مصر: السلطات والكنيسة القبطية أمام أول اختبار لهما في مواجهة «الفتنة الطائفية»

قيادات مسيحية: تهرب المسؤولين من مسؤوليتهم سيشكل مقدمة لكارثة كبرى

مسيحي مصري مع زوجته في أحد أحياء المنيا التي شهدت أحداثا طائفية استدعت تدخل قوات الأمن (أ.ب)
مسيحي مصري مع زوجته في أحد أحياء المنيا التي شهدت أحداثا طائفية استدعت تدخل قوات الأمن (أ.ب)
TT

مصر: السلطات والكنيسة القبطية أمام أول اختبار لهما في مواجهة «الفتنة الطائفية»

مسيحي مصري مع زوجته في أحد أحياء المنيا التي شهدت أحداثا طائفية استدعت تدخل قوات الأمن (أ.ب)
مسيحي مصري مع زوجته في أحد أحياء المنيا التي شهدت أحداثا طائفية استدعت تدخل قوات الأمن (أ.ب)

تقف السلطات المصرية والكنسية القبطية أمام أول اختبار لهما في مواجهة حلقة جديدة من أحداث «الفتنة الطائفية» في البلاد، منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد السلطة في البلاد، وذلك على خلفية واقعة تجريد سيدة مسيحية مسنة من ملابسها والاعتداء عليها بالضرب، وحرق منازل أقباط في محافظة المنيا بصعيد مصر الأسبوع الماضي. فيما حذرت مطرانية المنيا التي فوضها بابا الإسكندرية، أمس، في التعامل مع الأزمة من أن تهرب المسؤولين من مسؤوليتهم عبر جلسات المصالحة العرفية «تجعل من الكارثة مقدمة لكارثة كبرى».
وخلال العامين الماضيين وقعت أحداث عنف بين مسيحيين ومسلمين، لكنها ظلت خارج دائرة الضوء، ما جعل واقعة الاعتداء على سيدة المنيا (جنوب القاهرة) أول تحد يواجه الرئيس السيسي في هذا الملف. ويحظى الرئيس السيسي بشعبية لدى قطاعات واسعة من المصريين بشكل عام، لكنه يحظى بمكانة خاصة لدى الأقباط، خاصة بعد أن أصبح أول رئيس مصري يحافظ على مشاركة الأقباط بنفسه في احتفالاتهم الدينية في المقر الباباوي بالقاهرة.
لكن بين توجيه الرئيس باتخاذ ما يلزم من إجراءات لحفظ النظام العام وحماية الأرواح والممتلكات في إطار سيادة القانون، والدعوة التي أطلقها البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية إلى ضبط النفس، تراكمت أسئلة حول موقف السلطات والكنسية خلال الأيام المقبلة، بحسب مراقبين وقيادات روحية مسيحية.
وشهدت قرية الكرم بمحافظة المنيا الجمعة الماضي، واقعة عنف طائفي أسفرت عن حرق عدة منازل وتجريد سيدة مسنة (70 عاما) من ملابسها، قيل إن نجلها ارتبط بعلاقة عاطفية مع فتاة مسلمة، لكن مسيحيي القرية ينفون هذه الرواية. وتخلت كاتدرائية الأقباط الأرثوذكس بالإسكندرية عن النبرة الهادئة التي حافظ عليها البابا تواضروس الثاني في تعليقه الأول على الواقعة، وأعربت عن «انزعاجها» من عدم الكشف عن هوية مرتكبي الحادث، في انتقاد للسلطات الأمنية بالمحافظة التي تشهد أعلى وتيرة لوقائع عنف على خلفية دينية.
وقالت الكاتدرائية في بيان أمس إنه «إذا كان هذا الموقف (الاعتداء على السيدة المسيحية) قد راعنا لأنه حدث من غوغاء، فالحقيقة أن ما أزعجنا أكثر هو عدم الكشف عن هوية مرتكبي هذا الحادث، الذي يندى له جبين أي إنسان - حتى لحظة كتابة هذا البيان».
وأكدت الكاتدرائية رفضها التام والكامل لأي محاولة لتجاوز الأزمة بطرق عرفية أو ودية، معتبرة أن أي محاولة في هذا الاتجاه هي «للتغطية على ما حدث»، وأكدت في بيانها أن مصر «لن تنهض إلا بتطبيق القانون على كل مخطئ دون تفرقة، ودون حسابات مرتعشة تخاف من المجرم تحت أي حجة». كما حذرت الكاتدرائية من تكرار الحوادث الطائفية في المحافظة نفسها، وفي فترة زمنية قريبة، وعدته «مؤشرا في منتهى الخطورة»، مشيرة إلى أن «الضمير الإنساني لم ولن ينسى أن هناك من حرقوا مبنى يصلي به الأقباط في المنيا منذ أيام قليلة، واضطر الأقباط إلى الصلاة في العراء في منظر يرفضه أي مصري يحب بلده، وقبلها عدة حوادث إجرامية طائفية أخرى، ونحن نخشى تكرار هذه الأمور طالما لا يوجد قانون يطبق».
وغالبا ما تلجأ السلطات في هذا النوع من أحداث العنف إلى محاولة حصاره بالمصالحات العرفية لـ«تجنب حالة الاحتقان».
وفي تأكيد لموقف الكنيسة، أجرى البابا تواضروس الثاني اتصالا هاتفيا بسعاد ثابت، المعروفة إعلاميا بـ«سيدة الكرم» من النمسا التي يزورها حاليا، وقال البابا تواضروس، خلال المكالمة التي نشرت الكنيسة تسجيلها الصوتي إن الرئيس السيسي وكل المسؤولين في الدولة يأخذون الموضوع بجدية تامة من أجل إعمال القانون، ومحاسبة المخطئ، وهذا بالنسبة إلى الشق الجنائي.
وشهدت مصر واحدة من أسوأ موجات العنف الطائفي في أعقاب فض اعتصام أنصار جماعة الإخوان المسلمين في أغسطس (آب) عام 2013؛ حيث أحرقت حينها 46 كنسية في محافظات مختلفة، سجلت المنيا وحدها 65 في المائة من تلك الوقائع. وخلال أجواء الاحتقان قال البابا تواضروس الثاني عبارته التي رسمت خطه السياسي في الأزمة «وطن بلا كنائس.. خير من كنائس بلا وطن»، وهو الموقف الذي وجد صدى شعبيا لدى الأقباط أنفسهم.
لكن تراجع الظرف السياسي الذي ميز السنوات الماضية، جعل نشطاء أقباط وقيادات روحية مسيحية أكثر تحفظا تجاه النبرة الهادئة للبابا. وقال رامي كامل، رئيس مؤسسة شباب ماسبيرو لحقوق الإنسان، في تصريحات صحافية إن بيان الكنيسة حول أحداث المنيا لا يعبر عن غضب الأقباط ولا يرتقي لتلبية طموحهم في محاسبة الجناة. فيما قال بيت العائلة المصرية في المنيا، إنه بدأ «مساعي الصلح» بين طرفي أزمة قرية الكرم بالمنيا، معتبرا أن مساعي الصلح «لا تعني إسقاط العقوبة على من خرب ودمر».
وتأسس بيت العائلة من قيادات في الأزهر والكنسية في عام 2010 في مسعى لحصار الأزمات ذات البعد الطائفي.
وقال الشيخ محمود جمعة، أمين بيت العائلة، خلال زيارته للمنيا أمس، على رأس وفد ضم رجال دين إسلامي ومسيحي، إنهم التقوا القس بولا، راعي كنيسة القرية التي شهدت الأحداث الطائفية، واتفقوا على مقابلة جميع الأطراف وإزالة أسباب الخلاف، شريطة أن يأخذ القانون مجراه مع من أخطأ، مؤكدا أن «الصلح لا يعني إعفاء الجاني من العقوبة».
وفي رد فعل على محاولات التصالح، قالت مطرانية المنيا في بيان، أمس، إن «الكنيسة ترفض رفضا باتا تحويل قضية الكرم إلى جلسات الصلح وتطييب الخواطر قبل قيام أجهزة الدولة بدورها في محاسبة المتسببين الحقيقيين، وبعد ذلك يأتي الدور المجتمعي». وشددت الكنيسة على أن «طريقة الملاطفة وحلو الكلام أفسدت جميع القضايا، وأوجدت الفرصة للمسؤولين للهروب من المواجهة والقيام بمسؤولياتهم، وجعلت من كل كارثة مقدمة لكارثة كبرى في زمن قصير».
وقال بيان للكنيسة الأرثوذكسية، أمس، إن البابا تواضروس الثاني بابا الكنيسة فوض الأنبا مكاريوس، أسقف عام المنيا، للتعامل في قضية تجريد سيدة مسيحية مسنة من ملابسها وسحلها في قرية الكرم.
وأضاف البيان أن الكنيسة لم تفوض أي شخص للتحدث باسمها أو الدفاع عنها في قضية سيدة الكرم، مشددة على أن «المسؤول المفوض من الكنيسة فقط في هذا الشأن هو الأنبا مكاريوس الأسقف العام»، وهو ما يعني ضمنا أن الكنسية تمسكت بموقفها من بدء الإجراءات القانونية ضد متورطين قبل إجراء أي مصالحة في انتظار خطوة السلطات.
وميدانيا دخلت أزمة الكرم في تطور جديد بعد أن أعلنت السلطات الأمنية اندلاع النيران بمنزل أحد أطراف الأزمة من المسلمين، في وقت ارتفع فيه عدد الموقوفين على خلفية الحادث إلى 10 بينهم المتهمون بحرق منازل الأقباط وتجريد سيدة الكرم المسنة من ملابسها.



البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
TT

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

يواصل «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» تقديم المشاريع والمبادرات التنموية في التمكين الاقتصادي للمرأة والشباب والمجتمعات، والاستثمار في رأس المال البشري، ودعم سبل العيش والمعيشة.

وذكر تقرير حديث عن البرنامج أن البرامج والمبادرات التنموية التي يقدمها البرنامج السعودي ركزت في المساهمة على بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد، من خلال برنامج «بناء المستقبل للشباب اليمني» الذي يساهم في ربط الشباب اليمني بسوق العمل عبر تدريبهم وتمكينهم بالأدوات والممكنات المهارية.

ويساعد البرنامج الشباب اليمنيين على خلق مشاريع تتلاءم مع الاحتياجات، ويركّز على طلاب الجامعات في سنواتهم الدراسية الأخيرة، ورواد الأعمال الطموحين، وكان من أبرز مخرجاته تخريج 678 شاباً وشابةً في عدد من التخصصات المهنية، وربط المستفيدين بفرص العمل، وتمكينهم من البدء بمشاريعهم الخاصة.

وشملت المشاريع والمبادرات برامج التمكين الاقتصادي للسيدات، بهدف تعزيز دور المرأة اليمنية وتمكينها اقتصادياً.

تدريبات مهنية متنوعة لإعداد الشباب اليمني لسوق العمل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وأشار التقرير إلى أن برنامج «سبأ» للتمكين الاقتصادي للسيدات، الذي أسهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب، وإكساب 60 سيدة للمهارات اللازمة لإطلاق مشاريعهن، وإطلاق 35 مشروعاً لتأهيل وتدريب قطاع الأعمال ودعم 35 مشروعاً عبر التمويل وبناء القدرات والخدمات الاستشارية، مع استفادة خمسة آلاف طالبة من الحملات التوعوية التي تم تنظيمها.

وإلى جانب ذلك تم تنظيم مبادرة «معمل حرفة» في محافظة سقطرى لدعم النساء في مجال الحرف اليدوية والخياطة، وتسخير الظروف والموارد المناسبة لتمكين المرأة اليمنية اقتصادياً.

وقدم «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» مشروع الوصول إلى التعليم في الريف، الذي يهدف إلى حصول 150 فتاة على شهادة الدبلوم العالي وتأهيلهن للتدريس في مدارس التعليم العام، في أربع محافظات يمنية هي: لحج، شبوة، حضرموت، والمهرة، بما يسهم في الحد من تسرب الفتيات في الريف من التعليم وزيادة معدل التحاقهن بالتعليم العام في المناطق المستهدفة.

وقدّم البرنامج مشروع «دعم سبل العيش للمجتمعات المتضررة»، الموجه للفئات المتضررة عبر طُرق مبتكرة لاستعادة سبل المعيشة الريفية وتعزيز صمود المجتمعات المحلية من خلال دعم قطاعات الأمن الغذائي، مثل الزراعة والثروة السمكية والثروة الحيوانية، لأهمية القطاعات الأكثر حساسية للصدمات البيئية والاقتصادية، موفراً أكثر من 13 ألف فرصة عمل للمستفيدين من المشروع.

البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن يساهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وضمن البرامج والمبادرات التنموية المستدامة، جاء مشروع استخدام الطاقة المتجددة لتحسين جودة الحياة في اليمن، بهدف توفير المياه باستخدام منظومات الطاقة الشمسية، وتوفير منظومات الري الزراعي بالطاقة المتجددة، وتوفير الطاقة للمرافق التعليمية والصحية، والمساهمة في زيادة الإنتاج الزراعي وتحسين الأمن الغذائي لليمنيين.

كما يهدف المشروع إلى حماية البيئة من خلال تقليل الانبعاثات الكربونية، وتوفير مصدر مستدام للطاقة، محققاً استفادة لأكثر من 62 ألف مستفيد في 5 محافظات يمنية.

وفي مساعيه لتعزيز الموارد المائية واستدامتها، أطلق البرنامج مشروع تعزيز الأمن المائي بالطاقة المتجددة في محافظتي عدن وحضرموت، لتحسين مستوى خدمات المياه والعمل على بناء قدرات العاملين في الحقول على استخدام وتشغيل منظومات الطاقة الشمسية.

تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

ومن خلال مشروع المسكن الملائم، يسعى البرنامج إلى المساهمة في تعزيز التنمية الحضرية وإيجاد حل مستدام للأسر ذات الدخل المحدود في المديريات ذات الأولوية في محافظة عدن من خلال إعادة تأهيل المساكن المتضررة، وقد ساهم المشروع في إعادة تأهيل 650 وحدة سكنية في عدن.

وتركّز البرامج التنموية على المساهمة في بناء قدرات الكوادر في القطاعات المختلفة، وقد صممت عدد من المبادرات في هذا الجانب، ومن ذلك مبادرات تدريب الكوادر في المطارات مركزة على رفع قدراتهم في استخدام وصيانة عربات الإطفاء، ورفع درجة الجاهزية للتجاوب مع حالات الطوارئ، والاستجابة السريعة في المطارات اليمنية، إضافة إلى ورش العمل للمساهمة في الارتقاء بمستوى الأداء وتذليل المعوقات أمام الكوادر العاملة في قطاعات المقاولات والزراعة.