقدت في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، حيث لم تستطع اختيار هيئتها الرئاسية بسبب عدم اتفاق الأحزاب والكيانات السياسية على توزيع مناصب الهيئة، مما جعل الكتل السياسية تتفق على إبقاء الجلسات مفتوحة إلى حين اختيار هيئتها الرئاسية.
واستبعد القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه الرئيس العراقي الغائب جلال طالباني سعدي بيرة أن يكون هناك خلاف بين زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني ونائبه حول حقيبة الداخلية، نافيا أن «تكون حقيبة الداخلية هي العقبة الوحيدة والعقدة الأساسية المعيقة لتشكيل الحكومة».
وبين بيرة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه لا يوجد حزب أو كيان سياسي يتحمل وحده التأخير عن إعلان الحكومة بل إن نتائج الانتخابات هي التي أفرزت شكلا سياسيا جديدا في الإقليم حيث لا يستطيع الحزب الفائز أن يشكل الحكومة وحده كونه لم يتحصل على الأغلبية المطلقة من الأصوات.
وأوضح بيرة أن بعض الأحزاب «يريد أن يشارك في التشكيلة الحكومية المقبلة حسب استحقاقاته الانتخابية وبالمقابل هناك من يريد أن يشارك فيها حسب استحقاقاته التاريخية»، مقرا بصعوبة التوصل لقرار حول انتخاب الهيئة الرئاسية للبرلمان «حيث بين أن هذه المسألة بحاجة لاتفاق سياسي بين الأحزاب»، مؤكدا في الوقت نفسه أن «البرلمان بحاجة ماسة إلى الالتئام واختيار هيئته الرئاسية»، موضحا أن «البرلمان الآن ومن دون وجود رئيس ونائب رئيس ومقرر لا يستطيع أن يتخذ قرارات حاسمة تخص شعب كردستان ولها علاقة باحتياجات مواطنيه».
وأثنى القيادي في الجماعة الإسلامية في كردستان والمتحدث باسمها محمد حكيم على قرار المحكمة الاتحادية في الإقليم، عادا إياه بمثابة الضغط على الأحزاب المشاركة في البرلمان للإسراع في عملية لم شمل الكتل البرلمانية وعدم إبقاء الجلسة مفتوحة، مشيرا إلى أن «الجماعة كانت قدمت مبادرة لاجتماع رؤساء الكتل والاتفاق على صيغة موحدة تجمعها وتتوصل لحل يملأ الفراغ التشريعي الموجود اليوم في كردستان». وأكد حكيم أن هناك بالفعل معلومات تؤكد وجود خلاف بين رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني والمكلف بترؤس التشكيلة الحكومية الثامنة في الإقليم نيجيرفان بارزاني حول حقيبة الداخلية حيث بين أن رئيس الإقليم متحفظ وبشدة على منح حقيبة الداخلية لحركة التغيير بينما لا يمانع نيجيرفان بارزاني هذه المسألة، نافيا علمه بالتفاصيل والأسباب التي تجعل رئيس الإقليم يتحفظ على منح هذه الحقيبة لحركة التغيير.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.