اتفاق مصالحة ينهي اقتتال «جيش الإسلام» و«فيلق الرحمن» في الغوطة الشرقية

المعارضة عدّته مقدمة لتوحيد الجبهات واستعادة المناطق التي خسرتها

اتفاق مصالحة ينهي اقتتال «جيش الإسلام»  و«فيلق الرحمن» في الغوطة الشرقية
TT

اتفاق مصالحة ينهي اقتتال «جيش الإسلام» و«فيلق الرحمن» في الغوطة الشرقية

اتفاق مصالحة ينهي اقتتال «جيش الإسلام»  و«فيلق الرحمن» في الغوطة الشرقية

أبرم فصيلا «جيش الإسلام» و«فيلق الرحمن» اتفاق مصالحة، ينهي القتال الدائر بينهما في الغوطة الشرقية لدمشق منذ أبريل (نيسان) الماضي، وذلك بعد محادثات أجراها ممثلون عنهما في الدوحة برعاية دولة قطر. وعدت المعارضة السورية، أن «هذا الاتفاق لا ينهي حالة الاقتتال بين الفريقين فحسب، إنما يمهد إلى توحيد جبهات الغوطة الشرقية، ويهيئ الأرضية لعملية عسكرية معاكسة تستعيد المناطق التي خسرها الثوار في دير العصافير والمرج الأسبوع الماضي».
وأعلن «جيش الإسلام» في بيان أصدره، أنه «تم التوصل إلى اتفاق شامل لوقف إطلاق النار برعاية المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات الدكتور رياض حجاب»، مشيرا إلى أن «المفاوضات جرت في الدوحة، وتم وضع البنود الرئيسية للاتفاقية التي تضمنت وقف إطلاق النار».
أضاف البيان، الذي حمل توقيع المتحدث الرسمي باسم «جيش الإسلام» إسلام علوش: «إن ممثلي الجماعتين اجتمعوا في الدوحة وتوصلوا الثلاثاء (أول من أمس) إلى اتفاق ينص على وقف إطلاق النار، وتجريم الاقتتال بين الإخوة وإطلاق سراح المعتقلين وفتح الطرقات العامة أمام المعنيين وإعادة المؤسسات المدنية إلى أصحابها، ووقف التحريض الإعلامي وتشكيل محكمة يوافق عليها الطرفان للبت في قضايا الدماء والاغتيالات، بالإضافة إلى وضع كافة النقاط الخلافية في ورقة عمل يتفق عليها الطرفان».
وقال البيان: «تم إبرام هذا الاتفاق بين قائد جيش الإسلام عصام بويضاني، وقائد فيلق الرحمن عبد الناصر شمير، وذلك بعد مناقشة بنوده في الدوحة تحت إشراف المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات (رياض حجاب) الذي رعى جلسات التفاوض بين الفريقين».
وقتل أكثر من 500 شخص حصيلة المعارك التي اندلعت بين «جيش الإسلام و«فيلق الرحمن» منذ أبريل الماضي، التي استغلتها قوات النظام السوري لتحقيق مكاسب ميدانية في الغوطة الشرقية.
ويعد «جيش الإسلام» أحد أكبر الفصائل السورية المسلحة والفصيل المهيمن في الغوطة الشرقية، وهو أيضا جزء من الهيئة العليا للمفاوضات، بينما يتلقى «فيلق الرحمن» الدعم في معركته ضد «جيش الإسلام» من مقاتلين موالين لـ«جبهة النصرة» وقد فشلت في السابق محاولات عدة لوضع حد للقتال.
ويبدو أن هذا الاتفاق هو الأكثر قابلية للتطبيق، بخلاف الاتفاقات السابقة التي لم تلبث أن تحمى عند أول اشتباك بين الطرفين، وأكد عضو قيادة الثورة في ريف دمشق، إسماعيل الداراني، أن «الاتفاق هو رسمي ونهائي، وضع موضع التنفيذ». وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «ما كان يحصل في السابق لم تكن اتفاقات، إنما قرار بوقف القتال للبدء بعملية تفاوض، أما الآن فنحن أمام اتفاق ناجز وموقع وملزم للطرفين»، لافتا إلى أن الاتفاق «لم تعترض عليه (جبهة النصرة) التي أوكلت إلى قائد لواء (فيلق الرحمن) التفاوض والتوقيع على أي تفاهم يرى فيه مصلحة لفصيله وللثورة السورية».
وشدد الداراني على أن «الاتفاق سيوحد جبهات الغوطة الشرقية كلها، ويضع الفصيلين أمام مسؤولية استعادة المناطق التي خسرها الثوار في المنطقة الجنوبية». وقال: «لا شك أن (جيش الإسلام) و(فيلق الرحمن) باتا أمام امتحان حفظ ماء الوجه أمام الحاضنة الشعبية في الغوطة التي تطلب الآن منهما محاسبة من تسبب بسقوط مئات الشهداء، سواء في الصراع الداخلي بينهما، أو الذين قضوا في مواجهة النظام».
وذكر عضو مجلس قيادة الثورة، أن «وضع النظام غير مريح في الغوطة الشرقية»، وقال: «إذا كانت مدينة دوما المحاصرة منذ أربع سنوات قادرة على إحباط أي عملية تقدم، فكيف بالغوطة الشرقية التي ينتشر فيها أكثر من 30 ألف مقاتل من الجيش الحر والكتائب التابعة له، ويمتلك ما يزيد على 50 دبابة وقواعد صواريخ ومدفعية».
مجلس قيادة الثورة في مدينة داريا، رحّب بـ«أي اتفاق يلتزم به جميع الأطراف ويصب في مصلحة شعبها ويحقن دماء أبنائها».
ويتواجد في مدينة داريا فصيلان عسكريان، هما: «لواء سعد بن أبي وقاص» و«لواء المقداد بن عمر»، التابعان لـ«الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام»، الذي لا يتبع لأي جهة سياسية، سواء دولية أو إقليمية، إضافة إلى «لواء شهداء الإسلام» التابع للجبهة الجنوبية.
الشيخ أبو مالك قائد «لواء سعد بن أبي وقاص»، أوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «السبب الأساسي لصمود مدينة داريا يعود إلى انسجام الفصائل العسكرية المتواجدة في المدينة، ووضوح الهدف الذي تؤمن به وتضحي من أجله في سبيل نيل حريتها والحفاظ على كرامتهم».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.