مواهب {اليوتيوب} السعودية يختبرون نجوميتهم من بوابة رمضان

بعدما حققوا شهرة واسعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي يقدمون أدوارًا تلفزيونية في «حارة الشيخ»

عبدالرحمن اليماني في مشهد من مسلسل «حارة الشيخ» («الشرق الأوسط»)
عبدالرحمن اليماني في مشهد من مسلسل «حارة الشيخ» («الشرق الأوسط»)
TT

مواهب {اليوتيوب} السعودية يختبرون نجوميتهم من بوابة رمضان

عبدالرحمن اليماني في مشهد من مسلسل «حارة الشيخ» («الشرق الأوسط»)
عبدالرحمن اليماني في مشهد من مسلسل «حارة الشيخ» («الشرق الأوسط»)

حكاية شعبيّة مأخوذة من البيئة الحجازيّة في أواخر العهد العثماني، يصيغها بقالبٍ درامي في مسلسل «حارة الشيخ» الكاتب السعودي بندر باجبع، أما الإخراج فيحمل بصمة المثنى صبح، وإنتاج شركة «O3 للإنتاج والتوزيع الدرامي والسينمائي». يجمع العمل الذي تعرضه MBC في شهر رمضان، نخبة من الممثلين السعوديين المخضرمين، وإلى جانبهم ثلاثة نجوم شبان، عرفهم الجمهور وصنعوا شهرتهم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وعن طريق اليوتيوب، وهم عبد الرحمن اليماني، وعلى الشريف ومؤيد الثقفي. في موقع التصوير الذي بني خصيصًا من أجل تنفيذ العمل بين دبي وأبوظبي، تدور كاميرا المخرج المثنى صبح، حيث تحوّلت الرمال إلى حارة شعبية حينًا وساحة معركة أحيانًا في دراما اجتماعية تشويقيّة يشارك فيها أكثر من 60 ممثلا في أدوار أساسيّة.
يطرح العمل حكاية شعبية عن أخوين في «الرباية» وبيئتهما ونشأتهما وقصصهما، وهما إسماعيل الذي يجسّد دوره عبد الرحمن اليماني، ورضوان الذي يؤدّي دوره علي الشريف. اتخذ الأول طريق الضلال فاتبع جماعة المشاكل (البلطجية)، بينما اتخذ رضوان الأخ اللقيط طريق التقوى والعمل الصالح كما رباه الشيخ سالم الرجل الضرير (إبراهيم الحربي). في المقابل، يطلّ مؤيد الثقفي في شخصية ياسين، وهو المنافس الأول لإسماعيل في البلطجة، خلفًا للمعلم درويش (محمد بخش)، مشكل الحارة وفتوتها.
بعد تقديمه سلسلة انتقادية شهيرة على موقع يوتيوب بعنوان «كاش»، وصل الممثل الشاب عبد الرحمن اليماني إلى «حارة الشيخ». ويوضح قائلاً: «أجسّد شخصيّة إسماعيل الذي يعيش واقعًا يحمل تناقضات داخلية، فقد نشأ في بيت القرآن والالتزام الديني، وشقيقه هو الشيخ سالم فقيه الحارة وشيخها. كبر وقرّر ألا يتبع طريق أخيه، فهو لا يرى فيه القدوة التي يرغب في أن يكونها»، مشيرًا إلى أنه «من هنا تحوّلت أنظار إسماعيل مباشرة إلى المعلم درويش، فقد أعجبته السطوة والقوة وخوف الناس منه والرعب الذي يبثّه في نفوسهم.. أراد أن يكون فتوة الحارة الذي يعرف بـ(المشكل)، وبدأ بالتدرّج حيث كان من صبيان المعلم درويش، فصقل الشر الذي في داخله والجهة العنيفة فيه، لكي يجد نفسه في هذه الخانة».
من جهته، انضم علي الشريف إلى العمل الحجازي «حارة الشيخ» إثر مشاركته في الدراما السعودية على اليوتيوب «تكي»، وهو ينتظر مع شريكه في العمل مؤيد الثقفي عرض الموسم الثالث قريبًا. ويشير الشريف إلى أنه يجسّد شخصيّة رضوان، ويقول بأن «هذا الشاب هو مثال للطيبة ومتأثّر جدًا بالرجل الذي رباه الشيخ سالم، ويسير على الصراط المستقيم». ويلفت إلى أن «رضوان هو شخصية تبدو مرنة، فتستقبل كل المعلومات التي تأخذها من الشيخ في المسجد من طيبة وإيمان، لكنها في الوقت نفسه شخصية قوية، تدخل في موجة الشر في مرحلة معينة، قبل أن تبدأ بمواجهته». ويضيف الشريف أن «رضوان يحاول باستمرار التقرّب من إسماعيل، ودائمًا لديه أمل بأن إسماعيل قد يعود إلى البيت وإلى أصوله الطيّبة».
أما مؤيد الثقفي، الذي عرفه الجمهور بطلاً لمسلسل «تكي» على اليوتيوب، وأحد الأركان الأربعة لبرنامج «ليش لا» على MBC قبل بضعة أشهر، فيتحدّث عن شخصية ياسين التي يؤديها في العمل. ويقول إن «ياسين يعد الشخصية المنافسة لإسماعيل وهما من رجال المعلم درويش، مشكل حارة الشيخ». ويوضح الثقفي أن «ياسين هو ابن (أبو الشوش) الذي يرفض أن يناديه الناس أبو ياسين، فقد تبرأ من ابنه بسبب المشاكل الكثيرة التي افتعلها». ويضيف الثقفي: «الصراع الدرامي في العمل يرتكز بين ياسين وإسماعيل، سعيًا منهما للوصول إلى زعامة حارة الشيخ». ويختم الثقفي: «هذه هي المرة الأولى التي أختبر فيها هذه الاحترافية الكبيرة في العمل، وهي تجربة جميلة وأتمنى أن تكون مفيدة لنا جميعًا».
ثلاثة نجوم سعوديين شباب، يختبرون الدراما الحجازية لأول مرّة ضمن مسلسل «حارة الشيخ»، فهل ينجحون في تجربتهم الأولى في هذا الإطار، ويحققون صدى إيجابيًا عند الجمهور، على غرار ما فعلوا عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟



ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
TT

ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)

قبل أسابيع قليلة، شارك المغني ميشال رميح في المهرجان الفني اللبناني في ولاية أريزونا في أميركا. تردد رميح قبل الموافقة على هذه المشاركة. وجد نفسه محرجاً في الغناء على مسرح عالمي فيما لبنان كان يتألّم، ولكنه حزم أمره وقرر المضي بالأمر كونه سيمثّل وجه لبنان المضيء. كما أن جزءاً من ريع الحفل يعود إلى مساعدة النازحين. ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «كانت الحفلة الأولى لي التي أقيمها خلال هذه الحرب. وترددي جاء على خلفية مشاعري بالحزن على وطني».

خلال الحرب أصدر ميشال رميح أغنيته الوطنية «عم يوجعني بلدي». وقدّمها بصورة بسيطة مع عزف على البيانو، فلامست قلوب سامعيها بدفء كلماتها ولحنها النابع من حبّ الوطن. فهو كما ذكر لـ«الشرق الأوسط» كتبها ولحنها وسجّلها وصوّرها في ظرف يوم واحد. ويروي قصة ولادتها: «كنا نتناول طعام الغداء مع عائلتي وأهلي، ولم أتنبه لانفصالي التام عن الواقع. شردت في ألم لبنان ومعاناة شعبه. كنت أشعر بالتعب من الحرب كما كثيرين غيري في بلادي. والأسوأ هو أننا نتفرّج ولا قدرة لنا على فعل شيء».

ألّف رميح أغنيته "عم يوجعني بلدي" ولحّنها بلحظات قليلة (ميشال رميح)

وجعه هذا حضّه على الإمساك بقلمه، فكتب أحاسيسه في تلك اللحظة. «كل ما كتبته كان حقيقياً، وينبع من صميم قلبي. عشت هذا الوجع بحذافيره فخرجت الكلمات تحمل الحزن والأمل معاً».

يقول إنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل، ولذلك آثر تمرير ومضات رجاء تلونها. وجعه الحقيقي الذي كان يعيشه لم يمنعه من التحلي بالصبر والأمل. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «في النهاية سنقوم من جديد؛ كوننا شعباً صلباً لا تشّلنا الأزمات. والفنان صاحب الأحاسيس المرهفة لا يمكنه أن يفرّق بين وجهة سياسية وأخرى، ولا بين طائفة وأخرى ينتمي إليها هذا الشخص أو ذاك. فما أعرفه جيداً هو أننا جميعنا لبنانيون، ولذلك علينا التوحّد ومساعدة بعضنا البعض. رؤية أبناء بلدي يهجرون منازلهم وقراهم المدمّرة، لامستني عن قرب، فولدت أغنيتي (عم يوجعني بلدي)؛ لأني بالفعل عشت ألماً حقيقياً مع نفسي».

حفرت في ذاكرة ميشال رميح مشاهد عدة مؤثّرة عن لبنان المهجّر والمدمّر، كما يقول. «لن أنسى ذلك المسنّ الذي بكى خسارته لزوجته وبيته معاً. اليوم لا يجد مكاناً يؤويه، كما يفتقد شريكة حياته. وكذلك تعاطفت مع الأطفال والأولاد الذين لا ذنب لهم بحروب الكبار. فهؤلاء جميعاً أعتبرهم أهلي وإخوتي وأبنائي. كان لا بد أن تخرج مني كلمات أغنية، أصف فيها حالتي الحقيقية».

ميشال ابن زحلة، يقيم اليوم في أميركا. يقول: «هاجرت إلى هناك منذ زمن طويل. وفي كل مرة أعود بها إلى لبنان أشعر بعدم قدرتي على مغادرته. ولكن بسبب أطفالي اضطررت للسفر. وعندما أغادر مطار بيروت تمتلكني مشاعر الأسى والحزن. لم أرغب في ترك بلدي وهو يمرّ في محنة صعبة جداً. ولكن الظروف مرات تدفعنا للقيام بعكس رغباتنا، وهو ما حصل معي أخيراً».

يقول بأنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل (ميشال رميح)

صوّر ميشال أغنيته، وسجلها في الاستوديو، في الوقت نفسه. لم يرغب في أن تكون مصطنعة بمشهديتها بل أن تمثّل واقعاً يعيشه. «الأغنية ليست تجارية، كتبت كلماتها على قصاصة ورق صغيرة. وأنا أتوجّه إلى استوديو التسجيل قمت بتلحينها».

سبق وتعاون رميح في عدة أغنيات مع مجموعة شعراء وملحنين، ومن بينهم هيثم زيات وسليم عساف. ولكن في أغنية «عم يوجعني بلدي» ترك العنان لأحاسيسه، فلحّن وكتب وغنّى من هذا المنطلق. صديقه ريكاردو عازار تسلّم مهمة عزف اللحن على آلة البيانو. «لم أشأ أن ترافقها آلات وإيقاعات كثيرة لأنها أغنية دافئة ووطنية».

يعدّ رميح الأغنية الوطنية وجهة يجب أن يتحوّل إليها كل فنان تتملّكه أحاسيس حقيقية تجاه وطنه. ويستطرد: «هكذا أنا مغنٍ أستطيع أن أقاوم عندما بلدي يشهد مرحلة صعبة. لا أستطيع أن ألتزم الصمت تجاه ما يجري من اعتداءات على أرضه. ولأن كلمات الأغنية تنبع من رحم الواقع والمشاعر، لاقت انتشاراً كبيراً».

حتى أثناء مرور لبنان بأزمات سابقة لم يوفّر ميشال رميح الفرصة ليغني له. «أثناء ثورة أكتوبر (تشرين الأول) وانفجار المرفأ غنيّت لبنان بأسلوبي وعلى طريقتي. وتركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي. غنيت (شعب لبنان) يومها من ألحان هيثم زيات».

تركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي (ميشال رميح)

ينقل ميشال رميح حقيقة أحاسيس كل لبناني اضطر إلى هجرة وطنه. «قد يعتقد البعض أن من يعيش خارج لبنان وهو في أزمة، يتمتع بالراحة. هذا أمر خاطئ تماماً. فقد عصرني الألم وأنا أغادر وطني، وكلما حلّقت الطائرة وصغرت صورة لبنان من الأعلى، شعرت بحزن أكبر. جميع أبناء لبنان ممن أعرفهم هنا في أميركا يحزّ في قلبهم ابتعادهم عن وطنهم المجروح. ولكنهم جميعهم يأملون مثلي بالعودة القريبة إليه. وهو ما يزيد من صبرهم، لا سيما وأن أعمالهم وعائلاتهم تعيش في أميركا».

أغانٍ وطنية عديدة لفتت ميشال رميح أخيراً: «أرفع القبعة لكل فنان يغني لبنان المتألم. استمعت إلى أغانٍ عدة بينها لجوزف عطية (صلّوا لبيروت)، ولماجد موصللي (بيروت ست الدنيا)، وأخرى لهشام الحاج بعنوان (بيروت ما بتموت)، وكذلك واحدة أداها الوليد الحلاني (بعين السما محروس يا لبنان)». ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «أعتبر هذه الأغاني بمثابة غذاء الروح لوطني لبنان. لا شك أن ما أعنيه يأتي مجازياً؛ لأن لا شيء يعوّض خسارات بلدي. ولكن من ناحيتي أجد صوتي وأغنيتي هما سلاحي الذي أدافع فيه عن بلدي».

عندما غادر رميح لبنان منذ نحو الشهر كان في زيارته الثانية له بعد غياب. فحب الوطن زرعه في قلبه، ونما بداخله لا شعورياً. «لن أستسلم أبداً، وسأثابر على زيارة لبنان باستمرار، على أمل الإقامة فيه نهائياً وقريباً. فوالداي علّماني حب الوطن، وكانا دائماً يرويان لي أجمل الذكريات عنه. وأتمنى أن أشهد مثل هذه الذكريات كي أرويها بدوري لأولادي».